7.04.2016

قال الكاهن

26 اغشت 2014

قال الكاهن1

وقال الكاهن في بلاد الياما البعيدة:
كل التاريخ مكذوب! من حدثكم أن اليابان هزمت في الحرب العالمية الثانية فقد كذب! صحيح وقعت اليابان اتفاقا لكنه إنجاز كبير، فأوله وقف العدوان الأمريكي ثم السماح بإعمار اليابان وإدخال المساعدات الإنسانية.
فاعترض أحد رجال القرية! فأمر بسحله كونه من المتأمريكين الياما.
وشرح لهم الكاهن مبررات حكمه، وقال بأن هذا الرجل يعتمد على ما سمع وعقل! ولو أخذ الناس بمثل منهجه لانهار اللاهوت!
أليس اللاهوت يبدأ حين يتوقف الناس عن التفكير وعن الإحساس!
أليس الإيمان هو التسليم المطلق لله! ومن يعرف الله منكم دون خواص الناس الذين تسمونهم الكهنة!
فتكذيب الكاهن رفض لمصدر إيمانكم! حتى ولو في قضية سياسية أو تاريخية!
ثم بماذا يفسر هذا الرجل المهرطق ازدهار اليابان لو كانوا فعلا قد هزموا!
أيها السادة لا تقولوا ضربت اليابان بالقنابل الذرية وغير هذا من كلام المرجفين! ولا تخبرني عن الأموات لأقول: ألم يقم المسيح من بين الأموات؟!!
ايا شعب الياما الذي لم يخلق مثله إلى اليوم! واستضرد الكاهن فتغزل بالشعب كما يتغزل الفاسق بمفاتن امرأة!
لتعطيه بعدها ما يريد وأعز ما تملك!
نعم أعطاه الشعب عقله وقلبه وصاحوا انتصر اليابان، صاح بعضهم يعيش الإمبراطور!!
قالت عجوز من الحاضرين: ليس اليابان وحدها من انتصرت بل الياما! وأعلنت لكلمتها المباهج بالانتصارات!
خرج خطيب وقال: انتصارات كبيرة قضينا على الخوف والحزن وهذا اكبر انتصار قضينا على الشعور! لم يعد بيننا عقلانيون! كلنا فدى اليابان والكاهن والياما، ونحن حاليا نحكم العالم!!
وفي الزقاق وقف طفل مندهشا من حفلة الياما! لقد أسكرهم الكاهن دون مسكر! إنها معجزة!!
فتح الإنجيل ليقرأ عله يقف على إشارة وبشارة لهذا النصر الكبير!
وقرأ: ماذا تربح إن كسبت العالم وخسرت نفسك!!

....................

28 غشت 2014

قال الكاهن2


ولما قال الكاهن: انتصرنا، سأله أحد الرجال من شعب الياما العظيم، أين النصر؟
فأجابه بأن النصر جوهر أم عرض، إن قيل جوهر فالجوهر غير مرئي وإلا لأدرك الجواهر من ليسوا فلاسفة من البلهاء الذين يكفيهم أن يملكوا عينين بل إن عينا واحدة حينئذ تفي بالغرض إذن! وإن قيل عرض فالعرض قائم بالجوهر، والعرض يزول ونصرنا لا يزول!
ألم يقل راهبكم: أنتم النصر والنصر أنتم؟
ألم يقل شاعركم:
لا يزول نصر الياما ولو زالت الدنيا!
قال الرجل: فما هو النصر إذن الذي تكلمنا عنه؟
قال الكاهن: أليس النصر هو روح الشعب!؟
فقال الرجل نعم، قال الكاهن: وأين هي الروح منك هل هي في رأسك أم رجلك؟ إن قيل في جزء منك كانت متحيزة وتكون قد وصفتها حينئذ بوصف الجسم!! ولكن الروح غير الجسم!
بل الروح لا في الجسم ولا خارج الجسم غير متحيزة! ولكنها موجودة!!
ولما كان النصر روح لشعب الياما العظيم فليس متحيزا لا فيه ولا خارجا عنه بل هو غير مرئي ولا محسوس ولا يمكن الإحساس به!
ثم نظر الكاهن لمن حوله وقال: هناك قوم لا يؤمنون إلا بالمادة! وينكرون الله! هم من يشككون بنصركم أيها الشعب العظيم!
إن الاعتماد على المشاهدة والحس باطل عظيم يوازي عظمتكم!
وإلا تفكروا معي، ألستم أعظم الشعوب؟
صرخ الياما كلهم نعم!
قال: فما هي العظمة إذن؟ هل أنتم أطول وأعرض من غيركم؟! قالوا: لا، قال: أصبتم، فنحن نشاهد غيركم ممن داسته أقدام عظمتكم بنفس الطول والعرض.
أيها السادة إن عظمتكم ونصركم كامن في روحكم! تلك التي لا يقال هي جسم، إنها خلاف صفات الجسم المحدود الذي قد يساوي غيره من الأجسام بل الجبل الذي نسكنه أعظم جسما منكم!
لكنكم أعظم من كل الجبال بروحكم! غير المتحيزة لا هنا ولا هناك، ولذا لما نقول أنتم عظماء يكون باطلا أن يسألني مسفسط: أين العظمة؟، إذ الأين ظرف لمكان والمكان خاص بالأجسام، لا الروح والعظمة والنصر.
ألا ترون حججي كالمطرقة تدك شبهات كل مرجف رعديد، يشكون في نصركم اليوم ثم بعدها عظمتكم وكنيستكم وإلهكم! ولمصلحة من كل هذا؟! إنها مصلحة أعداء الياما.
هتف الشعب بجنون مشتعل، يحيا الكاهن! وبعضهم يصفق وآخر يصيح بالهتاف بصوت مفترس! فليسقط أعداء الياما!
ولوح آخر بمنجله: سنحصد أعداء النصر!
تراجع الرجل السائل مختفيا بين الجموع، وهو يسمع الصرخات والهتاف، ويرن في أذنيه قول بعضهم: لا صوت يعلو ففوق صوت الكاهن!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق