10 أكتوبر 2017
الجبهة الفلسفية..
كثيرون يتناولون السلفية إلا في المحتوى الفلسفي،
بل لعل الأمر لا يعدو إلا أن يكون محل طرفة، سلفية وفلسفة إنه جمع بين النقيضين
بنظرهم.وهذه الصورة يتحمل جزءا كبيرا منها قطاعات واسعة من السلفيين أنفسهم، ولما غابت عنهم أهمية البناء الفلسفي المتسق داروا في جوانب جزئية، لكن بدأت بوادر اهتمام فلسفي بينهم، إنه إعادة النظر مرة أخرى فيما حسبه كثيرون أنه أمر قد فرغ منه، وعادة ما يلام السلفيون عمومًا بانشغالهم في قضايا ولت وانقضت مثل مسائل الصفات والفرق المختلفة، لعله نفس الاتهام الذي يوجه إلى الفلسفة بشكل عام، فالعالم وصل المريخ وهم لا زالوا يبحثون أفكار أفلاطون وأرسطو بل والفلسفة قبلهم.
إنه صراع مع الوضعية العلمية في وجه الفلسفة عمومًا، وفي المسائل التي لم تخبُ شعلتها بين السلفيين، إبقاء للبحث الفلسفي في وقت قد أعلن موت الفلسفة وسط تيارات صار شاغلها الإيدلوجيا السياسية بل والممارسة السياسية دون أي إطار فلسفي واضح ومتسق ترتبط به آراؤهم السياسية والاجتماعية.
لما دخلت كلية الفلسفة كنت أرصد بسهولة علامات الاستغراب في وجوه عدد من المحاضرين لما نذكر الحلول النظرية التي يقدمها ابن تيمية، وغيره كعثمان بن سعيد الدارمي وأحمد بن حنبل، فقد تجذر في الوعي الأكاديمي في الفلسفة إبقاء هؤلاء كخصوم للفلسفة مثلهم مثل ابن الصلاح والسيوطي وغيرهما، ويكفي أن يستحضر الواحد منهم عنوان (نقض المنطق) و(الرد على المنطقيين) ليخرج بتلك النتيجة.
إلا أن تراث ابن تيمية حافل بالمباحث الفلسفية المترابطة والمتسقة، التي يمكن مد نتائجها وتطوير لوازمها لتكون ندًا رأسًا برأس مع الفلسفات المعاصرة.
إن الحاجة إلى ذلك البعث الفلسفي فيما سماه ابن تيمية فلسفة صحيحة موافقة لما جاءت به الرسل، باتت ضرورة ملحة، وهي السلاح النظري الذي تخترق به الجبهة الفلسفية باكتساح لا يمكن الاستهانة به، أمام العي والتشظي الذي أصاب الفلسفات الغربية.
إن ثورة ابن تيمية الفلسفية باعتبارها امتدادا للطرح السابق عليه من الدارمي وأحمد، لا تقارن بحجمها ونتائجها مع نتائج مقالاته العقيدية والأصولية والفقهية، فهي تشكل قبضة لخلاصة تلك المقالات بصورة عقلية متسلسلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق