3.15.2017

في أخلاقيات الكاهن

 

14 أكتوبر 2016

في أخلاقيات الكاهن

 هناك صنف، وتحديدًا في رجال الدين سمهم ما شئت، لا يصلح لفهمهم غير النقد النيتشوي، ذلك النقد الذي كشف عن الكبر وحب التسلط على رقاب البرية، بشكل الدموع والتواضع والأدب.. هو فقط مؤدب طالما خضعت له، وإلا فانت عندك كبر (بما أنه أخصائي قلوب)..
 
كلما اقتربت من الخضوع له تكون قد تأدبت!.. لا يمكنه أن يزرع فيك الأخلاق حتى يسمعك الموشح القديم بأنك قذارة على شكل كائن بشري، وهو سيساعدك بأن تصير إنسانا!.. لا يمكنه أن يخاطبك دون هذا، ولذا يقول نيتشه بأنه دون أن يشعرك بأنك نكرة، وأنك مريض لن يكون هناك حاجة لوجوده، ولن يجد له عملًا أصلا دون حالة الشتم القذر للذات عندك..
 
وقتها يمد لك يده، هذه المرة ليجعل تطهيرك مرهونا بعبوديتك له، على شكل الأدب، هذا الأدب ما هو، هي مراسيم القربان إليه، لتصير كائنا لا يمكنه التفكير ولا المراجعة، ولذا كل نقد، كل سؤال، كل استفهام، هو عبارة عنده عن مرض في قلبك، عن شك في إيمانك، عن إلحاد خفي بين جنباتك!.

 نيتشه كان يعرف هذا فهو ابن قسيس، ويعرف معنى الدموع المنافقة التي تظهر لك الخشوع، لتعرف كيف تمتلكك وقتها، يصبح كائنا مدجنا، لا يفكر فقط يطبق كل ما يقوله له الكاهن!.
 
يجب أن يشعرك الكاهن أنك تعمل ما لا يخطر على باله، لا أنه يتحرق لفعله، لا يرى فيك سوى ما يمكنه مزايدة أخلاقية عليك، وهذا ليعيدك إلى مربع المريض!.
 
متى سلمت أنك مريض يعني أنك لست مخالفا مؤهلًا للخلاف، بل أنت مخالف لأنك مريض أخس من الكائن الصحيح، هذا أمر سعت إليه الكنيسة وتركب في أخلاقيات الكهان ومن نحا نحوهم.
 
إنه لا يفعل الخير لا لتواضعه بل لكبره، إنه يحسن إلى فقير ويشعر أنه أفضل من ذلك الفقير، وأفضل حتى من الغني إنه ساعد الفقير، وصار أفضل من الغني! إنه أحسن من الجميع، وبالتالي يجب أن يخضعوا له جميعا ويسمعوا كلامه!!
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق