7.04.2016

مآخذ على الدولة الوهابية

10 نونبر 2014

مآخذ على الدولة الوهابية

سأل أحد الإخوة: هل لك مآخذ على الدعوة الوهابية وإن كان كذلك فهل من أمثلة لهذه المآخذ؟

- لا يخلو جهد بشري من قصور، وينبغي هنا تفكيك مصطلح وهابية لا على الطريقة الكلاسيكية بأن الوهابية لقب من خصوم الدعوة، وانهم لو صدقوا لقالوا محمدية نسبة لمحمد بن عبد الوهاب، إذ هذه الطريقة مماحكة لفظية، وإلا فسليمان بن سمحان له رسالة بعنوان: (الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية).
وكما نسبوا الشافعية إلى الشافعي وهو محمد، ونسبوا الحنابلة إلى حنبل وهو أحمد، كون محمد وأحمد مشتهران والغرض من الأسماء والألقاب التعريف لذا كانت هذه النسبة أعرف.
تفكيك مصطلح وهابية يعني معرفة المعنى المفهوم منه عند الناس، من عصر لعصر، ومن بيئة لأخرى وما حواه هو في ذاته عبر الأزمنة.
فليس هذا المصطلح خارجا عن التاريخ، له معنى مطلق في كل زمان ومكان، بل هو داخله.
نلاحظ أن كلمة وهابية الأولى لها معان معينة، أضيق من تلك التي تلتها، ففي فترة محمد بن عبد الوهاب كان المفهوم من هذا المصطلح كل من يرفض التمائم والتوسل بالأضرحة ولا يرى فضل الصلاة عند القبور وإليها (نص الطوسي في المجرد في الفقه على جواز استقبال قبور الأئمة في النفل دون الفرض)، وشاع عند مخالفيه أن الوهابي نسبة إلى مذهب جديد في حين أكد ابن عبد الوهاب أن هذه فرية وأنه حنبلي وأنه لم يدّع الاجتهاد، والمكان الذي انطلقت منه الدعوة النجدية كان غاصّا بالخرافات لدرجة أن جعفر كاشف الغطاء وهو شيعي امتدح صنع عبد العزيز بن سعود في الجزيرة لما عليه حال الناس وقتها في رسالته وهي رد على حجج ابن سعود (منهاج الرشاد).
نجد في (تاريخ الجزيرة العربية) لحسين خلف الشيخ خزعل أن ابن عبد الوهاب كان قد درس علم الهيئة في عصره (الفلك بلغة اليوم)، ونجد في رسائل ابن عبد الوهاب اهتماما بمعرفة الفرق ويصحح أحيانا أخطاء في نسبة مقالات إليهم، واعتناء كبيرا بكتب ابن تيمية وان لم يكن بمستوى الاخير في الاطلاع والمحاججة.
اجمالا رسائله صغيرة مختصرة في موضوع التوحيد كـ(كشف الشبهات) و (كتاب التوحيد).
ومما انتقدت به دعوته عدم عذرها للمخالف بالجهل في العقائد، وهذا كلام غير سديد اذ تجد خلافه في (مجموعة التوحيد النجدية) وقد علق جامعوها على مواضع رد هذا النقد.
إلا أننا نجد تلك الدعوة التي انطلقت بجد في الجزيرة في تلك الظروف تتقوقع فيما بعد، في الاطلاع والمعرفة، فلا تستغرب ان عد بعضهم أكثر من 30 شرحا لكتاب التوحيد، وابن عبد الوهاب الذي حكي أنه درس علم الهيئة كما سبق، وكان له اهتمام في معرفة أفكار الفرق، نجد اتباعه لا اعتناء لهم الا نادرا في هذا المجال بل كان عبد العزيز بن باز يأمر القارئ عليه (مجموع الفتاوى لابن تيمية) بتجاوز الاجزاء التي فيها بحوث المنطق والكلام!! كما تجده في (سؤلات ابن وهف).
ونجد التويجري يكتب كتابا بعنوان: (الصواعق الشديدة في الرد على اتباع الهيئة الجديدة) ينكر فيه دوران الارض حول الشمس، بل والجاذبية الارضية، بل ينكر ان الشمس أكبر من الارض ويقول بل العكس هو الصحيح والكتاب بتقديم ابن باز!.
وفي وقت يجد القارئ النص على وجود خلاف بين السلف في مسألة الخروج على الحاكم الظالم، في كتاب عبد الله بن محمد عبد الوهاب: (جواب اهل السنة النبوية في الرد على الشيعة والزيدية) صار الأمر إجماعا عند المتأخرين منهم، في توحد مع ملكية الدولة.
بل منهم من يميل إلى يزيد صراحة في حين نجد خلاف هذا في كتاب عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب السابق اذ يقول فيه: اهل السنة يكرهون يزيد ومنهم من يلعنه!، وقد سبق نقد هذا الميل عند بعض الحنابلة ابن رجب في كتابه (الفرق بين النصيحة والتعيير) ومن قبله ابن الجوزي في (الرد على المتعصب العنيد)، ولا يرد على هذا بكلام ابن تيمية ان يزيد ملك له وعليه، فالحديث هنا عن اختيارات اتباع الدعوة النجدية الاولى والمتاخرة.
ونجد التوسع في موضوع سد الذرائع، وينص كثير منهم على التحريم في غير المنصوص عليه، علما أن من منهج أحمد بن حنبل قوله أكرهه في ما لا نص فيه بالحرمة كما في (اعلام الموقعين) لابن القيم.
والحديث يطول واكتفي بهذه الاضاءة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق