10.23.2016

مآخذ على الشيعة الإمامية

حلقة جديدة من برنامج مراجعات بعنوان:

مآخذ على الشيعة الإمامية

رابط الحلقة على مجموعة "عقلانيون" في الفيس:  
 يوسف سمرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، احييكم جميعا، اخي عبد الدايم، وجميع الاخوة المتابعين، والمشاركين ونظرا لغياب المحاور، فسيرتب أخونا عبد الدايم اللقاء، ويفتح الفرصة لمشاركات من أحب من الإخوة.
أي فكرة سواء وافقتها أو خالفتها يفترض بك أن تتصورها بشكل جيد، وتطالع الكتب فيها، وتقدم الاطلاع عليها في كتب أصحابها، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ونحن في زمن طفرة المعلومات، ونشر الكتابات والأفكار من دور النشر إلى الشبكات العنكبوتية، ولذا كنت دوما أشجع على تدريس مقالات الشيعة الإمامية في الجامعات العربية، تدريسًا نقديًا بحثيًا ليستفيد الطالب منه، مما ينعكس على تصوراتنا وتحليلاتنا حتى خياراتنا السياسية والاجتماعية.
أي فكرة مهما تم نقدها فهذا لا يبرر بحال ظلم حاملها، كما لا يبرر الانتصار لأي فكرة التحيز لقائلها حتى ولو ظلم.
بالنسبة للشيعة فهي طوائف كثر ومقالات عديدة، من أهم المصادر التي استعرضتها كتاب (فرق الشيعة) للنوبتختي وهو "من كبار أهل عصره في التشيع"، هذا المذهب يرى أن النص على علي بن أبي طالب في الإمامة، وبالتالي فالخلافة عنده يعرف صاحبها بالنص وعلى هذا دار خلافه ليس مع أهل السنة فقط بل مع الفرق الأخرى.
ومن تم النص عليه سيحصل في هذا خلافات كبيرة بعد عدة أئمة يتفق عليهم الشيعة، ويطلعنا النوبختي انقسام الإمامية وحدها بعد موت الإمام الحادي عشر عندهم (حسن العسكري) إلى 15 فرقة! كل له رأيه في تحديد من هو الإمام الذي يعقبه.
كتب الفرق والمقالات تطلعنا على آراء متعددة للشيعة في بداية عهدها في مواضيع الصفات والأسماء، ونسبوا إلى هشام بن الحكم القول بالتشبيه والتجسيم.. إلخ، وهذا لا يهمنا كثيرًا هنا في تحقيق مقالته بقدر معرفة تطور مقالات الشيعة الإمامية في هذا الموضوع؛ فبعد ظهور المعتزلة على الساحة وتفننهم بمقالاتهم حصل تأثر كبير بهم في الشيعة الإمامية والشيعة الزيدية وتحديدًا في القرن الثاني والثالث الهجري حتى يسعنا القول إن جوهر المعتزلة كمقالات يعيش اليوم في هاتين الفرقتين تحديدًا.
المعتزلة كانت حركة نخبوية نوعًا ما، تنتسب إلى العقل، أما الشيعة فكانت حركة شعبية بمعنى خطاباتها سهلة بمتناول العامة، وبعد ضمور مذهب المعتزلة؛ تم احتواؤه بالمذهب الشيعي، وكأنها محاولة لتعويض المعتزلة عن فقدان الجماهير، وفقدان الشيعة للمقالات العقلية المتسقة (إلى درجة ما).
بالنسبة لمبررات وجود المذهب، كان الأمر يدور على الإمامة، ثم بعد دخول المعتزلة على الخط كمقالات؛ صار المذهب الشيعي يبدأ خلافه مع باقي الفرق بالتوحيد ويقصدون به توحيد المعتزلة حذو القذة بالقذة.
ونفس ردود المعتزلة تم تكرارها مرارًا على أهل السنة في هذا الجانب. 
ومن هنا كان ينظر إليهم (كعالة) على الفرق والمتكلمين، حيث إنهم يكررون كلام غيرهم دون أن يكون خاصًا بهم، مثلًا لو أفحم جدلًا شيعي أشعريًا في التوحيد قصارى الأمر أن الأشعري سيصير معتزليًا، فليس محتما أن يصير إماميا!
وهذا يظهر إشكالية التناسق في المذهب بين ما تمَّ إدخاله أو استيراده من المعتزلة وما حوته الشيعة من تركة ميزتها عن غيرها.
لكن المعتزلة على الأقل كأفكار ستكبح جماح بعض الأفكار المتطرفة التي حوتها روايات الشيعة، فمثلا توجد روايات كثيرة في مذهب الشيعة عن تحريف القرآن، كنتيجة منطقية لفكرتهم أن علي بن أبي طالب تم النص عليه من الرسول صلى الله عليه واله وسلم، ثم تنكر بنظرهم جمهور الصحابة لهذا النص، وبالتالي فما الضامن لصحة نقل هذا الجمهور للقرآن نفسه.
ومن هنا تجد مجلدًا في بحار الأنوار للمجلسي يذكر فيه روايات التحريف مثلا يروون أن عليا كان يقرأ قوله تعالى (والعصر إن الإنسان لفي خسر) "وإنه فيه إلى آخر الدهر" ! 
ولكن المعتزلة ستخفف من غلواء هذا عند قوم عرفوا بالأصوليين (وهم متأثرون بالمعتزلة) ليقولوا إن هذه روايات آحاد لا يؤخذ بها في العقائد فالعقائد لا يؤخذ بها إلا بالمتواتر القطعي، والآحاد ظني كما هي قاعدة المعتزلة المعروفة.
لكن تبقى المشاكل هي هي. إذ يقول المجلسي في كتاب آخر (مرآة العقول) أن هذه الرويات متواترة عندهم !
قد يقال هنا: لكن لنفرض أن علي بن أبي طالب قرأ الآية كما يروون عنه أو غيرها من الآيات؛ أليس هو بشر يجوز عليه النسيان والسهو، وبالتالي يمكن أن تحمل قراءته على أنها شاذة مقارنة بالصحابة الذين يخالفون قراءته!؟
هذا سهل على مذهب أهل السنة، إذ لا يجعلون العصمة لواحد بعد الرسول صلى الله عليه واله وسلم، لكن على مذهب الشيعة هو صعب، وبيانه بالتالي: 
الشيعة لبيان مبررات النص على علي كان يجب أن يبينوا ما السبب الذي حتم أن يكون إمامًا ولو كان إمامًا ما الذي تميز به عن غيره؟! خصوصًا كما نعلم أنهم تأثروا بالمعتزلة وهم قائلون بأن العقل يحسن ويقبح..
ومن هنا كان يجب أن يقولوا بأن علي بن أبي طالب كان مختلفا عن غيره، ولذا كان النص حتميًا عليه من باب العدل والحكمة الإلهية..
وهنا يظهر تطور الأفكار الإمامية شيئا فشيئًا.
مثلا يطلعنا جعفر السبحاني (شيعي معاصر) في كتابه (كليات في علم الرجال) على قوانين تصحيح وتضعيف الرواة عبر العصور عند الشيعة الإمامية، فنجد مثلا ابن الغضائري يضعف رواة كثيرين تم تصحيح رواياتهم فيما بعد. لماذا؟
يقول لأن قدماء قم، وغيرهم من الشيعة كهذا الرجل كانوا يعتبرون أن من يقول بأن علي معصومًا عن الخطأ والسهو من أهل (الغلو) ولكن يعاجلنا السبحاني ليقول ما كان يعتبر غلوًا في مذهب الإمامية أصبح (من ضروريات المذهب)!!!
يعني كانوا يعتبرون أن عليا غير معصوم عن السهو ثم صار من الضروري في المذهب أن تعتقد بعصمته، التي يتركب عليها فيما بعد أنه الإمام الأوحد بعد الرسول صلى الله عليه واله وسلم.
فمذهب الشيعة اليوم يقع في مشكلة في هذه الناحية، إثبات العصمة عن السهو حتى! على وجود خلاف سابق هم من حكاه عن متقدميهم لهم في هذا، وروايات التحريف إذ لن يمكن حملها على السهو وقتئذ، فبقي إما أن تكون آحادا ويخرجونها على مذهب المعتزلة، أو لا يجدون مشكلة ليقولوا بالتحريف بشكل صارخ.
المذهب بقي يتطور، وكانت خلافاتهم مع أهل السنة أن أهل السنة يسلمون بعدم عصمة الإمام الذي يبايعونه، وأنه يمكن اختياره، لكن الشيعة يجب أن يكون منصوصًا عليه، ويبررون هذا بحاجة إلى من يقوم مقام النبي صلى الله عليه واله وسلم، ليجيب عن الأسئلة بطريقة لا تحتمل الخطأ بل العصمة رائدها.
وبقي الأمر يتسلسل مع زعمهم هذا حتى مات الإمام الحادي عشر حسن العسكري، والمفاجأة أن عمه ادعى أنه الإمام بعده! إذ لم يكن لحسن العسكري أي غلام! والفكرة الإمامية أن الإمام يكون من نسل من سبقه لا أن تذهب الأمر إلى العمومة وإلا فتح هذا باب (العباس) عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم !
فما العمل؟
تطلعنا الروايات التي يذكرونها أن حسن العسكري هذا كان له جارية اسمها نرجس، وأن الخليفة وقتها أمر بحبس نرجس مع نساء بيته فترة طويلة من الزمن ليتأكد أنها ليست حبلى من حسن العسكري.. وبالفعل تم احتجازها لمدة عامين وتم توزيع ميراث حسن العسكري دون اعتبار أي ذرية من الذكور له.
وهنا كان التفرق مهولا في الإمامية كما سبق أن ذكرت عن النوبختي، هنا يتم سرد حكاية يطيل فيها الصدر في كتابه (تاريخ الغيبة الصغرى) وهو مجلد ضخم قريب من 1000 صفحة، يتحدث عن ابن مفترض لحسن العسكري الإمام 11، وهو محمد حسن العسكري !
يقول الصدر (وهو والد مقتدى الصدر اليوم) بأن محمد هذا ولد وهو موجود، لكن كيف ولد وحسن العسكري وزع ميراثه على أساس عدم وجود ذكور في ذريته! يقول لأن أمه نرجس حملت فيه وولدته في ليلة واحدة !!
حسن لنفرض هذا لكن كيف لم يكشفها أحد، أو ينتبه أحد لوجود هذا الغلام!؟
قال لقد ولد في عمر يقارب 5 سنوات !!ثم تخفى، وغاب حتى لا يتم قتله من السلطة.
فتم تركيب هذه القصة لتجاوز الاعتراضات، وكلها لإنقاذ الفكرة الشيعية المثالية بأن كل إمام من ذرية من سبقه.
ولما غاب هذا الأخير كانوا سيقولون هو المهدي.
المهم يغيب هذا المهدي فترة طويلة، ولكن كيف يتم التواصل معه؟
هنا جاء عهد السفارة، وجد أشخاص زعموا أنهم سفراء هذا الإمام الغائب! وكانوا يجيبون عن أسئلة الناس ويقولون أنها مرسلة من المهدي هذا.4  سفراء على التوالي في المذهب الإمامي لهذا الغائب.
الغريب في الأمر أن هذا الغائب حصلت في عهده أحداث كبرى لكن لم يوجد في كل تراثه المنسوب إليه أي كلمة حتى في استنكارها، مثلا تم اجتياح مكة من القرامطة، وذبحوا الحجيج وأخذوا الحجر الأسود، والروايات المنسوبة إليه لم تعلق بكلمة على هذا الحدث ولو باستنكار مرة واحدة !
المهم بعد الأربعة وجد كمية هائلة من الأشخاص الذين زعموا أنهم سفراء الإمام الغائب هذا !
فما الذي سوف يفعله المذهب لوقف ادعاء السفارة؟ كان من السفراء مثلا حسين بن منصور الحلاج! ولذا وافقوا أهل السنة على قتله على أساس أنه زنديق حتى ينقذوا مذهبهم من هذا الرجل الذي زعم أنه سفير الإمام الغائب !
هنا قالوا لقد غاب الآن غيبة كبرى! سيعود آخر الزمان.. حتى يتم وقف تسلسل السفراء.
وهنا تبرز مشكلة كبرى على المذهب الشيعي الإمامي لا تزال آثارها إلى اليوم: مسألة الخمس !
يقول تعالى: (واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذوي القربى...) الآية، هذه الآية قال الشيعة أنها لقرابة الرسول يعطون الخمس، ولم يخصوا ذلك بغنيمة الحرب.
حسن، يمضي الأمر مع إمام موجود تقول هذا يستحق الخمس، لكن ماذا سوف نفعل والإمام غاب كما تقولون غيبة كبرى؟
ثم هذا الإمام الذي خالفتم من أجله فرق المسلمين، يفترض أن يبين لنا على الأقل قبل أن يغيب ماذا يجب أن يفعل الناس بالخمس! أين سيضعونه؟
يطلعنا الطوسي (وهو شيخ الطائفة)، بل الشيعة الإمامية إن قالوا (الشيخان) يقصدون بهما (الطوسي والمفيد)، هذا الرجل الطوسي له كتاب (المجرد في الفقه) يقول: لا يوجد أي رواية لحل مشكلة الخمس !
ومن هنا بدأ فقهاؤهم يجتهدون في كيفية صرف هذا لذوي القربى ويقصدون به الإمام الغائب الآن.
فاختلفوا على أقوال تجدها في كتابه المذكور:
1.   أن تدفن هذه الأموال في الأرض ولما يخرج المهدي ستخرج الأرض كنوزها له !
2.   أن يجمعها المرء في بيته، ثم يوصي بها لأبنائه، وتتسلسل الحكاية إلى أن يلحق واحد من ذريته بالمهدي هذا، لما يخرج، ثم يعطيه كل الأموال السابقة
3.   أن يودعها عند من يثق بدينه وأمانته (ومن هنا بدأ دور المرجعيات الشيعية يشكل نفوذا سياسيا واجتماعيا قويا فيهم) إلى أن يظهر الإمام يعطونها إليه.
ويظهر أن الأمر استقر بعد تسلسل على القول الثالث مع بعض التعديلات في موضوع هل يجوز استعمال هذه الأموال مثلا لنشر المذهب والإنفاق على طلابه ومصالحه وحاجاته إلخ 
وستنشأ في المذهب ثغرة فلسفية كبرى:
الإمام علي كان يمكن أن تقول منصوص عليه فهو موجود، والناس تستطيع مبايعته، فما العمل الآن !
هذه الفكرة كانت مشكلة فقهية في المذهب، فكيف يجوز الغزو والجهاد، وإقامة الحدود إلخ مع عدم وجود الإمام!
ظلت هذه المشكلة قائمة في المذهب الشيعي حتى جاء الخميني، الذي كان تأثر ببعض الأفكار الحركية المتأثرة بأفكار الثورة الاشتراكية الخ مع صيغة دينية نوعا ما للأمر، ليرى ثورة المستضعفين أمام المستكبرين، ويحل المسألة بكتابه (الحكومة الإسلامية).
فكرة الخميني بسيطة: تقول الإمام بما أنه غائب لم ينص على من سيخلفه بعد السفراء ال4، إذن نستشير من ينوب عنه فترة غيابه من الفقهاء والعلماء، فقد (صح) عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن الأنبياء لم يوثروا درهما ولا دينارًا إنما ورثوا العلم، والعلماء ورثة الأنبياء.
فمن يرث الأئمة هم العلماء، أي علماء المذهب، وبالتالي فيختارون من يتولى الأمر إلى ظهور الإمام الغائب، ومن هنا ظهر مصطلح (ولاية الفقه) فالفقيه يتولى الأمور مكان الإمام الغائب.
الثغرة الفلسفية هنا: إذن عدتم لحل أهل السنة من قبل وهو الشورى!
كنتم ترفضون الأمر بحجة أن الأمة بحاجة لإمام معصوم ويجب النص عليه، الآن الإمام هذا غاب فمن نص هو عليه بعد غيابه = لا أحد !
إذن ما العمل شورى.. هذا مستورد عن السنة في تفكيرهم في الخلافة بعد الرسول.. فلماذا كل هذه اللفة الطويلة، أن تنتظر أكثر من ألف سنة حتى تقول نعود إلى الشورى! الثورة الإيرانية استلمت الحكم عام 1979 م.
نأتي لمشكلة الروايات الحديثية عند المذهب الشيعي وهي معضلة كبرى عندهم، فيطلعنا عبد الكريم الفضلي (المدرس في الحوزة العلمية في النجف) في كتابه (علم الحديث) على أن أول كتاب لهم في علم الحديث كان في القرن العاشر هجريًا !!بلغة أخرى أول أمس !!
لماذا هذا الأمر.. يفسرون الأمر بأن أئمتهم كانوا يتسلسلون فليسوا كأهل السنة اكتمل الأمر معهم عند وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم، بل هؤلاء عندهم أئمة يحملون الدين وتأخر التصنيف بزعمهم في علومه بسبب هذه !
وهذا جواب مماحك فحسب، فكما نعلم أنهم يروون قبل التصنيف في علم الحديث الذي يمثل المنهجية في القبول والرد للأخبار، فكانوا يروون قبل أن يكتبوا أي منهجية، فالسؤال: ما المنهجية الاولى للقبول والرد؟ هذه ثغرة كبيرة في مذهبهم.
نأتي لكتاب علوم الحديث للفضلي الذي زعم أنه في علم الحديث، الكتاب ليس في علم الحديث ومذهبهم يمثل حالة من البؤس المعرفي تماما في هذا الجانب.
فيقول عبد الكريم الفضلي أن عندهم قاعدة الجبر والكسر! ما هذه القاعدة ؟
يقول إن كان الحديث ضعيفا وتقول به الإمامية فهو مجبور ويصير صحيحًا.
وإن لم تقل به فيكسر ويصير ضعيفا وان كان سنده صحيح.
هذا بالمختصر معناه (عنزة ولو طارت) أي لا يوجد قواعد موضوعية للقبول والرد عندهم !
بل كلامهم لمحض كونه كلامهم صحيح !
أما بحوث مثل التدليس والعنعنة واشتراط التحديث للمدلس، فضلا عن علل الحديث وغير ذلك من العلوم لا يوجد شيء من هذا في كتابه المذكور، وما فيه مستل بشكل عام من كتب أهل السنة !
فالشيعة عالة على غيرها من الفرق، كما أنها ارتجالية في تصميم مذهبها ولذا يحمل في باطنه كل التشظي وعدم الاتساق، وبالتالي فهو مذهب مجمع مركب من كل قطر شيء !
أما في الفقه، فكتب العاملي المسمى عندهم (بالشهيد الأول) كتابه: اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية، وذكر فيه أن الميت إن كان مؤمنا يصلى عليه 5 ركعات ويدعى له فيها، وإن كان (منافقا) فيصلى عليه 4 ركعات، ويلعن فيها !!
هذا يريك أي مذهب هذا، أن تصلي على إنسان ميت وتلعنه، من هذا المنافق؟
هو الذي ليس مؤمنا إن علمت أن أركان الإيمان عندهم تشمل الإمامة، فمن لم يؤمن بولاية علي كما يصورونها، فهو منافق يلعن في الصلاة عليه، فهم أمام الناس يصلون على الميت، ولكن في كتبهم هذه يلعنونه !
وبقيت متحرجًا أن أستنبط هذا بنفسي، فاتصلت ببعض سكان النجف ممن هم طلبة المذهب هناك، وسألتهم: كم تصلون على أهل السنة قال: 4 ركعات مثل ما هو مذهبهم، قلت وعلى ميتكم؟ قال: 5، فأظهرت له كلام العاملي هذا فارتبك جدا، وقال: لا، المنافق هو الناصبي! وليس السني، وهذا مجرد تلاعب بالعبارات وفرار من مذهبهم ليظهروه على العلن.
والكتب التي سميتها مرفوعة على الشبكة يمكن لأي إنسان أن يتحقق مما نسبته إليهم، ويقدر على تنزيلها من مواقعهم هم كمكتبة نرجس (وهذا الاسم كما سبق هو للأم المفترضة لمحمد حسن العسكري) الذي يسمونه صاحب الزمان إلخ.
ويقولون الإمام المهدي (عج) ومعناها (عجل الله فرجه الشريف) وهذا أيضا من بقايا التطور في المذهب، فالمذهب فيه روايات تقول أن من سمى الإمام فقد كفر !
ولما جاء الصدر، قال هذا فترة العباسيين إذ كانوا ضد آل البيت (بنظره)، فمن باب (الاحتياطات الأمنية لم يكونوا يسمونه) فكانوا يقولون صاحب الزمان أو الإمام أو القائم إلخ..
حسن، ذهب العباسيون، فلا يوجد تضييق كما يفترض على المهدي هذا، فأين هو، يقول الصدر: إنه يجوب الأرض، ويقد يظهر لبعض الناس (وهذه لوحدها تفتح باب السفراء المكذوبين) !!
وكتجربة يمكنك أن تضيف أي شيعي وتقول له أنا المهدي وقتها سيكفرك! إن كان متدينًا مع أنه يجوز أن يقابل المهدي أي شخص !
الصدر يقول لنا إن المهدي وإن كان دخل سردابا فقط فترة للاختباء فيه، وبعدها خرج ويجوب الأرض اليوم (كما في كتابه الضخم الغيبة الصغرى)، حسن.. لماذا لا يذهب طالبا اللجوء إلى دولة أوربية مثلا؟! طبعا هذه الأسئلة قد يعتبرها الشيعي كفرا أو استهزاءً مع أنها مجرد استفسارات حقيقية على مذهبه، وهذا أمر يفترض أن يكون واسع الصدر له..
أما عمر المهدي فهو الآن يفوق الألف سنة كما يزعمون وهو حي يجوب القفار.
وابن الصدر هذا هو مقتدى مؤسس جيش المهدي، وهو مليشيا تقدر اليوم بـ 60 ألف مقاتل، يمهدون بنظرهم لظهور المهدي !
وإذا كان المهدي خروجه من علامات الساعة فما المعنى من الطلب (عجل الله فرجه)! من يضيق عليه! ذهب العباسيون أصلًا، وها هي إيران وغيرها أضحت قوة لا يستهان بها! فالمانع له هل هو الاضطهاد أم أنه مرتبط بنهاية العالم، إن كان بنهاية العالم إذن أنت كمن يقول (عجل الله يوم القيامة)! ويكفيك تصور هذا القول فحسب !
أنهي مداخلتي بهذه، وأشكركم وأعتذر إن كنت أطلت عليكم، مودتي لكم.
سؤال:
 وردنا السؤال التالي: شكرا استاذ يوسف على ما قدمتم.. كيف ترى هذا الصراع الطائفي القائم بين السنة والشيعة وان كل فرقة تدعو لشحد السيوف لذبح الاخرة واستئصالها من الوجود وانه لا سبيل لا للمحاورة ولا المجاورة ولا التعايش...؟
اليس لنا ان نستفيد من التجربة الغربية التي استفاقت ووحدت الفرق المسيحية بعد ان دمرت الحروب الطائفية بينها العديد من المدن والقرى وقضت على مئات الالوف من سكانها ؟؟؟
يوسف سمرين:
هنا شقان: التعايش لا يعني كتم المباحثة والمناظرة، في لبنان كما علمت مثلا يمنع إن كنت سنيا أن تطرق موضوعا شيعيا في الجامعة ولو في بحث! والعكس صحيح، فهذا تعايش بائس، بل يجب أن نسمع للآخر، ونرد عليه، والصياح والعويل موقف الضعف لا أكثر.
ومناطق أهل السنة تحديدًا يجب عليها تطوير نفسها معرفيا وثقافيا بالآخر بدل الخوف والهلع، فكما نعلم ليس من وصف أهل الايمان أنهم (يحسبون كل صيحة عليهم)، والشيعة وجدوا قديما بيننا، وكان كثير من العلماء يحاورونهم كما فعل ابن تيمية في رده على الحلي، ولا يبرر الخلاف ظلم إنسان، ومن الغباء أن يغفل السامع عن المطامع الاقتصادية والسياسية التي تختفي كثيرا تحت حجج طائفية ما.. أنا معك في ضرورة تعزيز الحوار، والاستفادة من الغرب في جانب التعايش وحرية البحث العلمي ضرورية لا شك 
سؤال:
 استاذ يوسف.... اذا كانوا يرون ان الائمة معصومون....فما هو الفرق بين الامامة والنبوة عندهم؟؟
يوسف سمرين:
 كتب الحسن بن سليمان الحلي وهو من الشيعة الامامية ومن تلاميذ المجلسي كتابا بعنوان تفضيل الأئمة على الأنبياء والملائكة والكتاب طبع في طهران، وما تفضلت به أصلا مشكل جدا على أصولهم فإن كان علي أفضل من الأنبياء كما يرى الحلي هذا، أفضل من أولي العزم كإبراهيم وموسى وعيسى فما هو الفرق بين النبي والإمام وقتها !
سؤال:
 اشكر الاستاذ يوسف على هذا التتاول الجديد ومن زاوايا مختلفة عن المعهود ومن كرامات الزميل الشيعي انه لم يحضر. سؤالي عن الاثر المعاصر للإمامية سياسيا ودوره في اضعاف لحمة المسلمين هل تتحمله الامامية كاملا ام نحن السنة لنا دور؟
يوسف سمرين:
 الإمامية اليوم على الصعيد السياسية ليست مجرد مذهب كلامي وعقدي، بل أصبحت أيدلوجية قومية، تظهر هذه المسألة في كتاب كشف الأسرار للخميني، وهو يخاطب الفرس المؤمنين، ويتندر بالعرب أهل البادية الجهلة الوهابية كما يسميهم، فالأمر ليس مجرد مذهب، بل تعصب عرقي اليوم، فحتمًا بهذه الصيغ سيحصل صراع ومشاكل كبرى.
بالنسبة لأهل السنة فلا شك يتحمل كثيرون مسؤوليات فظيعة في هذا الموضوع، فمن البنا الذي لا يظهر أي أثر لإبراز الخلافات الشيعية السنية على الصعيد الثقافي الحركي، مما فتح المجال بعده لنجد من يقول لا نختلف عن الشيعة في الأصول، والسني غالبا للأسف جاهل بالمسائل هذه، النبهاني مؤسس حزب التحرير قال لا خلاف بين الشيعة والسنة في الأصول ايضا، وهذه مسألة وقع بها الكثيرون، حتى القرضاوي الذي جاهر بالخلاف العقدي معهم مؤخرا كان له كتاب (مبادئ في الحوار والتقريب)، ويقول: لا خلاف عقدي أصيل معهم! وهبة الزحيلي يقول: خلافنا معهم فقط في 17 مسالة فقهية! عبد الكريم زيدان يسميهم بالجعفرية ويخفف من الخلافات.. كل هذا أدى لمشكلة فظيعة وعدم تصور لهم، حتى لما تطالب بالحوار والتعايش يجب أن تكون عارفا بمكامن الالتقاء والخلاف.. فلا شك أننا نحتاج نظرة نقدية لكثير من الأفكار، سواء التي نفت الخلاف أو تلك التي لم تتعامل مع الأمور ببحث علمي جدي، واكتفت بالتكفير ونحو هذا. 
سؤال:
سؤالى للأستاذ: يوسف سمرين ما الفرق بين الإمامية والاسماعلية والعلويين، هل باقى الطوائف لا ترى بعقيدة الامامية؟
يوسف سمرين:
الامامية كفرقة يقول ابن تيمية رغم أنهم من أضل الفرق وأجهلها لكنهم ليسوا كالإسماعيليين. الإسماعيلية هي فرقة باطنية تؤول الاحكام الشرعية بل تصل إلى القول بان الله ينفى عنه الوجود وعدم الوجوديقولون لا موجود ولا لا موجود. ولهم دعاة كثر، ومطبوعات أيضا ،مثل علي بن الوليد له كتاب في مجلدين (دامغ الباطل)، كذلك لداع منهم اسمه ابو حنيفة -وليس الامام السني المعروف- له كتاب (اصول الفرق) قد طبع، وكذلك ابو يعقوب السجستاني له كتاب الافتخار الخ.
هؤلاء نسخة متطورة جدا من الشيعة غالت جدا، حتى إن الامامية نفسها ترفض مقالاتهم، ولذا قال فيهم ابن تيمية: "أكفر من اليهود والنصارى"، لا يجب الخلط بينهم وبين الإمامية، ولا حتى كلام ابن تيمية فيهما.
الاسماعيلية فرقة استوردت أفكارها من الأفلاطونية المحدثة، وطورت عليها، وهم كما قال الغزالي في الرد عليهم في كتابه (المستظهري): أظهروا الرفض وأبطنوا الكفر المحض. يعني أظهروا التشيع ولكنهم لا يعتنقون دينا ولا إسلاما، بل كل الآيات مجرد رموز باطنية تخفي تحتها معان تتعلق بمعتقدتهم هم، فالصلاة مثلا تعني الإمام، الحج يعني أمرا آخر غير الحج المعروف.
الامامية ليست بهذا الغلو.
بالنسبة للعلويين، فتاريخيا هذه الكلمة كانت تطلق على من هو من نسل علي بن ابي طالب، لكن اليوم تطلق على النصيرية في سوريا، وهم فرقة باطنية من الفرق التي تفرعت عن الإسماعيلية، وليس الإسماعيلية ولا النصيرية من مقالات الفرق الاسلامية على توسعها.
سؤال:
تمنيت أن لا يختم الأستاذ كلامه... سؤالي: لم يذكر الأستاذ شخصية ابن سبأ اليهودي هل هي حقيقية أم وهمية وإن كانت وهمية فكيف ظهرت هذه الفكرة وراجت بين نخب السنة؟
يوسف سمرين:
بالنسبة لشخصية ابن سبأ فهي مذكورة حتى في الكتابات الشيعية ككتاب النوبختي، وكتاب الكشي في الرجال على ما أظن، وكيفما كان؛ فوجود شخصية مثل ابن سبأ لا يجعلنا نختزل التاريخ بمؤامرة كونية سببها شخص واحد يهودي الخ، فالدراسة النقدية تحتم علينا أن نعرف قدر أثر هذه الشخصية على التشيع، فكما يطلعنا النوبختي فإن هذا الرجل هو أول من جاهر بسب أبي بكر وعمر، المذهب كان لا يصرح بهذا وكبار الشيعة القدماء لم يكونوا يذمون أبا بكر وعمر، وتطور هذا فيما بعد، هل هذا مأخوذ عن ابن سبأ ام أنه تطور لنفس الأفكار التي كانت منحرفة؟ هذا مجال آخر.
حتى بالنسبة للغلو في علي؛ فالتاريخ كان أكبر من ابن سبأ، فوجود هذه الشخصية وعدمها بنظري سيكون سواء من ناحية سير الأحداث وتطور الأفكار الشيعية.
سؤال:
السؤال الاخر يخص بالتمدد: هل صحيح ان التمدد جاءكم في فلسطين عبر حركة الجهاد الاسلامي؟
وما مدرسة هذه الحركة ام هم شبيبة سلاح فقط؟
يوسف سمرين:
مؤسس حركة الجهاد الاسلامي هو فتحي الشقاقي، وكتب كتابا وحيدا في حياته وهو (الخميني الحل الاسلامي والبديل) نقل فيه فتوى شلتوت بجواز التعبد بالمذهب الشيعي! وحبس لأجهله في مصر فترة ثم عاد إلى فلسطين وأسس الحركة، وفي مقدمة أعماله الكاملة يقول: لما حبسني الصهاينة في الزنزانة كتبت بالدم كلمة روح الله الخميني على جدار زنزانتي هذه علاقتي بالامام !فاعتقد أن دوره لم يكن مجرد شبيبة سلاح كما تتفضل.
سؤال:
تشكر اخ يوسف سمرين على توضيحاتك. الامامية الى حد ما يقومون بالإنكار كما اوردت حيث انهم يضعفون رواياتهم التي لا تفي بأغراضهم او تضعهم في موقف لا يمكن الدفاع عنه بل قد يصل الامر الى تزوير الكتب في طبعات لاحقه، ألا ترى ان التكنولوجيا الحديثة في الاتصال والتوثيق قد يكون لها أثر على اعتناق الفكر مستقبلا ؟
يوسف سمرين:
قوة انتشار المذهب اليوم مرتبطة اساسيا بالسياسة، فالناس إجمالا متذمرة من سياسات دولها، والشيعة ارتبط اسمها اليوم بالثورة ونحو هذا، حزب الله الصراع الاسرائيلي، تهديدات ايران الخ.
لكن مع الأزمة السورية بدأ الامر يختلف، دورنا اليوم هو التوعية، وعدم تكرار الجهل الفظيع القديم، وقت أن حصلت الثورة الإيرانية وصفق لها من صفق عن جهل مع أن دراسات مستشرقين كبار كجولدتسيهر عنهم كانت تقول عداؤهم للسنة اكثر من اليهود! ميشيل فوكو أيضا كتب وقتها بأن الخلافات مع السنة فوق خلافاتهم مع اوروبا.
لا يجب التعامل مع الأمر بعاطفية مجردة، بل لا بد من دراسات عنهم، وتنمية المعرفة بهم، وهذا سينعكس حتى على القدرة على التعامل معهم. في ظل التقنية العصرية لا شك قزمت حتى من فرص التدليسات وبتر الأحاديث كما هي موجودة في كتبهم، بل صار بالإمكان أن يتم كشف هذا بسهولة جدا، لكن يعتمد هذا على رفع القدرة المعرفية والثقافية عند أهل السنة بشكل عام.
أشكركم جميعا، وسعيد بالأسئلة الذكية والمهمة التي طرحتموها أيها الاخوة، وأتمنى أن يتجدد لنا لقاءات أخرى أيضا، وبهذا تنتهي سهرتي معكم اليوم.

استودعكم المولى.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

10.15.2016

مآخذ على السلفية

حلقة جديدة من برنامج مراجعات بعنوان:

مآخذ على السلفية

ضيوف الحلقة: من القدس: الاستاذ والباحث في الفلسفة يوسف سمرين، ومن السودان الباحث محمد التهامي
رابط الحلقة على مجموعة "عقلانيون" في الفيس: https://www.facebook.com/groups/347344838778495/permalink/633704516809191/
.......
محمد التهامي:
بسم الله و الحمد لله نحمده و نستعينة و نستغفره و نعوذ بالله من شرور انفسنا و سيئات اعمالنا
اما بعـــــــــــــــــــــــد فإن اصدق الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم، و شر الامور محدثاتها و كل محدثه بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار. (من خطبة الحاجة للنبي عليه الصلاة والسلام أخرجها اصحاب السنن و خرجها الامام الالباني في كراسة خاصة )
بدأ.. أرحب بالاخ سمرين من فلسطين المحتلة أعادها الله الى حياض الاسلام – من بعد عودة وعي المسلمين – و كما قال علامة الشام الالباني عليه الرحمة في تعليقاته المختصرة على العقيدة الطحاوية ( #كل-الامة-آثــمـــــــــــــــــــــــــــة حتى يعود الاقصى و يحرر ).
كما ارحب بالاخوة المتابعين و اتمنى ان يوفقنا الله لتقديم ما ينفعهم، و أشكر الاخ الاستاذ : عبد الدائم القائم على أمر هذه الندوات و هذه المجموعة
و قبل الحوار هنالك مقدمة لا بد منها.. و هي تحرير لمسائل مجملة في الحوار – و من ادبيات المنهج السلفي في مناقشة الخلافيات هي تحرير المسألة ثم النظر الى ادلتها مجردة عن اقوال الرجال – ففي البدء يجب ان نضع تعريف واضح من قبلي و من الاخ سمرين ايضاً، لكل من : -السلفية؟ / - المعاصَرة؟ / السلفية غير المعاصرة ؟ / - السلفية المعاصرة؟ ( كمركب ) / المؤاخذات ( و انواعها المرادة في الحوار ) ؟
و لا اطيل في المقدمة، في انتظار طرح الاخ الحبيب سمرين... و الله الموفق
يوسف سمرين:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييكم جميعا، استاذة رفيدة وجميع الحضور الكرام.
الموضوع لا شك حساس، وكبير، ومهم على الصعيد المعرفي والثقافي، السلفية مصطلح نسمعه اليوم كثيرا، ويؤثر بنا سواء أردنا أم لم نرد، وهذا المصطلح له جذوره القديمة الضاربة في التاريخ، وله معان أصيلة ومهمة، ولكن لطبيعة البرنامج، وضيق وقته لن أتعرض لكل ما أرغب بالتعرض له، وسأركز محور البحث حول موضع اقرب وأهم من البحث المعرفي المجرد.. موضوع السلفية المعاصرة في القرن 20 وفي بداية هذا القرن..
قبل ان اخوض في هذا الموضوع، يفترض ان أمهد عدة أمور تسبق الخوض في المآخذ..
كما قلت لن اتعرض بالبحث في كل الموضوع على صعيد التاريخ والمعارف التي يمكن يعنيها هذا المصطلح وقيمته كقيمة علمية، انما ساتعرض لما يسميه اصحابه اليوم بالسلفية، وكجهد بشري يوجد دوما اخطاء، سيكون حديثنا عن الواقع التاريخي، ومن البداية هناك نتائج كبيرة إيجابية يمكن الاستفادة منها من السلفية عموما، حتى لا يقال لم تركزون فقط على الماخذ، خدمت كتب التراث، وساهمت في انتشار علم الحديث، كذا العناية بكثير من العلوم الشرعية هذا يحسب لهم ولا شك..
نحن اليوم في طفرة تواصل ومعرفة، ويجب ان نكون صريحين دوما، في البحث المعرفي والثقافي والفلسفي، فالكلام الذي كان يقال فترة من الزمن حتى داخل العائلات (لا ننشر خسيلنا علنا ) وقد يستفاد من هذا النقد بطريقة غير مقبولة مؤدلجة مصلحية، اعتقد ان هذا يجب ان نواجهه بشجاعة وصراحة، لا يفترض أن نمارس الدبلماسية السرية، وكأن الناس أطفال يمكننا تلقينهم ما نريد، هذا لا يفترض في التعامل مع بشر لهم عقولهم ولهم معارفهم، حتى المتعصبين ضد كل شيء يسمى بالسلفي لا ارى ان الحل هو التقوقع والانغلاق، لان هذا يضر اكثر مما ينفع، منتديات الفرق كتيبها، حتى الانتقادات الشديدة بل غير المنصفة للسلفية تطبع اليوم وتنشر وترفع على الشبكة، منتديات كثيرة وصفحات عديدة معنية بالتشويه إلخ إلخ..
كل هذا لا يفترض أن نكون فيه كمجرد المتأثر أو الخائف حتى من التأثر، يجب أن نستمع للانتقادات دوما، ونزنها، ونقبل منها الصحيح، النقد دوما يحمل في طياته عناصر إيجابية، وأي جماعة أو فكر أو تكتل معين طالما يتجاوز النقد ولا يريد الإصغاء إليه يحكم على نفسه بأن يكون منغلقا، وأن لا يتطور حتى تتكثف الأخطاء مرارا، وتصبح شيئا عاديا يصعب تمييز الصواب على الاتباع حتى، وتفقد عناصرها الحركية الملائمة، ويصبحون من حيث الصلابة كالزجاج ! فإما يصمد أو يكسر ! لا كالحديد الذي يمكن أن ينثني ويتشكل إلخ..
نبدا في بيان المقصود هنا بالسلفية، نعني بهم ذلك التوجه الفكري الذي يستند غالبا لكتابات أعلام مشهورين كابن باز، العثيمين، الألباني، ومشايخ تفرعوا عن هؤلاء إجمالا، كعلي الحلبي في الاردن ومشهور، في مصر نجد مثلا الحويني، حسان، وهكذا..
إجمالا هناك شيء جامع بين هذه التيارات ولكن هناك أيضا ما يفرقها، فمثلا على صعيد المذهب، نجد المدرسة الألبانية التي تسمى أحيانا بالشامية مدرسة عندها بعد عن التمذهب.. بخلاف المدرسة التي يمكن تسميتها بالنجدية المرتبطة بالمؤسس محمد بن عبد الوهاب وهي مرتبطة بالمذهب الحنبلي.
تجد التزاما لا باس به بالمذهب الحنبلي عند اعلام كابن باز والعثيمين..
في حين الالباني تجد بعدا عن المذاهب اجمالا، ولا اقول بوجه التفصيل تماما بل تجد ميلا في هذه المدرسة لكثير من مقررات الظاهرية وخصوصا كما جاءت في كتب ابن حزم، كان الالباني معتنيا بكتاب الاحكام لابن حزم بشكل شديد.
في حين يوجد ما يجمع بين هذه المدرسة وتنشر بينها كثير من الكلمات التي تحتاج الى تحرير مثلا كتاب وسنة بفهم سلف الامة، كذلك توجد مقررات أو اختيارات فقهية منتشرة في هذا التيار بشكل لربما اكبر من غيره، مثل تحريم التصوير الفوتوغرافي فترة طويلة من الزمن نسبييا، عناية كبيرة بمحاربة ما يسمى بشرك القبور الخ..
التركيز على محاربة البدع، من بينها مثلا التركيز عند كثير من التيار على محاربة السبحة، وكان هناك رسالة لبكر ابو زيد في بيان اصلها غير الاسلامي بنظره وهكذا..
المدرسة السلفية والتي قد لا تطلق على نفسها اي مسمى غير اهل السنة او اهل الحديث، واحيانا يجاهرون ويقولون السلفية نحن منها وهكذا، توجد مطبوعات مثلا عليها : مطبوعات الدعوة السلفية.
دخلت في القرن العشرين عدة اختبارات، بينت ثغرات كبيرة، لا يشترط ان تكون من خواص السلفية، ولكن بطبيعة الحال بما ان الحديث هنا عن السلفية يفترض ان نذكرها.
1 – عدم القدرة على قراءة الواقع كما هو : هذا المصطلح سيظل عائما ان ظللنا في التجريد البعيد عن الواقع، لننزل الى التطبيق الواقعي، ويتبين وقتها المقصود بالبعد عن قراءة الواقع او عدم القدرة على فهمه..
نحن نعلم اننا عشنا ما يمكن تسميته صدمة الحداثة، بمعنى أن المنطقة العربية كانت بمشيخاتها وتصوراتها السياسية والدينية، تحسب نفسها أعلى أمة على وجه الأرض من حيث العلوم والمعارف والعدل الخ الخ.. حتى حصلت الصدمة بالالتقاء بالغرب لكن هذه المرة عن طريق الاستعمار والبعثات الاستشراقية..
درس الغرب كل ما يمكنه دراسته العادات التقاليد اللهجات، المصالح القبائل، المذاهب، التصورات إلخ.. وتم توظيف هذا لخدمة الاحتلال أو الاستعمار (وان كانت لا ارغب باستعمالها وكأن المحتل سيعمر البلد في الواقع هو يحتل البلد وينهب خيراتها وما ينشأ منه ينشأ بالعرض أي التطور الذي يرافقه لا يحصل الى كنتيجة مضاعفات أو اعراض جانبية للاحتلال ونهب البلد نفسها وخيراتها ).
طريقة تحليل الواقع وفهمه قبل الحكم عليه كانت معضلة اما التيارات السلفية، فان تعيش في ظل نظام جديد في العالم وكان وقتها بداية النهوض الراسمالي بل حتى الامبريالي (استعمال الاستغلال والاحتكار الاقتصادي في تركيع سياسات دول المنطقة او ما سمي بالدول ) كان الاستيعاب لهذا بطيئا جدا جدا، هناك حالة فناء تام بجزئيات قد تكون موجودة في العصر العباسي.. مثلا
الانهماك في حكم اللحية
الانهماك في حكم السبحة
الانهماك في حكم التصوير وهكذا..
ولا يعني هنا بالضرورة ان يكون كلامهم مخطئا هنا، ولكن الامر شبيه بمن يهتم بشكل اصبعك وانت تشير الى القمر ! قد يكون كلامه صحيحا ولكن في هذا الموضع ستقول : ما جرى له ! كيف يفكر !
عشرات الكتب في اللحية في السبحة في التصوير الخ، وعجز تام في بيان حقيقة الاستشراق، والفلسفات المخالفة، وحتى تحليل اسباب القوة الغربية.
وحتى عهد قريب يمكنك ان تلمس هذا بشكل واضح :
مثلا كتب ابن تيمية الفلسفية هي اكثر الكتب التي تاخرت من حيث الطباعة ! تجد الرد على المنطقيين طبع في الهند، تجد الصفدية ومنهاج السنة والدرء والاستقامة حققها رجل متخصص بالفلسفة وهو محمد رشاد سالم.
وكان الانهماك الاكبر على الجانب الفقهي في كتب ابن تيمية وهذا سيكون له اثره فيما بعد.
الانفتاح على الاخر كقراءة حتى ولو كان عدوا لك، كما يقال الاستطلاع يسبق اي حرب، ولكن انت لا تستطلع انت فقط تكرر قوالب جامدة وتكررها في تشخيص حالة لم تطالعها اصلا على وجه التحقيق.
لذا انحصرت قراءة الواقع في الاحكام على الواقع وهنا خلط فظيع، يعني الحكم بعد التصور، اما ان يحصل ما يشبه اتحاد بين التصور والواقع هنا مشكلة كبيرة، فما هو التصوير مثلا يرجع لفتح الباري لابن حجر، ونحن هنا نسال عن ما هو التصوير في الواقع ! لا ما هو التصوير لغة ولا شرعا !.
نفس الشيء كيف تقدم الغرب، الدراسات السلفية = لا شي، في هذا، لما تقرا جهدا كبيرا ككتاب الاستشراق لادوارد سعيد ثم تقول اين هي الكتب المماثلة في المدرسة السلفية تجد كتبا فيه لكن بطريقة القوالب الجاهزة : حرب صليبية، التبشير الخ !
عدم رصد الواقع وفهمه وفهم تغيراته يوقعنا في اشكالية كبيرة في تنزيل الاحكام الفقهية وحتى فهم حركيتها، سينعكس مثلا ذلك على قضايا مستجدة لو تركت للمدرسة السلفية مجردة حتى الان لربما ندفع ثمن بطء استيعابها للواقع ان لم يكن تعذره.
مثلا تعليم البنات، حتى فترة قريبة كان سفر الحوالي وهو احد مشايخ السعودية يقول بالامكان الاكتفاء بالقابلات عن الممرضات اللائي درسن في الجامعات !
عدم رصد الواقع ايضا، سيجعل من المتعذر التحرك من خلاله، مثلا موضوع العبيد، الرق، السبي، اين هي الدراسات السلفية للواقع لتبين وتكشف اسباب انتهاء هذا الامر، وما الحلول البديلة للنظرة القديمة في الموضوع.
حتى مسالة حقوق العمال كان التيار السلفي موقفه فيه كأنه يتناول مسائل الاجارة والعمالة والوكالة والبيوع في الفترة العباسية، لا فهم اننا نتحرك في اطار الراسمالية الحديثة، ولذا كان لهم فتاوى ضد حقوق العمال بالاجازات المدفوعة الثمن، بحق الاضراب، باصابات العمل، بالاتعاب كل هذا كانت كتاباتهم ضده، ولما طرح قانون العمل في السعودية تعاملوا معه وكأنه طاغوت وشريعة مخالفة لشريعة الرب ! وهذه مشكلة كبيرة جدا اساسها الاول بنظري هو عدم قراءة الواقع كما هو.
2 – الوضوحية..
الوضوحية هذا مصطلح فلسفي نجده في كتابات كارل بوبر، ومختصره أنك تشرح لواحد مثلا سبب الايدز وحقيقة الفايروس بطريقة اكاديمية، ويكون الرجل ليس مختصا البتة بالموضوع ويقول لك الموضوع واضح هذه لعنة الهية !.
فانت لربما ستقول له جيد هو لعنة الهية لنفرض هذا، لكن حقيقته كذا وكذا، ويقول لك هذا امر واضح !
تخيل الوضوحية ماذا ستفعل، ستقتل كل مواضيع البحث بحجة انها واضحة جدا لا تحتاج الى تدقيق ومراجعة وبحث، ومن هنا كان بوبر يقول كلما اقتربنا من الواقع كلما قل اليقين، لوجود الاحتمالات الكثيرة.
المدرسة السلفية بشكل مريع لربما، تجعل كل شيء واضح، قبل قليل قرات مداخلة لاخ وهو يقول وهل ارسلت الرسل الا لبيان التوحيد !.
يقال الرسل ارسلت لبيان التوحيد باعتباره الاهم وليس باعتباره الوحيد في الدين! والا فلن نجد اي احكام اخرى غير التوحيد !.. لن تجد احكام الزكاة ولا الصلاة ولا اي شيء !.. وهذه الاحكام في الواقع قد تكون معقدة جدا، لاحظ موضوع المواريث والمسائل التي تضرب فيه،ليس الموضوع بسهولة ان اي واحد في الشارع يمكن ان يتصدر للامر..
هناك مسائل كثيرة في الواقع تحتاج الى نظر وبحث وتحتمل عدة اصول وتتأرجح فيها الاقوال مسالة من تلك المسائل مثلا في الفقه :
هل ينعزل الوكيل قبل علمه ام متى وقع العزل.
مسائل كثيرة في الفقه، ضربت وبينت لتمرين اذهان الطلاب، وياتي انسان (سلفي) ويبسط الموضوع تماما، ويقتل كل جزئياته لكونه يتخيله واضحاً !..
3 – النفسية الاستاذية.
هذا المصطلح يعني انك تجلس احيانا مع شيخ قبيلة او رجل محترم في وسطه الاجتماعي ويقول كلاما خطأ وتحاول ان تصححه، ولكنه يصر على ان يقول لك يا بني كم عمرك انت، رايت كثيرا في حياتي، وانت متسرع، وانت لا تعلم شيئا، ولا تزال جاهلا، علما ان المختار ذلك او شيخ القبيلة او اي شي من هذا القبيل قد لا يفهم في الموضوع الذي يتكلم به، والذي ينصحه او يريد ان يصحح له، عنده من المعارف الشيء الكثير تعلمها في المدرسة في اي مكان لكن ذلك الشيخ لا يمكنه ان يستوعب ان يفيده غيره ! هو استاذ البشرية..
هذه النفسية موجودة، تقول له اقرا في العلوم السياسية، يقول لك مثلا يكفي ان اقرا الماوردي او الجويني او ابن تيمية وهذا خلط فظيع ! هل سيقول له ابن تيمية ما هي الامم المتحدة مثلا ؟ هل سيقول له الجويني ما معنى الدولة الديمقراطية او الاشتراكية او الفرق بين النظام الراسمالي وغيره، هي سيقول له الماوردي ما البرلمان !
هذا حجب كثيرا من العلوم والمعارف عن هذه المدرسة، وبالتالي صار يمكن ان تكسر عند اي محاولة للتحرك في ظل العالم الذي لا تستوعب طبيعته، ولا تتوقع فيه اي شي !
تخيل ان ياتي المريض لطبيب وهو الذي ينصح الطبيب ماذا يفعل ! هذا لن يحل المشكلة
4 – الاستغلال السياسي..
كل ما سبق عزز من امكانية ان يستغل هذا التيار سياسيا بشكل كبير، ولا اقول هو التيار الوحيد الذي يسمح بهذا، فعموم التيارات الدينية عندها هذه القابلية، ولكن اذا كان الامر في السلفية فلربما يكون قويا لانعزالهم عن الواقع والعيش في عالم من الاحكام والاراء الفقهية الخ.. دون دراسات جدية للواقع.
5 – واختم سريعا.. حتى لا اطيل عليكم.
النفرة عند كثير من التيارات السلفية من المراجعة والنقد، وكذلك البحوث العقلية والاستفادة من التراث الانساني في هذا الشان، كما نعلم هناك طب، لا يمكنك اليوم بحال ان تقول ساكتفي بالطب النبوي لابن القيم (اسم كتاب)، فالعلوم العقلية مهمة..
باختصار الواقع ليس فقط (دين) بل هناك (دنيا)، ويجب ان تفهم الواقع، وان تتحرك في اطار من الاحكام.. لن تتعلم مهارة التجارة بمجرد قراءة احكام الشرع بالتجارة، بل هناك علوم واقعية لتضمن النتائج قدر الطاقة.
اعتذر عن الاطالة.. وساستمع لمداخلاتكم باهتمام بالغ.
اشكركم جميعا.
مودتي لكم.
مقدمة الحوار:
وردنا هذا السؤال :
بالنسبة لتقصير السلفية المعاصرة في جانب العقليات والفلسفة فماذا عن ماورد عن السلف في ذم الكلام والفلسفة وذم ابن تيمية كذلك لها ؟
يوسف سمرين:
بالنسبة لابن تيمية فهو رجل فيلسوف ولا يحضرني انه ذم الفلسفة في اي كتاب من كتبه، بل قال في منهاج السنة (اثبات الفلسفة او نفيها لا يمكن) وقال (الفلسفة الصحيحة توجب عليهم تصديق الرسل) فهناك فلسفة صحيحة، عند ابن تيمية.
فالتقصير بالعقليات عند المدرسة السلفية المعاصرة هو في الواقع تقصير بابن تيمية نفسه، ولذا نجد قصورا فظيعا في الدراسات عن الفلسفة التي حوتها كتابات ابن تيمية، مثلا الرد على المنطقيين كان كتابا فلسفيا مخالفا لارسطو، قليلة هي الدرسات عنه، ولعلي ساقول كم شرحا له ؟!
في حين نجد طفرة شروحات في كتاب مبسط في غير العقليات كالواسطية له.
باختصار / التقصير في العقليات كان تفريطا منهم بابن تيمية نفسه !
اما ذم الكلام، فلم يكن ذما للعقليات مطلقا، بل ذم لطريقة معينة انتسبت الى العقل وكان لها نتائجها السلبية على تاويل النصوص الشرعية، فلا يقال اليوم مثلا ان ذم الفلسفة المثالية هو ذم للفلسفة من حيث هي فلسفة، بل هذا ذم لنوع منها فحسب..
محمد التهامي:
 قولك ((((وأي جماعة أو فكر أو تكتل معين طالما يتجاوز النقد ولا يريد الإصغاء إليه يحكم على نفسه بأن يكون منغلقا، وأن لا يتطور حتى تتكثف الأخطاء مرارا، وتصبح شيئا عاديا يصعب تمييز الصواب على الاتباع حتى، وتفقد عناصرها الحركية الملائمة، ويصبحون من حيث الصلابة كالزجاج ! فإما يصمد أو يكسر ! لا كالحديد الذي يمكن أن ينثني ويتشكل إلخ.. )) فقط أقول ان السلفية التي أنا اليوم بصدد النقاش حولها لا تمثل جماعة و لا فكر و لا تكتل !! فالجماعات عندنا في المنهج السلفي لا تجوز و بدعة – أكون صريح معكم يا اخوة {{ ودوا لو تدهن فيدهنون }} فلا مداهنة من ان شاء الله – كذلك الفكر هو ما يقبل الاخذ و الرد و كذلك المنهج السلفي كونه مستند الى الوحي فلا يقبل الاخذ و الرد بالمعنى الذي تقبله الايديولوجيات الاخرى و الافكار كالراسمالية والاشتراكية و النازية و غيرها – ع الاقل داخل الاطار الاسلامي فهو المنهج الواجب اتباعه من كل المسلمين – اما ان كان النقاش خارج الاطار الاسلامي فنفس هذا المنهج يقبل النقاش و بقوة و يمكن ان نبرهن على كل حرف فيه بمقدمات عقلية و فلسفية عالية و دقيقة في موضع الاستدلال، و التكتلات لها حكم الجماعات السالف. و لكن بالجملة يمكن المطارحة في المنهج حتى داخل البيت الاسلامي – فيما ارى – لان هذا يقوي نشر هذا المنهج و الدفاع عنه ضد الخارج. و الله اعلى و اعلم
قولك ((((المقصود هنا بالسلفية، نعني بهم ذلك التوجه الفكري الذي يستند غالبا لكتابات أعلام مشهورين كابن باز، العثيمين، الألباني، ومشايخ تفرعوا عن هؤلاء إجمالا، كعلي الحلبي في الاردن ومشهور، في مصر نجد مثلا الحويني، حسان، وهكذا.. ))) بالمقصود هنا فيه نظر فبعض من ذكرتهم فعلاً يمثلون المنهج السلفي حديثاً و بعضهم خالفوه في نقاط – لنكون دقيقين – و بعضهم لا يمثله بل يمثل مناهج مخالفة و مضادة له المنهج الاخواني مثلاً و السلفية استاذنا العزيز في الاصل لا يستقيم تقسيمها الى حديثة و وسيطة و قديمة و لعل هذا الطرح مبني على ما سبق – و كثيراً ارى في المثقف العربي المعاصر جهل و للاسف اغلبه مركب ؛ للمنهج السلفي و اصوله – فالمنهج السلفي هو التحقيق الدقيق للوصول الى فهم السلف و هم اصحاب النبي و من اتى بعدهم من القرون المفضلة و الائمة الاعلام في قضايا و وقائع الحياة و ليست السلفية اشخاص بل تتجاوز الاشخاص خصوصاً المعاصرين لتنفذ نحو الفهم الاصوب للنصوص و المتمثل في فهم السلف لها لعموم قوله تعالى {{ فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا }} و قوله {{ و من يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا }} الايات. فهذه هي السلفية و اما تمظهراتها في اشخاص كالذين اسلفت ذكرهم فمنهم كثير قد خالفوا هذا المنهج كالحلبي و حسان و الحويني و ذلك بتعاونهم مع الجماعات البدعية كالاخوان في قيام المظاهرات و غيرها مما ادى الى مقتل آلاف المسلمين المغرر بهم
قولك ((إجمالا هناك شيء جامع بين هذه التيارات ولكن هناك أيضا ما يفرقها، فمثلا على صعيد المذهب، نجد المدرسة الألبانية التي تسمى أحيانا بالشامية مدرسة عندها بعد عن التمذهب.. بخلاف المدرسة التي يمكن تسميتها بالنجدية المرتبطة بالمؤسس محمد بن عبد الوهاب وهي مرتبطة بالمذهب الحنبلي.
تجد التزاما لا باس به بالمذهب الحنبلي عند اعلام كابن باز والعثيمين..
في حين الالباني تجد بعدا عن المذاهب اجمالا،.... الخ التعليق ))
فاقول و بالله التوفيق ان كلمة منهج اعم من المذهب ولذا لسنا بحاجة الى مناقشة الاختيارات الفقيه لعلماء السلفية المعاصرين لانه ببساطه كلهم مجمعون على ان الائمة الاربعة ائمة حق و متبعون و مرضيون عند الجميع و هم سلفيون عندنا بلا شك سواء اكانوا الاربعة او الظاهرية كابن حزم او داوود الظاهري رحمة الله على الجميع ؛ و لكن قد يحدث خلاف في آحاد المسائل الفقية كالذي كان بين الائمة الاربعة انفسهم فلا اشكال في ذلك ان شاء الله اما
ما قلته حول محاربة شرك القبور فهذه قضية حقيقة في الامة و ان كانت بعد الجهات تتفهها و لكن هي قضية الامة بحق فلا يجوز ان يدعى ميت او يحج الى قبره او يسجد له او يعتقد في نفع او ضر الى غير ذلك من الشركيات التي تحدث عند الاف القبور اليوم في العالم الاسلامي و لعل هذا الموضوع ناقشه علماء اكابر قد لا تضمهم الباحثون الى التيار السلفي كالشوكاني و الالوسي و ابن عزوز و ابن عدود ( الاخيران من اكابر علماء المغرب و من آل البيت ) و حتى حسن البنا شيخ الاخوان في الاصول العشرين أشار اليها كما في الاصل 14 رغم كونه غارق في الصوفية اذ انه حصفي الطريقة رحمه الله
و بالنسبة للسبحــــــــــــة فهي بدعة لغوية كما اشارت معاجم اللغة فضلاً عن كون الحديثين الواردين فيها ضعيفين و لعل هذا سبب المشكلة فقد حققهما العلامة الالباني فرد عليه الحبشي برسالة مرتجلة فعاجله الالباني بالقاضية و هي ليست من مسائل الاعتقاد و لكن القبورية يشنعون النكير على كل متحرر و داعي الى الحق و العلم
و بالنسبة للتصوير الفوتوغرافي فهي مسالة خلافية بين السلفيين نفسهم و ذلك لنصوص بحرمة التصوير في الاحاديث الصحيحة و لذا قلت ان هذه المسائل الفرعية قد تطيل النقاش بلا معنى، و لكن لعل ما يثير الدهشة هو ان التيارات غير السلفية غضت الطرف عن مناقشة المسألة ابتداءاً قديما و حديثاً فسبحان الله
قولك (((عدم القدرة على قراءة الواقع كما هو : هذا المصطلح سيظل عائما ان ظللنا في التجريد البعيد عن الواقع، لننزل الى التطبيق الواقعي، ويتبين وقتها المقصود بالبعد عن قراءة الواقع او عدم القدرة على فهمه..
نحن نعلم اننا ))) فلسفة السلفية باختصار في هذا الامر خلاف - الجماعات البدعية التي تسعى للوصول الى السلطة – هي ان الاصلاح يبدا بالقاعدة و الجماهير تصلح من عقيدتها و عباداتها و معاملاتها فينصلح حال المجتمع و الامة بالعموم و هذا اصيل في الاسلام فالنبي عليه افضل الصلاة و السلام بدأ بدعوة الناس و لم ينشئ انقلاب على قريش و لم يدخل الانتخابات البرلمانية ليحجز معقداً في دار الندوة برلمان قريش !!! و كذا قال سيدي الامام مالك عليه الرحمة لا ينصلح حال آخر هذه الامة الا بما صلح به حال اولها
قولك (((طريقة تحليل الواقع وفهمه قبل الحكم عليه كانت معضلة اما التيارات السلفية،.... الخ التعليق )) اقول و بالله التوفيق مع تحفظي على كلمة تيارات هذه ! انك تتحدث عن السلفية كانها غالب الامة او جمهورها و الناظر بعين البصيرة يعلم تماماً ان السلفيين حتى من بين الذين يدعون السلفية هم اقلية ناهيك من بين جمهور الامة و كذا فالهجوم و التحجيم مخيم عليهم و الوعي السلفي عند الامة منخفض جداً و حتى اليوم يناقشنا البعض من المثقفين في اشياء ربما لا يناقشك الكافر فيها و هي ان غير الله يخلق و يرزق و يعطي الولد !!! و الله هكذا و علناً و في الاعلام و الاخوة من السودان يعرفون هذا جيداً
المهم.. و كما اشرت انت و ارحتني من تعقب هذه المسألة و هي ان حكم اللحية و بدعية المسبحة و الكلام في التصوير كونه نازلة تحتاج الى حكم فقهي كل هذا مهم و من صميم الدين و لكن هل هذا ( تملصاً ) من الواقع او هروب اقول كلا. فالسلفية لها جهود عظيمة في الرد على المستشرقين ولك ان تراجع البحوث المنشورة في ذلك و تقارن بنفسك و كذلك مناقشة المسائل السياسية في السياسة الشرعية و انا اقول و بكل يقين لك ان تقارن البحوث المناقشة في احدى جامعات المدينة او ام القرى او الامام بن سعود وااااااحدة فقط بجميع المؤسسات الاسلامية الاخرى كالازهر و الزيتونة و غيره في الاربعين سنة الاخيرة و تنظر للثقل المعرفي في اي كفة يرجح
قولك (( نفس الشيء كيف تقدم الغرب، الدراسات السلفية = لا شي، في هذا، لما تقرا جهدا كبيرا ككتاب الاستشراق لادوارد سعيد ثم تقول اين هي الكتب المماثلة في المدرسة السلفية تجد كتبا فيه لكن بطريقة القوالب الجاهزة : حرب صليبية، التبشير الخ ! )) بالطبع السلفية التي حررتها في تعريفي الاول لها مساهمات في هذه المجالات المذكورة مقدرة و لعل من اشهر العاملين في مجال مقارنة الاديان في هذه الايام - و هذا مجالي الاصل - هو الدكتور : منقذ بن محمود السقار و كذلك كثير من الاخوة كالاخ حسام المصري و ابي عمر الباحث و غيرهم و كلهم من هذه الغزية فلا ينبغي للاخ ان يخفر السلفيين حقهم في التفاعل مع القضايا الاسلامية و يكفي ان احد الاخوة في غرفة حوار سلفية على بالتوك قد أسلم بمجهوداتهم 3000 شخص و ما اظن الجماعات و التنظيمات البدعية قدمت للاسلام مثل هذا و لكن السلفية كما لم يفهمه الاخ ليست كيان ليحاسب او يراجع بل هي منهجية لفهم الاسلام الصحيح و ليس تنظيم يحمل افراده كارنيه و ما ينتسب للسلفية من احزاب و جماعات و تنظيمات هي نفسها تحمل دليل فناء سلفيتها في ذاتها كحزب النور المسمى السلفي في مصر و جماعات انصار السنة بفصائلها الخمسة في السودان.
جيسس ماي كينج وقصة اسلامها كاملة تحكيها بنفسها:
بالنسبة لقول الحوالي بعدم تعليم المراة فاقول و بالله التوفيق للسلفية اعلام يعرفون بها و تعرف بهم في كل عصر و مصر و لعل ما يمثل السلفية اكثر من الحوالي - و له مخالفات منهجية لا طائل لذكرها هنا و يمكن البحث عنها - فالعلامة ابن باز و ابن عثيمين هو اعلام السلفية بامتياز و اظن رايهم قاطع في المسألة و قد حسموا هذا الامر اعني تعليم المراة و كذلك عملها و ايضاً الشيخ مقبل في اليمن ناقش هذه المسالة فيما اعرف https://www.youtube.com/watch?v=xxVZm3N7Dm0
حكم خروج المرأة إلى العمل - الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
قولك ((( عدم رصد الواقع ايضا، سيجعل من المتعذر التحرك من خلاله، مثلا موضوع العبيد، الرق، السبي، اين هي الدراسات السلفية للواقع لتبين وتكشف اسباب انتهاء هذا الامر، وما الحلول البديلة للنظرة القديمة في الموضوع.
حتى مسالة حقوق العمال كان التيار السلفي موقفه فيه كأنه يتناول مسائل الاجارة والعمالة والوكالة والبيوع في الفترة العباسية، لا فهم اننا نتحرك في اطار الراسمالية الحديثة، ولذا كان لهم فتاوى ضد حقوق العمال بالاجازات المدفوعة الثمن، بحق الاضراب، باصابات العمل، بالاتعاب كل هذا كانت كتاباتهم ضده، ولما طرح قانون العمل في السعودية تعاملوا معه وكأنه طاغوت وشريعة مخالفة لشريعة الرب ! وهذه مشكلة كبيرة جدا اساسها الاول بنظري هو عدم قراءة الواقع كما هو. )) انا سأسلم لك به ! و لكن يقابله عدم مراعاة الدليل و التحقيق النصي عند غيرهم و هذه كارثة الامة فالسلفية كمنهج لا تحجر على ناظر او باحث لو إلتزم الاصول و لذا تجد الخلافات كثيرة فلا قدسية لغير النص ولو راجعت مجموع مسائل الشيخ ابن باز تجده ينتقد شيخ الاسلام ابن تيمية في عشرات المسائل الفقهية و يخالفة جهرة ! فالسلفية = الدليــــــــــــــــــــــــــل فقط، اما كون الاصلاح الفقهي قديم و عباسي فهذه ليست مشكلة السلفية وحدها فلم نر ترميــــــــــــــم للاصطلاح الفقهي لا في الازهر و لا القيروان ولا غيرها و هذه مشكلة الامة ان اغلب كتب التراث غير محققة و يكفي ان تفسير كتفسير ابن كثير احاديثة غير مخرجة الى اليوم و كتاب كمسند احمد لم يكتمل تحقيقة بصورة مرضية حتى اللحظة ؛ أعلم انني اتحدث في وادي و الاخ في وادي الحداثة و مجاراة الغرب و لكل عذره لكني لا ارى ان ادراك الغرب يحصل بغير ان ندرك ذاتنا كما قال الغارف بالله الجيلاني رحمه الله الناس حاجز بينك و بين نفسك و نفسك حاجز بينك و بين الله فلو لم نتجاوز عقدة الغرب (( الخواجة )) لن ننفذ لذاتنا و ان لم ننفذ لذاتنا فلا امل لنا في النهضة من جديد. و هذا مبحث طويل و لي فيه تنظيرات كثيرة لا يسع المجال لمناقشتها.
اوافقك تماماً في مسألة #الوضوحية و انا ضد الدوغما بإمتياز !
قولك (( هذه النفسية موجودة، تقول له اقرا في العلوم السياسية، يقول لك مثلا يكفي ان اقرا الماوردي او الجويني او ابن تيمية وهذا خلط فظيع ! هل سيقول له ابن تيمية ما هي الامم المتحدة مثلا ؟ هل سيقول له الجويني ما معنى الدولة الديمقراطية او الاشتراكية او الفرق بين النظام الراسمالي وغيره، هي سيقول له الماوردي ما البرلمان ! )) هذا ان وجد فهو خلاف المنهج و يراجع فيخ قائله فالحكمة ضالة المؤمن كما في الحديث ؛ و لو لم يقرأ ابن تيمية العبرية و اليونانية كلغات و لم يدرس الفلسفة و المنطق لما تسنى له ان يكون هو هو و كذا المثال عند الرازي و الجويني و غيرهم و ان كان الاخيران لا يمثلا السلفية في منتوجهم الفكري و انما هم من ائمة الفرقة الاشعرية و معلوم ان بينها و بين السلفية و ما صنع الحداد رغم كونها اقرب الفرق الكلامية للسلفية
قولك (( – الاستغلال السياسي..
كل ما سبق عزز من امكانية ان يستغل هذا التيار سياسيا بشكل كبير، ولا اقول هو التيار الوحيد الذي يسمح بهذا، فعموم التيارات الدينية عندها هذه القابلية، ولكن اذا كان الامر في السلفية فلربما يكون قويا لانعزالهم عن الواقع والعيش في عالم من الاحكام والاراء الفقهية الخ.. دون دراسات جدية للواقع. )) لا استطيع ان اعلق عليه جملة او اقومة بتمامه و لكن اتحفظ على كون السلفيين يعيشون في مجتمعات معزولة او حتى في عزل فكري فهذا لا يصدق على الاغلبية بل جل السلفيين منفتحين على الاخر و لو عن طريق جداله و دونك حالنا و مثلنا الكثير، و لكني ارجع عدم الاستغلال السياسي للسلفية لكونها محاربة و منبوذة بجهل من جماهير الامة نتيجة لنعتها بالوهابية اعداء الرسول و اعداء الاولياء و الذين يقولون ان الله في السماء الى غير ذلك من الترهات و الشبه و التأفيكات بقيادة القبورية و الرافضة و العلمانية مما يضعف قبولية الجماهير للمنهج و بالتالي احتمالية الكسب السياسي من وراءه و الله اعلم
قولك (( واختم سريعا.. حتى لا اطيل عليكم.
النفرة عند كثير من التيارات السلفية من المراجعة والنقد، وكذلك البحوث العقلية والاستفادة من التراث الانساني في هذا الشان، كما نعلم هناك طب، لا يمكنك اليوم بحال ان تقول ساكتفي بالطب النبوي لابن القيم (اسم كتاب)، فالعلوم العقلية مهمة..
باختصار الواقع ليس فقط (دين) بل هناك (دنيا)، ويجب ان تفهم الواقع، وان تتحرك في اطار من الاحكام.. لن تتعلم مهارة التجارة بمجرد قراءة احكام الشرع بالتجارة، بل هناك علوم واقعية لتضمن النتائج قدر الطاقة.
اعتذر عن الاطالة.. وساستمع لمداخلاتكم باهتمام بالغ.
اشكركم جميعا.
مودتي لكم. )) أوافقك تمــــــــــــــــــــــــــــــــــــاماً، و لكل عهد دولة و رجال و اقول في الختام ان الامة تستنهض عن طريق عودتها لعقيدتها و توحيدها الخالص من الشوائب و كذا لعباداتها الخالصة من البدع و لمعاملاتها الخلاصة من المحرمات كالربا و الخمر و اكل مال اليتيم.. و حقيقة يجب ان تستحي امة تحمل كلام الله ( القرآن ) من ان تكون في هذا الموقع بين الامم و من يعبدون الثيران و الفئران لهم عليها فضائل الصناعة التقنية، و لكن علة الامة من داخلها و تحتاج لمراجعة جادة واتمنى و - لا اتوقع - ان يكون مثقفي الامة على قدر التحدي.. و دمتم بخير.. والسلام عليكم.