7.04.2016

مجموعة مقالات عن الجهيمان والمقدسي

31 دسمبر 2014

مجموعة مقالات عن الجهيمان والمقدسي

1

ليست حادثة اقتحام الحرم بقيادة جهيمان، حادثة تاريخية عابرة، بل لها أهميتها الفكرية لفهم كثير من الأفكار السابقة عليها والتالية لها، تلك الحادثة التي بدأ فيها جهيمان بأومره بإطلاق النار ورفع السلاح.
لم تخل من تبرير تبعها عند المتعاطفين معه، أو من باب ليس حبا بجهيمان بل بغضا لأعدائه!
فتجد في بعض تلك الكتابات إعابة على الدولة أنها هاجمت الحرم، ويستجدي عاطفتك الدينية بقوله: ولا ننس أعمدة الدخان تعلو المآذن!
هذه العقلية التي تستنبط المظلوميات استنباطا حتى ولو من غير موضعها! تريد ذم خصومها دينيا بربط الدخان بالمآذن! وتنسى حادثة الإقتحام كليا! وتنسى البدء بالقتال حتى للحرس! (انظر شهادة الحزيمي على هذا).
تبرير آخر تجده عند (المقدسي)! عصام العتيبي يذكر ان الدولة استعانت بخبراء اجانب!
وهذا القول تصوره يكشف عن ذهنية مبالغة في التجريد والخصومة! كأنه يقول اقتحم جهيمان الحرم والدولة استعانت بكفار وهم الذين قاتلهم جهيمان في الحرم وكانت معركة بين إسلام وكفر! هذا يذكرنا بموضوع محمد حسن العسكري عند الامامية، اذ بما ان المذهب هو ان لكل امام ابن فالحسن له ابن اسمه محمد، ولكن اين هو اذ نرجس امه المفترضة لم تكن حاملا، فتجد الحل في كتاب الصدر (الغيبة الصغرى) حملته ووضعته في ساعة ونزل عمره 5 سنوات!
الشاهد ان صياغة القصة تحورت لتلائم الفكرة المقبولة في المذهب!
وهكذا صنع المقدسي، فأراد تخريجا لقصة جهيمان، ولنفرض انهم استعانوا بخبراء فهذا نتيجة لا السبب الذي استباح جهيمان لاجله الحرم، ولما بدا اطلاق النار باوامره لم يكن في الحرم اجانب، والسؤال هنا ماذا لو كان غير جهيمان من فعلها؟! مثلا رجل من خصوم المقدسي، لنا ان نتصور وقتها سرد كل نواقض الإسلام فيه!

2

عصام العتيبي المتكني بالمقدسي لم يجد غضاضة في ذكر انه كان من فئة جهيمان العتيبي، صاحب حادثة اقتحام الحرم! وذكر انه صنف وقتها كتابه (اعداد القادة الفوارس بهجر فساد المدارس)، وخلاصته انه الواجب عدم الحاق الاولاد الى المدارس النظامية لما فيها من فساد كالصور لذوات الارواح في الكتب المدرسية، والمنهج الوطني (يحب أن يسميه عادة بالوثني).
على أي حال فمن الانتقادات التي وجهها الى ابن باز (وليس ابن باز فوق النقد لكن نقده هنا يكشف عن عقلية الرجل) انه افتى باعدام جهيمان مع ثلاثة اخرين للافساد بالحرم والقتال فيه.
العتيبي يصر على ان ابن عمومته جهيمان كان طالب علم (متقدم)! على ان المطالع لكتابات الرجل يعرف مستواه المعرفي والعقلي.
وليس ادل على تقدمه بالعلم اعتماد المنامات لتعيين المهدي وتحديد وقت خروجهم والبيعة له!
ويطلعنا ناصر الحزيمي على مستوى العلم المتقدم عند جهيمان!
وجهيمان الذي كان يوزع اتباعه (المسلحين) في البيت الحرام ويامرهم بالقتال يعلمنا المقدسي هذا عن انفتاحه الفكري! ولذا يعيب على ابن باز عدم مناظرتهم أو ارسال طلبة يناظرونهم!!
قتال في الحرم وتحصن والرجل يدعو هنا لمناظرات فكرية!

3

يكثر عصام العتيبي المتكني بأبي محمد المقدسي ترديد بيت من الشعر كلما رد على حجة لخصومه، وتكرر هذا البيت ليس في كتاب ولا كتابين ولا ثلاثة، بل الرجل مغرم به جدا، وهو:
حجج تهافت كالزجاج تخالها *** حقا وكل كاسر مكسور.
ولا يعلم أنه هجا نفسه بهذا البيت! فالبيت للخطابي في كتابه (الغنية عن الكلام وأهله) ذم فيه الكلام ومنهجه، ومعنى البيت أن أهل الكلام يردون على بعضهم بحجج متهافتة فهي تكسر غيرها و مكسورة بغيرها!
فهو هنا لعله انتبه لشطر البيت (حجج تهافت كالزجاج) فحسبها ذما لخصومه ولم يفطن لقوله: (وكل كاسر مكسور)! فهي حجج كاسرة لاقواله ومكسورة بها! فحجته وحجة خصمه متهافتة، فأي تمدح بهذا حتى ينشده بعد كل رد له!!
ورجل لم يفطن لهذا، يقول بكفر بعض المسائل التي نصرها ابن تيمية (مما لم يوصف بكفر من خصوم ابن تيمية الاوائل كالسبكي والحصني والاخميمي)!!، ومع هذا ينتسب إليه.

4

لقد تعرضت لنقد (المقدسي) عصام العتيبي في مسألة تكفيره لمن استحل الربا، دون أن يفرق بين المنصوص عليه وبين ما ثبت قياسا، فوجدت بعض الاخوة يحصر النقاش في القرض بخصوصه لورود الاجماع في هذه المسألة.
علما أن النقد في مسألة أعم منها، ومنصب على عدم التفريق بين المنصوص عليه وغيره كما فعل المذكور.
على أي حال، فحتى لا تتحول موانع التكفير إلى عروض خاصة لقوم دون قوم، وتقسيم للناس إلى أصحاب دم أزرق وعامة أصحاب دم أحمر، هذه فتوى (استحلال)! من محمد أحمد الراشد أحد كبار (منظري) الإخوان، صاحب (العوائق) و(الرقائق) والمسار) و(الفقه اللاهب) و(تهذيب المدارج) وغيرها، وهي مشهورة في الأوساط (غير العامية) منهم دون نكير، علما أني لم أجد حتى الساعة أحدا تعرض لها، إذ يتعامل كثيرون معها بمنطق (يخفى ولا يروى)!! وهي كما ترى لا تفرق بين قرض وغيره:
" التوظف في البنوك، وسلك القضاء، رغم وجود التعامل الربوي، والحكم بين الناس بخلاف أحكام الحلال والحرام، وذلك لأن الدعوة تسعى لأن تحكم سياسيا، والحكم ممارسة معقدة جدا تحتاج دراية إدارية عالية المستوى، وإنما يترجم ذلك الموظفون من الدعاة في كل مرفق من مرافق الدولة لهم خبرة عملية واسعة، فإذا لم يتدرب رجال الدعوة من الآن في المصارف والشركات الكبرى والقضاء والمؤسسات الإعلامية والوزارات السيادية فمن أين نأتي بالموظف المخلص، وفي أمر الاقتصاد بخاصة، فإنه نصف السياسة لذلك يُفتى الداعية بكتابة الربا وإجرائه والقضاء به من أجل تحصيل الخبرة، ويستغفر الله بعد ذلك، وإنما الأعمال بالنيات، وشرط تصويب ذلك: أن يكون التحاق الداعية بوظيفته بإذن من أمراء الدعوة لا بقرار فردي، ولو أن الدعاة لبثوا بلا تحصيل مهارات وتجريب جريا مع فتاوى التشديد لصاروا مجموعة من السذج الذين لا يصلحون لحكم البلاد "
(أصول الإفتاء والاجتهاد التطبيقي، نظريات فقه الدعوة الإسلامية، محمد أحمد الراشد، دار المحراب. ج 2 ص 147)

5

من موانع التكفير المبطنة

ومن موانع التكفير المبطنة في كتابات عصام العتيبي (المقدسي) (الحالة الثورية) تجده يصنف مثلا كتاب (الديمقراطية دين)، تكفير لمن حكم بالدستور الوضعي صنف فيه (كشف النقاب عن شريعة الغاب) ووقفت على مختصر له أيضا، ولا اعلم اهو يختصر كتبه ام لا، المهم هناك قوم كفار حكموا بالقانون الوضعي، واستحلوا الحرمات، في كتابه (الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية) يكفرها كونها عضوا في الامم المتحدة.
كل هذا لا عذر لهم فيه عنده.
لكن ان تطالب طالبان بالعضوية في الامم المتحدة (هناك موانع، وضرورات، والمسألة خفيت عليهم)، حركات ثورية تشترك بالعملية الديمقراطية وتتحاكم الى القانون، بل بعض الحركات اصبح حكومة واستلم رئاسة (هناك موانع، جهل، تاويل، ترخص)!
فاذا حصل ان قوتلوا من خصومهم! (الجزائر مثلا وغيرها) هنا يفتح سوق جديد، (دعاية للحرب على الإسلام من الكفار) لحظة! لكن الم تسم العملية الديمقراطية برمتها دين!
لنحذف اسمها لنفهم منطق الرجل، لنضع مكانها (نصرانية) وعلى منطقه هناك جماعات (إسلامية) تنصرت دخلت في دين جديد، ثم اختلفت مع اتباع ذلك الدين الاصليين وقاتلهم اولئك وقتلوهم مثلا، اين الحرب على الإسلام في القضية؟
لكن المهم عنده التسويق لدعاية ثورية!
ولذا تجده يقتبس كلمات ابن تيمية في التتار، جميل، وطبعا لا يقتبسه كله! ولا فتواه في العمل عند الحاكم الظالم واخذ اموال الناس لتخفيف مظلمة، هذا غير محبذ للاقتباس.
كذا فتاواه في الاشعرية والعلو ونحوها غير محبذة ببساطة لان سيد قطب نصر شيئا من التاويل وشيئا من الاشعرية لكن هناك مانع (الثورية)!
الحالة الثورية تجعله يقتبس كلمة لسيد قطب وكلمة لابن تيمية! للأسف فإن تشي جيفارا ليس ذا شعبية في الوعي الإسلامي والا لربما عذره بالجهل والتاويل واقتبس منه ايضا!
قانونه كل من هو عدو لخصومي صالح لعذره بالجهل والتاويل والا فلا عذر له (الطائفة الممتنعة لا تستتاب)!!

6

مرة اخرى المقدسي!

المقدسي له كتاب في الرد على الغلاة بالتكفير سماه (الثلاثينية)!
وطبعا يمكن ان نتصور اي غلو في اي مسألة وهناك ما هو اشد منها!
ولا يعني هذا ان شخصا رد على مغال انه غير مغال، وقد ردت المعتزلة على الفلاسفة باعتبارهم معطلة، ورد الاشعرية على المعتزلة بنفس الاعتبار، ثم رد ابن تيمية على الاشعرية لنفس الاعتبار. وهذا مجرد مثال.
المقدسي في كتابه (الكواشف) يعتبر الصلح المطلق مع الكفار ردة وكفرا
وتخريج ذلك عنده ان هذا استحلال لترك فريضة قتالهم!
الطريف بالامر ان ابن تيمية وابن القيم اطالا النفس في تقرير ذلك واستدلا على ذلك بصلح النبي صلى الله عليه واله وسلم مع يهود خيبر.
وليس غرضي هنا كما كررت مرارا نصرة قول معين في الفقه، فهناك من يجيز هذا وهناك من يحرمه.
لكن المقدسي يعتبر المسألة واضحة وسهلة، والمخالف فيها مرتدا!
الا لقيام مانع! (ولعل المانع عند ابن تيمية بنظره ثورته على التتار فالحالة الثورية لها وزنها عنده)!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق