7.04.2016

تعليق سريع على موضوع المناقشة والمناظرة.

3 أكتوبر 2014

تعليق سريع على موضوع المناقشة والمناظرة.


نقل ابن حجر في (الفتح) أنه قد قيل سمي النقاش نقاشا لمشابهته المنقاش، فكما يستخرج الشيء بالمنقاش، تستخرج الحقيقة بالنقاش!
فهل كل نقاش تستخرج به الحقيقة؟! جوابه مشاهد، ولذا سعى أهل المنطق للكتابة لا في قوانين المنطق فحسب بل في الإلزام والجدل وأنواع السفسطة!
واعتنى كثير من المصنفين في آداب الجدل وضوابطها كقولهم لا ينسب الانقطاع لمن رفض المناظرة!
واشتراط الغزالي أن يكون المناظر مجتهدا في مذهبه، يعرف ما له وما عليه!
وهذا بقطع النظر عن كونه محقا أم مبطلا، فقانون المحاججة عام لهما، صورة بقطع النظر عن مادته.
وقد أوصى الأشعري بعدم المناظرة حين الخوف، كون المناظر يسعى للدفع عن نفسه لا بيان قوله والمحاججة عنه.
ويدخل في هذا ما يمكن تسميته بـ (التشنيع الخطابي)، كخطاب المناظر لأنصاره! استصراخا لهم وإرهابا لخصومهم! وكنبزه لمخالفيه بما هو محل البحث كقوله: (مبتدعة) والنقاش يدور أصلا في مسألة لم يتم الاتفاق على بدعيتها! فكيف إن كان نبزا بما لا يعرف له حد ولا مكان له إلا في قواميس الشتائم كقوله: (حشوية)!!
ووسط بينهما نبز مخالفيه بـ (المجسمة)! في بحث القضية ابتداء والذي يسبقه البحث في أصول المعيار لرفض أو قبول ما قيل فيه.
ومما ينبغي ذكره المنهج، فلا يعقل أن يكون المناظر ظاهريا في احتجاجه على خصومه من كلامهم، باطنيا إن احتجوا عليه بكلامه!
فما ذكره عن خصمه يجعله من الواضحات المحكمات ولا يقبل تخصيصا له بسياق ولا قرينة بل ولا نص آخر ظاهر في معناه.
أما إن احتج عليه خصمه بشيء من كلامه! فيجعله مخصصا دون برهان، ومجازيا دون قرينة بل لا يمنعه الحياء من جعله طلاسم ورموزا يتأولها كيف شاء!
ثم من شروط المناظرة، اعتبار الخصم كفؤا لخصمه، فلا يعقل مثلا اتهامه بعدم فهم الكلام! إن عارضه وهل هذا إلا مغالطة تنسف المناظرة إن صحت.
فإن كان لا يفهم فعلام تناظره بحجج القلب والكسر والمعارضة وغيرها من فنون الجدل!
أيعقل لفارس أن يبارز صبيا لا يحسن حمل السلاح ولا الضراب به؟!
ثم إن غلب فأي نصر هذا الذي تكتب له الأمجاد؟! أحديث مع من لم يفهم! فهذه تساوي خطبة في فلاء!
فإن كان خصمك لا يلتزم بما سبق فلم الحرص على نقاشه، بل هو في ميزان المناظرين خفيف!
وألفت النظر إلى أن الشهادة لفلان بأنه قوي في المناظرة من أنصاره ليس بالأمر الصعب! فكما قال أفلاطون: لا تحتاج جهدا كبيرا لتنال إعجاب الناس الذين تثني عليهم! ولذا كان يحط في محاوراته على أهل الكلام الذين لا يعرفون غير الطرق الجدلية الالزامية لا الطرق البرهانية.
وهذا بطبيعة الحال لا يمنع التعقيب أو الاستدراك أو التعليق عليهم، لكنه يمنع المناظرة، فلا يجعل صخابي الأسواق في محل التأصيل والتفريع!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق