26 أكتوبر 2017
سفسطات المتمسح بالبحث الفلسفي في أصل المعرفة والتعقل
1
في كل بحث متمسحون، وآخر الصيحات تلصق مهذار بالبحث
الفلسفي، لا بل في أحد أعمق مباحثه، تجده لا يعرف غير الحشو، فتبحث عن جملة مفيدة في
مقاله فلا تكاد تظفر بواحدة، فإن ظفرت بعد عناء كان باقتباس عن غيره لا جهد له فيه
إلا نقله.
فقال أرسطو، ونسب إلى ابن رشد والله أعلم بصحته عنه! وقال الأمير عبد القادر، حشو لا علاقة له بالمبحث.
ثم أخرج أضغانه، بعيّ لا يحسن بيانه، ولو سكت عن النيل من خصومه، لكفى بسطوره منادية عليه بالإزراء، لكنه جاهل صائل، فرمى خصومه بالسفالة والنذالة والتعصب والسوقية.
لماذا؟ لأنهم لم يقولوا بالمعرفة القبلية، ومن قبل رماهم بالمتأسلمين والإلحاد، فهناك مناقشون يبحثون عن الحق وهناك من يبحثون عما يظهر خزيهم، فيقال له هون عليك، فلعل خصومك يسلمون لك بالأوصاف التي رميتهم بها بأنها قبلية فيك، ويلتمسون لك الأعذار إذ لا كسب لك فيها، فلم ذاك الحرص منك على إثباتها، فما هذه بالتي ينازعونك فيها!
ثم تحذلق قائلًا عن نفسه:
" نحن أهل دين فلسفتنا وفكرنا عقيدتنا"!
فيقال: لا تحسن البحوث الفلسفية مع تصدرك فيها فذا لعله جبر بلادة، والناس يتفاوتون في الأذهان، لكن أن تخلط في مسائل الشرع فبذا يتوجه الإنكار عليك، فليست العقيدة فلسفة حتى تجعلهما واحدًا، بل العقيدة الإسلامية وحي، والفلسفة جهد بشري ومنتجات عقول، فلا يجوز وصف المعتقد الديني الإسلامي بأنه فلسفة، لكن هناك فلسفة توافق المعتقد تعبر عن معاني العقيدة، وهي الفلسفة الصحيحة التي توافق ما جاءت به الرسل، أما العقائد فتلك ما قالته الرسل، وهي مستقلة عن الفلسفة.
وكما يوجد شعر عبر عن عقائد الإسلام كشعر حسان بن ثابت، لكن لا يقال شعرنا عقيدتنا ولا عقيدتنا شعرنا! فالعقائد مستقلة عن الشعر.
فعرفت أنك تخوض فيما لا تحسنه لا شرعًا ولا عقلًا؟
ثم يقال: على هذا من جحد كلامك في الفلسفة فقد كفر بعقيدتك، أليست فلسفتك ودينك واحدًا؟
ولما كانت فلسفتك منك وعقيدتك تنسبها إلى الله، فكلامك فيها يكون كلامه تعالى، وأمرك أمره، ونهيك نهيه، فإما أنك تدعي العصمة حتى توفق لهذا، أو الحلول حتى يتحد الأمران، أو أنك مهذار وهو المختار، التماسًا للعذر عن المسلمين، ورفعًا للتكليف عن المجانين.
فقال أرسطو، ونسب إلى ابن رشد والله أعلم بصحته عنه! وقال الأمير عبد القادر، حشو لا علاقة له بالمبحث.
ثم أخرج أضغانه، بعيّ لا يحسن بيانه، ولو سكت عن النيل من خصومه، لكفى بسطوره منادية عليه بالإزراء، لكنه جاهل صائل، فرمى خصومه بالسفالة والنذالة والتعصب والسوقية.
لماذا؟ لأنهم لم يقولوا بالمعرفة القبلية، ومن قبل رماهم بالمتأسلمين والإلحاد، فهناك مناقشون يبحثون عن الحق وهناك من يبحثون عما يظهر خزيهم، فيقال له هون عليك، فلعل خصومك يسلمون لك بالأوصاف التي رميتهم بها بأنها قبلية فيك، ويلتمسون لك الأعذار إذ لا كسب لك فيها، فلم ذاك الحرص منك على إثباتها، فما هذه بالتي ينازعونك فيها!
ثم تحذلق قائلًا عن نفسه:
" نحن أهل دين فلسفتنا وفكرنا عقيدتنا"!
فيقال: لا تحسن البحوث الفلسفية مع تصدرك فيها فذا لعله جبر بلادة، والناس يتفاوتون في الأذهان، لكن أن تخلط في مسائل الشرع فبذا يتوجه الإنكار عليك، فليست العقيدة فلسفة حتى تجعلهما واحدًا، بل العقيدة الإسلامية وحي، والفلسفة جهد بشري ومنتجات عقول، فلا يجوز وصف المعتقد الديني الإسلامي بأنه فلسفة، لكن هناك فلسفة توافق المعتقد تعبر عن معاني العقيدة، وهي الفلسفة الصحيحة التي توافق ما جاءت به الرسل، أما العقائد فتلك ما قالته الرسل، وهي مستقلة عن الفلسفة.
وكما يوجد شعر عبر عن عقائد الإسلام كشعر حسان بن ثابت، لكن لا يقال شعرنا عقيدتنا ولا عقيدتنا شعرنا! فالعقائد مستقلة عن الشعر.
فعرفت أنك تخوض فيما لا تحسنه لا شرعًا ولا عقلًا؟
ثم يقال: على هذا من جحد كلامك في الفلسفة فقد كفر بعقيدتك، أليست فلسفتك ودينك واحدًا؟
ولما كانت فلسفتك منك وعقيدتك تنسبها إلى الله، فكلامك فيها يكون كلامه تعالى، وأمرك أمره، ونهيك نهيه، فإما أنك تدعي العصمة حتى توفق لهذا، أو الحلول حتى يتحد الأمران، أو أنك مهذار وهو المختار، التماسًا للعذر عن المسلمين، ورفعًا للتكليف عن المجانين.
2
ولم يكن للمسفسط يومًا وزن ما في معترك مسألة إثبات
القبليات أو نفيها، ولكنه أحب ركوب الموجة، وغرّه عامة رفعوا من شأنه، فبدأ يعزف
لحن كلام أمثاله المعهود بأن مخالفيه متأسلمون، فلمّا قوبلت جلبته بما يضعه عند
حدّه، غيّر من صيغة ردّه، فقال عنهم بأنهم "الظاهرة السلفية الجديدة"،
وأنهم "هواة الفلسفة من السلفيين"، فهل السلفيون يرادفون عنده كلمة
متأسلمين؟
فحكمه على مخالفيه بأنهم هواة في الفلسفة، لنفرض صحته فيهم تمامًا، فليس من نواقض الإسلام أو منقصات الإيمان أن يكون المرء هاويًّا في الفلسفة! وهب أنهم أخطأوا في مسألة فلسفية، فهل يقال في المخطئ بالرياضيات متأسلمًا؟ يتصنع الإسلام وليس منه، فهذا الرجل مهذار، وأحكام الله ليست تابعة لحق العبد، حتى يكفّر أو يفسق من يخالفه، فكيف وهو المخطئ؟ وليس بأهل لأن يبحث في مثل هذه المسائل، وإنما تنبئ مسارعته في الطعن بتدين الخلق، بخفة عقل وغمط الناس وبطر الحق، وتوجه الإنكار عليه بتشبعه بما لم يعط.
ومن فرط تواضعه تعيير مخالفيه بأنهم في مرحلة طلب العلم، فأشفق عليهم دخول الفلسفة "في وقت لا يجب عليهم فيه تبني الآراء الفلسفية لأنها مرحلة طلب"، ولكن طلاسم ما سطره فقد كتبها "لطالب علم حقيقي عنده شغف بالعلم"!
فيقال له ها وقد اعترفت لهم بالطلب، فهم لا يرونك إلا في بطالة وشَغَب، والعلم من المحبرة إلى المقبرة، أما هو وقد اعتبر نفسه قد انتهى، فبمثله يتندر أولو النهى.
وأسهب حشوًا بما لا تحرير لموضع النزاع، ولا يظهر أنه فهم أصلًا معنى المثالية والمادية، وبدأ ينسخ ويقتبس، وزعم أن فلسفته فوق المثالية والمادية، بحجج خطابية لا محصّل تحتها، ولا معنى فيها غير الحشو والتطويل، وضرب مثالًا بالروح بأنها غير معلومة إليه، وبعبارته بأنها " ليست على مفهوم الروحانية، ولا على مفهوم المادية".
مع أنها على مفهوم المثالية التي يسميها روحانية لها مفهوم ككونها غير متحيزة فليست في الجسم ولا خارجه، وعلى مفهوم المادية قال فيها ابن تيمية:
"الروح التي فينا جسم يتحرك"(بيان التبليس،ج4، ولو كان لا يمكن أن توضع في أي مفهوم ما وصفها بالجسم!فحكمه على مخالفيه بأنهم هواة في الفلسفة، لنفرض صحته فيهم تمامًا، فليس من نواقض الإسلام أو منقصات الإيمان أن يكون المرء هاويًّا في الفلسفة! وهب أنهم أخطأوا في مسألة فلسفية، فهل يقال في المخطئ بالرياضيات متأسلمًا؟ يتصنع الإسلام وليس منه، فهذا الرجل مهذار، وأحكام الله ليست تابعة لحق العبد، حتى يكفّر أو يفسق من يخالفه، فكيف وهو المخطئ؟ وليس بأهل لأن يبحث في مثل هذه المسائل، وإنما تنبئ مسارعته في الطعن بتدين الخلق، بخفة عقل وغمط الناس وبطر الحق، وتوجه الإنكار عليه بتشبعه بما لم يعط.
ومن فرط تواضعه تعيير مخالفيه بأنهم في مرحلة طلب العلم، فأشفق عليهم دخول الفلسفة "في وقت لا يجب عليهم فيه تبني الآراء الفلسفية لأنها مرحلة طلب"، ولكن طلاسم ما سطره فقد كتبها "لطالب علم حقيقي عنده شغف بالعلم"!
فيقال له ها وقد اعترفت لهم بالطلب، فهم لا يرونك إلا في بطالة وشَغَب، والعلم من المحبرة إلى المقبرة، أما هو وقد اعتبر نفسه قد انتهى، فبمثله يتندر أولو النهى.
وأسهب حشوًا بما لا تحرير لموضع النزاع، ولا يظهر أنه فهم أصلًا معنى المثالية والمادية، وبدأ ينسخ ويقتبس، وزعم أن فلسفته فوق المثالية والمادية، بحجج خطابية لا محصّل تحتها، ولا معنى فيها غير الحشو والتطويل، وضرب مثالًا بالروح بأنها غير معلومة إليه، وبعبارته بأنها " ليست على مفهوم الروحانية، ولا على مفهوم المادية".
مع أنها على مفهوم المثالية التي يسميها روحانية لها مفهوم ككونها غير متحيزة فليست في الجسم ولا خارجه، وعلى مفهوم المادية قال فيها ابن تيمية:
ويذكر أن ابن تيمية أثبت ضروريات لا علم قبلها، والسؤال لا عن علم قبلها، بل عن سبب تلك الضروريات، فكأن السؤال عن السبب مرادف للسؤال عن علم قبلها! فإن لم يكن لها سبب فهذا يعني أنها ليست مخلوقة، وإن زعم أن لها سببًا، فمن قال بأن السبب ينحصر بنظر واستدلال! فما هو سببها؟
ابن تيمية ينص صراحة أنه الحس الباطن والظاهر، ويساوي بينهما في نقل المعرفة، وأن الدماغ هو ما ينتجها، بدون تطويل فارغ.
لكن المسفسط يقول:
"المحسوسات الظاهرة، فهذه ضروريات بعدية ليست أولية قبلية، بخلاف الحس الباطن"
فيا لتحرير النحرير! فها هو أظهر براعته..
الحس الباطن قبلي، أما الظاهر بعدي، وهكذا حل المشكلة تمامًا، على هذا تعريف القبليات عنده: هي ما أفاده الحس الباطني!
إن أحس بالجوع أو العطش أو الحزن، والغضب لا والحسد والإخلاص والخشوع والتوكل، والخوف، والمحبة، قبل أي شيء كان هذا!
قبل التجربة وقبل المادة وقبل وجود الإنسان نفسه!.
هذا الرجل لا يتصور المسائل.
ص560.)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق