مقال قديم بعنوان:
(الأفكار لا تستأذن)
الافكار لا تطلب إذن أحد، لا أحد وصيّ على ذهنك
وفكرك، مهما بلغ من التسلط، وهذا ما يدركه الفراعنة في كل حين، ولذا تجدهم يطالبون
بهذا الحيز الخارج عن سلطتهم! يطالبون الأفكار باستئذانهم! ولذا كان فرعون يعجب من
سلوك السحرة بإيمانهم فقال (آمنتم له قبل أن آذن لكم)!!
لا تستأذن الأفكار، إذ لا سلطة تعلو فوق الحقيقة في
منطقها، ولذا فإن الخيّر منها يمكث في الأرض شاء من شاء وأبى من أبى! "فأما
الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال
"
ولذا كان منطق الفراعنة، مهاجمة أصحاب الفكرة في كل
عصر وزمان، ومحاولة التذاكي بمعرفة مصدر أفكارهم! فهذا فرعون يقول عن موسى "
إنه لكبيركم الذي علمكم السحر"!! وبعد هذا التذاكي! بدأ أسلوب الإرهاب الأدبي
يعمل! " يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون " يخوف سامعيه بأن موسى
عليه السلام يريد أن يخرجهم من أرضهم! يتصنع فرعون معرفة الباطن! بأنه يعرف
الأهداف المنشودة من الدعوة المضادة! وبعد هذا الإرهاب يظهر وكأنه يشاورهم! (فماذا
تأمرون)!
ماذا تتوقع من إنسان فقد أهلية التفكير السوي بخوفه
على مصالحه ونفوذه وممتلكاته وأتباعه!؟ إذا كان القاضي لا يقضي وهو غضبان! فكيف به
خائف تشتعل في ذهنه غريزة البقاء! مُستحلًّا كل طريق لضرورة البقاء!!
هذا الأسلوب الذي يتبعه الفراعنة همّه السيطرة على
الأذهان بحملة من الخطابات الإكراهية، تتمحور في ركنين:
1 - إظهار معرفة مصادر أفكار خصومهم وأهدافهم! ووسمهم بأفظع الأوصاف واستحلال الكذب عليهم.
2 - تخويف السامعين من خطورة هذه الأفكار لتقزيم خياراتهم الذهنية!
1 - إظهار معرفة مصادر أفكار خصومهم وأهدافهم! ووسمهم بأفظع الأوصاف واستحلال الكذب عليهم.
2 - تخويف السامعين من خطورة هذه الأفكار لتقزيم خياراتهم الذهنية!
وهذا هو الاستخفاف للقطيع الذي يتبعه! (استخف قومه
فأطاعوه) في حين يقول فيه المنطق السليم:
بأن الحقيقة تطلب لذاتها، ومتى ثبت كونها حقا فإنها مقبولة في العقول السوية، بقطع النظر عمن صدرت، وبقطع النظر ما الذي ستؤدي إليه! إنها الحقيقة لذاتها.
بأن الحقيقة تطلب لذاتها، ومتى ثبت كونها حقا فإنها مقبولة في العقول السوية، بقطع النظر عمن صدرت، وبقطع النظر ما الذي ستؤدي إليه! إنها الحقيقة لذاتها.
هذا المنطق جعل من علماء الشرع يضعون هذا بقواعد
مختصرة، فنجد ابن الجوزي يقول في تلبيس ابليس:
1 - العبرة بالقول لا بالقائل.
1 - العبرة بالقول لا بالقائل.
2 - نجدهم في مباحث الأصول يعرفون المباح بأنه الذي
لم يطلبه الشارع ولم ينه عنه (لذاته) فأرادوا تحديد الماهية بقطع النظر عن كونه
وسيلة لغيره.
ومهما بلغت سلطات الإكراه الذهني، ومهما وصل العته
الفكري في جنبات المجتمع، فإن العقول السوية لا تعدم أبدا، فهناك من سيصغي للحقائق،
ويستمع لها بل ويؤمن بها ويدافع عنها، لأن الأفكار لا تستأذن، لا تقدم أوراقا
رسمية تنتظر المقابلة، الحقيقة ليست ملكية ولا جمهورية! إنها الثابت لذاته بذاته!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق