7.04.2016

إضاءة في طلب العلم من الكتب

1نومبر 2014 (إضاءات)

إضاءة في طلب العلم من الكتب

بعض الناس يشكك في القدرة على طلب المعرفة من الكتب، ويقولون: لا يمكن طلب العلم الا على المشايخ وينشدون في هذا:
ومن طلب العلوم بغير شيخ *** يضل عن الصراط المستقيم!
قالوا: والعلم بالتعلم كما جاء في الحديث، ولا يكون هذا الا على يد شيخ متقن ثقة في دينه وهو كذلك اخذ هو عن غيره، الى ان يصلوا الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، واعطونا عالما لم يدرس على علماء، وها هو الإمام مالك لم يفتي الا بعد ان شهد له سبعون من اهل المدينة، وقد قيل: لا تأخذ العلم عن صحفي ولا مصحفي، وهل يمكن للجاهل ان يطلب العلم عن كتب! وهو قد يقرأ غلطا وبالتالي يفهم غلطا، ولا ينزع العلم انتزاعا بل ينزع بقبض العلماء، وهذا يدل على اهميتهم، ولو كان العلم ممكنا بدونهم لما كان لقبضهم معنى!

فيقال: اما الشعر فهو يقرر ما هو موضع خلاف وبالتالي لم يستدل فلا نناقشه، اما القول ان طلب العلم على الشيخ له فوائده فهذا صحيح ان وجد ذلك العالم المتفنن المتمكن، لكن من اين لهم ان هذا هو الطريق الوحيد، بل لو ضاعت الكتب لضاع الدين كما قال ابن القيم في اعلام الموقعين، فاين هي السنة لولا الكتب؟ وهل يوجد في زماننا من هو مثل احمد والبخاري والنسائي وامثالهم من الحفاظ؟ وان قيل - جدلا - نعم فلا فائدة بوجود من يحفظ بالسند المتصل اليوم لانقطاع علم الجرح والتعديل فهو يحفظ اسانيد لا تساوي شيئا عند النقد والتحرير.
والنفي يحتاج دليلا وخصوصا ان المسألة هذه ليست بديهية فمن اين لهم ان العلم لا يمكن تحصيله عن كتب، وقد افتى عدد من العلماء الذين تلقوا علمهم على مشايخ بامكان تحصيل العلوم بالكتب كما تجد في كتاب العلم وتحديدا في اواخره للعثيمين وكما تجد في بداية الموافقات للشاطبي.
وهناك من الأحاديث ما لا نكاد نظفر فيه بمسموع كأنصبة الزكاة فأصح ما فيه كتاب ابي بكر لأنس وهو كتاب! فهل يقال لا علم الا عن طريق سماع!
اما ما استدلوا به فغايته ان الطلب عن طريق العلماء مفيد لا انه الوحيد!
هذا وجه، وجه اخر في الجواب ان الطلب على العلماء مهم ولكن الخلاف في كيفية التحمل عنهم هل مشافهة ام كتب؟ وهذه الطريق اسد واقوى لكل ذي عينين، فالتحمل بالكتاب صحيح والحديث فيها متصل كما هو مقرر في موضعه، فكيف يصحح الحديث عن الرسول صلى الله عليه واله وسلم بالكتاب ولا يقال بما دونه!
اما التعيير بالمصحفي والصحفي فذلك كان ايام المخطوطات، كما وجهه العثيمين في العلم، اما اليوم فعصر الطباعة والشكل والتخريج والتحشية والترتيب، فهذه الاشكالات تم تجاوزها وقد وقع كثيرا من اخذوا عن العلماء في التصحيف وصنف في هذا (تصحيفات المحدثين).
ثانيا لا نريد الخلط بين التحمل في الرواية وبين غيرها كما وقع لكثيرين، والعلم هو ادراك الشيء على ما هو عليه، وهذه غاية بقطع النظر عن وسيلتها كل وسيلة تؤدي اليها فهي علمية.
ووجدت للسيوطي كلاما في نصر الطلب من الكتاب نقله اللكنوي في بداية الرفع والتكميل، وقد قلت في رسالة قديمة ما معناه ان الكتاب اوثق فالحفظ يخون والكتاب لا، وفي هذا استئناس بحديث (قيدوا العلم بالكتاب) وقد صححه البعض مرفوعا واعله بعضهم وصححه موقوفا على انس وهو الراجح.
اما فعل مالك فليس بحجة في دين الله، والفعل ممن هو حجة على خلق الله ليس بواجب كما هو مقرر في اصول الفقه فكيف بمالك؟ علما انه يمكن توجيه الامر بغير هذا المحمل! اما حديث قبض العلماء بيجاب عنه انه متعلق بذم من يقلد جاهلا ظنا منه انه عالم، فينقلب الامر على من زعم اشتراط السؤال اذ هو في ذم طريقه اقرب من ذم الكتاب، وفي حديث مدح من امن بالصحف وهو صحيح جواب على هذا الاعتراض. والله اعلم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق