7.04.2016

في بحر قريب

2012فبراير

في بحر قريب


في بحر قريب كانت سفينة تحمل عمالًا ومثقفين وساسة وأغنياء وجنود، فيها المعتقد بدين وفيها الملحد، في المتدينين المسلم والنصراني والبوذي وفي كل فئة فئات وفرق، وفي الملحدين الماركسي والمتشكك والرأسمالي وغير ذلك...
منهم من يقصد التعلم ومنهم الوظيفة وآخرون العمل وهناك من يقصد الحج للكعبة، وآخرون يريدون زيارة كربلاء، هناك من يريد كنيسة المهد والقيامة، وآخرون ينوون زيارة الينابيع المقدسة بنظرهم!.
مضت السفينة تشق عباب البحر حتى صدمت بصخرة!
وبدأ شريط " التايتنك " يعرض في أذهان سكان السفينة...
تحطمت السفينة لكن بنهاية مختلفة! إذ وجدوا جزيرة قريبة وصلوا إلى شاطئها بشق الأنفس، بدأوا باستكشاف موطنهم الجديد، هو موطن عامر بالخيرات، بالشجر والحجر والحيوانات..
أعان بعضهم بعضها للوصول إليها وابدأوا بالإعداد لأيامهم القادمة...
وبعد أن جرت الأيام بعضها وشكلت شهورًا، بحث بعض المتدينين إقامة حكم يوافق معتقدهم، ورأوا أن غيرهم على ضلال وأن سبب الغرق كان كفر من في السفينة وضلالهم، وبحث بعض الملحدين الأمر فوجدوا أن التوكل المفرط عند المتدينين هو " لا مبالاة " بالأسباب لذا لم يتصرفوا جيدا حال صدم السفينة سوى بصلاتهم ودعائهم!
بدأ كل من الفئات يحشد لفكرته، فخرج بعض سكان الجزيرة ليقول: لابد من تدارك الأمر وتحديد اتفاق بيننا، وإلا ذبح بعضنا بعضا قبل أن نخرج من الجزيرة، ولعل الغابات أرحم من حكم بني البشر في بعضهم، جلسوا مع بعضهم وقالوا يجب أن تكفل حقوق الجميع الملحد والمعتقد بدين!
وبدأوا بالتشاور، فسمعهم من حولهم، وبدأوا يتحلقون وقطع الهمس صوت أحد المتدينين يقول: هذا الإتفاق مرفوض لأنه يخالف منهجي! وقال ملحد هذا الإتفاق يلغي العقل الحر، قال أحد العمال هذا ما خشيناه قديما وهو أن تضيع حقوقنا باتفاق رأسمالي!
علت أحد الرأسماليين سفعة غضب لهذا وقال له: بل خشيت أن يذهب مالي للمتكاسلين أمثالك!!
احتد النقاش! وطال النزاع فخرج حكيم أبيض اللحية من بين الجموع، وقف قائلا: اتعلمون مالذي نبحث فيه؟
نحن لا نبحث بفكر فلسفي ولا ديني، لا نبحث في الصواب والخطأ، ولا نبحث في الإيمان والكفر، نحن أقصى ما نبحثه حقن الدماء!
نعم هي هدنة بلغة أخرى بين أفراد السفينة، لا يجمعنا شيء وأعترف بهذا، لكن ما رأيكم أن يكون صراعنا بعيدا عن الدماء؟ هذا منطلق بحثي لا أكثر، لو حاورت فلسفاتكم لعلي أبزكم في الحجة، لكن باطلكم بنظري لا يعني إلغاء شخوصكم، فالإنسان قيمة لا تتغير وأفكاري وإياكم لعلها تتغير!!
ما نجلس له هو إدارة حرب بطريقة الشطرنج لا تجسيد الشطرنج كواقع! وإلا فلتسخر الفيلة ولتضرب المربعات البيضاء والسوداء دون تفريق!
ما ادعوكم اليه هو أن نتحارب سويا دون سفك للدماء هذا رأيي فما هو رأيكم؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق