3.15.2017

كثيرا ما نسمع هذا السؤال: "هل انتشر الإسلام بالسيف "؟


نُشِر سنة 2012
كثيرا ما نسمع هذا السؤال: "هل انتشر الإسلام بالسيف "؟


كثيرا ما نسمع هذا السؤال: "هل انتشر الإسلام بالسيف "؟
 
هذا السؤال ينتظر جوابا بـ " نعم أو لا " كما هو معروف في جواب "هل " من اللغة العربية، وهنا يكمن تمرير مقدمة من السائل تحتاج إلى بحث.
 
هذه الأسئلة يضعها الباحثون في المنطق في باب: " المغالطات " ويضرب المظفر في كتابه المنطق مثالا على المغالطات كقول السائل: " هل أنت توافق الحكومة أم لا " إن قال نعم صار موافقا لها في كل شيء! وإن قال لا قيل انت خارج على القانون! ولذا فلابد من تفكيك السؤال وهذا ما يعنيه الفقهاء بالتفصيل، إذ الإطلاقات كثيرا ما تكون تعميما لما لا يعم، فما المقصود بانتشار الإسلام؟! هل هو إكراه الناس على معتقد معين!؟ فهذا لا يجوز قطعا في الشريعة الإسلامية والأدلة عليه مستفيضة في القران والسنة، منها قوله تعالى: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي " ومنها إقرار أهل الكتاب في ديار الإسلام بالجزية، وقد تنازع الفقهاء في غير أهل الكتاب والذي رجحه ابن تيمية وابن القيم وغيرهما جواز إقرار غير أهل الكتاب في ديار الإسلام ما التزموا بشروط الإقرار، لكن هل هناك تلازم بين إكراه الناس على دين الإسلام وبين الفتوح الإسلامية!؟ 
 
هنا تظهر مقدمة غير مسلمة! تحمل الاعتراض التالي: إن لم يكن في الإسلام إكراه فبأي حق يفتح البلدان!؟ يرد على هذا الإعراض بالقول: ومن قال إن فتح البلدان يلزم منه إكراه الناس على الدخول في الإسلام!؟
 
الإسلام رديف العدل ونقيض الظلم، فلما تحرك لينتشر لم يكن فقط داعيا لدين بين العبد وربه متصفا بالسلبية أمام كافر مظلوم!! فالممالك المحيطة بالجزيرة العربية كانت مثلقة بالظلم من استعباد للناس وإرهاقهم بالضرائب المفرطة بل والقوانين الوحشية التي لا تعترف بغير القوة منطقا.
 
يطلعنا المدرس الأمريكي للتاريخ الإسلامي ولتر كيجي على بعض من أسباب السقوط المبكر للممالك البيزنطية أمام الفتح الإسلامي في كتابه " بيزنطة والفتوح الإسلامية المبكرة " ليقول بأن السكان استقبلوا الفاتحين استقبال المحررين إذ أرهقتهم الضرائب وأعمال السخرة من المملكة البيزنطية 
 
فالإسلام هنا كان محطِّما للظلم والتعسف بحق الإنسان كقيمة معتبرة بقطع النظر عن دينه وعرقه! بقطع النظر هل سيدخل في الدين أم لا؟!!
 
هذا يختلف عن الإنتشار الأوروبي الذي عرف عند المسلمين بحروب الفرنجة وهي تعريب للفظ الدال على المشاركين فيها، إذ أغلبهم كانوا من الفرنسيين، وعرفت في الغرب باسم الحروب "الصليبية"، ويطلعنا الدكتور جوزف يوسف في كتابه "العرب والروم واللاتين" على أن مقاصد الحروب "الصليبية" تلك لم يكن فقط لقتال المسلمين! كما يحاول أن يصور البعض بل كان صراعا بين الكنائس الشرقية والغربية! وكانت الكنيسة الغربية المتمثلة في روما تريد إعادة توحيد الكنائس بإخضاعها للكنيسة الكاثوليكية!! وبالتالي إكراه الكنائس الشرقية على معتقدها! بعد أن استقلت أيام انشقاق المملكة الرومية إلى شرقية "بيزنطة" وغربية متمثلة في "روما.
هذا النمط لم يكن موجودا أصلا في الفتح الإسلامي الذي كان هدفه تحرير الإنسان، وعليه فإن كان المقصود بانتشار الإسلام بالسيف ذلك الفتح الذي قاوم النظم الربوية والإقطاعية والقانونية الجائرة فلا حرج في هذا وتلك شكاة ظاهر عنك عارها! إذ هي دفاع عن الإنسان كقيمة حتى لو خالف المعتقد الديني، أما إن قُصِد ذلك الإكراه العقدي الإيماني فهذا غير صحيح.
 
وبهذا يظهر عدم دقة من أجاب على هذا السؤال بنعم أو لا دون تفصيل يفكك مقدمات السؤال، والذي يفترض سلفا تصورا معينا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق