16 مارس 2014
أصل علم الكلام
البحث عن أصل (علم الكلام) وتطور هذا المصطلح عبر
التاريخ مما شغلني قديما، ولا زلت أسعى للتحقيق فيه، ومما قرأته مؤخرا: كتاب جماع
العلم للشافعي فوجدت فيه نصوصا مهمة عن (أهل الكلام) تفيدنا في تتبع تطور معاني
هذا المصطلح، على أن عبد الرحمن بدوي قال في (مذاهب الإسلاميين) بأن أقدم نص وجده
عن علم الكلام بمعناه المتأخر كان للجاحظ، والحق أن هذا المصطلح وجد قبله ولكن
بمعنى مختلف، سيما وقد تم دمج الكلام بالفلسفة على يد المعتزلة في فترة الترجمة
أيام المأمون والجاحظ من تلك الفترة فما كان قبل حركة الترجمة تلك يختلف عما بعد،
لن أسهب في التقديم لما وجدته في كتاب جماع العلم مما أحببت مشاركتكم تفكيري فيه
بصوت عال، فلنبدأ:
مما قاله الشافعي في جماع العلم: « تفرق أهل الكلام في تثبيت الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقا متباينا «
مما قاله الشافعي في جماع العلم: « تفرق أهل الكلام في تثبيت الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقا متباينا «
(جماع العلم، محمد بن إدريس الشافعي، تعليق
وتحقيق: أحمد محمد شاكر، مكتبة ابن تيمية لطباعة ونشر الكتب السلفية، ص 12.)
هنا يتحدث عن أحد مباحث الكلام وهو تثبيت الخبر، أي
ضابط تصحيحه وجعله حجة، وهذا مبحث في ما عرف بعد ذلك (أصول الفقه) و(علم المصطلح)،
وفي رسالة الشافعي نجده يتعرض للمبحثين أصول الفقه وأصول الحديث، هنا نتعرف على
مبحث شغل (أهل الكلام) وهو (تثبيت الخبر) أي ما هو حجة.
وفي ص 59 يتحدث عن (أهل الحديث) وهم لهم منهجهم في تثبيت الخبر، ويهمنا هنا أنه يتعرض لمنهجين (أهل الكلام) في كفة و(أهل الحديث) في كفة ونجد (الفقهاء) مصطلحا متوزعا بين الإثنين في الكتاب، فالشافعي يعتبر الفقهاء الحق هم أهل الحديث ومحاوره يدخل فيهم بعض أهل الكلام ويخرج بعضهم ص 65، وفي ص 12 يبين أن كثيرا ممن تنسبهم العامة إلى الفقه تبعوا أهل الكلام، وأكثرهم مقلدين!، واللافت أنه لم يستعمل - في هذا الكتاب - مصطلح (أهل الرأي) بل يتحدث عن (أهل الكلام) وفي مقابلهم (أهل الحديث) الذين ينحاز لمنهجهم، فمن هم أهل الكلام؟!
قال:
« وجدت أهل الكلام منتشرين في أكثر البلدان، فوجدت كل فرقة تنصب منها من تنتهي إلى قوله « ص 55.
هو يتحدث هنا عن انتشار واسع في البلدان الإسلامية في فترته 150 هـ - 204 هـ، ونحن نعلم أن الترجمة كانت ضعيفة جدا في تلك الفترة فليس هؤلاء أهل الكلام بالمعنى المتأخر بل هو يتحدث عن انتشار واسع وفرق وائمة لكل فرقة وهذايصدق على المتكلمين في الأصول من غير أهل الحديث، فهنا يفرق الشافعي بين الفرقة (وهي خاص) وأهل الكلام (عام).
ثم قال لمحاوره:
« من لم تدخله في جملة العلماء من أهل الكلام يعلمون من العلم، فلم قدمت هؤلاء وتركتهم في أكثر هؤلاء، أهل الكلام؟ « ص 65.
محاوره هنا يدخل بعض أهل الكلام في زمرة (العلماء) ويعني الشرعيين ويخرج أكثرهم.
قال:
« فأسمعك قلدت أهل الحديث، وهم عندك يخطئون فيما يدينون به من قبول الحديث... الجهل عندك قبول خبر الانفراد « ص 59 - 60.
نلاحظ هنا أن المحاور عنده إشكالية في الأصول مع أهل الحديث وتحديدا في قبول خبر الآحاد، والشافعي يجعل هذا من خصائص (أهل الحديث) والذين في مقابلهم (أهل الكلام)، وعلى هذه القسمة يدخل من يسمون بـ (أهل الرأي) في مصطلح (أهل الكلام) كفرقة، كونهم ليسوا من (أهل الحديث) بل أصولهم مخالفة لأصول أهل الحديث وتحديدا في خبر الآحاد إن زاد على ما في الكتاب.
ويشمل مصطلح (أهل الكلام) كل من تكلم بضوابط لتثبيت الخبر خلاف ما عليه (أهل الحديث) وهم فرق متنوعة وتختلف ضوابط التثبيت للخبر باختلاف الموقف الذي يتبنونه ولعل مصطلح اهل الكلام جاء من التحاكم لكلام المتحدثين في الأصول أو الفقه بخلاف أهل الحديث حيث جعلوا الحديث هو الأصل لا كلام النظار فلاحظ!
فأهل الكلام إذن عند الشافعي مصطلح يطلق على كل من تكلم في الأصول بأي تحاكم كان خلا الحديث، فيشمل هذا المصطلح عنده أهل الرأي في عدد من مقالاتهم والخوارج والشيعة وغيرهم من فرق تلك الفترة.
ومن هنا نعلم أن تقسيم الناظرين في الأصول إلى فقهاء ومتكلمين جاء متأخرا وأجنبيا عن الشافعي فليس عنده إلا أصول أهل الحديث والمتكلمين أما (أهل الرأي) فيظهر لي أنه كان ينظر إلى أقوالهم على أنها (تلفيقية / مضطربة) بين المنهجين! ولذا لم ير أنها مدرسة مستقلة حتى يسميها باسم خاص، هذا ما ظهر لي حتى الساعة والله أعلم.
كما ويظهر أن الشافعي لم يطلق هذا المصطلح على قوم لمجرد اختراعهم كلاما محدثا فأهل الحديث فترته اصطلحوا على كلام كـ (المرسل، المنقطع، والصحيح، والضعيف) بل أطلقه على (كلام) له ما بعده من رد للخبر الصحيح والتشريع دون ضابط سديد، وممن نبه على ذلك ابن تيمية مرارا ووجدت من فطن له من بعده وهو السرمري في قصيدته (الحمية الإسلامية) وما أحسبه إلا تبع ابن تيمية في هذا التمييز.
ومن هنا يفهم ما روي عن الشافعي من ذم أهل الكلام، ومن حسب ذمه لمجرد الإحداث كالغزالي فقد غلط، ومن ظنه لا يشمل ولم يقصد (أهل الرأي) كالصفدي فقد غلط أيضا.
وفي ص 59 يتحدث عن (أهل الحديث) وهم لهم منهجهم في تثبيت الخبر، ويهمنا هنا أنه يتعرض لمنهجين (أهل الكلام) في كفة و(أهل الحديث) في كفة ونجد (الفقهاء) مصطلحا متوزعا بين الإثنين في الكتاب، فالشافعي يعتبر الفقهاء الحق هم أهل الحديث ومحاوره يدخل فيهم بعض أهل الكلام ويخرج بعضهم ص 65، وفي ص 12 يبين أن كثيرا ممن تنسبهم العامة إلى الفقه تبعوا أهل الكلام، وأكثرهم مقلدين!، واللافت أنه لم يستعمل - في هذا الكتاب - مصطلح (أهل الرأي) بل يتحدث عن (أهل الكلام) وفي مقابلهم (أهل الحديث) الذين ينحاز لمنهجهم، فمن هم أهل الكلام؟!
قال:
« وجدت أهل الكلام منتشرين في أكثر البلدان، فوجدت كل فرقة تنصب منها من تنتهي إلى قوله « ص 55.
هو يتحدث هنا عن انتشار واسع في البلدان الإسلامية في فترته 150 هـ - 204 هـ، ونحن نعلم أن الترجمة كانت ضعيفة جدا في تلك الفترة فليس هؤلاء أهل الكلام بالمعنى المتأخر بل هو يتحدث عن انتشار واسع وفرق وائمة لكل فرقة وهذايصدق على المتكلمين في الأصول من غير أهل الحديث، فهنا يفرق الشافعي بين الفرقة (وهي خاص) وأهل الكلام (عام).
ثم قال لمحاوره:
« من لم تدخله في جملة العلماء من أهل الكلام يعلمون من العلم، فلم قدمت هؤلاء وتركتهم في أكثر هؤلاء، أهل الكلام؟ « ص 65.
محاوره هنا يدخل بعض أهل الكلام في زمرة (العلماء) ويعني الشرعيين ويخرج أكثرهم.
قال:
« فأسمعك قلدت أهل الحديث، وهم عندك يخطئون فيما يدينون به من قبول الحديث... الجهل عندك قبول خبر الانفراد « ص 59 - 60.
نلاحظ هنا أن المحاور عنده إشكالية في الأصول مع أهل الحديث وتحديدا في قبول خبر الآحاد، والشافعي يجعل هذا من خصائص (أهل الحديث) والذين في مقابلهم (أهل الكلام)، وعلى هذه القسمة يدخل من يسمون بـ (أهل الرأي) في مصطلح (أهل الكلام) كفرقة، كونهم ليسوا من (أهل الحديث) بل أصولهم مخالفة لأصول أهل الحديث وتحديدا في خبر الآحاد إن زاد على ما في الكتاب.
ويشمل مصطلح (أهل الكلام) كل من تكلم بضوابط لتثبيت الخبر خلاف ما عليه (أهل الحديث) وهم فرق متنوعة وتختلف ضوابط التثبيت للخبر باختلاف الموقف الذي يتبنونه ولعل مصطلح اهل الكلام جاء من التحاكم لكلام المتحدثين في الأصول أو الفقه بخلاف أهل الحديث حيث جعلوا الحديث هو الأصل لا كلام النظار فلاحظ!
فأهل الكلام إذن عند الشافعي مصطلح يطلق على كل من تكلم في الأصول بأي تحاكم كان خلا الحديث، فيشمل هذا المصطلح عنده أهل الرأي في عدد من مقالاتهم والخوارج والشيعة وغيرهم من فرق تلك الفترة.
ومن هنا نعلم أن تقسيم الناظرين في الأصول إلى فقهاء ومتكلمين جاء متأخرا وأجنبيا عن الشافعي فليس عنده إلا أصول أهل الحديث والمتكلمين أما (أهل الرأي) فيظهر لي أنه كان ينظر إلى أقوالهم على أنها (تلفيقية / مضطربة) بين المنهجين! ولذا لم ير أنها مدرسة مستقلة حتى يسميها باسم خاص، هذا ما ظهر لي حتى الساعة والله أعلم.
كما ويظهر أن الشافعي لم يطلق هذا المصطلح على قوم لمجرد اختراعهم كلاما محدثا فأهل الحديث فترته اصطلحوا على كلام كـ (المرسل، المنقطع، والصحيح، والضعيف) بل أطلقه على (كلام) له ما بعده من رد للخبر الصحيح والتشريع دون ضابط سديد، وممن نبه على ذلك ابن تيمية مرارا ووجدت من فطن له من بعده وهو السرمري في قصيدته (الحمية الإسلامية) وما أحسبه إلا تبع ابن تيمية في هذا التمييز.
ومن هنا يفهم ما روي عن الشافعي من ذم أهل الكلام، ومن حسب ذمه لمجرد الإحداث كالغزالي فقد غلط، ومن ظنه لا يشمل ولم يقصد (أهل الرأي) كالصفدي فقد غلط أيضا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق