1.30.2017

عن الهرطقة المائة

 16 يونيو 2016

عن الهرطقة المائة

قال بعض المنتصرين لمقالة المعتزلة بخلق القرآن بأن القول بأن القرآن غير مخلوق يعود إلى نصراني اسمه يوحنا الدمشقي وتحديداً لكتابه (الهرطقة المئة) ويظهر زيف هذا التدليس بسهولة، فيوحنا كتب كتابه هذا باليونانية ليظل بمأمن عن المسلمين كما ذكر معرب الكتاب في مقدمته.( انظر: الهرطقة المئة، يوحنا الدمشقي، 1997، ص34.)
 
ثم حصلت الترجمات للنصارى المحليين بعد ذلك، ورغم أنه نقد الإسلام في كتابه هذا إلا أنه لم يذكر كلمة إسلام ولا مسلم، يقول المترجم " يتكلم يوحنا عن ديانة الإسماعيليين، ولا يسميها ديانة الإسلام أبداً، لا بل إن  كلمة مسلم لا يستعملها البتة واضعا مكانها كلمة ساري نسبة إلى سارة، وكلمتا إسلام ومسلم لم ينقلهما الكتّاب البيزنطيون إلى اليونانية إلا في حقبة لاحقة " (ص: 41)، وبالتالي يجيز لنفسه أن يكتب مكانها مسلم وإسلام مع هذه الملاحظة (المترجم نفسه)، وهذا يظهر خوف يوحنا من التصريح بذلك وقتها فكيف تنسب له دعاية عظيمة تشمل علماء الإسلام؟! بل واقتناعهم بمقولة عقدية عن طريقه! لكنه التهوس بالمآمرة وبهت الخصوم.
 
نأتي لنصوص الكتاب وهي ألصق بمقالات المعتزلة منها بخصومهم، مثلا يقول:
"المسيحي: نحن نقول بأن الله وحده خالق كل الخيرات، لكنه ليس خالق الشر " (ص: 62.)
* وهذه نفس مقالة المعتزلة في أفعال العباد، فاستجارة المعتزلي بيوحنا كالمستجير من الرمضاء بالنار! والنص هنا حرفي عن يوحنا.
نأتي لمقالة الدمشقي في كلام الله يقول: " عندما يسألك مسلم – كلمة مسلم ومسلمون من المترجم كما سبق - قائلاً: أقوال الله، هل هي مخلوقة أم غير مخلوقة"؟ - المسلمون يطرحون علينا هذا السؤال الصعب جدّاً حتّى يبرهنوا أنّ "كلمة الله" مخلوق، وهذا خطأ- فإذا قلت: "مخلوق"، يقول لك: "ها إنّك تثبت بأنّ كلمة الله مخلوق". أمّا إذا قلت: "غير مخلوقة"، يقول: "كلّ أقوال الله الموجودة إنّما هي غير مخلوقة، ولكنّها ليست آلهة مع ذلك. ها إنّك توافقني على أنَّ المسيح الذي هو كلمة الله ليس هو الله". لأجل هذا السبب لن تجيبه بأنّها مخلوقة كما لن تجيبه بأنّها غير مخلوقة " (الهرطقة المئة: 71.).
* إذن يوحنا يعتبر هذا السؤال صعبا جدا، لذا يرفض أن يقول كلام الله مخلوق أو غير مخلوق، إذن ما قوله؟ يقول في نفس الصفحة:
 "
بل ستجيبه بهذا: "إنّني أعترف بأنّ في الله "كلمة" واحدة أقنوميّة غير مخلوقة، كما اعترفت أنت بذلك. ولكنّني لا أدعو كتابي بجملته أقوالاً أو كلمات إلهية، بل أفعالاً أو إبلاغات إلهية ".

* إذن يوحنا لا يسمي الإنجيل بمجملته أقوالا إلهية، بل أفعالاً أو إبلاغات إلهية، وفقط يحصر الكلمة بأقنوم المسيح الذي هو (شخص = كما هو معنى أقنوم عندهم لاهوتيا)، فكلام يوحنا يتحدث عن ذات مستقلة تسمى كلمة! وهذا ليس قول أهل السنة! الكلام عندهم صفة، وليس ذاتا!.
 
ويظهر قربه من مقالة المعتزلة عندما لا يطلق على كتاب الله صفة أنه غير مخلوق! ويفارقهم في حصر عدم الخلق في أقنوم (شخص) يسميه (كلمة).
 
فيظهر بذا حال من تفتق ذهنه عن هذه الفرية الباردة.

هناك تعليق واحد:

  1. خلق الشر مسألة خلافية بين المسيحين فالقديس اوغسطينيوس كان يرى ان الرب يهوه هو خالق الخير والشر
    ومن هنا الظاهر أن يوحنا الدمشقي مخالف للقديس اوغسيطينيوس في المسألة
    "مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ، صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هذِهِ." (إش 45: 7).

    ردحذف