7.04.2016

الفلسفة والعقائد!

28 يونيو 2015

الفلسفة والعقائد!


عادة ما يتم الهجوم على خلط الفلسفة بالعقيدة، وتصوير الأمر بأننا لا نحتاج أبدا إلى فلسفة! فالنصوص واضحة وما عليك إلا الرجوع لها، قد يكون مبعث هذا الهلع من اسم فلسفة التاريخ الطويل في الصراع معها وما لبصمة الغزالي من أثر (تهافت الفلاسفة).
لكن أي مطالع يعرف الفرق بين ابن تيمية وما طرحه في العقائد، وبين أي محدث آخر يتمتم بمقولة مالك (الإستواء غير مجهول والكيف غير معقول)..
ابن تيمية تميز بأمر مختلف، وفيه فلسفة حاضرة، لكن ما هو الذي يطرحه منهج ابن تيمية الذي لم يهضمه الذهبي مثلا (كان متحسسا من كل لفظ لم يرد عن السلف وصرح بأن ابن تيمية تجاسر على ألفاظ لم يطلقها من سبق)؟
وما الحاجة إليه، دور الفلسفة التي يطرحها ابن تيمية له شقان: 1 - تحطيم بقايا الفلسفات الدخيلة في المخيلة العامة حتى عند من صارح طويلا بأنه من أتباع السلف 2 – تحديد معاني النصوص بقالب فلسفي يبعد أي احتمال للإلتقاء مع أي فلسفة دخيلة.
إننا هنا أمام تفكيك للقديم، وتأسيس لصرح فلسفي عام، لماذا؟
باحتصار لأن الفكر لا يعرف الفراغ، فمهما صرح بأنه يتبع النصوص فإن بعد العصر وخضوعه لأنظمة خطابية متنوعة دون أن يزاحمها بنظام فلسفي يفككها ويكون ندا لها يعني أنه سيكون خاضعا لها.
ثم للدراسة الفلسفية التاريخية = دحر للدخيل من الفلسفات المقحمة في إطار التأويل = مثلا نحن نعلم بأن نظرية المحرك الذي لا يتحرك كانت قد تبلورت في كتابات ارسطو هذا ما سيجعل زجها في بيئة مختلفة دون منهج علمي عملية اعتباطية!
عملية البناء الفلسفي تبقى حية وحاضرة عند كل طرح عقدي، باختصار لمنع احتواء ذلك الطرح داخل إطار فلسفي دخيل أو تلفيقي، كما أنه يبين أثر العقائد في جوانب الفكر والبحث ومنهج التحليل بل ومنهج التفكير كذلك، فلما طرح ابن تيمية صرحه الفلسفي كان يحرر الوعي من الخضوع لمنهجية المنطق الكلاسيكي القديم الذي ساد طويلا، والذي يتحسر هوكنج على سيطرته على الفكر الأوربي 2000 سنة! ماذا لو تم الخروج عن منهجية أرسطو قبل ذلك بكثير في عهد ابن تيمية كما نادى هو!؟
هذا الشق (الفلسفي) لا يقال شبه غائب عند كثير من التيارات الحركية التي تبنت ابن تيمية اسمها وشعارا! بل هو محارب منها، باسم عداء الفلسفة! وفي الواقع هم كمن يخضع لمنهج كلامي معين ثم يقول يحرم علم الكلام! وهذا يظهر ان تبني ابن تيمية في الواقع ليس الا اضفاء شرعية منه عليها بحكم سمعته واسمه ورصانة ما كتب، لا عملية اتباع معرفي نظري اذ المعرفة النظرية أبعد ما تكون عن تلك التيارات إنما توجد حالة تبرير لحالة عملية براغماتية فحسب.
مودتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق