7.04.2016

الفوضوية

9 ماي 2015

الفوضوية

1

لا احبذ طرد اللوازم الفلسفية للأفكار دون أن يكون لها أرضية معرفية من الوقائع والكتابات، والأمر شاق جدا بتتبع الجزئيات الكثيرة، والتدقيق في الزوايا التي قد تكشف خبايا مما لم يفكر فيه جديا، لكنه اتساق مع المنهج العام بالانتقال من الجزئي الى العام ثم الى الخاص، على أي حال، سأتعرض هنا لجانب مهم من الجانب المترابط بين نظرية المعرفة والفكر السياسي، بشيء من الإضاءة، إنه مرة أخرى تفكير بصوت عال، وإلا فلا يزال الأمر يحتاج إلى تتبع كبير لجزئيات العموم الفلسفي.
الفكر السياسي قد يكون فوضويا! وهذا ما أصاب الكثير من الطرح الإسلامي، وحبذا هنا لفت النظر لشيء من المنهج المتبع في التأريخ للفكر، وذلك أنني لا أقصر التأثر بفكرة أن يكون الشخص المعين اطلع عليها بنفسه وقرأها وفهمها، فهذا شرط الكمال في بيان التأثر بفكر معين، إنما أكتفي بأن الفكر دخل على المكون الثقافي الذي ينطلق منه المرء، كأن يكون قد تمت ترجمة كتاب معين في مصر، وبعده بسنوات ترددت أصداؤه في بعض الكتابات، ونجد أركان الفكرة مكتملة في الطرح فنقول هذا من أثر تلك الفكرة عليه، إنه تحرك في إطارها.
الفوضوي هو ذلك الذي لا يهتم بنظرية (للعمل) بقدر العمل نفسه، والعمل دون نظرية واضحة سيكون تحركا أهوجا، لا ضابط له، ولا ضمان أن يصل الغاية المرفوعة في الشعارات الدعائية أمام الشعب حتى لو تغلفت بغلاف ديني.
من المفترض في الفكر الفوضوي ان يكون أصل موقفه من نظرية المعرفة أنه مثالي (متعال على الوقائع) يبحث في الكامل، المطلق، الأزلي الثابت دون أي تغير.
ارتبطت عملية تثوير العاطفة الدينية، بالعمل السياسي في مصر على يد حسن البنا، الذي نطالع في مذكراته عملا تثويريا لمشايخ الأزهر للعمل للإسلام أمام موجة (الإلحاد)، ومما يقوله ذلك الفتى في تلك الفترة: إن لم تدافعوا عن دينكم فدافعوا عن الخبز الذي تأكلونه، فإنه إذا تم إقصاء الإسلام ستفقدون مراكزكم هذه! (وقد فسر هذا على انه سوء ادب مع المشايخ وقتها).
هذه الكلمة تكشف عن بعد اقتصادي واجتماعي أيضا.
لما نتحدث عن تثوير (نفترض أن الخطاب يريد أن يحرك الأفكار الكامنة لا هدم القديم لجديد)، وهذا الأمر يظهر جليا في مذكرات البنا، حين يذكر أنه قابل رجلا يحكم بالقانون المدني، عاب عليه البنا لبسه للذهب (على ما أذكر)، فقال له الشريعة تحرم هذا على الذكور فقال: لكني أحكم بشريعة نابليون! (لاحظ عمق الخلاف) لكن البنا يقول له كلنا مسلمون حتى ينزع الرجل خاتمه ويضعه في جيبه! ويسجل سروره بهذه الحادثة في مذكراته!
هنا لا نرى أي عملية صراع فكري، ولا أولويات في النقاش في كلمة شريعة نابليون أمام شرع محمد صلى الله عليه واله وسلم! ويهتم البنا بتقرير مسألة فقهية يغتبط أن محاوره سايره وجاراه فيها! (وهذا يجعلنا ننظر لعملية التضخيم لفهم الأولويات المستفادة من عبقرية الإمام المجدد، على أنها مبالغة).
على أي حال الأمور لم تكن واضحة فيما تركه لنا البنا من تراث مكتوب، ما هو تصوره للحكم سوى شذرات كإلغاء الأحزاب السياسية! وعدم مشاركة المرأة، وقضايا أخلاقية، على أن في استشفاف المعاني الخفية في كتاباته قد تكشف شيئا فهو يتحدث أنهم:" سيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدي غيرها، وحيث يثقون أنهم قد استكملوا عدة الإيمان والوحدة ".
لكن على أي أساس؟ هذا سيفتح بابا كبير لانسجام الطرح هل الحاكم مسلم أم لا!؟ فإن كان مسلما فما مبرر وجودنا، وهل سنبايعه ونعد خطة لسحقه، أم ماذا؟
البنا الذي سجل ان جماعته شاركت في احتفالات الملك بـ 20 ألف يصرخون بـ (الله أكبر ولله الحمد) وهذه الكلمة لها دلالاتها، فمبلغ علمي أنها لم تأت في حديث واحد مفردة (الله أكبر ولله الحمد) إنما جاءت موقوفة على صحابة بسياق كامل في تكبيرات العيد بخصوصها.
فجعلها مفردة لتردد دائما له أثره في عملية التمييز عن الآخر، وسيطرح موضوع التختم بخاتم مميز لهم عن غيرهم!

2

كان البنا مهتما بالناحية العملية جدا، لذا لا نجد له كبير اهتمام بحسم موقفه من القضايا النظرية، بل كانت القاعدة (الذهبية) هي الرائد في خطه النظري (نجتمع فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه) هذه الكلمة التي حاربها قديما ابن حزم في كتابه الإحكام، ولابن القيم كلام متين في مضمونها في أعلام الموقعين، لكن هنا يعنينا تتبع الجذور للعديد من الأفكار التي تلت هذا الطرح.
إن عملية التجاوز التي أرادها البنا ستفتح مجالا كبيرا للمثالية، والخطابات العملية، وتسمح بتعمق الفجوة الفكرية بين التيارات التي تأثرت بذلك الخطاب التثويري، لذا كان موقفه شبيها بمن يمسك العصا من الوسط (مذهب السلف التفويض – والخلف التأويل) ونعذر الأخيرين ونرى السلوك بمذهب السلف.
هذا سيجعل الكثير من أنصاره فيما بعد يركزون على موضوع التفويض الذي هو فلسفيا موقف (لا أدري)، كمن لا يريد حسم موقفه من نظرية المعرفة، وهو إلى المثالية أقرب، إن لم نقل بل مثالية ذاتيه مغلفة! فهو لا يدري إذن النص لا معنى فيه!
إنه يكشف عن موضوع ذاتي كبير في الطرح، سيمتد أثره إلى تفرد المرشد! (أو المرشد الكامل كما يسميه سعيد حوى) بالطرح والتصور، وسنرى هذه المثالية الذاتية تنعكس على قضايا مهمة جدا قد تصل إلى موضوع التكفير! (كما حصل حينما قال عمن نفذ بعض أحداث العنف دون أمر صريح منه: ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين، ولاحظ أنه لم يتوقف عند فصلهم من الإخوان في هذه العبارة بل امتد الأمر إلى الإسلام).
ثم نجد هنا ما يطرح إشكالا فكريا في موضوع البيعة، تلك التي أخذها البنا على أتباعه، هل هي بيعة حقيقية؟ أم بيعة مجازا! سعيد حوى يرى ان الامر اشبه باليمين وإن كانت مجرد يمين، فيسهل تكفيرها والخروج من الجماعة حتى في أوقات حساسة ولو بمراكز كبيرة قد تكشف الكثير عن المحتوى! أما محمد أحمد الراشد فيرى أنها بيعة حقيقية! دون أن يتحدث عن لوازم البيعة الحقيقية ومنها على سبيل المثال (اعتبار من ينقضها ناكثا وباغيا على الإمام)!
ثم إن كانت حقيقية فما علاقة الفرد بالدولة؟ هل هي بيعة أم ماذا؟ هل النظام الملكي يماثل النظام الرئاسي في طرح مفهوم البيعة؟ هذه الإشكالات تبقى رمادية في الطرح وغير محسومة تماما!
يطرح موضوعا مثل الوطنية في الإسلام والقومية في الإسلام، ويتمثل البنا بقول القائل منهم:
وحيثما ذكر اسم الله في بلد *** عددت أرجاءه من لب أوطاني
هذا سيطرح موضوعا مشكلا جدا في الطرح السياسي، موضوع الوطنية في الإسلام، لا يمكن ان نتجاوزها دون ملاحظة موقف البنا من الشيوعيين المصريين (الذين هم جزء من الوطن) باستعداده للتعاون مع الأمريكان مجانا، لمحاربتهم، وهذه ستجعل من الحديث عن الوطنية ضيقا جدا! إذ الخلاف الديني داخل الوطن سيكون له أبعاده السياسية، وهذا سيفتح المجال فيما بعد وهو ما سيسلط الضوء عليه محمد أحمد الراشد فيما بعد، هذه المرة ليس مع الشيوعيين، بل حتى مع الإسلاميين!: لو كان هناك جماعة إسلامية آثرت الصدام مع النظام، فهل يجر الإخوان لهذا باسم الإخوة الدينية؟ يقول لا أبدا، بل لهم في قصة أبي بصير استدلالا! وهو أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان في عهد مع قريش وأراد أن يسلمهم أبا بصير، كون الاتفاق يقضي بهذا.
اذن؟ يمكن للإخوان أن يكونوا مثل موقف النبي صلى الله عليه واله وسلم والجماعات الأخرى مثل أبي بصير.
إذن البيت الذي يذكره البنا ماذا يفيد سوى تثوير العاطفة الدينية فحسب وإلا على الصعيد السياسي سيكون هو هناك عبء على الجماعة باعتبار المسلمين مكونا لها فضلا ان يكونوا جزءا من الوطن.
ولاحظ هنا لا أهتم بمناقشة الاستدلالات بقدر معرفة لوازمها وآثارها التالية على صعيد الطرح والفكر السياسي، وهو الذي سيصل إلى ما يوصف بالفوضوية!

3

للنظام الخاص امتداد قديم عند الجماعات الصوفية فيما عرف بـ (الفتوة) وكانت تلك الفرق التي استعملت ذلك النظام تستدل عليه بـ (سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) كان هذا النظام يقوم على قوم للجماعة، هذا الموضوع سيمتد داخل جماعة البنا، وسيطرح بشعارات مثل مقاومة المحتل لكنه في نفس الوقت لا يستثني (أعداء الجماعة) كما كان الأمر في الجماعات القديمة.
الفتوة بهذا الاسم طرحها سعيد حوى، وأراد من الإخوان استثمار (التربية الروحية) والسمع والطاعة والثقة بالمرشد، إنه صورة للنظام القديم عند الجماعات الصوفية.
النظام الخاص سيبدأ بتنفيذ أعماله المتوقعة منه، وفق عقيدة قتالية تميز فيها أفرادها بشعارات ورموز عن المجتمع، لكن البنا يطرح طرحا جديدا على الجماعة لما ينفذون دون أمره الصريح: ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين!
على أنه لم يرفض العنف مبدئيا في تصريحاته، وهنا يستعمل (حكمه على إسلامهم) كانعكاس للمثالية الذاتية التي انطلق منها فلسفيا!
النظام الخاص كان غير واضح، بل حتى مفهوم القوة واستعمالها، لدرجة أنك تجد سعيد حوى يعترف في مذكراته أنهم هاجموا حفلات وأعراس لتعطيل المنكر (المعازف) بشكل فردي، حتى الفقه والأولويات لا تجد أي بلورة فيها.
والبنا الذي حدد أنه سينذر قبل استعمال القوة، رأى رجاله التنفيذ ليرفع بوجههم سيف الإقصاء الديني. (وهذا ما سيكون له أثره في موقف التيارات الإسلامية المقاتلة من الإخوان).
كانت نهاية البنا تراجيدية لحلم مثالي بمطالبة ملك مصر بإعلان الخلافة! وفي نفس الوقت كانوا يريدون الحفاظ على منجزاتهم لتلك الفترة.
تنقضي مرحلة البنا بحالة فوضوية (بعدم معرفة من سيخلفه وما العمل، وتكثر الخلافات الداخلية بينهم، حتى يقع كحل وسط ترشيح الهضيبي ليسد مكان المرشد الكامل، لكنه سيصير مرشدا عاما).
الذي سينفجر الصراع بينه وبين محمد الغزالي ويتهم الهضيبي بالماسونية) وكتابه = من معالم الحق كتاب حافل يكشف عقلية المآمرة والتخوين الرهيبة، بل والإقصاء الديني من جنس "ليسوا مسلمين" ولما يتصالح الغزالي مع الهضيبي (الماسوني بوصفه) يقول عنه انه رجل صالح وكأن التهمة تلك (مجرد مظهر للمثالية الذاتية التي كانت محل انطلاق فلسفي من البنا = تعاديني انت كذا وإلا فأنت صالح)!
سيتحالف مع الضباط الأحرار، وسيصرح له عبد الناصر انه لن يعلن مصر دولة إسلامية خوف الضغوط الدولية فيوافق (انظر شهادة صلاح شادي = صفحات من التاريخ).
في تلك الفترة يكتب أحد قيادات الإخوان كتابه (اشتراكية الإسلام) وهو مصطفى السباعي، في سوريا.
هذا الرجل له كتاب: دروس وعبر من السيرة النبوية = كان مقررا علينا في كلية الشريعة، ومما جاء فيه مما قد يكشف شيئا من العقلية التي يتميز بها = من فوائد المعراج = أن النبي صلى الله عليه واله وسلم أول رائد فضاء!
كتاب اشتراكية الإسلام ينتصر فيه للاشتراكية باسم الدين، في انحياز واضح للبرنامج الاشتراكي الذي سيتبناه عبد الناصر.
ونحن نعلم أن البنا لم يحدد موقفه من السياسة الاقتصادية تماما! ولذا فلا غرابة ان يكون المجال مفتوحا لكتاب السباعي هذا.
ثم يحصل خلاف كبير مع عبد الناصر الذي يشير إليه إشارة خفية في كتابه (فلسفة الثورة) ومضمونه: بعض الناس يريد من قائد الدولة أن يرجع إليه في كل صغيرة وكبيرة! ويعتبر نفسه يفهم في كل شيء ويعرف كل شيء! ومن حقه إلزام الناس برأيه!

4

فترة عبد الناصر فقد الإخوان مواقعهم المؤثرة في المجتمع كثيرا مع انتشار الخطاب القومي، بما حواه من نظرية مؤامرة (ترجم في تلك الفترة كتاب = بروتوكولات حكماء صهيون)، الحشد الخطابي، تثوير الفقراء (دون نظرية فلسفية واضحة) وما كتبه عبد الناصر صفحات معدودة، خطوط عامة باسم (فلسفة الثورة) لا تحوي أي فلسفة!
وكان حل الإخوان 54، بعد حل الأحزاب قبلهم بسنة! كما هي نصيحة حسن البنا (حل الأحزاب في الدولة) أما الإخوان فكانوا كدعوة ليس حزبا سياسيا إلى أن بلغت معارضتهم السياسية ذروتها فتم حلهم.
ليتم إعادة الجماعة للعمل (بشكل غير قانوني) بالانحياز إلى أعداء عبد الناصر هذه الفترة! (المملكة العربية السعودية).
خطابات عبد الناصر بما أنها اشتراكية فستتصادم مع الملكيات، وكانت موجة الاشتراكية وقتها فاتنة! بوجود الاتحاد السوفييتي ودعمه لحركات التحرر الأقرب إلى سياسته وفلسفته.
كان أول ما قاموا به (دراسة الواقع ـ أي الحكومات والشعوب) وهنا تطلعنا (زينب الغزالي = أيام من حياتي) على مضمون الدراسة التي قاموا بها مع سيد قطب (كل الحكومات عمليا = كافرة! إلا السعودية) وتحتاج إلى إصلاح ففيها نقص كبير.
عبد الناصر كافر = لأنه يحارب الإسلام المتجسد بجماعة الإخوان المسلمين = كما هي عبارة زينب الغزالي في كتابها المذكور! (وهذه المثالية الذاتية سيكون لها أثرها أكثر فيما بعد = وهي امتداد للفكرة الأولى التي عبر عن نتائجها حسن البنا لما قال ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين).
يزورون السعودية ويلتقون بالمفتي وقتها محمد بن إبراهيم والذي له رسالة = في تحكيم القوانين = والتي سيمتد صداها إلى جماعات كثيرة فيما بعد.
يعدون برنامجا تعليميا يعتمد لأول مرة كانحياز كامل للسعودية = كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب!
المملكة سياستها معارضة بل معادية للاتحاد السوفييتي، كونها ملكية ترفض عملية تفتيت الثروة التي تدعو إليها الماركسية!
وسيظهر العداء بشكل واضح بأنهم ملاحدة، علما ان المملكة في تحالف استراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية، الرأسمالية.
هناك حد أدنى يحرص عليه عبد الناصر = عدم تبني الماركسية كنظرية للاشتراكية التي يدعو إليها بل يريد (اشتراكية الإسلام) ألم يصنف السباعي اشتراكية الإسلام.
وتتوالى وفقه خطابات أزهرية مماثلة أيضا!
والإخوان هنا يتبنون طرحا دينيا في معارضة عبد الناصر وتستعمل كافة الاتهامات التي تكشف عقلية المآمرة، فيصل الأمر إلى وصفه بالماسونية! (انظر كلام القرضاوي في كتابه عن الإخوان) علما ان عبد الناصر أصدر قرارا بحظر أنشطة الماسونية.
في نفس الوقت يحفظون بالود لجمال الدين الأفغاني = الذي احتفظ التاريخ برسالته بخط يده لطلب الانضمام إلى المحفل الماسوني، وهو استاذ محمد عبده، استاذ رشيد رضا الذي تأثر به حسن البنا وكان يردد قاعدته الذهبية.
هذا بعد ترديد الغزالي لاتهام الإخوان بالاختراق الماسوني.
لكن عبد الناصر هو الماسوني، وكان كافرا لأنه يحارب الإسلام = المتجسد بهم!

5

كان هذا معناه دخول الأفكار المنتشرة في المملكة العربية السعودية على الإخوان، لتبرير المعارضة الدينية لنظام عبد الناصر، في نفس الوقت كان سيد قطب يعد لتفجير أيدلوجيا معارضة لعبد الناصر متأثرة بأبي يعلى المودودي (المصطلحات الأربعة في القرآن)، كتابه (معالم في الطريق)، الكتاب يمكن ان يبسط كالتالي: هناك مجموعة (طليعة) عصبة مؤمنة، تعيش في مجتمع يرفضها (حالة اغتراب) جاهلية، وهناك حكام (طغمة حاكمة) يجب على الفئة مفاصلتها، عزلة شعورية، مفترق طرق، وهي في صدام معها كلي للاختلاف على أهم شيء في الوجود (الحاكمية) التي يجب أن تكون لله.
كان كلام قطب امتدادا متطورا لحالة التميز عن المجتمع من الشعارات إلى لبس خاتم معين لفترة، ثم صار لها وصف العصبة المؤمنة التي من يحاربها انما يحارب الإسلام المتجسد فيها = سيكون لهذه الفكرة اثرها فيما بعد بشكل أوسع.
الحاكمية لله = هذا المصطلح العام لا يحدد سيد قطب أي معايير لجزئياته، فهو يرفض أي حل جزئي واي عرض للإسلام كأنه في قفص الاتهام.
يرفض ما طرحه السباعي في كتابه (اشتراكية الإسلام) ويسمي الكتاب دون أن يسمي صاحبه، ويبين أن الإسلام لا يلتقي أبدا في نصف طريق مع الجاهلية.
لكن هنا تبرز إشكالات كثيرة: منها: لا ينبغي، لكن هذا حصل وألف السباعي كتابه هذا فهل هو منهم؟ البنا نفسه كان يبايع الملك فما حكمه؟ هل هو منهم؟ هذا سيفتح بابا كبيرا لموضوع العذر وعدم العذر بعده! ثم ما المناط الذي حكم أن هذا نظام جاهلي؟ هل هو عدم تحكيمه الشريعة؟ فمن اشترك في برلماناتهم؟ وأقسم على احترام دساتيرهم؟ من عاش في مجتمع جاهلي!
اللغة الأدبية ضخمت فكرة سيد قطب، وتلخيصها: هناك أقلية مؤمنة وأكثرية كافرة ينبغي ان يقع التصادم بينهما!
لا يوجد أي تبرير تأصيلي لهذا، ولا يوجد لغة دقيقة في تحديد المصطلحات التي يتحدث عنها! مثلا المفاصلة ما حدودها؟ والعزلة ما حدودها (في شهادة نادرة يطرح علي عشماوي في مذكراته = تردد اسمه في اعترافات سيد قطب (لماذا اعدموني) يقول بأن سيد قطب لم يكن يأكل اللحم المذبوح دون معرفة مصدره! ولم يكن يصلي الجمعة مع الناس لأن بعض الفقهاء اشترط لها الإمام والإمام مفقود هذا الزمن)!
يطرح مشكلة الهجرة، اذا كانت مصر جاهلية بنظر سيد قطب فلماذا لم يهاجر إلى السعودية (دار الإسلام) وفق الدراسة التي أجراها مع زينب الغزالي!؟
كل هذه الأسئلة ستحاول جماعات الإجابة عنها وفق منطق متسق قدر طاقتها! وكما ترى أن كل فوج يصدر إلى التالي إشكالاته التي لم يجب عنها.
كل طرح يقفز عن الحلول النظرية، يصدر مشاكله النظرية لمن بعده، بما يلزم من ذلك من فوضوية!

6

تم تسليط الضوء على سيد قطب في السعودية، وكانت الإذاعة السعودية تبث يوميا مقاطع من كتابه (في ظلال القرآن)، وأرسلوا إليه شيئا من المال لحقوقه كمؤلف وطالب هو بالباقي (انظر: لماذا أعدموني). وهذا التسليط الكبير للضوء عليه سيجعله شخصية محترمة عند كثير من السلفيين، سنجد الدفاع عنه مثلا في كتابات (بكر أبو زيد) صريحا وضمنيا.
وفي وقت كان يضيق بكر ابو زيد ذرعا بأمثال الكوثري وعبد الفتاح أبو غدة ويتتبع أخطاءهما، وما يرميان له في كتاباتهما (انظر كتابه براءة أهل السنة)؛ تجده يضيق ذرعا بنقد سيد قطب.
هذا التبني السياسي لسيد قطب وبغلاف ديني سيدخل العديد من أفكاره على التيار الذي يعرف بالسلفي.
سيد قطب الذي نجد في كتاباته الأولى ميلا للثورية الاشتراكية، (العدالة الاجتماعية)، (معركة الإسلام والرأسمالية)، يتحدث في الأخير عن الطبقات المسحوقة، عن الطبقة المتنفذة المترفة التي تحكم أولئك المستضعفين.
كانت بعض كتابات لينين قد ترجمت في مصر قديما، أيام الملكية، منها كتاب للينين طبع بعنوان (مذكرات لينين) مع تعاطف ظاهر من المترجم مع لينين.
لينين في ذلك الكتاب (الذي دخل المكون الثقافي) الذي سيتحرك في إطاره سيد قطب يقسم المجتمع الى طبقتين، بل العالم الى طبقتين: مظلومين وظالمين، الطبقة الأخيرة تقتات على الطبقة المظلومة، وهنا يبرز ما يبدعه لينين في تطوير الماركسية (الطليعة الحزبية) = سنجد اسم الطليعة فيما بعد في سوريا من جماعة مروان حديد = الطليعة المقاتلة. المهم هذه الطليعة هي التي تقود المظلومين للإطاحة بالظالمين.
المفاصل ذاتها سنجدها في ما تبلور إليه فكر سيد قطب (هناك عصبة مؤمنة = الطليعة) تأخذ على عاتقها الإطاحة بالطواغيت.
المجتمع العالمي ومنه العربي (الحالي) ينقسم إلى قسمين = مؤمن وجاهلي وهما في صدام قاتل، والعصبة المؤمنة هي قلة تقود هذا الصراع.
هذا الاقتراب من الأفكار الثورية الاشتراكية الثورية سنجده بشكل أكثف عند رجل آخر "تقي الدين النبهاني" والذي سيساهم في تشكيل الفوضوية.
وهو مؤسس جماعة أخرى في منتصف العقد الماضي، وسيكون له تأثيره في التيارات الإسلامية بإدخاله لطرحه في المكون الثقافي الذي تتحرك خلاله.
ومن المحاولات النادرة ما قام به النبهاني من الكتابة في نظرية المعرفة (كتابه التفكير)، في كتابه هذا يعتبر هو أن أفضل من عرف العقل هم الشيوعيون الماركسيون (هذا يرينا في أي فلك ممكن أن تتحرك تلك الأفكار).
الكتاب جاء منحازا إلى المثالية في كثير من محتواه وإن اضطرب مرات. وإن حاول أن يجاري ما وصل إلى النبهاني من كلام الماركسيين في نظرية المعرفة مع بعض التعديل (مثلا يرى ان العقل إحساس بالواقع = لا انعكاس كما يقوله الماركسيون. التعديل فقط في كلمات. (علما ان لينين يقول ايضا بالإحساس لكن الظاهر انه لم يصله).
سيظهر جليا اثر التيارات الماركسية في كتابه (التكتل الحزبي) الذي يطرح فيه مصطلحات ماركسية بامتياز: التكتل الحزبي، تقدمي، رجعي.
يقسم التحرك في المجتمع الى مراحل، والانتقال حتمي، والنتائج حتمية.
يعزل الحزب عن المجتمع فيوصي باعتبار الحزب المحيط خاليا من أي ثقافة! هذه الكتابات كانت تدخل في الوعاء الثقافي التي تتشكل فيه التيارات الجديدة التي تحاول الاجابة على الاشكالات الواردة والمصدرة من كل من سبق

7

سيعيد النبهاني الخطابات التي تغرق في المآمرة العالمية على الإسلام والمسلمين، ويركز على مفاهيم الصدام الفكري والأيدلوجي. هذا النمط الموجود قبلا في المخيلة العامة وساهم فيه التيارات الاشتراكية والقومية.
بالعودة لسيد قطب كان عنده مزج (خلط) بين المفهوم العقدي والفقهي.
فيصور صراع العصبة المؤمنة بقصة أصحاب الاخدود الذين يختارون الموت على الكفر بالله، ولا يوجد لهم امل الا بالجنة.
وهذا وان كان يختلف عن عصبة تسعى للحكم وتلاقي الاذى لمنعها من غايتها، عن فئة لا تريد الا الايمان وتضطهد بسبب ذلك؛ لكن موضوع الجنة سيبعد اي مساءلة أو مراجعة باعتبار الهزائم أو الفشل الواقعي، فيفترض بالمؤمن الا ينتظر الا الجنة (وستتطور هذه الفكرة المثالية فيما بعد).
كانت مرحلة الاعتقالات في مصر جانبا مشكلة لجانب مهم في المخيلة العامة، انهم يضطهدون من اجل دينهم (قصة اصحاب الاخدود) ستظل حاضرة.
ويصدر حكم الاعدام على قطب وغيره بتهم عليها اعترافات منه ومن غيره بمحاولة اغتيال عبد الناصر وشراء سلاح وتخطيطات مختلفة.
وان كانت الوقائع المادية هزيلة لما ارادوه لكنها الفكرة المثالية الحالمة!
وموت سيد سيطلق كمية من القصص المبالغة في شجاعته وتفاصيل عن كلمات تنسب اليه كرفضه الاسترحام والاصبع التي تشهد لله بالوحدانية تأبى هذا (وهي قصص لم تثبت).
وتفتح السعودية ابوابها بالوافدين اليها ممن عانوا الاضطهاد في مناطق النفوذ الاشتراكي (الكفري)، وستوظفهم في مراكزها التعليمية.
سيكتبون الكثير من المناهج، دون رقابة رسمية.
سيشكلون مخيلة الطلاب (احتياطي الامتداد القادم).
في سوريا يدخل التأصيل السلفي بقوة ضد الفئة الحاكمة، اذ ستطبع فتاوى ابن تيمية في النصيرية مفردة وتوزع مجانا (ولا ينسى الطابعون لها ببيان ان النصيرية هم العلويون).
في سوريا يتحرك مروان حديد ومجموعة معه للصدام العنيف ويخلف ديوانا شعريا سيكون (الحداء الجهادي لمن بعده لفترة طويلة).
في دراسة نقدية لأحد المشاركين في تلك الاحداث يقول ابو مصعب السوري: (أثبتت تلك الاحداث فشل الشيخ لما يلبس بزة عسكرية).
سيتوزعون في المناطق المحيطة بسوريا وترعاهم انظمة معادية للنظام هناك.
سيكشفون كل اوراقهم بتعامل مفتوح كليا في تلك المناطق لدرجة (بشهادة السوري) انهم يستعملون الهواتف العادية من خط المنزل في مراسلاتهم.
في تلك الفترة يبدأ ظهور رموز يجمعون بين ما قاله قطب وما درسوه من كتب الحنابلة وابن تيمية.
وستوجد فتاوى تكفر القومية، تحرم الاشتراكية (على ان مرحلة الافول القومي والاشتراكي بدأت في مصر).
إلى ان يستلم السادات الحكم، ويريد تبديل المواقع بالانضمام الى الموقع الغربي على صعيد النفوذ.
ولكي يمسح التركة التي خلفها عبد الناصر يطلق من كان في السجن، سيفتح المجال لهم لدعوة التيارات المختلفة (وستصور مصر على انها دولة الايمان).

8

كانت الأمور في مصر قد انفلتت في الستينات على صعيد الأفكار داخل جماعة الإخوان وغيرها، وكان قد برز تيار يكفر النظام كمحمد قطب (انظر شهادة أحمد رائف: البوابة السوداء)، ولكنه لا يحاول أن يسحب الأمر إلى آخر لوازمه، في وقت برز فيه ذكر شاب سيكون له أثره (مصطفى شكري)، الذي سحب الكثير من لوازم أفكاره ليكفر من لم يكفر الكافر ليصل الأمر إلى الجماعة نفسها!
ليسمي جماعته (جماعة المسلمين) في صورة أخرى لمفهوم (العصبة المؤمنة) عند سيد الذي انكر انه قال بهذا إلا كخطة عمل (ليس حلا نظريا كما يريد شكري هنا).
وتطرح فكرة الهجرة والعزلة، والمآمرة العالمية بقوة عند شكري، وفي شهادة أبو الخير (ذكرياتي مع جماعة المسلمين) يصور أن شكري كان (إماما من ائمة المسلمين) وانه تم تشويهه من النظام حتى في شكله اذ صوروه بطريقة شنيعة.
ويحاول المرشد وقتها (الهضيبي) تدارك الأمر قبل ان تصبغ الجماعة بهذه العقلية، فيكتب كتابه (دعاة لا قضاة) الذي سيكون عنوانه مفصلا لكثير ممن بعده أكثر من مضمون الكتاب ذاته (ستجد للعنوان صدى حتى الكتابات المتاخرة ككتاب بسيوني وسالم: ما بعد السلفية).
وكانت إدانة شكري ومن معه بقتل حسين الذهبي محرجة للتيارات الإسلامية امام المجتمع (سنرى من يحاول تصوير الامر على انه مؤامرة من النظام: محمد سرور (في كتابه: الحكم بغير ما انزل الله وظاهرة الغلو) الرجل الذي سيكون له اثره في السعودية فيما عرف بالصحوة).
انحياز الإخوان للسعودية ضد عبد الناصر كان له تبعاته الايدلوجية على الجماعة فيما بعد بشكل كبير، سنجد من يحاول اثبات ان معتقد الإخوان هو سلفي (موافق لحنابلة الجزيرة) كعبد الله عزام باستدلاله بكتاب محمد نعيم ياسين الايمان.
وسنرى من يحاول التميز عن السعودية بالمعتقد وان كان ضعيف الاثر والذكر مثلا (عبد الفتاح ابو غدة = والذي اقدر انه كان يمكن ان يكون له اثر كبير لولا انحياز الإخوان وقتها للسعودية).
سنجد سعيد حوى يقاتل على جبهة ابي غدة بشكل اصرح (لحكم الظروف بانه في الاردن) فيصنف في التصوف ولا ينسى (ان يجيز القارئ بما اجازه به مشايخه) ويحاول منع سحب الإخوان على التيارات السلفية.
تلك التيارات التي بدأت تتململ في السعودية بعد سماعها وقراءتها للادبيات الإخوانية.
تلك الادبيات التي سمح لها بالانتشار بشكل كبير افول التيار القومي في المنطقة، ومحاولة التركيز على فظائعه.
السجون المعتقلات المظالم.
كلها كتب فيها والأسباب دينية!
وكانت سياسة الانفتاح للسادات التي التقت مع سياسة السعودية ضد القوميين والاشتراكيين اكبر اثر في انتشارها بل والتسويق لها.

9

فترة السادات قبل توقيع اتفاقية السلام كانت عصرا ذهبيا للتيارات الإسلامية.
شبه أفول كامل للقومية والاشتراكية، تسويق للأفكار التي منعت بالأمس بشكل قانوني.
ونجد مقارنات تقاربية بين حسن البنا وابن تيمية تبلغ ذروتها في مقارنة عمر التلمساني.
يقارن في كتابه (أربعون عاما من الدعوة) بين البنا وابن تيمية باعتبارهما مجددين.
الا ان ابن تيمية لم يتحقق له الانتشار بخلاف البنا!
وابن تيمية لم يؤسس جماعة بخلاف البنا!
هذا النمط من المقارنة يكشف محاولة احتواء لما يسمى بالتيار السلفي داخل جماعة الإخوان لا العكس.
انها محاولة التميز (التي لم تختر طريق التميز العقدي كحوى وعبد الفتاح ابو غدة).
كان الالتقاء بين من يوصف بالسلفي والإخوان بدأت من ايام البنا، طبعت اول جريدة للإخوان بمساعدة محب الدين الخطيب الشهير.
وبعض الافتراضات تقول ان اسم الإخوان جاء مقارنة بـ(إخوان من اطاع الله) في السعودية.
على ان البنا وان عرف الملك عبد العزيز الا انه لا توجد عندي شواهد قوية تعزز هذا الافتراض.
على اي حال، لوالد البنا ترتيب للمسند (مسند احمد) اتصل بعدد من اهل الجزيرة للمساعدة بطبعه، وهناك فرق في المآلات الدلالية بين الاحالة على المسند بترتيب البنا الوالد وبين الاحالة دون هذا الترتيب في كثير من الكتابات التالية (لكن ليس هذا مجال الحديث عنها الان).
ومن مواطن الالتقاء سوريا (الالباني) كان مع الإخوان كأنه منهم وينفي ان يكون وقتها منتسبا اليهم.
الا انه قرأ للبنا وكثيرا ما كان يستشهد بقول البنا ويبالغ في تفخيمه: (أقم دولة الإسلام في قلبك تقم على ارضك) هذه الكلمة التي سيكون لها اثر كبير في موقف عدد السلفيين امتثالا أو معارضة.
في شهادة ناصر الحزيمي يطلعنا على عقدة نقص في التيارات المنتسبة للسلفية: «لا يوجد تاريخ من الاعتقال والتقديم في «سبيل الله» كما للإخوان.
وكان اعتقال عدد منهم في السعودية موضع فرح واغتباط منهم: الآن لم بعد احد افضل من احد!
وهذا يكشف عن اللغة اكراهية من الإخوان لهم في السعودية: نحن قدمنا ماذا فعلتم انتم؟
وهذا ما سيكون له كبير اثر فيما بعد.

10

لما نتحدث عن التيارات السلفية فإننا نتحدث عن خليط كبير يحتاج الى تحليل وتفكيك؛ فالمملكة العربية السعودية حصل بها طفرة سريعة من التغيرات المادية بعد اكتشاف النفط، وهذا أدى لصدمة في الوعي الاجتماعي فيها بالمستجدات.
وكانت رجال الدعوة النجدية تاريخيا مرتبطين بالنظام الملكي المتمثل بآل سعود.
كانت المنطقة تعج بالتغيرات ما بين ثورات اشتراكية وخطابات قومية قد تودي بالنظام السعودي.
كما أن الدعوات العامة للانفتاح على الغرب تودي بالوعي الاجتماعي هناك.
كان من الضروري التحالف مع التيارات المعارضة للقومية والاشتراكية وسياسة الانفتاح أيضا!
ولم يكن من حل افضل من التيار الإخواني بحكم نفوذه، وشعاراته المقاربة للمملكة.
المملكة كان بها تيارات حنبلية بعضها منفتح على المذاهب الاخرى والآخر لا يزال في دائرة المذهب.
اما الالباني فكانت حاضنته الثقافية حنفية، وقد ترك التمذهب كليا، وكانت علاقاته جيدة مع الإخوان في سوريا.
كان يزور السعودية كثيرا.
ويلقي فيها دورات علمية وشرعية يحضرها الطلاب من كل مكان (هنا افضل شهادة حصلت عليها في هذا كانت من الحزيمي: ايام مع جهيمان).
سيدرس في السعودية بشكل نظامي ثم يبعد عنها لأسباب غير واضحة، يرجح انه انتقد السياسة السعودية.
ويحكي الحزيمي شهادة نادرة لجهيمان: ان الالباني قال له ان ابن باز لا يعرف الواقع تماما بسبب من يحيطون به.
المطالع لكتاب الحزيمي يكشف عن تعاطف كبير للإخوان هناك في تلك الفترة ومن شخصيات مرموقة في المجتمع.
وان كان التركيز في دروس الالباني على الحديث لكن يطلعنا الحزيمي على جلسات خاصة كانت مع جهيمان وغيره.
هذه اشارات لتحرك ونشاط قد يوصف بـ(الحركي) وان كان الالباني بعد ابعاده سيكرس نفسه للدروس المعرفية في الحديث.
ويقول جملته الشهيرة: من السياسة ترك السياسة.
في كتاب الحزيمي يذكر حادثة مهمة تسمى بحادثة تكسير الصور، ويبدي جهله بتفاصيلها.
والتفاصيل يذكرها عمر الاشقر في مذكراته وهو من الإخوان في الاردن الذي ابعد ايضا عن السعودية! فقد شارك فيها وخلاصتها خطابات وتحريضات على المنكرات من صور ونحوها في الاسواق وينتهي الامر بتكسير محال تجارية! وفوضى.
يعتقل الاشقر وغيره ويبعدون بعد السماح لهم باكمال فترة دراستهم

11

كان للالباني مواقف مختلفة عن السائد في السعودية حتى على الصعيد العقدي، ومن ذلك موقفه من حديث خلق الله ادم على صورته.
كان يعيب على ابن تيمية دخوله في (علم الكلام).
كان يرى ان كلام ابن تيمية في مواطن كثيرة قسمين: فلسفة لا تعقل، وشرع يقبل.
وقد وصف الدارمي صاحب الرد على المريسي والرد على الجهمية بانه مغال في الإثبات.
هذا ما سيستثمره القرضاوي! وينطلق من كون الدارمي من غلاة أهل الإثبات الم يقل هذا الالباني! ليصل الى لوازم ذلك الوصف = الى مواقع مثالية ذاتية كتلك التي انطلق منها حسن البنا ويتميز بذلك عن ابن تيمية ولا يتبع بذلك لا الازهر ولا السعودية!.
اللوازم على كلام الالباني انه ينطلق من مواقع مثالية في نظرية المعرفة بخلاف ابن تيمية تماما واحمد والدارمي.
ومن هذا الموقع يلتقي الالباني مع الإخوان في حد ادنى من مواقعهم المثالية.
تتسارع الاحداث، فثورة 79 في ايران تكشف عن الفوضى في الافكار المتأثرة بالإخوان وسيد قطب!
ها هي ايران ترفع راية الإسلام كما يقول عبد الله عزام، ليعود ايام افغانستان ويصفهم بانهم فك كماشة على السنة الافغان مع الشيوعيين!
الثورة الايرانية كانت مبعثرة لأطروحات سيد قطب! فقد كان كتاب الخميني الشهير (الحكومة الإسلامية) وخطاباته عن الإسلام تلتقي مع خطابات سيد قطب تماما.
الحاكمية لله لا يعترض عليها الخميني ولا العصبة المؤمنة ولا الجاهلية ولا غيرها كلها كلمات تسع طرحه الثوري!!
وهنا كان لا بد ان يُحدد ما تركه قطب عاما غير محدد عند الرافضين للخميني.
وتصبغ افكار قطب بمضامين تأصيلية لمنع اتساعها للأفكار الخمينية! عند كثير من أنصاره.
سعيد حوى كان له كتاب الخمينية شذوذ في العقائد شذوذ في المواقف.
وبعضهم سيؤصل المسألة من كتابات ابن تيمية وغيره مع الاحتفاظ بسيد قطب لكن مُؤولا هذه المرة.
وهذا ما سيدفع فتحي الشقاقي من الطرف الآخر، وهو من المولعين بسيد قطب، ليؤسس له فرعا منعزلا عن الإخوان في فلسطين ويكتب كتابه: الخميني الحل الإسلامي والبديل وهو كتابه الوحيد! ويرى ان أفكار قطب لا تتعارض مع الخميني.

12

كانت الإشكالات النظرية في الحالة المصرية تزيد، والأجوبة التي كانت تقدم بداية لم ينظر اليها على انها اختلاف أصيل في المواقع النظرية.
احمد رائف يصور لنا الخلاف بين من يرى الحاكم كافرا وبين من يراه فاسقا بأنهم في السجن كانوا يختلفون ثم يقال في النهاية الفاسق ابن عم الكافر.
اي ان خلافهم لا يبنى عليه خلاف عملي، وانهم متفقون حاليا على فساد النظام والعمل على إزالته.
وهذا ما سيصدر الإشكال لمن بعدهم ويبنى عليه عملا لا كما حسبوا!
كانت مسألة التكفير والإعذار بالجهل والقتال محور تفكير يدور في فلك مركزية سيد قطب.
لكن التفريع عليه أو التحشية مختلفة.
الحكم وتحديد نوعية ودرجة المفاصلة.
الموقف من الجيش، الشرطة، العلماء الذين في الدولة.
وجد كثيرون في ابن تيمية رائدا لهم: فتاواه في التتار، الياسق، تقديم غير الشريعة عليها.
يعتقد البعض ان اول من اسقط فتاوى ابن تيمية في التتار على الانظمة هو (عبد السلام فرج) في كتابه: (الفريضة الغائبة) وليس هذا صحيحا فأحمد شاكر كان من السباقين لهذا.
تتصاعد الازمة حتى بين هذه التيارات على وجود شبه اتفاق على سيد قطب وكتابه المعالم بالخصوص انما الخلاف على تأويله.
لا يظهر اولويات هنا، الغرض حسم الموقف نظريا بأكبر قدر من الاتساق.
في تلك الفترة يفجر جهيمان حادثة الحرم!
كأثر متوقع على الفوضوية في الفكر السياسي المطروح.
جهيمان كان يريد تطبيق الشريعة (لكن السعودية تلك التي استثناها الإخوان من وصف الجاهلية في الخمسينات) لكنه يرى انهم لم يحكموا بالشرع ويسرد الاحاديث في كتاباته دون كبير بيان لطريقة الاستدلال.
وكان في مخيلته كتب التويجري (التي تتصادم مع الواقع الحديث بعد الطفرة النفطية بشكل كبير).
يهاجم التويجري علم الفلك، قوانين الجاذبية، حتى الاكل بالملعقة مكروه عنده اذ هو تشبه بالجبابرة!
ويخلف جهيمان احد المعجبين به وهو المكنى بابي محمد المقدسي، الذي يتردد اسم سيد قطب في كتاباته ويدور في فلكها لكن هذه المرة ينقل الأمر إلى السعودية فيكتب كتابه: (الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية)، يؤلف (ملة ابراهيم) وفي فترة وجوده مع جماعة جهيمان (اعداد القادة الفوارس بهجر فساد المدارس)، يحرم المشاركة في البرلمانات (الديمقراطية دين) ويكفر الانظمة بكونها موالية للكفار.
سيتردد صدى كتابه (ملة ابراهيم) في كتاب اخر ومفصل بشكل أعمق (الجامع في طلب العلم الشريف) لسيد شريف إمام الذي عرف وقتها باسم مستعار (عبد القادر عبد العزيز).
وسيقول في كتابه الجامع (لا يوجد اهل ذمة) لأنهم لا يدفعون الجزية والنظام كافر، لا عهد امان لمن يعطيه الحاكم.
يتبع ان شاء الله.

13

السماح للتيارات الإسلامية في مصر بالانقضاض على التراث القومي والاشتراكي، رفع بعض الشخصيات الى المستوى الفكري والشأن العام.
وكان لتلك الشخصيات أثر كبير في صياغة الأنظمة الخطابية التي ستسير فيها الأفكار التالية.
من تلك الشخصيات: «مصطفى محمود» صاحب برنامج (العلم والايمان) وكتابه الشهير (رحلتي من الشك إلى الإيمان) وله كتاب (لماذا رفضت الماركسية) وغيرها
كتابات الرجل عموما لا يربطها منهج، على انها تسير في خط المثالية.
لكن ميزة الرجل في أربعة أفكار أساسية بنظري:
1-الحضارة الغربية فلسفة وعلوم تجريبية نأخذ العلم ولا تعنينا فلسفتهم.
2-الثالث (غير المرفوع) على وزن: الله لا داخل العالم ولا خارجه.
نحن لا مادية ولا مثالية، لا مع الاشتراك في المال ولا الحرية الاقتصادية، لا هنا ولا هناك (وهذا سيفتح الباب لطريق طويل على ذات النهج.)
3-تبسيط افكار سيد قطب والانحياز بها عمليا لسياسة الانفتاح باختصار السوق الحرة قدر الامكان (بضوابط الشريعة) (كتوافق مع سياسة السادات).
4-الاعجاز العلمي = سيتسع الامر في هذا مع زغلول النجار وغيره.
اما تجريد العلوم الغربية من اي فلسفة فهو تماما تجريد المستورد من اي قدرة خلاقة على الانتاج. (لا يعني هذا قبول تلك الفلسفات تماما لكن إدراك ان العلوم لن تكون كما هي عليه لو ظلت اوروبا بعقلية الاكويني والقرون الوسطى! هذه الفلسفات لا يمكن فصمها عن النتاج العلمي).
الخطابات في تلك الفترة اكتسحت الساحة، وكانت منطقة نفوذ من وصفوا بالسلفيين تزيد في موضوع الاحاديث وتخريجها (مما سيقلل من سطوة الخطابات النارية التي تذكر كل القصص المدفونة في التراث «خطابات كشك» نموذجا» الذي سينقده الالباني نقدا لاذعا.
في حين ان مضامين تلك القصص والاحاديث وان هاجمها (السلفيون) ستكون مسيطرة على المخيلة العامة.
فكم من (سلفي) مثلا يهاجم حديث (الشيخ في قومه كالنبي في امته) على انه موضوع = مكذوب، لكنه في تعامله (قريب من مضمون ما حاربه).
الاشرطة الإسلامية سريعة الانتشار (كثير منها وعظ عام) (حديث عن المآمرات ضد الإسلام والقوة الخفية = سفر الحوالي ابدع في هذا المجال)، (التركيز على قضايا تتعلق بالرذيلة والزنا والاستمناء)! وبعض تلك الاشرطة كانت تسهب طويلا في الموضوع الاخير!
وكان للكتب التي تتحدث عن الماسونية واسرارها، وخفائها انتشار لا بأس به سيزداد بعد هذه الفترة (كانسجام عام مع عقلية المآمرة).

14

كانت أحداث افغانستان تشتعل، وهي مرحلة مفصلية في تكوين الفكر السياسي عند الجماعات الإسلامية المختلفة.
تلك المرحلة التي ستنطلق كل فئة فيها لتطبيق أدبياتها وخصوماتها فيه.
يبرز من بين كل الشخصيات: عبد الله عزام، كرجل لتلك المرحلة، عزام كان منتسبا للإخوان قديما.
وجالس الألباني لفترة (لا شواهد تدل على طولها) على انه امتثل لقرار الإخوان بمقاطعة الالباني في الاردن، ولما سمحوا بمجالسته عاد يفعل!! (انظر سؤالات الحلبي للالباني).
على انه سيذكر اسم الالباني في مشايخه لاحقا، عزام له علاقات مباشرة مع ابن باز وحاول ان يقنعه بان عقيدة الإخوان جميعا هي ما في كتاب الايمان لمحمد نعيم ياسين.
على ان ياسين هذا متأخر ثم اي قارئ يعرف الفرق بين سعيد حوى وعبد الفتاح ابو غدة وبين ما في ذلك الكتاب (الذي سينقده سيد امام في الجامع).
عزام يأتي لأفغانستان ويؤسس مكتبا اسمه مكتب الخدمات (ونجد القاعدة الذهبية حاضرة عنده فيقول: مكتب الخدمات جماعة الجماعات).
خطبه لم تخل من ذكر البنا وسيد قطب وباقي الإخوان، كما انه لن ينسى ابن تيمية البتة!
يؤلف كتابا هو من أهم كتب الفوضوية: (الدفاع عن بلاد المسلمين أهم الفروض الأعيان) كتاب صغير ذكر انه عرضه على 100 عالم ولم يعترضوا عليه، وقال بأن ما حواه محل إجماع المسلمين.
فكرة الكتاب بسيطة: اذا احتل جزء من بلاد المسلمين وجب على اهل تلك البلد قتالهم، فان لم يفعلوا أو لم يحققوا الكفاية توسعت الدائرة الى ان تشمل كل المسلمين.
وبما ان الكفاية غير متحققة فالقتال الآن واجب عينا على كل مسلم قادر حتى المرأة والصبي يخرجون دون إذن!
الفرضية العينية ستصير هذه هاجس كثير من الجماعات وبشدة.
لا إذن لأحد، لا ولي امر ولا مسؤول جماعة (هذا سيفتح خلافا مع الإخوان في مناطقهم).
تبدأ الخلافات مبكرة بين الجماعات الوافدة، يطلعنا ايمن فرج (مذكرات عربي افغاني) على خلاف على حديث خلق الله على صورته!
خلاف حول التمائم التي يعلقها الافغان، الفقه الحنفي هناك، التقليد، الوهابية!
بل يذكر ايمن فرج صدور فتوى في قندهار بقتل الوهابيين! في تلك الفترة.
ومن الطرف الثاني رفع السلاح على أفغاني يقاتل السوفييت لأنه أشرك!
يتبع ان شاء الله.

15

كتاب (الدفاع عن بلاد المسلمين أهم الفروض الاعيان) سيتلقى نقدا من سفر الحوالي بفكرتين اساسيتين: التوحيد اهم الفروض، ثم في هذا تفريغ للساحات الدعوية! وسيرد عليه سيد امام باعتبار ان التوحيد مقرر قبل أي فريضة من الفرائض الشرعية فهو معلوم سلفا.
فكرة القتال دون إِذْن أحد ستكون مشكلة في أفغانستان؛ إذ ان الإذن ليست شرطا للذهاب هناك فما الذي يجعل التصرف هناك يحتاج إلى أي اذن! لاحظ هذه الاشكالية التي ستفتح بابا للتشظي، كل فئة أو مجموعة لن ترى أي ملزم لها لتطبق الفريضة العينية، لا تحتاج الى إذن أحد.
ثم كل فرد ايضا لا يحتاج اذنا، الامر الذي فتح المجال للفردية على اوسع حد! عدم اعتبار القتال جزءا من السياسة الشرعية التي تندرج في الفقه تحت باب المعاملات، ثم اصله كفائي أي الغرض منه وجود الفعل بقطع النظر عن الفاعلين، والفعل مرتبط بتحقيقه لنتائجه.. كل هذا لا يظهر له اثر في صقله بقالب (تعبدي) إنه (فرض عين).
أما النتائج فهنا سنجد آثار التركة الماضية، الم يقل سيد قطب ان العصبة المؤمنة لا تعد احدا الا بالجنة، اذن النتائج امرها لا يزيد ولا ينقص! وهذا ما سيصيغ الامر بصورة (نحن مطالبون بالأوامر الشرعية لا النتائج) وكأن الطبيب الذي يموت مرضى في عملياته الجراحية لا مجال لمساءلته ابدا.
عزام سيرتبط اسمه بكل الاعمال الفردية التالية كون القتال صور بانه فرض عين، حتى ولو كان فرديا!
في افغانستان، يشكل عزام مخيلة كاملة، يمتدح في دروسه شجاعة وصراحة شكري مصطفى، يذكر انه رجل صريح كانوا يسألونه عن الاشتراكية فيقول عبد الناصر كافر دون اللف والدوران الطويل الذي يردون ان يسلكوه معه!
ويمتدح هذه الشجاعة بدل اتباع التكتيك والتكنيك (بعبارته)!
الذي يحكم بالدستور الوضعي كافر! ويستدل على ذلك بقاعدة ذكرها البنا في القواعد العشرين انهم لا يشهدون على احد بالكفر الا اذا اتى قولا أو فعلا لا يحتمل الا الكفر البواح وقال عزام هذا منها (سيخالفه البعض الاخر ممن لا يرى التكفير هذا حتى لا يفتح عليه بابا طويلا من المواقف والتوترات: ليذكر علاقة البنا بالملك، وغيره لم يكن يكفرهم، وقاعدة دعاة لا قضاة محكمة عند هذا التيار).
يمتدح التوغل في الاراضي السوفييتية وتنفيذ بعض الاعمال القتالية (وهذا ما سيكون له اثره في موضوع الغزوات!) ويمتدح ذبح بعض المقاتلين للجنود السوفييت بالسكين وهذا سيكون له اثر كبير فيما بعد (انظر كتابه عبر وبصائر).
عزام لا يلقي بالًا كبيرا للنتائج الجزئية: ولذا لما يعترض البعض على تصوير عدد من المقاتلين مكشوفي الوجوه مما قد يعرضهم للمساءلة عند العودة الى ديارهم يقول: ماذا في هذا ولو اخذوا اعداما! اذ سيحيون بدل كل واحد منهم الفا من المسلمين.
هذه النظرية في المصالح والمفاسد، عدم تأثير مقتل انسان كثيرا ليحيي فكرة في غيره ويدفعه للعمل سيكون لها كبير الاثر فيما بعد.
هذا الرجل حظي باحترام كبير، وكانت المصالح الامريكية تتقاطع مع المقاتلين الوافدين هناك، لمنع تقدم السوفييت الى منطقة حساسة قريبة من الخليج، كانت دول الخليج تنظر الى ذلك التحرك على انه دفع لخطر اكبر عن مصالحها، كانت الانظمة كمصر تريد التخلص من الإسلاميين الذين يشكلون ازمة داخلية عندها، كان كثير من المشايخ (الذين صوروا فيما بعد انهم ضد كثير مما طرحه عزام لما طبقه غيره أو كرره مطورا) يخطبون خطبا نارية ويحرضونهم لنصرة إخوانهم! اتساقا مع الجو العام، وانفرادا كاملا بالساحة العربية التي خلت تقريبا في تلك الفترة من اي منافس ايدلوجي له ثقل أمامهم.

16

كتاب اخر سيدخل المخيلة (آيات الرحمن في جهاد الافغان) عن طريق عزام، الكتاب عبارة عن ذكر لقصص صورت على انها (كرامات) تتراوح بين تفجير دبابة بحفنة من تراب، أو تدمير عشرات الاليات بقذيفة واحدة بعد التسمية، ونحو ذلك.
(لا اناقش هنا مباحث الكرامات شرعا، انما الحديث عن كتاب بخصوصه بطريقته المعينة).
هذا سيفتح الباب طويلا حتى لموضوع الرؤى والأحلام، وبعضهم سيجعلها طريقا استراتيجيا في الواقع السياسي، مما سيدعو ابا مصعب السوري لكتابة رسالة نقدية لهذا بعنوان (رؤى واحلام ام تهيؤات واوهام)، اثر النقد ضعيف فقد فعل كتاب الآيات فعله اذ وزع بنسخ كثيرة وكان محل اغتباط عند من يوصفون بالسلفيين كونه عرض على ابن باز.
سيتمحور فكر كثير من الإسلامين حول (الحكم) و (القتال)! بمختلف الأطروحات التي تتناول هذين المحورين ما بين مشاركة سياسية في البرلمانات إلى تكفير المشاركين، ما بين اعلان ما القتال في العالم الى ما يشبه المحلية وهكذا.
ستبرز المشاكل الكثيرة التي صدرت دون ان تحسم من المراحل السابقة.
اذ سيقتل رجل (محسوب على الإخوان) انظر شهادة ايمن فرج (ذكريات عربي افغاني) أحد قيادات الجماعات (السلفية في افغانستان) وهو جميل الرحمن.
وسيكون لهذا اصداؤه عند علي الحلبي في الاردن ومقبل الوادعي الذي يطبع تعليقه التحريضي على الحدث بعنوان (مقتل جميل الرحمن).
كانت هذا بدايات وصول الخلاف الى حد السيف بين التيارات المختلفة التي ستتقاتل قتالا مريرا على خلفيات النفوذ العرقي والقبلي والحزبي (حكمتيار نموذجا).
وسيظل عزام ينفي هذا ويصوره على انه مؤامرة عالمية! من البي بي سي البريطانية والمخابرات الدولية!!
مفهوم الامة الواحدة سيهتز هناك اذ ستبرز الخلافات السنية الشيعية، الوهابية - الحنفية وغيرها.
عزام الذي يقول انهم يعانون من فكي كماشة: الشيوعية والشيعة!
على انه كان قد مدح الثورة (الإسلامية) في ايران.
مفهوم الامة الواحدة التي تصور مآسيها على انها ضد الإسلام ثم يكتشف فيما بعد ان هؤلاء منهم شيعة! ويصل الأمر الى القتال معهم كما حصل في العراق فيما بعد كان الاشكال طرح من ايام افغانستان ولكن كان هناك ميزة تحجب كل هذا:
غياب التأريخ النقدي داخل هذا الجماعات، غياب الانتباه لكل اشكال فكري يصدر للتالي، الاهتمام بالخطابة وتاثيرها الصوتي على مضامينها التي قد تكون مردية!

17

ستؤثر احداث افغانستان في المنطقة العربية، وفلسطين تتصدر القائمة 87 يتحرك الثقل الإخواني هناك ليشارك في الانتفاضة.
ولكن الإخوان عموما يجدون في افغانستان حملا ثقيلا بين عناصرهم وافكارهم.
انهم يريدون المشاركة السياسية الفاعلة، ولا يستقيم امرهم ان تفلت عناصرهم في مناطقهم الى غيرها من المناطق الساخنة.
هنا يبرز دور فاعل ليوسف القرضاوي ومحاولات صده للنافرين عن المشاركة السياسية البرلمانية.
ستعتمد تأصيلاته وتأصيلات سعيد حوى بشكل اكبر من اي كتابات لا تخدم هذا الهدف.
وسيتم التركيز على فلسطين كحالة مهمة في التسويق لهم، انهم هناك يشاركون لا حاجة لجبهات موسعة جانبية تستنزف عناصرهم اما هناك فالعناصر محلية ليست اجنبية.
في تلك الفترة سنجد انفرادا كبيرا للإخوان على صعيد المخيلة الإسلامية.
احداث الجزائر كانت تلقي بظلالها البائسة على المخيلة العامة، والمامرة كانت حلا لرمي اي جريمة تحصل على المخابرات الفرنسية والعالمية.
حزب التحرير يبرر لعناصره الحكاية على انها مؤامرة عالمية شملت عزام وغيره! ليحفظ وجوده امام مد الإخوان.
السلفيون منشغلون في نقد التجربة الافغانية لاستلام صوفي هناك الزعامة، وانتشار القبور والاضرحة ونحو ذلك.
ولمعرفة حجم كسر العظام بين تلك التيارات تجد مقبل الوادعي يرد على القرضاوي ردا يحمل عنوان: (اسكات الكلب العاوي يوسف القرضاوي)، يلمع هنا ايضا اسم ربيع بن المدخلي (إخوان سابقا) في ردودوه على الإخوان.
وكان السوفييت في النزع الاخير الذي سينسحبون بعده من مناطق الصراع ويبرز نظام عالمي جديد تحت راية امريكا وتأتي مشكلة الخليج!
مشكلة يبرز فيها الإخوان كمعارض لسياسة السعودية (يتميزون هنا بمحاولة قطف ثمار شعبية سبقت).
ستجد تذمرا على رموز كابن باز لإجازته استقدام قوات امريكية (الامر الذي سيخالفه فيه الالباني).

18

كان موقف الالباني في تحريم استقدام قوات اجنبية الى السعودية متسقا مع مواقعه النظرية = المثالية الموضوعية (وجود حقائق قبل الواقع مستقلة عن الذات).
ولذا تجد ردوده تتمحور حول النصوص وصحة الاحاديث في عدم الاستعانة بالمشركين.
في حين ان ابن باز اجاز ذلك للضرورة، ويسلم بكل ما قاله الالباني ابتداء لكنه يحتج بالضرورة الواقعية.
والمفترض كان في ردود الالباني مناقشة هذه الضرورة (لكنه بذلك سيبحث في الوقائع الامر الغريب عن المنهج المثالي الموضوعي).
موقف الالباني يخدم موقف الإخوان وقتها (دون اي ارتباط).
لكن الإخوان ينطلقون من مواقع = مثالية ذاتية.
التي تنعكس عليهم في الفكر السياسي براغماتية واضحة.
وبحق مواقفهم في ايام حرب الخليج ستنشر شعبيتهم في محيط عربي (قد مر عليه الخطابات القومية والوطنية / نظرية المؤامرة مستحكمة فيه).
يتحرك ايضا في تلك الفترة سلمان العودة، وعائض القرني، العبيكان، سفر، ناصر العمر وغيرهم في السعودية في اتساق مع الخط الإخواني العام.
وهم من الطلبة الذين اعدهم المنهج الدراسي ايام وفود الإخوان الى السعودية.
مثلا محمد قطب = مشرف على رسالة الدكتوراة والماجستير لسفر.
العودة درس على يد عبد الفتاح ابو غدة فترة وهكذا.
الخطابات الموجهة في تلك الفترة ضد الغرب وامريكا خصوصا تتضخم لدرجة كبيرة (كانوا يملؤون مكان الخطاب السوفييتي المعادي للراسمألية بعد تدهوره).
حزب التحرير يسير في فلك الإخوان السياسي، ونظرية المآمرة تشتعل في كتاباتهم وخطبهم.
هذه المرحلة الذهبية للخلاف (الإخواني - السعودي) بعد علاقة طويلة من المصالح المشتركة.
لكن الإخوان أرادوا قطف رصيد كبير من الشعبية لأحداث افغانستان وورود اسمهم في فلسطين.
بتقزيم اي نفوذ سعودي وبالتالي (سلفي خارج الاطار الإخواني).
فقد تم احتواء عدد كبير من المنتسبين للسلفية داخل الإخوان فترتها.
وبدا لهم امكانية كسر نفوذ الاخرين أو تعجيل انضوائهم تحت راية الإخوان.
انها علاقات متداخلة مادية وفكرية، صراعات على المناطق والمفاهيم والنفوذ السياسي والشعبي، تلك التي تصقل الافكار السياسية داخل الصف الإسلامي.
لا يمكن فهمها بالتعرض لشق واحد فحسب، لا يمكن فهم التيارات السلفية دون تاريخ الإخوان ولا العكس، لا يمكن اعتبار الإسلامي (واقعيا) في كثير من المناطق هو نتاج مدرسة معينة فحسب كأنه ولد خارج التاريخ والبيئة الثقافية والمشاكل الواقعية والفكرية له ولقومه وبيئته.
تلك الاحزاب الكثيرة بمشاكلها وحلولها الارتجالية في كثير من الاحيان هي التي تورث المشاكل التي تركب تعقيدها لمن بعدها.
وبخطاباتها الرنانة تصنع فيهم كليات لا اسس موضوعية لها.
تصقل فيهم نفسية الاستاذية (المدرس الذي سيعلم غيره، بل سيعلم العالم: استاذية العالم!)
تقلص عنده اي امكانية لمراجعة التاريخ والبحث في جزئياته، ذلك الذي يكشف بشرية الرموز العظيمة لتصورها له في لحظات ضعفها وقوتها، زللها وصوابها.
يتبع ان شاء الله.

19

 عقلية (العصبة المؤمنة) التي طرحها سيد، ستحضر لإشكال تال بعد حرب الخليج: ما حكم ابن باز ومن نحا نحوه؟ ستجد اقواما كالمقدسي يكفر النظام ولكن؟ ابن باز ومن معه.
سيحاول كثيرون عدم اخراجه من دائرة الايمان ومن بينهم المقدسي مع اغلاظ القول في حقه. على ان المناطات التي يجعلونها محل اتفاق واجماع متحققة في المفتي بإجازتها. موقفهم من البرلمان كفر وشرك (المقدسي يكفر رؤوس المشاركين) فمن انتخبهم؟
هذا الموضوع يطرح فصاما عميقا سيتجلى فيما بعد بشكل اعمق، ماذا لو استلم (إسلاميون الحكم)؟ هل سيظلون وفق موقفهم الذي يتعامل بمنطقين واحد لغير الإسلامين وآخر للإسلاميين!
الاول كفر وضلال والثاني اجتهد وأخطأ! هذا الفصام ليس فحسب عند التيار المكفر بل حتى المفسق بل المعارض اجمالا في الصف الإسلامي.
اذا وجدت صورة لزعيم عربي مع دبلماسي غربي سيجعلها فضيحة اما العكس فهو مصالح ومفاسد وضرور ورخصة وفي اقصى حال اخطأ مجتهدا!
هذا ما سيلاحظه عبد الله النفيسي مبكرا (الحركة الإسلامية ثغرات في الطريق)، ليقول بأنها تلك عقلية (الداخل مقدّس، والخارج مدنس.
وهذه الاشكالية خاضعة للمعايير العامة، التي جعلت الإسلاميين يسخفون حرب 67 ولكن يمجدون غيرها! مثلا اشتراك الإخوان في 48! علما ان محمد الغزالي يذكر حوادث عن اشتراك عناصر متحمسة غير مدربة كان كثير منها محض أهداف لتصويب العدو، عدم وجود معايير عامة (عالمية) للنصر والهزيمة انما معايير مثالية – وبعضها ذاتي.
حتى يمتد الموضوع للتبرير الكبير لكل ما يوصف بالخطأ (أو نسيانه).
والمثالية الذاتية ستجعل بعض الزعماء (كفارا) ووقت المصالحة (اخوة) ثم كفار وهكذا!
بالنسبة لموضوع التكفير بعضهم يسلكه بطريقة مبطنه، عزام كان يقول احيانا وهو يتحدث عن احدهم: فبهت الذي ظلم نفسه! (وهي في القرآن: الذي كفر).
هذا الاضطراب في المواقف النظرية سيزيد الفوضى في الفكر السياسي بشكل كبير.
هذا يرتبط ايضا في ثغرة عامة وهي الاهتمام بجواز الفعل مثلا دون اعتبار الأصلح، أو التركيز على اعتبار المصلحة (كما نجده في كتابات القرضاوي) دون تحديد ما هي المصلحة في الوقت الحالي! وإلا فقد يتفق الجميع على اعتبار الأصلح، لكن لا يسلمون أن ما يطرح من برنامج معين هو الأصلح أو حتى صالح!
كذا التركيز على النقد الديني، وكمثال على هذا يسبق هذه الفترة، نقد الألباني لجبهة الإنقاذ، يقول أنه قرأ برنامجهم وواضح ان البرنامج كتبه أناس مقتدرون في الشأن السياسي! (البرنامج يشبه كل شيء إلا السياسة عناوين عامة: سنصلح الأمن، الاقتصاد، السياحة... كل شيء ضع قبله سنصلح!).
المهم نقده لهم كان يتمحور في حلق اللحى ولبس لباس الفرنجة! ونحو هذا.
هذا سيجعل كثيرا من التيارات (السلفية) تدور في دوامة الحكم الديني دون معرفة استثمار الواقع احيانا أو حتى خلافات من يوصفون بهذا! وكأن خصومهم لا يتحركون الا من زاوية المبادئ، لا المصالح ولا موازين القوى!
ولك أن تتخيل انك تنقد طبيبا دينيا فحسب! تقول عنه مثلا انه مدخن لا يغض البصر كم سينقص هذا من قدراته الطبية، وفي نفس الوقت تمدح من تقدم للعمل كطبيب دينيا مصل، حافظ، طالب علم شرعي وقد يكون لا يعرف من الطب شيئا!

20

في هذا المنشور الذي أختم به السلسلة، نجد أن أركان الفوضوية قد اكتملت على صعيد الأنماط الذهنية، من التبرير الى الرفض لما هو خارج الدائرة، إلى رفع الخيارات السياسية الى مصاف التعبد، غياب للحس النقدي الذي يعود إلى الجذور التي تراكمت وتعقدت وصدرت الإشكاليات لما بعدها! إلى الألقاب التفخيمية: "المجدد، الإمام، الشهيد " التي صنعت هالة تمنع من النقد، اللهم الجزئي النادر الذي لا يمس المنظومة ككل.
تجد أن المخيلة قد صيغت بشكل عام لتشمل تيارات كثيرة لا يجمعها اسم بل لعلها تكون متخاصمة، لكن الفعل وردة الفعل فيها بنفس الأنساق والأنماط.
تجد من حواجز النقد الحقيقي، الالتفات الى الاسماء والى المراجع المذكورة في ادبياتها والتي قد تكون تبريرا وتغليفا لفكرة اساسية خارجة عن منهج ما ذكر. (وهذا يلفتنا الى النقص الكبير الذي وقع به مؤلفا ما بعد السلفية حيث تعاملا مع السلفية كنمط مغلق له تحققه التاريخي المختلف من عصر لعصر وعادا الى جذور ما يعترف به على انه شرعي كابن تيمية واحمد في حين ان كثيرا من الافكار لا يعترف بمصادرها، فلا يمكن فصل تجربة التيارات السلفية عن الإخوانية عن القومية عن واقع المصالح والخصومات وموازين القوى وما انعكس على الافكار، انه انطلاق من الواقع والعودة الى جذوره لا الافتراض المسبق المثالي الذي ينطلق مثلا من ابن تيمية الى يومنا هذا)!
الكلمة التي قالها الالباني: اقم دولة الإسلام في قلبك تقم على ارضك = تنسب الى البنا وبعضهم ينسبها الى الهضيبي = لم اتحقق من صحة النسبة الا انها تتردد كثيرا في الوسط الإخواني، تمثل مظهرا مهما من مواطن الخلاف بين التيارات.
فالالباني سيتهمه خصومه المنتسبين الى السلفية بانه مرجئة = فصل العمل عن الايمان، وكان لهذه الكلمة اختصار لموضع الخلاف، فهو يرى ان الاولوية للتصفية والتربية بخلافهم هم اذ يرون ان لا تصفية دون العمل على اقامة الدولة والقتال ونحو ذلك، وموضع النقد انك لن تقيم شيئا في الواقع ان اقمته في قلبك انت لن تصلي في قلبك قبل الصلاة بل ينبغي ان تصلي فعليا والا فانت تفصل العمل عن الايمان.
كتابات الالباني ستحارب توجه التكفير بالقانون الوضعي ونحوه = له رسالة (التحذير من فتنة التكفير)، علي الحلبي احد تلاميذه الشهيرين في الاردن سيتعارك طويلا من اللجنة الدائمة للافتاء في السعودية = سيتهمونه بالارجاء! ويرد عليهم ويردون ويرد.
الفكر البرلماني يستشري في الإخوان سيدخل بعضهم الكنيست في اسرائيل، ويكون هذا سببا لانشقاق هناك حركة شمالية واخرى جنوبية.
11 سبتمبر ستفجر الصراع بشكل فظيع بين كل التيارات، ستجد يوسف العييري يرد على سفر الحوالي، ستجد الإخوان يردون على المقاتلين ستجد السلفيين يبرزون في مصر.
فوز حماس في الانتخابات التشريعية = سيكون لحظة قطف شعبية كبيرة لهم في فلسطين بسبب المخيلة العامة التي تعاقب على صقلها القوميون والاشتراكيون والوطنيون والإسلاميون بطبيعة الحال.
وسيكون دفعا كبيرا لشعبية الإخوان، ليقطفوا ثمرته في مصر في الانتخابات الرئاسية.
وهنا تجد كامل الفوضى السياسية (التي تحالف فيها = سلفيون وإخوان... وتنفجر خلافاتهم ومصالحهم في ما بعد) التبرير الكامل = عقلية المدنس والمقدس، والبراغماتية كحل دون أي حلول نظرية، السقطات كنتاج للمثال الذاتية: مثلا: مرسي كان له تصريح بعدم وجود خلاف عقدي مع الاقباط في الاصول اذ لا خلاف عقدي بين المصريين!! ستجده يقود حملة النسر على المقاتلين في سيناء، في وقت كانت تعتبر هذه حربا على الإسلام فترة الحاكم القومي أو الاشتراكي.
صعودهم كان يعني انفجار خلافهم مع السعودية وبالتالي السلفيين، فالسعودية لطالما نظرت اليهم كتحليف تابع لا كند منافس وقد ظهروا كالاخير ايام حرب الخليح الى ايام مرسي.
الإخوان الان في ازمة مع السعودية مما سيجعلهم يحاولون تغيير المنظومة التي تلتقي مع السلفيين في كثير من الافكار بما فيها ابن تيمية! (هذا قد يملأه اليوم عدنان ابراهيم – الاشعرية بصعود نجم سعيد فودة وغيره).
اما كتاب ما بعد السلفية فقد جاء من رحم هذه الخلافات وهو رد طبيعي من مواقع منافسة للسياسة السعودية، على صعيد الافكار ايضا لتملأ رفض تبعية فكرية للسلفيين هناك. بعبارة اخرى انه رد من الوعاء الثقافي للإخوان على حزب النور، واقول الوعاء الثقافي والا فالإخوان كإخوان سيكون خروجهم عن ابن تيمية والسلفيين اكبر من هذا الكتاب بتقديري.

التيار المقاتل قد حسم امره بالانتساب للسلفية وابن تيمية كخروج عام للإخوان عن التيار المقاتل بعد عزام وانحصارهم في فلسطين، وستنفجر الاشكالات القديمة المصدرة من البيعة لتجد من ينصر انها حقيقية ويدفع بالامر الى اخر نتائجه المنطقية = امامخليفة = والتارك عاص والناكث باغ!
تيارات كحزب التحرير بنظري ستنحاز للمعتقدات المخالفة للسلفيين حتما بقطع النظر عن ماهيتها اشعرية معتزلية.
لتبقى الاشكالات التي صدرت وتمثلت في البنا مع زيادة تركيب وتعقيد فرضها الايام والاحداث والصراعات التالية.
هذه مجرد اضاءات.. تفكير بصوت عال لفهم الاشكاليات الواقعية التي حتمت الفوضوية في الفكر السياسي عند التيارات الإسلامية ـ كنظرة عامة وخطوط عامة كتبتها ارتجالا.
وارحب باي نقد...
مودتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق