8.15.2017

السادة الفقهاء.. عذرًا الزموا حدّكم!

 24 يوليوز 2017

السادة الفقهاء.. عذرًا الزموا حدّكم!

كثيرون يحسبون أن الفقه بمقرراته سيحل مشاكل المعمورة، هكذا يرون الأمر، وهكذا يتم تسويق الأمر، وهكذا يتعامل المستفتون مع من يرونه فقيهًا، يسألونه أسئلة في علم النفس، في الاقتصاد، في السياسة، في أي شأن، وهو يجيبهم بالأحكام التي يراها، بعضهم يسأل ((الشيخ)) ليرتاح نفسيًا، ليشجعه (مولانا)، وليحفزه، أو ليخفف عنه!.
بعيدًا عن الدروشة التي تلف العديد من الصور، فإن كثيرين من السادة الفقهاء لا يعرفون حدّهم، وبالتالي يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة، ومن هنا يجب مصارحة الناس بعدة نقاط:
1.   لا يمكن استخراج برنامج سياسي (واحد) من كتب الفقه.. كما أنك لا يمكن أن تستخرج مشروعًا اقتصاديّا من متون وشروح الفقه ؛ تستخرج أحكام الشرع في المشروع، أما المشروع نفسه فهو خارج إطار المقررات الفقهية، كذلك الجانب السياسي، وبالتالي لا يمكن أن تقول بع أو لا تبع لسلعة معينة في وقت معين، من كتب الفقه، فهذه الموازنة ليست من شأن الفقيه، وكثير من المسائل السياسية من هذا الجانب، تخضع للموازين وللأولويات المصلحية، ومن يقحم الخيارات السياسية بمجرد ما يراه في كتب الفقه فهو كمن يريد البيع والشراء والاستيراد ونحو ذلك من تلك الكتب!.
2.    في الجانب السياسي، الكثير من السلوكيات السياسية لا يتعرض لها الفقه البتة، بل هي من جنس تدبير الحروب، إنما هي خبرات تراكمية يشترك بها البشر، والنظريات السياسية تتزاحم فيها وجهات النظر، وتختلف فيها المواهب والتعبير عن مصالح الطبقة التي تمثلها، فكما تجد في المشاريع الاقتصادية ما هو مدر للربح على المشاركين فيه، وآخر مغامر، وآخر يحطم من شارك فيه فإن من الخديعة للناس إيهامهم بوجود مشروع واحد!، اسمه مشروع إسلامي في السياسة، والحديث هنا يتجاوز التوقف عند الأحكام الشرعية في السياسة، إلى المشاريع نفسها.
3.    الحكم بجدارة مشروع سياسي معين ليس من شأن الفقيه، فهذا يتطلب معرفة سياسية، وقديمًا كتب ابن القيم ردًا على من لم يجوّز بيع المغيبات في الأرض بحجة أنه غرر بقوله:
"
وقول القائل: " إن هذا غرر ومجهول " فهذا ليس حظ الفقيه، ولا هو من شأنه، وإنما هذا من شأن أهل الخبرة بذلك". (أعلام الموقعين)
فلاحظ كيف وضع للفقيه حده، لا يتجاوز فيه غير ما يعلم به، وكذلك يقال هنا بأن الحكم بعدم جدارة مشروع سياسي، من جدارة آخر، ليس حظ الفقيه، ولا هو من شأنه.

مودتي!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق