7.04.2016

مجرد تساؤلات

8 يونيو 2015

مجرد تساؤلات 1

سأسلط الضوء على عدة مسائل، تتعلق بالنظام الرأسمالي، الذي ينفرد بالعالم اليوم، والتي أرى أنها في جانب غائب عنالإسلاميين – كما يصنفون، ولم تلق من جهدهم الكثير في بحثها، ويحسن أن أبين أمرا قبل الشروع في تلك التساؤلات، وليكن المثل بعيدا عن تمثيلات المعارك، متعلقا بالرياضة، أنت في فريق يصارع فريقا آخر، أنت تسلم أن كل الفريق الآخر خصمك، لكنك لن تسجل أي هدف ما لم ترى الركيزة الأساس فيه (والثغرة الأهم فيه) لتحقق الفوز.
هذا المثال يصور أن الإسلامي قد ينتقد أمورا كثيرة في الأنظمة الرأسمالية من اللباس إلى الأخلاق إلى المناهي اللفظية لكن في الأساس (هذه الأمور ليست حجر الزاوية فيها) بل إنه (الاقتصاد)..
فنريد أن نبحث في (حجر الزاوية) لا كل ما ينتقد فيما تتساوى فيه الرأسمالية وغيرها فمثلا انتقادك لدعاية لشركة تتاجر بالخمور هل هو لمجرد الخمور تتساوى في هذا مع أي بائع في القرون القديمة؟ بمعنى أنك هنا تتجاوز دورها في الإستغلال العالمي والقتال وبشراسة عن مصالحها حتى ولو على حساب الطبقات الدنيا، هل هو بمجرد الخمر؟ لنغير الخمر كليا ونعتبر الشركة ستبيع القمح هل ستتغير المفاصل في عملها (احتكارات – استغلال – يصل إلى حد اللعب بسياسات دول)؟
ثم يقال هل تغيير هذا النموذج وهذه المفاصل هل يكون (بالإقناع) في تجاوز للتغيرات الجذرية التي طرأت على العالم؟
مثلا نحن نعلم أن المجتمعات في القرون الماضية كان الدين يشكل محورا مهما في بنيتها، فإذا أسلم قائد المجتمع أسلم أتباعه وتغيرت سياسة ذلك المجتمع كليا بمجرد تغير الولاء الديني، ولذا تجد في السيرة عاما للوفود، وبعده بمدة قليلة عام الردة!!، لكن هذا يختلف عن المجتمعات الحالية، والتي تجد الاقتصاد بطفرته الحالية لم يجعل من الدين والقناعات إلا عاملا ثانويا! لا يعني أنه لا يؤثر إنما التأثير ثانوي في المجمل العام.
لذا تجد القادة الغربيين قد يقولون تصريحات عنصرية ولا شك أن لها أثرا لكن الأثر الحاسم في القرارات الأخيرة هو للمصالح الإسترتيجية وأساسها الاقتصاد في الدفة السياسية.
نأتي للتساؤلات هنا، هل الإسلاميون في خصومة حقيقية مع الرأسمالية؟ أم يطرحون رأسمالية كاملة المفاصل مع تغيير في الضوابط مثلا نحن نعلم أن الدول الرأسمالية تحرم عددا كبيرا من المنتجات مثل المخدرات هل الإسلامي يوافق الرأسمالي الغربي في أساس الرأسمالية إنما الخلاف فحسب في ضوابطها؟
قد يقال أنهم في خصومة مع الاشتراكية والماركسية بوصفها ملحدة، وهنا يبرز سؤال وهل الرأسمالية مؤمنة؟!
عندي ملاحظة هنا وهي التلاعب بالألفاظ أمام الأتباع، فهناك من يقول الديمقراطية كفر ثم يقول نحن ندخل اللعبة الديمقراطية من باب الديمقراطية السلوكية لا الفلسفية، لا الغربية انما جانب الانتخابات، المحصلة واحدة انت تريد نظاما، ينتخب فيه السلطة، ولهم برلمان، ولا يقبل نصوصا (من السماء) بمعنى أن البرلمان يشرع عن طريق التصويت لا عن طريق الاستنباط الشرعي باختصار هناك فرق بين البرلمان وأي مجمع فقهي واعتقد ان هذا واضح.
السؤال هنا هل تقبل انت الراسمالية السلوكية وترفض الأخرى؟ ما هو الطرح.
طبعا عندنا الحل الأجمل (لا هنا ولا هناك = على وزن لا داخل العالم ولا خارجه) لا اشتراكية ولا ماركسية ولا راسمالية بل الإسلام!
علما اننا لو بسطنا الموضوع اكثر فالحديث عن الملكية والسوق الحرة أم تقييد الحرية وتدخل الدولة وتوزيع الثروات هنا نحن أمام حلين لا هناك تدخل وهناك عدم تدخل هناك مصادمة مع الملكية وهناك محافظة عليها.
فمثلا كان كينز يرى ضرورة تدخل الدولة في الاقتصاد في حالات، وهايك ضد التدخل بكل اشكاله وهما لم يخرجا هنا عن الرأسمالية لم يقل كينز انا لا راسمالي ولا اشتراكي انما شيء مخترع ثالث!
تستطيع ان تزج بالثالث هذا في كل شيء ويمكن ان يكون المثال مضحكا لو قلنا انت مع البحث الطبي ام لا فتقول لا هنا ولا هناك انما الإسلام!
ونحن نعلم ان البحث الطبي قد يعني امورا اخلاقية وغير اخلاقية مثل التجارب على البشر واستنساخ الأجنة وبيع البويضات عموما وغيرها كونك تريد ضوابط لا يعني انك اخترعت شيئا ثالثا! انما انت مع البحث العلمي بضوابط.
وهذا يجرنا لموضوع هل انت مع الراسمالية بضوابط؟ ام لا.
يتبع...

 مجرد تساؤلات 2


في كتابه (الغياثي) يطرح الجويني مسألة افتراضية بالنسبة لزمنه (القرن الخامس هجريا) وهي لو تطاول الزمن وعطلت الزكاة وصار عندنا أغنياء "فوق الريح" وأناس فقراء هل يكفي الزكاة فحسب؟ يطرح هو جانبا آخر، وهو ضرورة الأخذ مما زاد على الزكاة اتساقا مع ضوابط الشريعة عامة، وإن تعنت أحد وطلب دليلا خاصا ذكر آية " والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم "..
(
لاحظ هنا الجويني يقول بوجود تغيرات كبيرة بتغير مسألة تعطيل الزكاة مثلا فكيف إن كان الأمر فوق ما تصوره من وجود رأسمالية تطحن دولا كاملة لصالح شركات عالمية قمة في التوحش؟ هل سيبقى الأمر فيما يطرحه الجويني هنا؟
ابن تيمية نموذج آخر يوجب تسعير قوت الناس في وقته، من باب ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب، فلو لم يحصل هذا واكتفى بأمانة الناس لمات الناس بسبب عدم التدخل (مع ورود حديث يفيد عدم التسعير)!
المهم هنا انتباه مهم للتغيرات في عصره، فكيف لو رأى الذي حصل اليوم من تغير جذري والاقتصاد ركن كبير في التأثير.
لنأخذ مثالا على هذا، العامل الذي يعيش في مجتمع تسيطر عليه المؤسسات الرأسمالية، والتي يعمل في واحدة منها مثلا 10 سنوات أو 20 بمعنى انه يفقد القدرة على الدخول في مؤسسة أخرى بسبب استنزافه هذا الوقت، مثلا الرجل يعمل في السيارات الـ 20 سنة تعني انه لو خرج منها بعد هذه الفترة سيكون هرما على الدخول في شركات أخرى.
إنه جزء من آلة التشغيل للشركات وتقادمه أيضا يفقده القدرة على منافسة العمالة الشبابية القادمة، ما الطرح التقليدي هنا؟ هل يوجب الفقهاء التعويض والأتعاب أم حصلها العمال بإضراباتهم وفهمها العالم بشبح وصل إلى التهديد بحرب نووية عالمية أيام الإتحاد السوفييتي.
تحديد ساعات العمل، هذه إجارة وفق التفكير التقليدي ما الضير أن يكون 7 أو 12 إن كان العامل موافقا؟ لكنه في الواقع مكره لأنه إن لم يقبل سيموت جوعا!(وهنا نتحدث عن نمط للتحليل لا يكتفي بترديد محفوظاته التقليدية).
هل التذمر الإسلامي احيانا من الراسمالي هو تذمر حقيقي؟ ام مجرد تذمر شكلي عن ضوابط الشركة ونية الفرد ونحو هذا؟
يبرز هنا ايضا مبحث آخر، وهو ان التيارات الإسلامية تكاد تنحصر في التفكير والطرح بالفرد لا الطبقة، هناك فرق ظاهر بين التاجر كفرد لا يريد ان يستغل أحدا وووو.
وبين مجموع التجار وطبقة الرأسماليين (لا نتحدث عن فرد) هل مجموع الشركات يصنع حالة إكراهية للعمال إما الرضى بشروطهم أو عدم العثور على عمل ام لا؟
هذه الزوايا لا تكاد تجد أي تفكير جدي فيها، وإن وجدت إجابات تكاد تجدها تدور في فلك التزويق اللفظي والبلاغات الخطابية!
حاليا تجد مثلا من الإسلاميين من يؤيد التجرية التركية بصورة كبيرة (التجربة تلك بماذا تخرج عن الحيز الرأسمالي؟)
وما الفرق بين أي دولة رأسمالية وتركيا؟ بوجود أي حزب فيها؟
قد يقول لكنهم لا يؤيدونهم إلا لموضوع الإسلام! في وقت تجده معترضا على السعودية بشدة ولو بحثنا عن نسبة الإسلام المطبق بين الدولتين، ستكون تركيا الغالبة لربما!
الخلاف مع الملكية أم الرأسمالية أم لا خلاف مع الإثنين أصلا؟ الموضوع مبدأي في كل زمان؟ أم انتهازي مصلحي، لا شك أن كثيرا من الإسلاميين طرحهم الفكري (سمك – لبن – تمر هندي) لكن هذه الأسئلة تبقى حاضرة عليهم وبشدة.
نظرهم للمشكلة الرأسمالية الغربية هل يكون بإقناع الشركات (شركات النفط – السلاح – المشروبات الغازية) بالإسلام؟ ولنفرض جدلا ان صاحب الشركة أسلم ماذا بعد؟؟ هل هذا سيسقط طبقة الرأسماليين الكبار؟ بإثناعهم فردا فردا!!؟ حتى الطرح الثوري لم يكن للمشكلة الاقتصادية كبير بحث! بل تجد الأمر حربا على الملكية بانها كفر كونها لم يقيم عددا من الأحكام ثم يقيم ملكية على انها إسلام (او شبه ملكية!).
ما الطرح الحقيقي بدون الأحكام المجردة التي تتعامل مع كل جزئية بحكم مجرد، فنحن نعلم كمثال أن وجود فقيه يفتي في موضوع الطلاق لن يحل المشاكل الأسرية بمجرد فتاويه!.
ويبقى الأمر مجرد تساؤلات...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق