8.15.2017

" عالم الأطفال، عالم جميل"

 16 أبريل 2016

" عالم الأطفال، عالم جميل"


 من أي ناحية بالضبط؟!، ألأنهم يلعبون مع بعضهم؟ ألأنهم يشاهدون مسلسلات الكرتون؟ عفوا.. دقق خلف كل هذا ستجد أنه لولا البالغين الذين يرعونهم، وتواجه وجوههم أشباح العوز والفاقة والأخطار، ويشكلون ترسا دون أبنائهم، ما النسبة وقتها ليكون عالم الاطفال جميلا؟
 
الطفل الذي يلعب مع زميله سيكبر ويواجه الحياة، ويواجه مصاعبها، هناك حاجز نفسي وثقافي وجسدي سيتجاوزه في مرحلة نموه، لتطور من أفكاره وتصوراته عن الحياة.
لن تنتهي بعض العداوات بمجرد تسليمه على زميله في الفصل ويقول كل منهما للآخر سامحتك تحت رقابة المعلم!.
 
لكن هناك أفكار تريد أن تبقي تلك الحالة، كأنها آلة تصوير تجمد الحياة عند لحظة معينة، تدور هذه الأفكار حول (من ضربك على خدك الأيمن أدر له الأيسر )، و (أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم )، إنها طريقة المسكنة التي تشبه الطريقة التي يسلكها الطفل إن خاف من شيء فيبكي ويصرخ، ولكنه في الواقع يستنجد ببالغ يحميه، ثم مع الترفه المدني صار يصرخ دلالا على مربيه حتى يرضيه!.
 
لكنها في واقع الحياة للبالغين لن تحصل النجدة إلا بما يقارب تلك النسبة في أن يعطف سيد على عبيده يوما ما بقوله أنتم أحرار، فعمليا ما تقوم به هذه الأفكار التي تريد مثالية وملائكية بين البشر أنها بشكل سافر تصنع بلها وترميهم في معمعة الحياة.
لكنها تصنع إضافة لهذه البلاهة حالة الكرسي المريح، لماذا يجلس المارة على الكرسي، وليس على مسمار؟
 
ببساطة لأن المسمار سيؤذيهم، بخلاف الكرسي، إنه يريحهم، وبالتالي فهذه الأفكار تفصل حامليها عن أبسط موازنة للأمر بأن الكرسي ليس من جنس من يجلس عليه! فإن كان ولا بد من لعب دور الجماد فلماذا لا يلعب دور المسمار على الأقل؟
 
لن يخضع إنسان تمام الخضوع إلا باقتناعه بأنه مجرد كرسي، كانت فكرة ذكية تلك التي قال بها أفلاطون لإخضاع العبيد حين قال لهم بأن المادة التي صنع منها العبد تختلف عن مادة الأسياد! كان يريد سحق أي تمرد يبدأ بفكرة منهم!.
 
لماذا إذن يفترض أن يتصور الخاضع أنه من نوع الجماد المريح؟ لماذا لا يكون مزعجا، كتب ميكافيللي (أن يخافك الناس، خير من أن يحبوك).
كم نسبة أن يضع إنسان رجله في حذاء يشك أن فيه عقربا؟ إن استثنينا هواة التألم قبل الموت انتحارا؟!.
 
إن هناك أفكارا مثالية في جانب الأخلاق، لا توازن الأمر كعلاقة بين بشر متساويين في كونهم بشرا فتطلق أحكامها، ترفض أي عنف من الجانبين، وتتناسى أن الطاغية يستعمل عنفه ﻹخضاع غيره فلماذا يمنع أن يستعمله الخاضع لرفع الظلم عنه؟! في الواقع هي فقط تخدر ذلك الذي تحت الأقدام، وإلا فغيره واقف على قدميه! ولعله يذهب بهما إلى موعظة الأحد.
 
إنه كرسي مريح أو حذاء جيد، ليس فقط لطغيان عدو، بل لذلك الذي يحسبه صديقا يأمره بهذه (الفضيلة البائسة) فيجعله يكرر مآسي (جوستين) التي تمسكت بالفضيلة الأخلاقية المسيحية البلهاء وتفنن ماركيز دو ساد بمصائبها، حتى لا تشفق عليها من تكرارها لبلاهتها اللاهوتية!.
فطفولية بعض الأفكار تصلح ﻷغاني أفلام الكرتون، لا منظومة أخلاقية لحياة تعج بصراع وطغاة.
 
مودتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق