اقتباسات من كتاب (نظرية ابن تيمية في المعرفة) القادم ليوسف سمرين
8 غشت 2016
ما نقل عن ابن تيمية
أنه قال: "ما أظن الله يغفل عن المأمون ولا بد أن يقابله على ما اعتمده مع
هذه الأمة من إدخال هذه العلوم الفلسفية بين أهلها".
فهذا لا يوجد في كتبه، إنما نقله صلاح الدين الصفدي فقال: "حدثني من أثق به أن الشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية كان يقول"، فذكر ما تقدم، وهذا يفيد أن في إسناده مجهولًا وإن قيل بقبول توثيق الصفدي يقال: لكنه لا يعرف ضبطه، كما أن العبارة فيها نكارة فابن تيمية لا يقول بنفوذ الوعيد ويجعل صاحبه تحت المشيئة ويعذر المخطئ المتأول، واجتماع هذا في المتن مع ذلك في الإسناد يوهن هذه الرواية.
فهذا لا يوجد في كتبه، إنما نقله صلاح الدين الصفدي فقال: "حدثني من أثق به أن الشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية كان يقول"، فذكر ما تقدم، وهذا يفيد أن في إسناده مجهولًا وإن قيل بقبول توثيق الصفدي يقال: لكنه لا يعرف ضبطه، كما أن العبارة فيها نكارة فابن تيمية لا يقول بنفوذ الوعيد ويجعل صاحبه تحت المشيئة ويعذر المخطئ المتأول، واجتماع هذا في المتن مع ذلك في الإسناد يوهن هذه الرواية.
من كتابي (نظرية ابن
تيمية في المعرفة) القادم بإذن الله.
2 سبتمبر
2016
اقتباس من كتاب (نظرية
ابن تيمية في المعرفة) القادم بإذن الله:
"
كان دخول الكتب المترجمة واتحاد شق كبير من محتواها
بالكلام قد صنع مسلمات عامة يدور حولها كثير من الناس، الأمر أشبه بالتقليد الخفي
المتوارث، حتى وإن كان باسم العلم والمعرفة، فمجرد رفض الفلسفة لا يسقط المحتوى
الذي خلفته في مختلف المجالات، فقد يقرأ المرء الآية أو الحديث ويحسب أنه فهم
معانيهما كما هو فهم السلف الصالح، إلا أنه يغفل ما تراكم بين عصره والعصر الأول
الذي نزلت فيه تلك الآيات وقيلت فيه تلك الأحاديث.
ولذا كان كثير من المحدّثين الرافضين للكلام والفلسفة يقعون بين مسألة وأخرى فريسة ما رفضوه! إذ الفكر لا يعرف الفراغ، وما تسرّب إليهم من كثير مما غلب على عصرهم يجعلونه في جانب غير مفكر فيه، فيضحي مسلّمًا دون معرفة جذوره الأولى إذ منعوا على أنفسهم جانب البحث فيه، إنهم متلقون له بل قد يشمئزون إن وجدوا ما يخالفه دون معرفة منهم بأصل هذا الشعور وهذا التسليم.
إنهم يدورون في فلك فلسفة حتى ولو لم يحسنوا التعبير عنها أو لم يعرفوا أنهم واقعون فيها فـ "كل إنسان يتأثر بالأفكار الفلسفية حتى لو لم يضعها هو لنفسه، ولو لم يكن في مقدوره صياغتها."
ولتقريب هذه الفكرة، يحسن ذكر علم الحديث، فكثيرة هي الأحاديث التي تشتهر بين الناس، بل تصل إلى فقهاء وعلماء ووعاظ وقصاص ومؤرخين وغيرهم ممن ليس في أذهانهم أنهم واقعون في الأحاديث الموضوعة والضعيفة، ومن خالف حكمًا فقهيًا - مبنيًا على ما لا يثبت دون معرفتهم - قاموا عليه، ويظهر الأمر جليًا حين يحدث جدال بين المنتصرين لتلك الأحاديث بما فيها من تناقض، فشق كبير من التعارض والجدال سيتبخر إن تم تحديد الضعيف و الموضوع منها، وذلك بالتفكير في ذلك الجانب المُهمل، بتتبع جذوره التاريخية وفق قواعد منضبطة، إنه يتنبه لوجود عصور لها تبعاتها بين الناقل للحديث وبين العصر الأول.
وهذا ما يغفله من لا يفطن لهذا العلم وسيجعل من نفسه متبعًا للسنة النبوية دون بينة، و لعله في الواقع يتبع رأيًا تم تحويره عبر التاريخ ليضحي مسلّمة يتناقلها الأجيال وتروى على أنها حديث.
بل قد لا يكون الرأي مرويًا بصيغة حديث، ومع ذلك يضحي مسلّمة ينسبها صاحبها إلى حكم الله تعالى، ومن ذلك ما يحكيه ابن تيمية:
"حضرت مجلسا فيه القضاة وغيرهم، فجرت حكومة حكم فيها أحدهم بقول زفر. فقلت له: ما هذه الحكومة؟ قال: هذا حكم الله. فقلت له: صار قول زفر هو حكم الله الذي حكم به وألزم به الأمة؟! قل: هذا حكم زفر، ولا تقل: هذا حكم الله."
كذلك الأمر بالنسبة للأفكار الفلسفية التي تضحي مسلّمة بالتعاقب والتوارث، والأمر يشتد إن غُلّفت بقالب ذي هالة دينية تمنع هيبتها النقد والخروج عليها.
ولذا لا يمكن قراءة النصوص فحسب في واقع تتوسط فيه هذه البنية بين المرء والفهم الأول، وقد يبرز المرء في الحديث مثلًا ولكنه أسير ما تسرب من فلسفات، وبما قالته فرق لها جذورها التاريخية المتأخرة وقد زجت فيه من المعاني الأجنبية عن النص ما ليس بقليل القدر، وهذا يبين ضرورة البحث لتفكيك هذه البنية والرد عليها، وإخراجها من جانب المسلّمات إلى حيز التدقيق والنقد فـ " ما يميز الفلسفة هو بالتحديد التدقيق فيما هو مظنون كأنه معلوم وما يتخيله كل منا بأنه معروف لديه مسبقًا، وهذا ما يستعمل ويستخدم دون النظر فيه ".
وكمثال على هذا أيضًا ضرورة تعلّم النحو لفهم اللغة، في مواجهة البنية التي تشكل حاجزًا عن فهم النص العربي بما اعتراها من لحن وعناصر دخيلة، فلا يقال اقرأ النص وكفى! كما كان السلف الأوائل، مع إغفال عربيتهم، وأي محاولة لاستثناء النحو تعني تضييعًا للمعاني التي حواها.
وإن كان الأمر أعقد في علم الحديث من النحو، فهو أعقد منهما في الفلسفة ".
ولذا كان كثير من المحدّثين الرافضين للكلام والفلسفة يقعون بين مسألة وأخرى فريسة ما رفضوه! إذ الفكر لا يعرف الفراغ، وما تسرّب إليهم من كثير مما غلب على عصرهم يجعلونه في جانب غير مفكر فيه، فيضحي مسلّمًا دون معرفة جذوره الأولى إذ منعوا على أنفسهم جانب البحث فيه، إنهم متلقون له بل قد يشمئزون إن وجدوا ما يخالفه دون معرفة منهم بأصل هذا الشعور وهذا التسليم.
إنهم يدورون في فلك فلسفة حتى ولو لم يحسنوا التعبير عنها أو لم يعرفوا أنهم واقعون فيها فـ "كل إنسان يتأثر بالأفكار الفلسفية حتى لو لم يضعها هو لنفسه، ولو لم يكن في مقدوره صياغتها."
ولتقريب هذه الفكرة، يحسن ذكر علم الحديث، فكثيرة هي الأحاديث التي تشتهر بين الناس، بل تصل إلى فقهاء وعلماء ووعاظ وقصاص ومؤرخين وغيرهم ممن ليس في أذهانهم أنهم واقعون في الأحاديث الموضوعة والضعيفة، ومن خالف حكمًا فقهيًا - مبنيًا على ما لا يثبت دون معرفتهم - قاموا عليه، ويظهر الأمر جليًا حين يحدث جدال بين المنتصرين لتلك الأحاديث بما فيها من تناقض، فشق كبير من التعارض والجدال سيتبخر إن تم تحديد الضعيف و الموضوع منها، وذلك بالتفكير في ذلك الجانب المُهمل، بتتبع جذوره التاريخية وفق قواعد منضبطة، إنه يتنبه لوجود عصور لها تبعاتها بين الناقل للحديث وبين العصر الأول.
وهذا ما يغفله من لا يفطن لهذا العلم وسيجعل من نفسه متبعًا للسنة النبوية دون بينة، و لعله في الواقع يتبع رأيًا تم تحويره عبر التاريخ ليضحي مسلّمة يتناقلها الأجيال وتروى على أنها حديث.
بل قد لا يكون الرأي مرويًا بصيغة حديث، ومع ذلك يضحي مسلّمة ينسبها صاحبها إلى حكم الله تعالى، ومن ذلك ما يحكيه ابن تيمية:
"حضرت مجلسا فيه القضاة وغيرهم، فجرت حكومة حكم فيها أحدهم بقول زفر. فقلت له: ما هذه الحكومة؟ قال: هذا حكم الله. فقلت له: صار قول زفر هو حكم الله الذي حكم به وألزم به الأمة؟! قل: هذا حكم زفر، ولا تقل: هذا حكم الله."
كذلك الأمر بالنسبة للأفكار الفلسفية التي تضحي مسلّمة بالتعاقب والتوارث، والأمر يشتد إن غُلّفت بقالب ذي هالة دينية تمنع هيبتها النقد والخروج عليها.
ولذا لا يمكن قراءة النصوص فحسب في واقع تتوسط فيه هذه البنية بين المرء والفهم الأول، وقد يبرز المرء في الحديث مثلًا ولكنه أسير ما تسرب من فلسفات، وبما قالته فرق لها جذورها التاريخية المتأخرة وقد زجت فيه من المعاني الأجنبية عن النص ما ليس بقليل القدر، وهذا يبين ضرورة البحث لتفكيك هذه البنية والرد عليها، وإخراجها من جانب المسلّمات إلى حيز التدقيق والنقد فـ " ما يميز الفلسفة هو بالتحديد التدقيق فيما هو مظنون كأنه معلوم وما يتخيله كل منا بأنه معروف لديه مسبقًا، وهذا ما يستعمل ويستخدم دون النظر فيه ".
وكمثال على هذا أيضًا ضرورة تعلّم النحو لفهم اللغة، في مواجهة البنية التي تشكل حاجزًا عن فهم النص العربي بما اعتراها من لحن وعناصر دخيلة، فلا يقال اقرأ النص وكفى! كما كان السلف الأوائل، مع إغفال عربيتهم، وأي محاولة لاستثناء النحو تعني تضييعًا للمعاني التي حواها.
وإن كان الأمر أعقد في علم الحديث من النحو، فهو أعقد منهما في الفلسفة ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق