7.04.2016

الخروج على الحاكم

29 دسمبر 2014

الخروج على الحاكم

موضوع الخروج على الحاكم أو التزام طاعته موضوع حساس في بحثه لكونه مرتبطا بفقه قليلا ما صنف فيه مفردا وهو السياسة الشرعية، وله تعلق بالعقائد من جهة أخرى.
بل الطاعة والخروج لها تعلق بفقه العبادات كحضور الجماعة، وصلاة الجمعة، وأداء الزكاة وغيرها.
وقلة هم الذين بحثوه بانضباط منهجي، والتزام لما يقررونه، فمثلا بعضهم يقول لا طاعة للحاكم ما لم يقم كتاب الله (جهيمان العتيبي) نموذج لهذا، ولكن يرد عليه أن أدنى معصية من الحاكم هي خروج عن حكم الكتاب فاللازم اذن أن يكون الإمام معصوما وهذا طرح الشيعة الإمامية ولا غرابة أن يرفض النتيجة إذ قلة هم الذين لا يتناقضون هنا.
أما شكري مصطفى فنادى بكفر النظام وله تفصيل يقرب من الخوارج كتكفير المصر على كبيرة! وكان الرجل منطقيا الى درجة معينة في هذا اذ هجر المساجد الا الثلاثة، واحسب انه كان لا يعتد بصوم اهل البلد عن طريق الاوقاف اذ قال بكفر حسين الذهبي وامثاله! وتناقضه في شق الصحابة اذ لم يكفر عصاتهم ونحو هذا.
من المتناقضين ايضا (عصام العتيبي) المكنى بالمقدسي اذ كفر النظام بأمور منها عدم تحديد فترة للصلح (الهدنة) وقال ان في هذا تعطيلا لفريضة! في حين انه يملأ كتاباته بنقول غير دقيقة عن ابن تيمية ويعظمه مع ان ابن تيمية يقول بجواز الصلح المطلق! فانظر كيف جمع بين اعتباره القول كفرا والقائل به والمنافح عنه شيخ الإسلام!
وهناك من كفر المتحاكم الى القانون (الوضعي) لمجرد التحاكم، لكنه اجاز ان يتحاكم هو اليه ليصلح من شأنه! ولا ادري كيف اجتمع في ذهنه جعل مناط التكفير التحاكم الى قانون، واخرج نفسه من المسألة لمحض نيته! علما ان المحرم لا تحلله النية كشرب الخمر فكيف بالكفر!
هناك من عنده ميزانان! ان تحاكم غيره قال لنا منهم الظاهر فالشريعة تحكم على الظاهر اجماعا، واما مع جماعته فله مع البواطن والاهداف والنوايا والمقاصد عجائب! على وزن من قال:
ويقبح من سواك الفعل عندي *** وتفعله فيحسن منك ذاكا!
ولهم اختلافات وتفصيلات طويلة امتدت الى حكم المحاماة في البلدان التي تحكم بالقانون هل يجوز تعلمها ام هي حرام ام هي كفر!!
ومنهم من هو منطقي نوعا ما فقال بجواز الدخول في المؤسسة التشريعية لاصلاحها وحرمة الدخول في التنفيذية الا بعد ان تكون القوانين شرعية! وهو قول عبد الله عزام، ولكنه متناقض في حكمه على الداخلين في التنفيذية من فئته وغير فئته فيعذرهم بالاجتهاد اما غيرهم فالنار اولى بهم!

والاشكالية ان هؤلاء ايضا لهم خلافاتهم الداخلية، فمثلا نجد محمد احمد الراشد يعتبر البيعة للمرشد بيعة حقيقية كبيعة الامام، وسعيد حوى يعتبرها مجرد يمين متى اراد الخروج كفر عن يمينه والسلام!
ويرد على الاول ان لازم كلامه اعتبار الخروج من فئته بغي! وللامام قتالهم!
واما الثاني فليست هذه ببيعة اذن!!
على ان في الشق المقابل تناقضات مماثلة فقوم قالوا يجب الطاعة للحاكم ما لم يكفر، اي يستوي الفاسق والعدل في الطاعة! ويرد عليهم ان الحاكم لو حكم بفسقه فان خبره لا يقبل فكيف سيطاع في امر قال عنه هو انه طاعة مع انه فاسق لا يقبل خبره! وهل يستوي هذا مع العدل؟ الذي يقبل خبره.
وفي الواقع لم اجد منهم من تنبه لهذا الفرق مع ان في مجموع الفتاوى لابن تيمية نصا عزيزا ومفاده طاعة العدل تجب ما لم يأمر بمعصية واما غير العدل فلا تجب الا ان كانت طاعة لله!! فهذا فرق قليل من يتنبه له.
فهنا جعل طاعة غير العدل فقط فيما تبين من خارج خبره انه طاعة شرعية (وكيف سيعمل بهذا في عصر دولة المؤسسات الحديثة اذ تنفصل اجزاء الادارة والتنفيذ عن بعضها فلا يعلم مزود الاحداثيات الغرض من فعله، ولا الشرطي الغرض من وقوفه هذا ما يواجه اشكالية كبيرة في التطبيق)!
ثم الذين يوجبون الطاعة لا يجعلونها للجميع! وهذا له بحثه الواقعي في مقالاتهم!
وحتى هؤلاء الموجبين للطاعة فعلى درجات فقسم يمدح الحاكم على أنه ناصر الدين، وبعضهم يتولى المناصب السيادية وبعضهم ينفر عن هذا، ولربما يحدثك عن كتاب السيوطي (ما رواه الاساطين في تحريم المجئ الى السلاطين) أو الدخول على السلاطين!
والامر يطول الكلام فيه انما هذه إشارات فحسب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق