1.30.2017

عن الانقلاب التركي

 17 يوليوز 2016

عن الانقلاب التركي


بالنسبة للحدث التركي، فما يهمني هو التحليل ومحاولة الفهم، أكثر من الأحكام التقييمية هنا، وبقطع النظر عن الموقف الفكري والأيدلوجي يفترض أن نبحث عما نستفيد منه، لا ما نرد عليه أو نصفق له، وإن كان من فائدة فيفترض أن تكون تلك التي تسقط الجملة المستهلكة حتى الابتذال: لم يعط الإسلاميون الفرصة، وأصلا لم يسمح لهم! وكأن الأطراف يفترض بها أن تسمح لك، إما أن تكون أهلا للمواجهة، مسلحًا بالحنكة والدراية، وإلا فلا تزج نفسك في الأمر أصلا، على أي حال.
 
فالتحليل في الموضوع صعب على الأفراد مثلي ولا شك، لغياب كثير من الأمور عنهم والحدث قريب، لكن محاولة للتفكير بصوت عال، والنظر إلى الاحتمالات فحسب، أقول بأن تركيا تاريخيًا كانت في فلك الغرب، وفي أزمة الصواريخ الكوبية حينما نشرت روسيا صواريخ في كوبا، كانت أمريكا تنشر صواريخ في تركيا، وكأنها محمية لهم، من الذي تنبأوا بمحاولة خروج تركيا من الفلك الغربي صمويل هنتنجتون في صدام الحضارات، وقال بأن التعنت الأوروبي بعدم احتواء تركيا سيدفعها باتجاه الشرق وكان من العقبات التي يذكرها لوجود قوي لتركيا فقرها، هذا الأمر تغير مع التحسن الاقتصادي في تركيا واضطراب الأحداث في سوريا جعلها جزءا أساسيا للعب في المنطقة، ما حصل في تركيا من انقلاب – أستبعد تمامًا أنه مؤامرة – كذلك بأنه لم يتم بالتنسيق مع دول كبرى كالولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا.
 
وذلك لضمان الاعتراف بالحكومة القادمة المفترضة، وبوجود شخصية معارضة ككولن في الولايات المتحدة الذي له نفوذ في تركيا، لكن الضوء الأخضر الذي أعطي لهم هل واجهه تضليل استخباراتي مثلا؟ فمعلوم أن تركيا جزء من حلف الناتو، وبالتالي لا تسعى الولايات المتحدة لتوتير العلاقات معها، فتفترض أن يكون الضوء أعطي بعد اعتقاد نجاح الانقلاب، لربما وهو مجرد افتراض أن التضليل كان روسيًا!.
 
فروسيا دخلت كلاعب قوي في المنطقة أيضا، وهي تحاول الخروج من عزلتها التاريخية، وستكون تركيا جيدة لهم، لماذا؟ لأن العلاقات توترت مع الولايات المتحدة بشكل لربما غير مسبوق، وتصريحات أوباما بأن أردوغان زعيم فاشل تبين الامتعاض والتوتر الذي وصلت إليه الأمور.
 
من الدول التي توترت علاقاتها بالولايات المتحدة ألمانيا، لكن تاريخ روسيا مع ألمانيا، وذاكرة نصف الشعب الألماني الذي وقع تحت حكم روسيا تمنع كثيرا التقارب بينهما.
 
بالنسبة لروسيا وتركيا فروسيا تحقق مصالح كبرى بالتقارب مع تركيا، تماما كما شعرت هي أيام الحرب الباردة بحلف تركيا مع أمريكا، إسقاط الطائرة الروسية كشف عن خيبة أمل تركية بمساندة دول الحلف، وروسيا يعنيها التحالف مع شخصية قوية لها أطماحها كأردوغان مهما توترت العلاقات سابقا.
 
بقي أن يقال ولكن علاقة روسيا قوية ببشار، هذا صحيح لكن لا ننس أن روسيا كانت في سابق عهدها تقيم علاقتها مع العرب ومع إسرائيل في نفس الوقت، فكيف بالنظام السوري الذي أضحى كمليشيا تابعة لا يؤبه لها على الصعيد السياسي الروسي لتغيير سياسته لأجلها!، فلا إشكال عند روسيا في التقارب مع تركيا.
 
بالنسبة لنزول الشعب التركي فهو نزل للدفاع عن مستحقاته الملموسة أولا وآخرا من كابوس المجهول، وهذا رغم تأثيره لكنه ليس العامل الحاسم في المسألة، ففي الانقلابات العسكرية يمكن أن يسقط الآلاف، وبعد استلام الانقلاب يقولون هؤلاء قاوموا بالسلاح!، أحسب أن الذي لعب في الأمر أساسًا هو التغيير الذي طرأ على الدبلماسية التركية مع روسيا وإسرائيل مما جعل الانقلاب غير محل إجماع بين القوى العظمى، قد يكشف عن شيء من هذا لهجة الحكومة التركيا مع الولايات المتحدة، وهي تقول بأن من يستضيف كولن هو معاد لتركيا، لا أعتقد أن هذا يمكن يقال لدولة كبرى دون وجود علاقات مع دولة أخرى عظمى.
 
ويبقى الأمر مجرد رأي، قابل للتغيير لا شك
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق