7.04.2016

مجموعة منشورات متفرقة عن الداروينية

مجموعة منشورات متفرقة عن الداروينية

 29يناير 2014

إحدى الحجج التي بنى عليها داروين نظريته في التطور هي أن في الكائنات الحية أعضاء ليست ذا نفع لها حاليا ولذا استنتج أنها (أعضاء أثرية) بمعنى أنها كانت ذا فائدة للأسلاف، ولكنها في غمرة التطور بقيت تضمحل لعدم الحاجة إليها وما تبقى هو أثر فحسب لما كان للأسلاف ذا فائدة، وضرب أمثلة على هذا بقوله:
« لا نستطيع أن نعتقد أن لذلك الغشاء الذي يصل بين أصابع أرجل البط الذي يسكن المرتفعات، أو طائر الفرفاط، فائدة ما. كما أننا لا نعتقد مطلق الاعتقاد بأن تلك التراكيب المتشابهة في أطراف القردة وعظم أرجل الخيل الأمامية، أو في جناح الخفاش، وسباحة الصيال، ذات فائدة ما لهذه الحيوانات على أننا مع هذا كله نستطيع أن ننسب وجودها إلى تأثير الوراثة، قانعين بصحة نظرنا فيها «
(أصل الأنواع (نظرية النشوء والإرتقاء)، تشارلز داروين، ترجمة: اسماعيل مظهر، دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، سنة الطبع: 2008، ص 253.)
ولكن هذه الحجة (عدم وجود فائدة لعضو ما) قلبت عليه في نقد نظرية التطور! وقد ذكر هو هذا (القلب) ووصفه بأنه (اعتراض فيه كثير من القوة) في الفصل السابع: (نقائض مختلفة على نظرية الانتخاب الطبيعي) فقال:
« لقد أقام الأستاذ (برون) اعتراضا أشد من هذا نكاية (يتحدث عن اعتراض سابق) وأبعد خطرا، أيده ودعمه من بعده العلامة (بروكا)، ومحصله: أن بعض الصفات تلوح على ظاهرها وكأن ليس فيها من فائدة ما للعضويات التي تختص بها، وبذلك لا يكون للانتخاب الطبيعي من أثر في إحداثها وأيد الأستاذ (براون) معترضه بمشاهدات منها طول الآذان واستطالة الذيل في بعض أنواع الأرانب الوحشية والفئران، وتلك الطبقات المعقدة التي تكون في مينا الأسنان في بعض الحيوانات، وغيرها من الحالات المشابهة التي عددها الأستاذ تعزيزا لمعترضه.... إن في هذا الاعتراض لكثيرا من القوة «
(أصل الأنواع (نظرية النشوء والإرتقاء)، ص 265 - 266.)
هذا الاعتراض يقول بأن في الكائنات أعضاء لا يمكن تصنيفها على أنها أثرية وفي نفس الوقت لا فائدة فيها كطول الأذن وطول الذنب، فلا فائدة في هذا لا للحالي ولا للسلف! وبالتالي فلا يصح أن يقال بالانتخاب الطبيعي الذي يهذب صفات الكائن حسب حاجاته، فوجود هذه الأعضاء لا فائدة فيه أصلا فلماذا وجدت؟!
وهنا يرد داروين على هذا بقوله:
« لست أجد نفسي في حاجة إلى أن أوجه نظر الباحثين إذا ما تصدوا إلى النظر فيما يزعمه القائلون بوجود أعضاء أو أجزاء عضوية معدومة النفع إلى أن تراكيب عديدة قد تعرض في كثير من الحيوانات العليا المعروفة لدينا أصح معرفة وأدقها، وهي على حال من النماء لا يشك أحد، إذا ما رآها، في أنها من أشد التراكيب خطرا وأنفعها، في حين أننا لم نستبن فيها أوجه النفع من قبل، وقد تكون استبينت في بعض الحالات منذ عهد قريب «
ثم شرع في بيان فوائد طول الذيل والأذن التي اكتشفت حديثا.
(أصل الأنواع (نظرية النشوء والإرتقاء)، تشارلز داروين، ص 266 - 267.)
هنا يقول بأن كثيرا مما نجهله عن فوائد الأعضاء في وقت لا يعني عدم وجود فائدة فيها، بل لقد حصل أن عرفنا فوائد لأعضاء منذ عهد قريب كنا نجهل الفائدة منها.
وهذا كلام صحيح، ولكن مهلا! ألم تزعم من قبل بوجود أعضاء لا فائدة منها اليوم للكائن! وأنها كانت مفيدة للأسلاف فحسب وأنها (أثرية)! كالغشاء الذي بين أصابع البط في المرتفعات!؟
ماذا لو قال لك قائل جوابك هنا على الاعتراض عليك يتوجه ذاته على كلامك السابق؟! بأن الغشاء الذي بين أرجل بط المرتفعات له فائدة قد نعلمها غدا على التسليم بأننا نجهلها اليوم، فكيف زعمت بعدم وجود فائدة لها؟ (هذا تناقض) بل زدت على ذلك فحصرت فائدتها بالأسلاف الأولى للبط التي استفادت من الغشاء للسباحة في الماء!
هذا التأصيل الدارويني وكذلك الاعتراض عليه وقع فيما تسميه موسوعة (لالند الفلسفية): « الاستدلال بالجهل «! فكونك جهلت الفائدة لا يعني أنك أثبت عدم وجود فائدة! فالقضية السلبية في المنطق لا تنتج موجبة!
وداروين نفسه رفض الاعتراض عليه بنفس الحجة قائلا ما نجهله اليوم لربما نعرفه غدا! إذن!؟ هذا يتوجه عليه في موضوع (الأعضاء الأثرية) أو سيبقى اعتراض (برون) فيه الكثير من القوة على نظريته كما اعترف هو بنفسه!.

28 نومبر 2015

هناك مشكلة حقيقية في النقاش مع انصار نظرية داروين، في موضوع اعتراف المجامع العلمية بالمسألة، فالعلم (صحة الشيء) تسبق الاعتراف به دوما.
بمعنى آخر أنت تقول هذا الرجل عالم ليس لمحض اعتراف المجامع العلمية بشهادته (إلا من الناحية الإدارية).
فهو عالم في اللحظة التي كان فيها مؤهلا للمعرفة التي تخصص فيها، فلا يكون جاهلا وبلحظة إصدار ورقة في حقه يصير عالما!
كون المجامع تعتبر مسألة علمية، هذا أمر إداري النقاش هو ما هو العلم كعلم بقطع النظر عن كيفية التعامل معه (اعتراف، أو تنكر).
مثلا جاليليو كان عالما، بقطع النظر عن الاعتراف به من عدمه..
وهكذا تسير الأمور.
داروين أتى بنظرية، لا نقاش أن فيها ما هو صحيح، النقاش في مجمل النظرية التفسيرية للوقائع المعينة.
مثلا لا نقاش أن في أرجل بعض البط في غير المستنقعات قطعة لحم بين الأصابع، داروين يعتبرها من مخلفات التطور، كونه لا فائدة منها، هذا التفسير (غير علمي) بل محض مغالطة هو نفسه لم يقبلها في مواضع معينة من نظريته.
نحن هنا أمام طرح فلسفي مبني على مغالطة الاستدلال بالجهل مهما تطور العلم يبقى الأساس هنا فلسفي (هل أقطع بعدم فائدة شيء كوني أجهل الفائدة منه) هذا سؤال لن يجيب عنه العلم التجريبي.
اما عن المجامع العلمية فقد كانت محور التحليل والتفكيك في الفلسفات الكثيرة، لا ننس مثلا ان الماركسية طرحت نفسها على انها تفسير علمي في علم الاجتماع (هل سننتظر مائة سنة) حتى يتغير الموقف!
المشكلة ان نفس نظرية داروين بما حوته من طرح فلسفي زخم لا يعرف انصارها انه مستل من غيره، بل داروين نفسه ذكر اسماء فلاسفة بل واحتج في الفلسفة في كتبه!
فمن العجيب اغفال العصر الذي كان فيه من الاطروحات التي تحدثت عن حرب الكل ضد الكل، وعن سبنسر وعن غيره (انجلز مثلا اعتبر النظرية تعبيرا عن فلسفات السوق الحرة أكثر من كونها علمية صميما).. نيتشه كان له راي قريب (نظرية داروين دعوى اكبر من البرهنة عليها)..
انها تشكل اليوم فلسفة المجامع العلمية لا أكثر، وهذا كمن يخلط بين الغرب وبين العلم فيحسب أن العلم غربي! يتجاوز أن العلم علم، وكونه في موضع لا يعني أن ذلك شرطا فيه.
كمن يربط بين دين الباحثين وعلمهم (فيقول بان النسبية يهودية أو صهيونية اعتبارا باينشتاين)..
الاحتجاج بالمجامع العلمية في موضوع كهذا اشبه بجعلهم كنيسة في الفلسفة هي المرجع والمرجح بين الفلسفات.
خذ مثال طرح داروين عن اصل الدين في كتابه اصل الانسان (موضوع فلسفي) خاضع لعلم الاجتماع الوضعي بدرجة كبيرة (هل هذا ايضا علم).
والطريف انهم يتندرون بغيرهم لما يقول مثلا مجمع فقهي، واجماع وقياس ونحو هذا، ثم هم ينصبون هيئة كبار العلماء بعضوية دوكنز طبعا، ويتلحق الأمور بأشبهها عندهم في هذا!!
إنه دين وفقه جديد! مع فارق ان الدين والمجامع تحدثت عن أمر محصور وهم يتكلمون في العلم التراكمي التجريبي غير المحصور.

1فبراير 2016

الداروينية وتشريع الأمر الواقع!

كان نيتشه قد أعلن في كتابه هكذا تكلم زردشت عن موت الإله، ذلك الإله الذي نصره دوما توما الأكويني المحرك الذي لا يتحرك، ذلك الإله المليء بالأسرار وبما فوق العقل البشري بزعمهم من ثالوث وناسوت ولاهوت وسر التجسد الخ!
نيتشه نفسه كان يرى أن الداروينية دعوى أكبر من شقها المبرهن عليه.. وهذا لم يمنعه أن يتقاطع مع داروين فلسفيا الأمر الذي سيظهر جليا في كتاب هتلر كفاحي جامعا بين إرادة القوة النيتشوية وبين تطورية داروين.
العقل الأوروبي تلقى تلك الصدمة الرهيبة التي هزت ثقته بالدين، واتجه صوب البحث عن البدائل، كانت هزته الثانية العنيفة مع كارل ماركس، الذي عرى الرأسمالية وما لفها من أفكار وآراء.. إلا أن الأنظمة الشمولية التي أفرزتها، إعدام الملايين من البشر كان منفرًا عن هذا فما العمل!
هنا يرتمي العقل الأوربي في اللا أدرية، والتشكك، والبحث في أحافير معرفته في السجون، والمارستانات كما فعل فوكو (كان شيوعيا افي السابق).
كان الأمر يضيق الخناق جدا على العقل بل والفلسفة بعد الماركسية، حتى صارت بحق آخر الفلسفات الكونية، التي سعى العقل الأوربي المثقف إلى رفضها وتفكيكها!
هنا يطل داروين مرة أخرى، وهو الذي لم ينعزل عن الحياة الأوربية في ظل الرأسمالية، إنه الذي يسمع صباح مساء أن الرأسماليين الكبار ليسوا مستغلين بل إنهم أفراد دخلوا صراع السوق الحر ونجحوا بتطوير قدراتهم إلى أن وصلوا إلى سدة الأمر! وبإمكانك أن تصير مثلهم، لم يعد يصغي عن نشوء طبقة الرأسمال بسبب الحروب والاستغلال والإبادة.. ولا يريد الحديث عن تغيير وأمل فيه، بل إن كان الأمر كما هو في الواقع فليبق الواقع دون البحث في واجب لتغييره!
كانت الداروينية تفعل فعلها في الاقتصاد وفريدريك هايك يعطي نصائحه الاقتصادية بعدم تدخل الدولة أبدا فيه، فالاستقرار سيتطور عبر صراع البقاء، وسيفرز أفضل الاقتصاديين وتتحسن الأحوال للأفضل عبر عملية داروينية اقتصادية هذه المرة!
بعد ضياع القيم الدينية بإعلان نيتشه، وسقوط الماركسية في شبح الستالينية، وجدار برلين..
كان لا بد أن تطل الداروينية كمعتقد يسد مسد الفراغ، لكنه هذه المرة لا يسعى للتغيير بقدر تفهم الموجود، إن الطبيعة لا صح ولا خطأ فيها! بل فيها صراع، وانتخاب طبيعي، لا تحكم عليه بقانون أخلاقي بل ما يجب أن يحصل هو ما يحصل بالفعل!
إنه مثل الجبرية تماما، إنه الموقف الذي يرتمي به عقل أعلن تخليه عن الفلسفة اسما وسقط بتبني الداروينية التي تعطيه تشريعا أخلاقيا لماذا هو جزء في نظام يقوم على الديمقراطية وحقوق الانسان وفي نفس الوقت يعيش على نهب الدول الافريقية! والآسيوية وغيرها!
إن هذا ما يحصل وما لا يتوقع كائن ان يتغير! إن تلك الشعوب لم تتطور كفاية وهذه الشعوب تطورت ومن حق المتطور العيش طبيعيا على حساب غيره!
إلا أنه كتطهير عن ذنوبه وشيء مما تبقى من ضميره، يتبنى عشرة أفارقة! ويشعر أنه أحسن من العالمين بإحسانه ذلك!
إنه يتصدق على خمسة من آلاف شارك مستغليهم في غلاتهم!
وتحدثه نفسه بعبارة قديمة (ليس في الإمكان أفضل مما كان)!
طبعا دين هذا العصر (العلم)، فدعايات ناشونال جيوغرافك عن أدوية الصلع والمقويات في غيرها! تكسب أرباحها بسبب أن القناة ثقافية علمية! لذا تتجه للإعلان عنها..
هذا كله يلف نظرية داروين.. والتسويق لها..

5 ابريل 2016

الداروينية تشكل أفضل فلسفة للواقع المعاصر بما تفرزه الراسمالية الحديثة، انها تكشف القناع للخطابات الاخلاق الافكار على انها مجرد وسيلة واداة للانسان في صراعه من اجل البقاء، وبالتالي فليس لها كبير وزن في الواقع، فكما قال هتلر الاخلاق جاءت لتحسن حياتنا، ولكن متى تعرضت الحياة للخطر، فسنكون في حرب مفتوحة لا مجال فيها للاخلاق لان الموضوع لم يعد يتعلق بالتحسين! بل بالوجود، ان الداروينية تهون الامر فيما يتعلق بتفسير وجود شر ومسحوقين ببساطة انهم هم الملومون، انهم لم يتمكنوا ان يكونوا هم الاقوياء والاشداء في هذا العالم، فماذا نعمل، فان الحياة لا رافة فيها! وانه لحكمها على الضعفاء ان يتم سحلهم، لن تقول لهم لاجل كل مقدس فكروا! لن تستجدي احدا بل تقول هذا ما يكون لا يعنينا ما يفترض ان يكون! ما يكون هو ما يحصل في الواقع من صدام وسحق، بين الجميع، انها حرب الجميع بين الجميع، والاخلاق هي استجداء الضعفاء، أو عقد الاقوياء كتأمين لحال ضعفهم يوما ما! ان الداروينية تكشف ايضا دور الفرد الضعيف في التاثر العام، انه ان غير تفكيره لن يقدر على تغيير ماضيه فضلا عن ماضي ابائه وسلالاته! فانت مهما درت سيلاحقك التاريخ عبر سوسة الجينات! هههه انها تفسر نوعا ما غباء وتخلف الضعفاء! عن عجزهم عن الرفض والنهوض، عن بلاهتهم! انهم يتقاتلون حتى متى قاموا يوما ما!
انها افضل نظرية تحل مكان كل ما تم تحطيمه يوما ما بفعل الراسمال، انها تحل مكان الشيوعية والافكار الثورية، الخ الخ!.. انه تقول هذا العالم الذي تعيش فيه مجرد فلم رعب! لكنه واقعي وحقيقي...

الصورة لجندي نازي يطلق النار على ام وطفلها..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق