7.04.2016

داروين مرة أخرى..

9 فبراير 2016

داروين مرة أخرى..  

1

1-أنت الآن رجل علمي وموضوعي مثلا يفترض أن تصدق بنظرية علمية وقت صدروها امتحانا لأسسك المنهجية وبرهنة أنك لا تتبع القطيع بعد أن يردد مرارا أن نظرية ما علمية.
إذن لنرجع إلى وقت داروين لنرى ما الذي يمكن أن يمكن وقتها لإطارك النظري أن يقيم.
2-داروين طرح نظريته عن أصل الانواع جميعا وذلك في: أصل الانواع في مجلد.. أصل الإنسان في مجلدين، ثم مجلد عن الانفعالات عند الحيوان والإنسان.
آخر هذه الكتب كان كتاب الانفعالات والذي حوى نقولات كاملة عن الكتاب المقدس وروايات غير متحقق منها ليبني عليه تحليله.
3-داروين طبق تفسيره على الطبيعة وهو التفسير الذي كان يحبذه سبنسر ومن قبلهما الفلسفات البرجوازية في الاقتصاد ومن قبله هوبز في حرب الجميع ضد الجميع.. وهذا مهم لنعرف أصل أفكار داروين. وإن كان يبحث هو عن أصل الكائنات؛ فكيف يتم التغافل عن هذه الأفكار التي سبقته واطلع على كثير منها، مثلا ينقل عن سبنسر في أصل الإنسان وهو فيلسوف ليس عالما تجريبيا.
داروين يطبق هذا على الكائنات الحية لا أنه يستخلص هذا من الكائنات.. وكمثال على هذا: داروين تواجهه معضلة البيضة والصوص؛ كيف للصوص أن يكسر قشرة البيضة ليقول هذه معضلة، لكن أقرب تفسير لهذا هو عادة الأسلاف!!
لاحظ التطويع هنا: (أقرب تفسير)، هذا ليس علمًا، بل لو قال آخر: أقرب تفسير أنه وجد هكذا بالغريزة دون عادة أسلاف لكن أرجح أو قل يساوي افتراضه..
ولنقل هذا التفسير أقرب جدلا؛ هل يمكن التحقق منه ومعرفة قابليته للتفنيد؟
مثلا أقرب تفسير لسقوط الأمطار هو التكاثف بعد التبخر، هذا يمكن التحقق منه بل وإعادة تجريبه! لكن افتراض داروين يحيل إلى تفسير لا يمكن إجراؤه فضلا أنه متعذر..
أي عادة هذه التي تم اكتسابها بنقر الصوص للبيضة؟ كم نسبة أن ينجو صوص بمحض التجربة بنقره البيضة قبل أو بعد الوقت! ثم كم إمكانية نجاح غيره ونقل هذا إلى عموم النوع!

2

1-معضلة الصوص والبيضة كما يسميها داروين تواجه مشكلة أيدلوجية: أنه طوعها لتوائم المنظومة، وإلا فالعلم يقول: لا أعرف.
إنها تبين إلى أي درجة لعب الحرص على الاتساق أكثر من الحرص على الوقائع.
2-النظرية العلمية تطرح تخمينا يتنبأ ويفسر، والتنبؤ والتفسير يمكن رصده، ولذا يقال: النظريات العلمية = خطأ مؤجل، لأن أي تنبؤ سيظل قاصرا على الإحداثيات التي بنيت عليها إلى أن يتم اكتشاف إحداثيات أخرى تقزم ثقتنا بالنظرية السابقة.. لكن تظل النظرية العلمية يمكن تفنيدها والتحقق منها.
السؤال: ما الذي يمكننا أن نجريه لنتحقق من تفسير داروين؟ مثلا لموضوع البيضة والصوص الذي يقول عنها معضلة؟ ما الإجراء الذي يمكننا التحقق منه أو تفنيده؟
يقول داروين: التطور الذي يعنيه جرى ويجري عبر قرون كثيرة!
هذا مثل الديانة التي تقول لها: ما دليل أنك على حق؟ فيقول صاحبها: انتظر يوم القيامة وسترى أننا على حق!
هل يقول عاقل سأقبل هذا!
وعلى شق النظريات العلمية هذا ينسف أي نظرية جديدة في تفسير الطبيعة تحل مكان الداروينية! لأنه لا يوجد ما يفندها! إلا الانتظار ملايين السنين..
في حين ان النظريات العلمية تفسح المجال لتقييدها أو تطويرها أو حتى نسفها بخلاف ما هو الأمر هنا.

3

نعود للنظرية.. داروين اعتمد الأحافير التاريخية.. هيجل وماركس سيعتمدان التاريخ.
إلى أي درجة يمكن استخلاص وقائع من الأحافير تتحول إلى تعميم كوني؟
هل الأحافير الفردية يمكن تصنيفها نوعيا أم فرديا..؟
هنا ندخل في لعبة فلسفية قديمة: النوع والفرد؛ هل النوع موجود خارج الذهن أم الأفراد؟
الأفراد.. العلم يتعامل مع الأفراد.. نحن لدينا أفراد معدودة يتم تعميم الأمر على جميع النوع.. ثم يقال عرفنا النوع!
النظرية العلمية يفترض أن تبقي شقا "غير معروف".. فيقال: النظرية التي تفسر كل شيء لا تفسر أي شيء..
ودون "لا أعلم" هذه؛ سنرى التأويل لكل الوقائع، ليس حرصا على الوقائع بل على اتساق التفسير.
الآن يمكننا رصد تغير في النوع الواحد كالعصافير، وبحيلة تذكرنا بالمماحكات اللفظية يقولون: هذا نوع وذاك نوع!
علما أن داروين ليس هذا!
داروين يقول: كل الأنواع أصولها مشتركة وتفرعت عن بعضها بعامل صراع البقاء والانتخاب الطبيعي.
هذا ليس إلا تغيرا يطرأ على النوع الواحد في تأقلم مع المحيط..
لم يبقَ إلا القول بأن الجرح إذا الْتأم كان هذا دليلا أيضا على التطور الدارويني.
المماحكات اللفظية لا تفسر أي شيء وسنرى إلى أي حد بلغ التخبط بداروين وهو يفسر الوقائع.

4

لم يحتجّ داروين بالإجماع ولم يره حجة لصحة نظرية، بخلاف التخليط الذي يحصل الآن بنفس ديني وهو يقال: أجمع العلماء!
وسبق أن قلت أن العلم التراكمي لا يعتبر فيه الإجماع حجة أبدا.
على أي حال داروين يقع في استدلالات منطقية زائفة وهو يفسر مثلا الأعضاء الضامرة، وجعلها دليلا استدل بها على التطور لوجود أعضاء لا فائدة منها بنظره.
ثم يعارضه براون بأن هناك أعضاء أيضا لا فائدة منها لا في وقتنا ولا الماضي؛ فالانتخاب الطبيعي إذن عاجز عن تفسير هذا.
هذه النقطة يصفها داروين بالخطيرة على نظريته.
هناك أعضاء لا يمكن اعتبارها إفراز انتخاب طبيعي..
داروين ماذا يقول هنا؟
يقوم بتسوية حتى لا تتحطم النظرية: ما يدرينا علنا نعرف الفائدة مستقبلا!
هنا معضلة حقيقية فلسفية تبين أن داروين قالها كأمر فكري دون الوقائع.
1.   مرة: لا فائدة لأننا لا نعرفها.
2.   مرة: توجد فائدة لكن للأسلاف.
3.   مرة: لا للأسلاف ولا الآن لكن سيكتشف العلم غدا.
على هذه الثلاثة تقفز الداروينية لتسوي كل ما يعارض النظرية، ونستطيع أن نقول أن أي فلسفة تقدر على التهرب إن اعتمدت الأسس الثلاثة هذه! بتلاعب دون أي أساس منهجي ثابت.

5

نظرية داروين عممت مستخلصاتها من أدلة جزئية بتخليط في التسلسل عبر عن تسوية لإنقاذها لا إنقاذ الوقائع، وأبين ذلك بالتالي:
1.   تحشد النظرية كل ما يبين وجود تطور عبر الانتخاب، لكنه دليل أخصّ من المدلول.
من شرط الدليل أن يكون مساويا أو أعم من المدلول، كيف هذا؟ حتى تقول: كل من في الصف متفوق؛ تحتاج: كشف علاماتهم، أو كشف علامات المدرسة، في الأول دليلك مساوٍ للمدلول، والثاني أعمّ.
أما لو أحضرت كشف 5% منهم! هذه مصيبة في التعميم.. وهذه النسبة لا ترقى لها نسبة الأحافير باعتبار النوع! فمن أين التعميم؟؟
ثم التطور الدارويني يتحدث عن تطور يشمل كل الأنواع عن أصل واحد.. وأي دليل أخص من هذا لا يستدل به في هذه المسألة.
2.   تنظر النظرية إلى مَواطن الشبه والاتفاق وتتعامى عن نقاط الخلاف.. وحاليا يقول أتباعها أن الحيوان الفلاني مثلا يتفق مع غيره بنسبة عالية، وينسون أن الجزء غير المتفق قد يكون أساسيا في الخلاف، بل مؤثرا بشكل أكبر! وإلحاق شيء بشيء لمجرد الشبه ليس سويًّا، بل لا بد من البحث في الفروق التي قد تكون مؤثرة بشكل أكبر!
3.   مغالطة بعد! أنت تذهب إلى العمل قبل شروق الشمس ثم تشرق الشمس، لا يعني أنك سبب شروقها.. هذا معروف وبيِّن..
لكن النظرية تنظر إلى السجل الأحفوري وتحتم أن النوع الأقدم سلف لأنواع حية اليوم! أو أن لهما سلفا مشتركا!! لمجرد أن هناك قبل وبعد!
وهذا استدلال بالإمكان الذهني لا الدليل الخارجي المؤثر.. لمجرد الاحتمال مع منازعته لاحتمال أنه وجد قبله لا يعني أنه سببه أو أصله!

6

يقول كثير من الفلاسفة نظرية داروين حطمت مفهوم مركزية الإنسان ولا أتفق تماما مع هذا.
داروين دار في فلك المركزية، كيف هذا؟ الإنسان يفكر ويعقل، كان لا بد من تبرير لهذا وهو الأمر الذي جعل داروين يتعرض للإنسان أكثر من تعرضه لباقي الكائنات: النظرية أخذت مجلدا والإنسان أخذ مجلدين من جهده.
ويبقى التساؤل عصيا على الداروينية.. يوجد طيور بأصناف كبيرة جدا متنوعة؛ فلماذا توقفت الطبيعة عن إنتاج ذكاء متفوق إلا في بني البشر!
لماذا لم يوجد أنواع بشرية كما توجد أنواع كثيرة من القرود؟ علما أن داروين يقول: يوجد سلف مشترك بين الإنسان والقرد.
هذا السلف أنتج أنواعا من القردة لكن الإنسان ينقرض كل شيء إلا نوع واحد!
الإنسان الذي يسبق البشري الحالي؛ لماذا لم يبق؟ في حين بقيت أنواع من القردة؟ لا ينقصه ذكاء يفوقها ولا قدرة على التكيف.
الأمر شبيه بنظرية تسلسل الأئمة عند الشيعة، رغم وجود إخوة وأعمام إلا أنهم يصرون على سلسلة معينة! لمجرد إنقاذ منظومتهم الكلامية.
طبعا كل شيء تعجز عن تفسيره النظرية تفويض! وكل معارض تأويل!!
وباعتباطية وجواب جاهز.. تخلت عنه الطبيعة في صراع البقاء.. ذهب وبقي نسله المتطور.
طبعا أبقت الطبيعة عشرات الأنواع دونه، ونوعا واحدا فقط فوقه، والوسط تبخر لشيء عينه موجود فيما دونه وفيما هو فوقه..Haut du formulaire
  

7

الفرد والنوع والمادة والتجريد موضوع أساسي في الفلسفات.. لما نقول "فرد" فهذا يمكن الإحساس به، لكن النوع هذا لا يحس، يوجد أفراد كثر لكن البشرية لا يمكن أن نحسها؛ فهل هي تجريد ذهني، أم موجودة قبل الأفراد، أم حالة فيهم، أم ماذا؟
لما نقول الماء يتكون من هيدروجين وأكسجين نعني به جزيء الماء الملموس، والتعميم على ما يساويه، لكن في نظرية داروين هناك أفراد نفتقد القدرة على معرفة المساوي، بل النظرية تقول توجد علاقة مع غير المساوي؛ فما هي هذه العلاقة؟
التطور وهو أمر مفتوح على كل احتمالية سواء الأعقد أو الأبسط بغرض التأقلم، لكن حديثنا ليس عن أفراد ملموسة بل أنواع.
النوع هو تجريد ذهني لضرورة التصنيف العقلية البشرية، وقد يضحي النوع جنسًا باعتبار اكتشاف أصناف تحته ثم النوع جنسا مرة أخرى.
إلى أي درجة يتم إخضاع الطبيعة للتصنيف العقلي هنا، مع أن المفترض هو العكس! فالشيء يسبق تصوره.
يفترض في النظرية أن تنسف مركزية الإنسان لكنها تثبتها هنا فتخضع الطبيعة لفلسفته لا العكس.
التعامل مع الجينات يفترض ألا يكون تجريديًّا؛ فالكائنات ليست مجرد جينات. لكن يتم النظر إليها مركزيا بعد داروين كأنها ذات والباقي صفات! وأعراض.
الجينات تبقى مادية والتعميم على النوع تجريدي، وفي أحسن الأحوال يعطينا افتراضا يخصها، وإلا فتعميم الأمر على الجينات يعني جبرية بلغة أخرى.
هذه الجبرية تتوقف حتى عند تفسير الأمور المادية الخاصة بالكائن البشري في السياسة والاجتماع والفن ونحو ذلك.

8

نظرية داروين أثرت في النازية، كان هناك هوس في سلوك النازيين لإثبات فروق بين البشر، ورغم فداحة الجرائم وكثرة التجارب لم يجدوا فارقا معتبرا بين الأمم، لكن افتراضهم ملزم تماما للنظرية الداروينية، وصورة المسألة أن داروين نفسه اعتبر الأوروبيين متمدينين وغيرهم أقرب للقردة! كما في كتابه الانفعالات.
والسؤال هنا: هل يعقل أن يدخل العالم القديم كل تلك الصراعات ثم نعثر على بشر في الأمازون لم يعرفوا من الحضارة حتى اللباس ثم يكون هناك تطابق وعدم رصد أي تغير مؤثر!
هذه معضلة كبيرة على الداروينية، وهي كونية تساوي البشر مع اختلاف تام في الصراع ودرجاته وتطوره دون أي أثر للانتخاب الطبيعي!
أين الأعضاء الضامرة بل حتى غير الضامرة التي تم إنتاجها؟ بل أي تغير مرصود؟
هنا للماركسية رأي يقول أن التطور انتقل إلى الأدوات التي يصنعها البشر! وهذه لا يناقش اليوم أحد بأيدلوجيتها العمالية!
ويفترض بأي نظرية ترصد الواقع ألا تتوقف عند الأجوبة الجاهزة كالمحفوظات، أين هو التفسير لهذا؟
يتحول الداروينيون هنا إلى فلاسفة أخلاق:
-فقسم يعيدها إلى تطور الأدوات.
-وقسم إلى الأفكار! أننا طورنا القضاء على الأفكار لا أصحابها.
والأول اشتراكي والثاني ليبرالي!
هذا يرينا إلى أي درجة هم خاضعون للفلسفة والأيدلوجيا، ودوكنز الذي كان محاربا للأديان والفلسفة ينحاز إلى الحل الليبرالي، ليكشف إلى أي درجة هو بوق للرأسمال هنا.
فيقول: طورنا أفكارنا، وهذه المسحة يزيدها على داروين في تماهٍ مع خطه السياسي، وكله بما لا يخالف العلم!

9

كان دخول الداروينية حقل السياسة والاجتماع والفلسفة والفن وغيرها معبرا عن أيدلوجيا تريد أن تنظر للواقع بنظرة معينة لا العكس.
فلا غرابة أن ينصاع التجريبيون لذلك وهم الأقل في البحث الفلسفي الواعي النقدي بين الجميع.
ورغم تفعيل الصراع والتركيز على الانتخاب الطبيعي، بل كان هتلر يفحص الأعراق منظما الزواج ومركزا على التكاثر بين العناصر الأكثر قوة، ورغم أن كثيرا من أتباعه بقوا على تعاليمه من عصره، وهم النازيون الجدد وانحصر الزواج بينهم؛ إلا أنه لا يتم التعامل معها علميا!
في حين يركزون على تجربة ترويض جرت على الثعالب في الاتحاد السوفييتي!
هذا العرق الآري ما الذي جد عليه؟ لا تجدهم يبحثون الأمر أبدا! كونه سيكشف القناع عن أيدلوجيا رأسمالية عفنة تنادي بالتساوي بين البشر وتتعامل وفق الصراع!
ويمكن أن يقرأ كتاب الاستشراق لأدوارد سعيد الذي ركز على مبحث واحد يفترض أن يكون نزيها وعلميا في الجامعات الغربية فيما يخص الشرق؛ إلا أنه أثبت الأدلجة والمسحة الصليبية حتى في تعاملها مع الشرق.
الأمر الذي لا يستثني داروين الذي نظر إلى المركزية الأوروبية على أنها متحضرة متمدينة وغيرهم بقي فيه موروثات أكبر للأسلاف.
هذه الأيدلوجيا تطوع الوقائع بتفسيرات أحادية.. وإن كان الرأسماليون اليوم يتندرون بالماركسية على أنها فلسفة فاشلة لا علما وهي تدرس التاريخ، أي ماضي نوع معين فقط -وهم البشر-، مع ذلك تجد الاحتفاء بتاريخ كل الأنواع الحية بمجرد أنها تخدم هدفا أيدلوجيا ومصلحيا..  

10

التعميم بغير أدلة بل لمحض الاتساق، الفلسفة التي صارت محل العلم الصامت إلى حد التبرير للديمقراطية البرجوازية وأخلاقياتها، وكان من أواخر ما ظهر: رفع العلم الملون للشواذ في الولايات المتحدة.
وأذكر أنني حاورت فيلسوفا بلجيكيا في هذا ليقول: الأمر جيني محض، وفي كل إنسان 2% جينات تجعله يميل إلى مثله!
العلم يحتل مكان الفلسفة بنظرهم أخلاق فن سياسة اجتماع الخ! كله يمكن الجواب عنه بالجينات والصراع والانتخاب!
وليس هذا بعيدا عن النظرية التي امتدت إلى الانفعالات من حزن وبغض ورضا وإيمان.. إنها نظرية بحث صاحبها داروين في أصل الأديان واللغة والفن والجمال.
إنها تتكلم في كل شيء، لا تترك تخصصا إلا وتطرقه بأجوبتها الجاهزة، متجاوزةً مسألة جعلها بيكون أساس البحث العلمي: "لا تنظر إلى ما يعزز نظرتك؛ فأنت سترى كل العالم معها مهما كانت.. بل انظر للوقائع المخالفة لها وابحث عنها "!
ورغم ما وقع فيه داروين من أخطاء ومعضلات؛ إلا أنه خير ممن جاء بعده.
فوجد الجرأة لعرض الانتقادات على النظرية التي تهددها وذكر اعتراض براون بأنه أخطرها، واعتراض براون كان متعلقا بالتفسير، وهو وجود أعضاء لا تفسر بالانتخاب لعدم العلم بفائدتها.
عرض المعضلات التي واجهها ولم يقطع بجواب في حلها، بل أجاب بالأقرب له.
عرض تهديدات للنظرية كثيرة لا تكاد تجد واحدا من سدنة المختبرات يعرف عنها شيئا!
بل الوثوقية دأبهم لتتحول الداروينية إلى ديانة يتحمس الناشرون لها.. ويقيمون الناس بناء عليها.. بل حتى إن بعضهم يسأل المرشح السياسي عن موقفه منها، فإن كان موافقا؛ فهو مرضي عنه، وإلا فلا..
مع فقر حاد في الفلسفة دع عنك فقدان المنهج والإطار النظري الذي يمنع من الخرافة.
فلا غرابة أن تجده يدعي العلمية فيها وخرافي في باقي أساطيره..

والتلفيقيون منهم يترضون على داروين ويناقشون في عدالة صحابة! بعضهم يدعون العلمية فيها ثم تجده متصوفا متعاطيا أكبر جرعات المثالية والخرافية.
تمت.
ودمتم بخير. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق