23 أبريل 2017
منظومة حاكمة
1
كنت بالأمس في حوار مع أحد النبهاء، وجرنا الحديث تلو
الحديث لتناول المنظومة الرأسمالية، والإشكاليات التي تحدثها في المجتمعات، وكان
مما قلته حينها بأن النظرة التقليدية للفقه في مسألة الرأسمالية مثل أشعة إكس، لن
ترصد كل المشاكل فقد نحتاج إلى أشعة أخرى للرصد.
خذ على سبيل المثال المسالة الفقهية التالية، ما حكم أن تجبر شخصا على العمل عندك وإلا آذيته وأسرته مقابل 20 دولار يوميا مثلا على عمل مباح.
هذا باطل لأنه لم يحصل باختيار العامل، حسن ماذا لو لم تكن أنت بعينك تجبره ولا ب، ولا ج ولا كل فرد رأسمالي، لكن مجموع الرأسماليين يجبرونه بعمل متوسطه مثلا في بلد 20 دولارا وإلا أوذي في نفسه وماله.
الأمر شبيه بقولنا عن واجب بأنه كفائي أي متى فعله البعض سقط الإثم عن الآخرين، ولكنه هنا بالمقلوب ومعقد أكثر فلا يقدر الفرد الرأسمالي بمفرده على استيعاب احتياطي العاطلين عن العمل وإن كان يشارك في صناعتهم، وفي نفس الوقت هو جزء من الإكراه الطبقي في تحديد الأجور وكذلك في الإجبار على العمل بالسعر والوقت المحدد.
ولكن من المسؤول هنا؟ الإشكالية في المنظومة نفسها، خذ على سبيل المثال التالي: يقال من أسباب صعوبة الزواج وبالتالي انتشار العلاقات خارجه والعنوسة إلخ.. ارتفاع المهور، هذا صحيح، ولكن من المسؤول عنه كفرد؟! الفرد نفسه قد يقول لو زوجت ابنتي بمهر قليل قد أؤذى من المجتمع فيقال هناك مشكلة وعيب، لذا قلل المهر، ليس الحل هنا أن تحاسب فردا في المنظومة أصلا أو تحمله وزر نتيجة مجموع المنظومة.
المشكلة بالمنظومة نفسها، كان للجويني في (الغياثي) مسألة افتراضية تكشف عن مشكلة المنظومة، يقول لو أن شخصا يمشي على سطع ووقع منه داخل بيت فيه مجموعة من المرضى، إن بقي فوق من سقط عليه قتله وان انتقل إلى غيره قتله وهكذا.
قال هنا يسقط التكليف فلا يؤمر ولا ينهى، إنه تنبه لوجود منظومة حاكمة لن تحل بالأمر الفقهي المجرد.
في المنطق القديم كان يقال هناك محمول وموضوع، الوردة حمراء، الموضوع الوردة والمحمول هو الحمرة، وهي تقوم بالوردة.
ولكن جرى الخروج عن هذا التقسيم الى قسم ثالث وهو العلاقات تقول الكتاب فوق الطاولة، فهذه علاقة بين الكتاب والطاولة، في إطار العلاقات بين الأشياء تتشكل منظومة، هذه المنظومة اجتماعية وليست فردية.
وهي التي يقال عنها حاكمة في النظام الراسمالي وتحتاج إلى تنبه.
خذ على سبيل المثال المسالة الفقهية التالية، ما حكم أن تجبر شخصا على العمل عندك وإلا آذيته وأسرته مقابل 20 دولار يوميا مثلا على عمل مباح.
هذا باطل لأنه لم يحصل باختيار العامل، حسن ماذا لو لم تكن أنت بعينك تجبره ولا ب، ولا ج ولا كل فرد رأسمالي، لكن مجموع الرأسماليين يجبرونه بعمل متوسطه مثلا في بلد 20 دولارا وإلا أوذي في نفسه وماله.
الأمر شبيه بقولنا عن واجب بأنه كفائي أي متى فعله البعض سقط الإثم عن الآخرين، ولكنه هنا بالمقلوب ومعقد أكثر فلا يقدر الفرد الرأسمالي بمفرده على استيعاب احتياطي العاطلين عن العمل وإن كان يشارك في صناعتهم، وفي نفس الوقت هو جزء من الإكراه الطبقي في تحديد الأجور وكذلك في الإجبار على العمل بالسعر والوقت المحدد.
ولكن من المسؤول هنا؟ الإشكالية في المنظومة نفسها، خذ على سبيل المثال التالي: يقال من أسباب صعوبة الزواج وبالتالي انتشار العلاقات خارجه والعنوسة إلخ.. ارتفاع المهور، هذا صحيح، ولكن من المسؤول عنه كفرد؟! الفرد نفسه قد يقول لو زوجت ابنتي بمهر قليل قد أؤذى من المجتمع فيقال هناك مشكلة وعيب، لذا قلل المهر، ليس الحل هنا أن تحاسب فردا في المنظومة أصلا أو تحمله وزر نتيجة مجموع المنظومة.
المشكلة بالمنظومة نفسها، كان للجويني في (الغياثي) مسألة افتراضية تكشف عن مشكلة المنظومة، يقول لو أن شخصا يمشي على سطع ووقع منه داخل بيت فيه مجموعة من المرضى، إن بقي فوق من سقط عليه قتله وان انتقل إلى غيره قتله وهكذا.
قال هنا يسقط التكليف فلا يؤمر ولا ينهى، إنه تنبه لوجود منظومة حاكمة لن تحل بالأمر الفقهي المجرد.
في المنطق القديم كان يقال هناك محمول وموضوع، الوردة حمراء، الموضوع الوردة والمحمول هو الحمرة، وهي تقوم بالوردة.
ولكن جرى الخروج عن هذا التقسيم الى قسم ثالث وهو العلاقات تقول الكتاب فوق الطاولة، فهذه علاقة بين الكتاب والطاولة، في إطار العلاقات بين الأشياء تتشكل منظومة، هذه المنظومة اجتماعية وليست فردية.
وهي التي يقال عنها حاكمة في النظام الراسمالي وتحتاج إلى تنبه.
2
العلاقات بين الأفراد وإن كان كل جزء منها على حدة قد
يمرر فقهيا بأنه مباح، لكن مجمل العلاقات يؤدي إلى تحطيم قسم من البشر لحساب آخرين،
يذكر ابن تيمية مثالا للمباح بقطع الكلأ لمصلحة الدواب فهو مباح، لكنه دون سبب
يضحي من الفساد في الارض.
المنظومة الرأسمالية تقيم علاقة استغلال بين الأفراد وإن كان ظاهرها على حدة لا إكراه فيها، إلا أنه بمجملها تكره أكثرية لحسب أقلية تتجمع في أيديها الأرباح.
كثيرون حاولوا تغيير هذه المنظومة بطرق مثالية كالوعظ الأخلاقي، أو الهجوم العنيف على بعض مراكزها!.
فكان الحل الأول مثاليا مجردا بل نفسه خضع للمنظومة نفسها، فأضحى الوعظ برعاية شركة وقناة، وتخللته دعايات!.
أما الثاني فاتسم بالفوضوية، فخلخل الامن في بعض المناطق، ولم يصنع شيئا في الواقع، بل فتح سوقا لشركات الحماية والتأمين على الشركات، بيع وشراء خبرات الأمن مثلا إلى الهند من إسرائيل لتأمين المطارات.
وما يستتبع عمليات البيع والشراء من تقارب سياسي تفرضه حاجات ومصالح السوق، وفي السياق الآخر تحمل الشركات الراسمالية إلى الاغلبية التي تعاني من نير الاستغلال إلى جانب إلهائها وإشغالها بالعمل اليومي، والتفكير الاستهلاكي عبر أطنان الخطابات الدعائية.
إلى جانب كل هذا تحمل لهم إمكانية المعرفة، إمكانية استغلال وسائلها لفهم ما يلف بهم، ولكن هذا يحتاج إلى جهد كبير من العمل النقدي والتوعية لانتشال الناس إلى مربع الرؤية الصحيحة للواقع وهو عمل شاق وطويل، ويتطلب أشخاصا على كفاءة عالية في التفكير والعمل.
المنظومة الرأسمالية تقيم علاقة استغلال بين الأفراد وإن كان ظاهرها على حدة لا إكراه فيها، إلا أنه بمجملها تكره أكثرية لحسب أقلية تتجمع في أيديها الأرباح.
كثيرون حاولوا تغيير هذه المنظومة بطرق مثالية كالوعظ الأخلاقي، أو الهجوم العنيف على بعض مراكزها!.
فكان الحل الأول مثاليا مجردا بل نفسه خضع للمنظومة نفسها، فأضحى الوعظ برعاية شركة وقناة، وتخللته دعايات!.
أما الثاني فاتسم بالفوضوية، فخلخل الامن في بعض المناطق، ولم يصنع شيئا في الواقع، بل فتح سوقا لشركات الحماية والتأمين على الشركات، بيع وشراء خبرات الأمن مثلا إلى الهند من إسرائيل لتأمين المطارات.
وما يستتبع عمليات البيع والشراء من تقارب سياسي تفرضه حاجات ومصالح السوق، وفي السياق الآخر تحمل الشركات الراسمالية إلى الاغلبية التي تعاني من نير الاستغلال إلى جانب إلهائها وإشغالها بالعمل اليومي، والتفكير الاستهلاكي عبر أطنان الخطابات الدعائية.
إلى جانب كل هذا تحمل لهم إمكانية المعرفة، إمكانية استغلال وسائلها لفهم ما يلف بهم، ولكن هذا يحتاج إلى جهد كبير من العمل النقدي والتوعية لانتشال الناس إلى مربع الرؤية الصحيحة للواقع وهو عمل شاق وطويل، ويتطلب أشخاصا على كفاءة عالية في التفكير والعمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق