3.15.2017

رسالة من حرفي إلى نفسي بمناسبة صديق.

 2 أكتوبر 2016

رسالة من حرفي إلى نفسي بمناسبة صديق.


في اللغة يسمي الشيء بما يؤول إليه (أعصر خمرًا)، والعنب ما تخمر بعد، وذهب الحجاج إلى مكة، وهم لم يحجوا بعد، ويسمى بما يؤمل ويرجى إليه، ومنه يسمى اللديغ (سليما) تأملًا بأن يصير سالمًا معافى، وقد يطلق على ما كان في سابق عهده، ومنه لا يحل دم امرء مسلم إلا بإحدى ثلاث، ومنها (التارك لدينه)، وهنا أقصد ما سلف فحسب من كلمة صديق.
 
ليست رسالتي هذه إلى ما سبق من وصفه بالصديق، فشرط العتاب وجود الأمل، لا انقطاعه، وعند انقطاع الأمل لم يصح رجاء ليصح العتاب، فهي رسالة بمناسبته لا إليه، فهي إلى نفسي من حرفي.
 
جمعتنا أيام بمحنها ومنحها، رأيت منه كما رآى مني، فرحًا عند فرحه وحزنًا لمصابه، لم أفهم الصداقة يومًا بخلاف الصدق في النصح والمودة، فتغضي عن خطأ وأخطاء، لتصحح بأناة وتؤدة، إلا أنه غالى في الإثقال على حامله، فأكثر الحمل حتى كاد يودي بالجميع!، وما أصغى لنصح ولا تصحيح، فكان للعقل أن يقول كلمته، ومن تنصحه مرارًا ألا يمشي على حافة البئر، فيصر مكابرًا، مستهترًا، بل ومستهزئًا بناصحه، طاعنًا ولامزًا، كاشفًا بذلك عن خبث لا علاج له إلا حدة الموقف!، وقد قال نيتشه يومًا: أفضل مساعدة تقدمه لمن يميل إلى السقوط هي أن تعجل بسقوطه!، ولست أوفقه على إطلاقه، لكن إن كان في إعانتك له بعد تعب في النصح جر لك كرهًا لتصل وإياه إلى القاع، فلا أقل من إفلات يده.
 
وها هو قد وصل القاع، فما مس ذلك فيّ موضعًا للتألم عليه كما كان الحال في السابق، فعلمت أن شرط ذلك قد ذوى، ومن اختار القاع، فوصله فقد حقق بغيته، ليمض كل إلى وجهته التي يبغي، وإن كنا اجتمعنا يومًا في موضع شبه متقارب، فابتعادتنا بتسارع إلى جهتين مختلفتين، ألغى ما بيننا من قانون التجاذب.
 
لا ضغائن، لا أحقاد، وبنفس الوقت لا أسف، ولا عتاب.. صرنا كأن لم نلتق يومًا.. ولعل هذا الأفضل لكلينا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق