7.04.2016

الفقه جميعه يمكن تحويره

2فبراير 2015

الفقه جميعه يمكن تحويره

التراث الفقهي بأجمعه، يمكن تحويره ليخدم فئة لحساب فئة، بتغير الموقع الذي ينتمي إليه الفقيه من نظرية المعرفة، كذا عمليات التبرير بل والنقد، كلها تدور في ذلك الفلك.
حتى ولو لم يصرح بانتسابه علنا إلى مدرسة نظرية معينة، فإنه عمليا يسير في فلكها.
ان الانعزال عن الممارسة العملية إلى البحث النظري دون حسم المواقف النظرية لا يخرج إلا وعظا مشوها يعتلي منبر الفلسفة.
ولا تكاد تجد بين أنصاره إلا من شابه المعتقدين بكونهم من الممسوسين والمسحورين وينظرون إليه نظر المخلص!
إن أي عملية تقويم للنظر إلى الواقع كما هو، لا يمكن لها أن تجدي دون صراعها مع أطنان مخالفة لها في نظرية المعرفة!
وإلا فهي تزود أشباه المثقفين بكلمات وكأنها من بنات أفكارهم! ليضاف كلامك إلى خليطهم غير المتجانس.
إن النقاش النظري مع الأفكار المهجنة لا يتم دون إرجاع الهجين إلى أصوله ومعرفة كونه خليطا من تلك الأصول، وإلا فالإلزامات الكلامية هنا هي محض هراء مدرسي.
كما ينبغي التنبه لكون قصور الحسم النظري يدفع أصحابه إلى غطرسة أستاذية حري بمن يسعى لحوارها أن يتريث قبل أي نقاش كونها من مخلفات الزمن! عليه أن يبدي إعجابه بها كتحف فني، واستسخافه لها كأدوات عصرية.
....

قبل فترة قريبة كتبت منشورا مضمونه (ان الفقه جميعه يمكن أن يستعمل لفئة على حساب فئة بتغير موقف من المواقف في نظرية المعرفة، والتغير لا يشترط فيه التصريح بل هو عمليا يسير لنصرة جانب)
وهذا عام في الفلسفة الأخلاقية التي هي أحد فروع الفلسفة، أي تقييم أخلاقي لفعل تابع لأيدلوجيا أو فلسفة لا يمكن اقتطاعه من السياق الذي (وظف) فيه.
لذا لما كان لينين يحارب الأخلاق البرجوازية وسألوه ما هي الأخلاق البديلة قال هي نفس الأخلاق البرجوازية مع فرق توظيفها.
وهذا شيء صحيح فالأمانة للمراقب مثلا لا يمكن فصلها عن السياق الكامل الذي توظف فيه، هو يراقب لصالح من؟
فجماعة لصوص وزعوا الأموال بينهم بالتساوي لا يمكن أن يقال هذا الفعل أخلاقي بالنظر إلى المساواة دون النظر لأصل المسألة كليا!
ثم الاتفاق على أخلاقية فعل تتبع مجمل الأمور المرتبطة به، فالاتحاد السوفييتي مثلا (منع زواج المثليين 1936) فلا يقال هذا مماثل لمنعه في منظومة مختلفة كليا عن الماركسية.
نعود للفقه الإسلامي وهو تراث واسع، وانظر كيف يمكن أن يوظف فيه لخدمة (نظرية - أو أيدلوجيا).
فمثلا لو تم اعتماد مباحث فقهية، كالتعزير، لكن عفوا تعزير من؟ وقلنا كلاما عاما أيضا (من ابتدع في التوحيد).
ستجد الفرق الإسلامية يمكن أن تسحل بعضها لاختلافهم في هذا الباب (الأساسي) في الإسلام!
فالتوحيد عند الفلاسفة (الإسلاميين كابن رشد) يختلف عنه عند المعتزلة عنه عند الاشعرية.
والمبتدع عند كل قوم هو عين المحق عند آخرين.
قد يقال هنا لكن يمكن معرفة الحق، والا كان الامر سفسطة.
فهنا بحثان: الأول وهو معرفة المسائل الشرعية بأدلتها فهذا صحيح.
الثاني مبحث الواقع وهو مبحث أعقد من الأول بمراحل خصوصا أن الواقع لا يوجد فيه تمايز بين العقائد من جهة والاحكام العملية من جهة اخرى والاخلاق والمصالح الخ.
علما أنه لو حصل اتفاق على أمور (كالتعزير وغيرها) ستجد الخلاف في (التعريفات السابقة: كالتوحيد والابتداع وغيرها).
بل قد يحصل اتفاق كامل فيها مع فارق التوظيف في خدمة نظرية دون أخرى وهنا يحصل تصادم.
فمن العبث النقاش في مباحث مبني الخلاف فيها مضمونا أو توظيفا على أمر أعمق من هذا.
فالخلاف موجود أصلا قبل حادث معين، وبعده (فبحث اتفاقهم أو اختلافهم في مبحث جزئي ليس ذا كبير شأن).
وكمثال، لو أخذنا مباحث تعزير المبتدع عند أهل السنة، واحكام الناصبي عند الشيعة سنجد أن بحث المسألة بهذا الشكل يضيعها كليا! اذ هي تابعة لمنظومتين ومصلحتين وسلطتين!
ولو أخذنا أقوال ابن تيمية مثلا في (أهل التمثيل) وقمنا بإلصاقها تحت منظومة (أشعرية) في فهمه سيكون اقتطاعا فجا!
ولذا كان من الفقهاء من لا يرخص بالقصر في سفر المعصية (فهو مخالف للمنظومة التي افترضت إباحة السفر في بحث الرخصة فيه).
وأعتقد أن كثيرا من المسائل التي تثار حولها الضجة من هذا النوع.
مثلا تثار ضجة حول سب الشيخين عند الشيعة، وكأنهم (إذا اتفقوا على منع هذا اتفقوا في كل شيء) فيخرج مرجع يمنع هذا!
علما أن هذا المنع مشابه لمنع اهل السنة بل والمسلمين (لسب الاصنام خشية مفسدة أكبر من مصلحة السب)! وذلك بالنص القرآني، المهم لو امتنع مسلم عن سب الاصنام لم يحصل ادنى تقارب فضلا عن اتفاق مع عباد الاصنام.
وكذلك لو حصل ان تم تنفيذ فعل معين من طرفين على جبهتين بما يتفقان عليه شكلا الا انهما مختلفان على كل الصعد واقلها توظيف هذا الفعل من منظومة ضد أخرى! لم يحصل اي اتفاق واي رضى من الطرفين.
فهنا ينبغي التفطن لامور:
1-
اي فعل اخلاقي داخل منظومة لا يشترط ان يبقى تصنيفه كذلك ان احتوته اخرى.
2-
اي اتفاق على اخلاقية جزئية بين منظومتين ليس في الواقع اتفاقا لاختلافهما في توظيفه.
3-
اي فكرة توضع في غير منظومتها ستكون اجنبية فيه.
4-
اي خلاف فرعي أو اتفاق فرعي ليس اتفاقا ما لم يكن الاساس محل اتفاق.
5-
اي حوار في اخلاقية فعل معين هو عبث ان كان بين مختلفين في الاصول، الا ان يقال (هذا التغير الجزئي بحث مصلحي سياسي) وهذا صحيح ولكنه امر زمني مؤقت فحسب يمكن ان يتغير لادنى تغير بالمصالح أو الموازين.
ودمتم بخير وعافية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق