لما نتحدث عن الوعي السياسي؛ قد يرتبط ذلك في
أذهان كثيرين صورة المحلل على قناة الجزيرة مثلًا، وهو يتكلم عن مشكلة بعيدة، أو
عن أزمة دولية.
مع أن الوعي السياسي كأساس مرتبط بالإنسان كونه كائنا اجتماعيا، إن مسألة الحاجة إلى هذا الوعي كانت محل مزايدة طويلة بين الأحزاب والجماعات، تحديدًا الإسلامية، ومن هنا تجد مجلة حزب التحرير تحمل عنوان (الوعي)، لترهق سطورها بكل شيء غير الوعي المنشود.
مع أن الوعي السياسي كأساس مرتبط بالإنسان كونه كائنا اجتماعيا، إن مسألة الحاجة إلى هذا الوعي كانت محل مزايدة طويلة بين الأحزاب والجماعات، تحديدًا الإسلامية، ومن هنا تجد مجلة حزب التحرير تحمل عنوان (الوعي)، لترهق سطورها بكل شيء غير الوعي المنشود.
ذلك الوعي الذي ينطلق من الواقع كما هو، لا
نظريات المآمرة المحلقة التي تتحدث عن تاريخ يحكمه أفراد بالغو الذكاء ينعزلون عن
الأعين، ويخططون لثلاثة قرون مستقبلية!
إن الخطابات الوعظية التي تستشري بين الجماعات،
تنشر البلاهة باسم إحسان الظن، مع ما نقل عن عمر كما يذكره ابن تيمية في (السياسة
الشرعية): "احترسوا من الناس بسوء الظن".
فحمل كلام الناس على أحسن الوجوه، ومعاملاتهم
ونحو هذا تهم الفقيه، ولكنه ليس غبيًا لكي لا يفطن لعقود محرمة في صورة محللة!
فيما عرف باسم الحيل، وألف فيه كتب ومصنفات، لتمرير ما هو مرفوض بذاته، بطريقة
التدرج، ليضحي كل جزء منه مقبولًا ولكنه ككل هو نفسه، إنها عملية ترويض لا أكثر
للمجتمع لقبول المرفوض من الباطل، ومن هنا كان الوعي ضروريًا للفقيه.
إلا أن الحيل لها شق إيجابي أيضًا بتمرير ما هو
حق، ولكنه مرفوض !، فليس كل رفض اجتماعي أو قانوني يلازم كون الشيء حقًا، فقد يكون
مرفوضًا وهنا تكون الحيل شرعية فيما فصل فيه ابن القيم في (أعلام الموقعين).
إن السذاجة التي تغلف الخطابات الوعظية تصنع في كثير من الناس حالة تركز على أن الحل الأخلاقي للمشكلة هو الأفضل بالضرورة، فتعظ السارق فتذرف عينيه، ويرجع سرقته، وتعظ المغتصب فيرتدع عن فعلته، فيما يخضع لقراره الشخصي، ولكن الواقع ليس بهذه البساطة.
إن السذاجة التي تغلف الخطابات الوعظية تصنع في كثير من الناس حالة تركز على أن الحل الأخلاقي للمشكلة هو الأفضل بالضرورة، فتعظ السارق فتذرف عينيه، ويرجع سرقته، وتعظ المغتصب فيرتدع عن فعلته، فيما يخضع لقراره الشخصي، ولكن الواقع ليس بهذه البساطة.
فلسوء الحظ هناك من لا يرتدع، ثم إن المظلوم ليس
مستجديًا لحقه، حتى يقال ابق على جانب الوعظ، إن التركيز على هذا الجانب فحسب،
يجعل من الإسلام حالة شبه مسيحية تمامًا، فمن ضربك على خدك الأيمن أدر له الأيسر
!، وهذا وإن كان يعتقد بصحته المسيحي، إلا أن الواقع يختلف، فمتى ضُرب المسيحي
توجه إلى المحكمة ليأخذ حقه، ولا يدير خده! كما نقده ماركس وإنجلز فيما طبع بعنوان
(حول الدين).
إن هذا يجعل من التدين حالة متعارضة حتمًا مع
السياسة، التي لا يوجد فيها تعامل مع الخصم فيما يفترض فيه أن يكون، بل فيما هو
كائن! وقد حرص ميكافيلي بخلاف الشائع عنه على الأخلاق، في كتابه (الأمير)، لكنه
يقول بلغة واقعية، الأخلاق لا تعمل وفق طرف واحد فحسب، بل لا بد من التزام بها من
الجميع، لكن إن كان الخصم لا يلتزم بالجانب الأخلاقي الوعظي فمن الغباء الانتظار
لتحقيق ما يريد، فوقتها لا مجال لتعديل الخيارات.
إن الخيارات في الواقع السياسي مثل أحجار الدومينو لا تسعفك لتعدل موقف بعد أن حركت الحجر الأول، لتتسارع الحركة كما رسم لها وتتهاوى الأحجار.
بعض الجماعات الجهادية مثلًا تفترض في الإسلامي السياسي أن يكون في جانبها بما أنهما الاثنان في وصف واحد (إسلامي)، في الواقع أن السياسي سينحاز للسلطة لمعرفته بفشل ذلك الجهادي، الذي سيقدم كقربان في أي اتفاق سياسي، وهذا الغباء يلف الجماعات المقاتلة باسم السلفية اليوم بشكل فظيع.
الوعي السياسي مرتبط بالتكلفة والنتائج، فهل نتيجة فعل تستحق ما يدفع لأجله من تضحيات أم لا، في الكتابات الكلاسيكية ككتابات سيد قطب، كما في (المعالم) : لا نعد من معنا بشيء غير الجنة !، وهذا ينسف أي وعي سياسي تمامًا، فهذا كمن يقول لك اعمل عندي ولك الجنة، المحصلة ستكون عبدًا بالمجان، إن أي تكتل، بل أي موقف سياسي غرضه الوصول إلى النتائج التي تراها نظرية ما أفضل لمصالحها.
على أن الواقع ليس أعدادًا صحيحة، بل كسور عشرية، فلا يمكن تحقيق ما تريد تمامًا، فحتى البناء الهندسي، يختلف ما بين الواقع والرسم على الورق.
إن غياب الوعي السياسي هو الذي يجعل من التحليلات الإسلامية تقول إلى اليوم: متى أعطيت الحرية للشعوب ستختار الإسلاميين، بأي ميزان يقاس هذا، على أن عام الوفود الذي أسلمت فيه القبائل، أعقبه بقترة وجيزة عام الردة ! عن الإسلام، طبعًا هذه مقارنة مجردة لموضوع الدين، وإلا فالربط بين اختيار الإسلامي والإسلام محل بحث طويل.
من قال بأن الشعوب تختار دومًا الصحيح، وهذا يجرنا للحديث عن الانتخابات، والثورات بلغة طوباوية، فليست تلك الوسائل حتمًا تفرز الأصلح، بل إنها تنتج ما تنتج وفق ظروف موضوعية، عبر ما تظنه تلك الشعوب من مصلحتها، وقد لا يكون ظنها صحيحًا، أو يكون صحيحًا لكنها لا تسلك الوسائل الصحيحة لتحقيقه.
إن التحليلات السياسية للإسلاميين كانت عادة ساذجة، والممارسات لم تكن لتختلف كثيرًا عن غيرهم، ولنأخذ على سبيل المثال الموقف من العسكر، فبعد التحالف مع عبد الناصر في مصر، وإنتاج ما كان في غير صالحهم، كان عبد الله عزام يقول بأن الحركة الإسلامية تعلمت الدرس تمامًا، ولذا لن تعقد أي تحالف مع العسكر، فهل هذا صحيح !؟ أم هذا خطاب تعبئة، أو حديث نفس فحسب.
إن الإسلاميين تحالفوا في مصر مع المجلس العسكري فترة، وكانوا يحسبون أنهم يكسبونهم ببعض الخطابات السجعية في مدحهم.
بل من أعجب ما قرأته يومًا كلام المراكشي في (العلمنة من الداخل) بأنه ليس ضد الانقلابات لأنها انقلابات، بل متى كانت لا تحقق الشريعة، ومتى لم تحقق الشريعة فهو ضدها.
إن عدم تدخل العسكر في السياسة مسألة مؤرقة لأهل الفكر السياسي كما يقول ديفورجيه في كتابه (مدخل إلى علم السياسة) ويغفل عزام عن كون "المجاهدين" الذين كانوا حوله يصنفون على أنهم عساكر، وهو الذي يريد أن يستلموا حكمًا، وداعش مجموعة من العسكريين، استلموا حكمًا، وفي وثائق أبوت أباد، يرى ابن لادن لحركة الشباب "العسكرية" أن يعلنوها إمارة، أي أن يستلموا حكما، وهكذا، فهو إذن لا يتحدث عن وعي سياسي، بقدر أنه يختزل تجربة ويعممها ذاتيًا على حركة !.
وهذا مصاب يعتري كثيرًا من الأيدلوجيين، يحسبون أنهم متحدثين رسميين عن أيدلوجيتهم! فواحد مثلًا يصور موقفه ويقول هذا موقف الإخوان، وفي الواقع ستجد مواقف متنوعة على عدد متخذيها، وكلهم ينسبه إلى المجموع.
في الحالة السلفية تجد هذا ظاهرًا عندما، يقال مثلًا فلان مبتدع، هذا يفترض أنه يتحدث باسم كل السلف !، من أبي بكر إلى آخر تابعي.
ويبدأ الخلاف حتمًا مع سلفي آخر يرى عكس هذا، وتبدأ معركة طويلة كما نجده في الخلاف بين المدخلي وعلي الحلبي، فالأخير يثني على أقوام، والأول يذمهم، لتكون النتيجة أن واحدًا خالف السلف الصالح !.
إن الوعي السياسي مفتقد لعدة عوامل، منها غياب ربط المسائل بنتائجها، وأحسب أن هذا من التأثر بالخطابات الأشعرية التي سادت قرونًا ليضحي السبب عندهم ما يوجد الشيء عنده لا به، فالواقع منفصل كل عن بعضه، وفقط علاقاته عادية، ومجرد اقتران لا تأثير لواحد في آخر.
على هذا النحو يختصر ابن الجوزي الحكاية بعبارة "العباد مطالبون بالأوامر لا بالأقدار".
فأنت وظيفتك أن تنفر، أما النصر فمن الله، وكأنه لا علاقة للنفير بالنصر !.
وبالتالي لا يوجد أي أرضية للمساءلة، وعلى سبيل المثال دخلت داعش حربًا ضروسًا في كوباني استنزفت عناصرها هناك، وخسرت المعركة، مع ضمان عدم مساءلة أي قائد عن قرار الدفاع عن تلك البلدة.
مما يذكر ببيت ساخر :
لا عليك.. لم يضع شيء، وأصلًا لم يكن شيء لديك !
وإن النص المذكور في (جوهرة التوحيد) يعبر عن أصل أصيل في التعامل مع الوقائع والأخبار في الحالة السياسية :
وكل نص أوهم التشبيها *** أوله أو فوض ورم تنزيها
لكنه هنا، كل خبر أوهم الخسارة، أو الفشل.
فلو أتيت له بكل خبر عن هزيمة منطقة تعامل معها على هذا الأساس :
1 – ينفي الخبر.
2 – إن كان قد استقر عنده، يقول هذه ليست هزيمة، كر وفر !
على هذا الأساس يمكن اعتبار عنوان هزيمة 67 (نكسة)، مجرد نكسة، والحيل اللفظية والتبريرات طويلة لا شك في الخطابات الإسلامية وموروثات القومية الناصرية.
حتى تصل الهزيمة لمعناها بأنها الهزيمة النفسية، والنصر هو النصر النفسي ! أو المعنوي، إذن لا حاجة لأي أرقام.
إن الفكر السياسي يجب أن يحدد مفاهيم النصر والهزيمة ابتداء بشكل عام، لتضحي عامة في البشرية، فلا يقولن ياباني، ألمانيا خسرت الحرب العالمية الثانية أما اليابان فلا !
لا بد من معيار عام للجميع، إلا أنك تجده ألمعيًا في ترديد محفوظات التاريخ، ولكنه سريع التباهي بالانتصارات فيما كانت موجودة عند كل الدول التي قيل إنها هزمت !.
إن تسمية الهزيمة باسمها ليس شيئًا سلبيًا بل هو تعامل مع الوقائع كما هي، وأي إنسان لا يعرف معنى الهزيمة، فحتمًا لا معنى للنصر الحقيقي عنده.
إن النظر للأسباب الواقعية، هو ما يحيي موضوع المساءلة الحزبية، والنقد الذي هو حياة الأمم، لتستبعد العناصر الخاطئة في أنماط تفكيرها.
إن الخيارات في الواقع السياسي مثل أحجار الدومينو لا تسعفك لتعدل موقف بعد أن حركت الحجر الأول، لتتسارع الحركة كما رسم لها وتتهاوى الأحجار.
بعض الجماعات الجهادية مثلًا تفترض في الإسلامي السياسي أن يكون في جانبها بما أنهما الاثنان في وصف واحد (إسلامي)، في الواقع أن السياسي سينحاز للسلطة لمعرفته بفشل ذلك الجهادي، الذي سيقدم كقربان في أي اتفاق سياسي، وهذا الغباء يلف الجماعات المقاتلة باسم السلفية اليوم بشكل فظيع.
الوعي السياسي مرتبط بالتكلفة والنتائج، فهل نتيجة فعل تستحق ما يدفع لأجله من تضحيات أم لا، في الكتابات الكلاسيكية ككتابات سيد قطب، كما في (المعالم) : لا نعد من معنا بشيء غير الجنة !، وهذا ينسف أي وعي سياسي تمامًا، فهذا كمن يقول لك اعمل عندي ولك الجنة، المحصلة ستكون عبدًا بالمجان، إن أي تكتل، بل أي موقف سياسي غرضه الوصول إلى النتائج التي تراها نظرية ما أفضل لمصالحها.
على أن الواقع ليس أعدادًا صحيحة، بل كسور عشرية، فلا يمكن تحقيق ما تريد تمامًا، فحتى البناء الهندسي، يختلف ما بين الواقع والرسم على الورق.
إن غياب الوعي السياسي هو الذي يجعل من التحليلات الإسلامية تقول إلى اليوم: متى أعطيت الحرية للشعوب ستختار الإسلاميين، بأي ميزان يقاس هذا، على أن عام الوفود الذي أسلمت فيه القبائل، أعقبه بقترة وجيزة عام الردة ! عن الإسلام، طبعًا هذه مقارنة مجردة لموضوع الدين، وإلا فالربط بين اختيار الإسلامي والإسلام محل بحث طويل.
من قال بأن الشعوب تختار دومًا الصحيح، وهذا يجرنا للحديث عن الانتخابات، والثورات بلغة طوباوية، فليست تلك الوسائل حتمًا تفرز الأصلح، بل إنها تنتج ما تنتج وفق ظروف موضوعية، عبر ما تظنه تلك الشعوب من مصلحتها، وقد لا يكون ظنها صحيحًا، أو يكون صحيحًا لكنها لا تسلك الوسائل الصحيحة لتحقيقه.
إن التحليلات السياسية للإسلاميين كانت عادة ساذجة، والممارسات لم تكن لتختلف كثيرًا عن غيرهم، ولنأخذ على سبيل المثال الموقف من العسكر، فبعد التحالف مع عبد الناصر في مصر، وإنتاج ما كان في غير صالحهم، كان عبد الله عزام يقول بأن الحركة الإسلامية تعلمت الدرس تمامًا، ولذا لن تعقد أي تحالف مع العسكر، فهل هذا صحيح !؟ أم هذا خطاب تعبئة، أو حديث نفس فحسب.
إن الإسلاميين تحالفوا في مصر مع المجلس العسكري فترة، وكانوا يحسبون أنهم يكسبونهم ببعض الخطابات السجعية في مدحهم.
بل من أعجب ما قرأته يومًا كلام المراكشي في (العلمنة من الداخل) بأنه ليس ضد الانقلابات لأنها انقلابات، بل متى كانت لا تحقق الشريعة، ومتى لم تحقق الشريعة فهو ضدها.
إن عدم تدخل العسكر في السياسة مسألة مؤرقة لأهل الفكر السياسي كما يقول ديفورجيه في كتابه (مدخل إلى علم السياسة) ويغفل عزام عن كون "المجاهدين" الذين كانوا حوله يصنفون على أنهم عساكر، وهو الذي يريد أن يستلموا حكمًا، وداعش مجموعة من العسكريين، استلموا حكمًا، وفي وثائق أبوت أباد، يرى ابن لادن لحركة الشباب "العسكرية" أن يعلنوها إمارة، أي أن يستلموا حكما، وهكذا، فهو إذن لا يتحدث عن وعي سياسي، بقدر أنه يختزل تجربة ويعممها ذاتيًا على حركة !.
وهذا مصاب يعتري كثيرًا من الأيدلوجيين، يحسبون أنهم متحدثين رسميين عن أيدلوجيتهم! فواحد مثلًا يصور موقفه ويقول هذا موقف الإخوان، وفي الواقع ستجد مواقف متنوعة على عدد متخذيها، وكلهم ينسبه إلى المجموع.
في الحالة السلفية تجد هذا ظاهرًا عندما، يقال مثلًا فلان مبتدع، هذا يفترض أنه يتحدث باسم كل السلف !، من أبي بكر إلى آخر تابعي.
ويبدأ الخلاف حتمًا مع سلفي آخر يرى عكس هذا، وتبدأ معركة طويلة كما نجده في الخلاف بين المدخلي وعلي الحلبي، فالأخير يثني على أقوام، والأول يذمهم، لتكون النتيجة أن واحدًا خالف السلف الصالح !.
إن الوعي السياسي مفتقد لعدة عوامل، منها غياب ربط المسائل بنتائجها، وأحسب أن هذا من التأثر بالخطابات الأشعرية التي سادت قرونًا ليضحي السبب عندهم ما يوجد الشيء عنده لا به، فالواقع منفصل كل عن بعضه، وفقط علاقاته عادية، ومجرد اقتران لا تأثير لواحد في آخر.
على هذا النحو يختصر ابن الجوزي الحكاية بعبارة "العباد مطالبون بالأوامر لا بالأقدار".
فأنت وظيفتك أن تنفر، أما النصر فمن الله، وكأنه لا علاقة للنفير بالنصر !.
وبالتالي لا يوجد أي أرضية للمساءلة، وعلى سبيل المثال دخلت داعش حربًا ضروسًا في كوباني استنزفت عناصرها هناك، وخسرت المعركة، مع ضمان عدم مساءلة أي قائد عن قرار الدفاع عن تلك البلدة.
مما يذكر ببيت ساخر :
لا عليك.. لم يضع شيء، وأصلًا لم يكن شيء لديك !
وإن النص المذكور في (جوهرة التوحيد) يعبر عن أصل أصيل في التعامل مع الوقائع والأخبار في الحالة السياسية :
وكل نص أوهم التشبيها *** أوله أو فوض ورم تنزيها
لكنه هنا، كل خبر أوهم الخسارة، أو الفشل.
فلو أتيت له بكل خبر عن هزيمة منطقة تعامل معها على هذا الأساس :
1 – ينفي الخبر.
2 – إن كان قد استقر عنده، يقول هذه ليست هزيمة، كر وفر !
على هذا الأساس يمكن اعتبار عنوان هزيمة 67 (نكسة)، مجرد نكسة، والحيل اللفظية والتبريرات طويلة لا شك في الخطابات الإسلامية وموروثات القومية الناصرية.
حتى تصل الهزيمة لمعناها بأنها الهزيمة النفسية، والنصر هو النصر النفسي ! أو المعنوي، إذن لا حاجة لأي أرقام.
إن الفكر السياسي يجب أن يحدد مفاهيم النصر والهزيمة ابتداء بشكل عام، لتضحي عامة في البشرية، فلا يقولن ياباني، ألمانيا خسرت الحرب العالمية الثانية أما اليابان فلا !
لا بد من معيار عام للجميع، إلا أنك تجده ألمعيًا في ترديد محفوظات التاريخ، ولكنه سريع التباهي بالانتصارات فيما كانت موجودة عند كل الدول التي قيل إنها هزمت !.
إن تسمية الهزيمة باسمها ليس شيئًا سلبيًا بل هو تعامل مع الوقائع كما هي، وأي إنسان لا يعرف معنى الهزيمة، فحتمًا لا معنى للنصر الحقيقي عنده.
إن النظر للأسباب الواقعية، هو ما يحيي موضوع المساءلة الحزبية، والنقد الذي هو حياة الأمم، لتستبعد العناصر الخاطئة في أنماط تفكيرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق