مقال قديم بعنوان:
(منطق بين منطقين)
كنت ولا زلت حريصا على تتبع مؤلفات ابن تيمية،
ومعرفة تسلسلها الزمني لمعرفة التطور في العقلية الكامنة خلف تلك المؤلفات، وخلال
قراءتي لكتابه: " الرد على المنطقيين " ط إدارة ترجمان السنة لاهور -
باكستان، الطبعة الثالثة 1977 م، كنت أجد أنه زبدة لكثير من مؤلفاته العلمية حتى
كدت اوقن انه من آواخر ما ألف ابن تيمية، ليس فقط من خلال احالته لكتبه المتأخرة
كالصفدية ودرء تعارض العقل والنقل، وارشاد الحيارى، بل من خلال مضمون سطوره، وما
أن وصلت نهايته حتى ظفرت بنص من الناسخ يعتبر غاية في الأهمية، وهو التالي ص 545:
" بلغت المقابلة بأصل المصنف بخطه المقروء عليه - رضي الله عنه - في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة في سبع ذي الحجة وقد قرأت عليه أوائل هذه النسخة وكتب بخطه على هوامشها زيادات "
فيكون هذا في العام الذي توفي فيه ابن تيمية وكان عمره وقتها 67 عاما، فيكون الكتاب بحق من خلاصاته العلمية والفلسفية فرأيت ان اتعرض له بشيء من الإضاءات:
وسمت المقال بـ منطق بين منطقين وذلك انه تعرض للمنطق بشكل متميز عن منطقين، منطق الرافض لكل ما فيه كما فعل السيوطي فيما بعد وصنف (القول المشرق في تحريم المنطق) ولقبول المنطق بل ايجابه كما فعل الغزالي في مقدمة المستصفى في اصول الفقه.
فانك تجد ابن تيمية لا يرفض المنطق هنا كليا انما ينقده بمنطق واع ويناقش ويظهر حسنات بعض اجزاء المنطق ويرد على اجزاء اخرى ولما نتحدث عن المنطق هنا فإننا نتكلم عن المنطق الارسطوطاليسي الذي ساد في القرون الوسطى.
وان المطالع لكتب المنطق الحديث يجد ان مفكريه أخذوا بكثير من مضامين النقد التيمي وان لم يثبت عندي حتى الان صلة مباشرة ولكن العقول مشتركة وقد يترادف النقد رغم بعد المكان والزمان، ولكن نستطيع ان نقول ان نقد منطق ارسطو في الغرب لم يبدأ الا بعد عصر النهضة وكان ابن تيمية سباقا في نقده.
وسأتعرض لبعض الاضاءات التأسيسية والنقدية في كتاب الرد على المنطقيين وما هي بعض آثراها المعرفية بل والعملية عبر تحريك الافكار..
" بلغت المقابلة بأصل المصنف بخطه المقروء عليه - رضي الله عنه - في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة في سبع ذي الحجة وقد قرأت عليه أوائل هذه النسخة وكتب بخطه على هوامشها زيادات "
فيكون هذا في العام الذي توفي فيه ابن تيمية وكان عمره وقتها 67 عاما، فيكون الكتاب بحق من خلاصاته العلمية والفلسفية فرأيت ان اتعرض له بشيء من الإضاءات:
وسمت المقال بـ منطق بين منطقين وذلك انه تعرض للمنطق بشكل متميز عن منطقين، منطق الرافض لكل ما فيه كما فعل السيوطي فيما بعد وصنف (القول المشرق في تحريم المنطق) ولقبول المنطق بل ايجابه كما فعل الغزالي في مقدمة المستصفى في اصول الفقه.
فانك تجد ابن تيمية لا يرفض المنطق هنا كليا انما ينقده بمنطق واع ويناقش ويظهر حسنات بعض اجزاء المنطق ويرد على اجزاء اخرى ولما نتحدث عن المنطق هنا فإننا نتكلم عن المنطق الارسطوطاليسي الذي ساد في القرون الوسطى.
وان المطالع لكتب المنطق الحديث يجد ان مفكريه أخذوا بكثير من مضامين النقد التيمي وان لم يثبت عندي حتى الان صلة مباشرة ولكن العقول مشتركة وقد يترادف النقد رغم بعد المكان والزمان، ولكن نستطيع ان نقول ان نقد منطق ارسطو في الغرب لم يبدأ الا بعد عصر النهضة وكان ابن تيمية سباقا في نقده.
وسأتعرض لبعض الاضاءات التأسيسية والنقدية في كتاب الرد على المنطقيين وما هي بعض آثراها المعرفية بل والعملية عبر تحريك الافكار..
1
- اثباته للتحسين والتقبيح العقلي: وفي هذا مخالفة
للأشعري وأصحابه ممن لا يثبتون التحسين والتقبيح العقلي وعند الاشعري ان الحسن
والقبح انما يعرف بالشرع لا بالعقل، وهذا مخالف لإجماع السلف كما يقول ابن تيمية
في كتابه الرد على المنطقيين.
ببساطة هل المحرم شرعا قبيح عقلا؟ وهل يمكن معرفة قبحه قبل معرفة حكمه، والحلال هل فيه خاصية تقضي بحسنه عقلا؟
الاشاعرة لا تثبت التحسين والتقبيح العقلي، خلافا للمعتزلة، ولكن ابن تيمية يثبت تحسينا وتقبيحا عقليا وهو مخالف للمعتزلة في موضوع القدر، وللتحسين والتقبيح اثر عند المعتزلة في موضوع القدر وابن تيمية يجيب على المعتزلة عقلا وشرعا.
ومن باب تحريك الأفكار نقول ان اثبات ابن تيمية للتحسين والتقبيح العقلي يفيد كثيرا في مسائل منها:
1 - ان معرفة خواص الاشياء حسنا وقبحا ليس متوقفا على الشرع كما هو قول الاشعرية، وفي هذا فتح لباب دراسة الاشياء! وعدم التوقف على الشرع فحسب.
2 - اثبات خاصية التحسين للحسن والتقبيح للقبيح عقلا يضع العقل بمرتبة سنية، والعقل مشترك انساني وهذا يدفعنا لنستفيد من تراث الاخرين العقلي! وهذا لاينسجم مع نهج الاشاعرة!
3 - امكانية الالتقاء مع الاخر في نقاط مشتركة عقلا، وهذا بعيد على الاشاعرة، فكون الشيء محرم شرعا يعني انه قبيح عقلا على منهج ابن تيمية، وبالتالي فيمكن الوصول الى هذا مع العقلاء حتى ولو لم يكن منهجهم شرعيا وهذا مفيد جدا في مسائل متعلقة بالسياسة الشرعية.
2 - الاستفادة من التراث المنطقي في التمييز.
فابن تيمية يركز على صورية المنطق الارسطوطاليسي، ويؤكد انه لا يعرف المرء بالحقائق كما هو نقده لموضوع صناعة الحدود المنطقية، الا انه يثبت ان الحد مفيد في التمييز، تمييز الشيء على غيره وهذا يجعلنا ننظر الى نقد ابن تيمية على انه محاولة لتقنين الاستفادة من المنطق، فهو لم يأخذ بحلوه ومره كما فعل الغزالي ولم يرفضه كليا كما فعل السيوطي.
ببساطة هل المحرم شرعا قبيح عقلا؟ وهل يمكن معرفة قبحه قبل معرفة حكمه، والحلال هل فيه خاصية تقضي بحسنه عقلا؟
الاشاعرة لا تثبت التحسين والتقبيح العقلي، خلافا للمعتزلة، ولكن ابن تيمية يثبت تحسينا وتقبيحا عقليا وهو مخالف للمعتزلة في موضوع القدر، وللتحسين والتقبيح اثر عند المعتزلة في موضوع القدر وابن تيمية يجيب على المعتزلة عقلا وشرعا.
ومن باب تحريك الأفكار نقول ان اثبات ابن تيمية للتحسين والتقبيح العقلي يفيد كثيرا في مسائل منها:
1 - ان معرفة خواص الاشياء حسنا وقبحا ليس متوقفا على الشرع كما هو قول الاشعرية، وفي هذا فتح لباب دراسة الاشياء! وعدم التوقف على الشرع فحسب.
2 - اثبات خاصية التحسين للحسن والتقبيح للقبيح عقلا يضع العقل بمرتبة سنية، والعقل مشترك انساني وهذا يدفعنا لنستفيد من تراث الاخرين العقلي! وهذا لاينسجم مع نهج الاشاعرة!
3 - امكانية الالتقاء مع الاخر في نقاط مشتركة عقلا، وهذا بعيد على الاشاعرة، فكون الشيء محرم شرعا يعني انه قبيح عقلا على منهج ابن تيمية، وبالتالي فيمكن الوصول الى هذا مع العقلاء حتى ولو لم يكن منهجهم شرعيا وهذا مفيد جدا في مسائل متعلقة بالسياسة الشرعية.
2 - الاستفادة من التراث المنطقي في التمييز.
فابن تيمية يركز على صورية المنطق الارسطوطاليسي، ويؤكد انه لا يعرف المرء بالحقائق كما هو نقده لموضوع صناعة الحدود المنطقية، الا انه يثبت ان الحد مفيد في التمييز، تمييز الشيء على غيره وهذا يجعلنا ننظر الى نقد ابن تيمية على انه محاولة لتقنين الاستفادة من المنطق، فهو لم يأخذ بحلوه ومره كما فعل الغزالي ولم يرفضه كليا كما فعل السيوطي.
3
- ابن تيمية يجيب في كثير من القضايا العقدية
بمصطلحات فلسفية كـ (الحدوث، التسلسل، الامكان، الوجوب)! خارجا عن المألوف في
مدرسة الحديث، وفي نفس الوقت لا يتماهى مع اهل الكلام، بل نجده احيانا ينتصر
للفلاسفة ضد اهل الكلام، ويبين ان الترسانة الفكرية لعلماء الكلام كانت ضعيفة بل
واحيانا متخاذلة في الدفاع عن الإسلام، ويجعل ابن تيمية الجدال من انواع دفع
الصائل وهذا يبصرنا بان ابن تيمية رأى ان المعركة الفكرية تحتاج الى عتاد وشجاعة
واقدام واهلية لدفع الصائل، فكثيرة هي الافكار التي تسللت الى المسلمين في الدين
باسم الدين وعلى عبارته في وصف تسلل تلك الافكار: كمن اخذ عدوا للمسلمين من عسكره
ودسه بين المسلمين بتغيير ثوبه فكأنه في الظاهر منهم!!
اكتفي بهذه الاضاءات السريعة، والحديث عن اي كتاب
لا يغني عن ذات الكتاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق