7.04.2016

من أروع التحف الاستقرائية التحليلية لابن تيمية

30اكتوبر2013

من أروع التحف الاستقرائية التحليلية لابن تيمية

أنقله بتصرف يسير:
« ابن عربي كان أعلم بالحديث والتصوف من ابن سبعين وابن سبعين أعلم بالفلسفة من ابن عربي.
اما الكلام فكلاهما يأخذ من مشكاة واحدة، من مشكاة صاحب (الإرشاد) وأتباعه كالرازي، أما ابن سبعين فأصل مادته من كلام صاحب «الإرشاد» وإن أظهر تنقصه ونحوه من الكلام، ومن كلام ابن رشد الحفيد، ويبالغ في تعظيم ابن الصائغ الشهير بابن باجه، وذويه في الفلسفة، وسلك طريق الشوذية في التحقيق، وأخذ من كلام ابن عربي، وسلك طريقا مغايرا لطريق غيره وإن كان مشاركا لهم في الأكثر وهما وأمثالهما يستمدان كثيرا مما سلكه أبو حامد في التصوف المخلوط بالفلسفة، ولعل هذا من أقوى الأسباب في سلوكهم هذا الطريق.
وابو حامد مادته الكلامية من كلام شيخه في «الإرشاد» و»الشامل» ونحوهما مضموما إلى ما تلقاه من القاضي أبي بكر الباقلاني، لكنه في أصول الفقه سلك في الغالب مذهب ابن الباقلاني مذهب الواقفة وتصويب المجتهدين ونحو هذا، وضم إلى ذلك ما أخذه من كلام أبي زيد الدبوسي وغيره في القياس ونحوه.
وشيخه في أصول الفقه يميل إلى مذهب الشافعي وطريقة الفقهاء التي هي أصوب من طريقة الواقفة.
ومادة أبي حامد في الفلسفة من كلام ابن سينا، ومن رسائل إخوان الصفا ورسائل أبي حيان التوحيدي ونحو ذلك.
أما في التصوف وهو أجلّ علومه وبه نبل، فأكثر مادته من كلام الشيخ أبي طالب المكي الذي يذكر في المنجيات في الصبر والشكر والرجاء والخوف والمحبة والاخلاص، فإن عامته مأخوذ من كلام أبي طالب المكي، ولكن كان أبو طالب أشد وأعلى.
وما يذكره في ربع المهلكات فأخذ غالبه من كلام الحارث المحاسبي في « الرعاية «، كالذي يذكره في ذم الحسد والعجب والفخر والرياء والكبر ونحو هذا.
وأما شيخه أبو المعالي فمادته الكلامية أكثرها من كلام القاضي أبي بكر ونحوه، واستمد من كلام أبي هاشم الجبائي على مختارات له، وكان قد فسر الكلام على أبي قاسم الاسكاف عن أبي إسحق الاسفرائيني ولكن القاضي هو عندهم أولى.
ولقد خرج عن طريقة القاضي وذويه إلى طريقة المعتزلة.
أما كلام أبي الحسن نفسه فلم يكن يستمد منه وإنما ينقل كلامه مما يحكيه عنه الناس.
والرازي مادته الكلامية من كلام أبي المعالي والشهرستاني، فإن الشهرستاني أخذه عن الأنصاري النيسابوري عن أبي المعالي، وله مادة قوية من كلام أبي الحسين البصري وسلك طريقته في أصول الفقه كثيرا، وهي أقرب إلى طريقة الفقهاء من طريقة الواقفة.
وفي الفلسفة مادته من كلام ابن سينا والشهرستاني أيضا ونحوهما، و أما التصوف فكان فيه ضعيفا، كما كان ضعيفا في الفقه.
ويوجد في كلام هذا وأبي حامد ونحوهما من الفلسفة ما لا يوجد في كلام أبي المعالي وذويه.
ويوجد في كلام أبي الحسن من النفي الذي أخذه عن المعتزلة ما لا يوجد في كلام أبي محمد بن كلاب، الذي أخذ أبو الحسن طريقه. ويوجد في كلام ابن كلاب من النفي الذي قارب فيه المعتزلة ما لا يوجد في كلام أهل الحديث والسنة والسلف والأئمة، وإذا كان الغلط شبرا صار في الاتباع ذراعا ثم باعا حتى آل هذا المآل، فالسعيد من لزم السنة.»

(بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية أهل الإلحاد من القائلين بالحلول والإتحاد، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق ودراسة: موسى سليمان الدويش، مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، الطبعة الثالثة 1422 هـ - 2001 م، ص 445 - 451 بتصرف يسير.)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق