10.23.2016

مآخذ على الشيعة الإمامية

حلقة جديدة من برنامج مراجعات بعنوان:

مآخذ على الشيعة الإمامية

رابط الحلقة على مجموعة "عقلانيون" في الفيس:  
 يوسف سمرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، احييكم جميعا، اخي عبد الدايم، وجميع الاخوة المتابعين، والمشاركين ونظرا لغياب المحاور، فسيرتب أخونا عبد الدايم اللقاء، ويفتح الفرصة لمشاركات من أحب من الإخوة.
أي فكرة سواء وافقتها أو خالفتها يفترض بك أن تتصورها بشكل جيد، وتطالع الكتب فيها، وتقدم الاطلاع عليها في كتب أصحابها، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ونحن في زمن طفرة المعلومات، ونشر الكتابات والأفكار من دور النشر إلى الشبكات العنكبوتية، ولذا كنت دوما أشجع على تدريس مقالات الشيعة الإمامية في الجامعات العربية، تدريسًا نقديًا بحثيًا ليستفيد الطالب منه، مما ينعكس على تصوراتنا وتحليلاتنا حتى خياراتنا السياسية والاجتماعية.
أي فكرة مهما تم نقدها فهذا لا يبرر بحال ظلم حاملها، كما لا يبرر الانتصار لأي فكرة التحيز لقائلها حتى ولو ظلم.
بالنسبة للشيعة فهي طوائف كثر ومقالات عديدة، من أهم المصادر التي استعرضتها كتاب (فرق الشيعة) للنوبتختي وهو "من كبار أهل عصره في التشيع"، هذا المذهب يرى أن النص على علي بن أبي طالب في الإمامة، وبالتالي فالخلافة عنده يعرف صاحبها بالنص وعلى هذا دار خلافه ليس مع أهل السنة فقط بل مع الفرق الأخرى.
ومن تم النص عليه سيحصل في هذا خلافات كبيرة بعد عدة أئمة يتفق عليهم الشيعة، ويطلعنا النوبختي انقسام الإمامية وحدها بعد موت الإمام الحادي عشر عندهم (حسن العسكري) إلى 15 فرقة! كل له رأيه في تحديد من هو الإمام الذي يعقبه.
كتب الفرق والمقالات تطلعنا على آراء متعددة للشيعة في بداية عهدها في مواضيع الصفات والأسماء، ونسبوا إلى هشام بن الحكم القول بالتشبيه والتجسيم.. إلخ، وهذا لا يهمنا كثيرًا هنا في تحقيق مقالته بقدر معرفة تطور مقالات الشيعة الإمامية في هذا الموضوع؛ فبعد ظهور المعتزلة على الساحة وتفننهم بمقالاتهم حصل تأثر كبير بهم في الشيعة الإمامية والشيعة الزيدية وتحديدًا في القرن الثاني والثالث الهجري حتى يسعنا القول إن جوهر المعتزلة كمقالات يعيش اليوم في هاتين الفرقتين تحديدًا.
المعتزلة كانت حركة نخبوية نوعًا ما، تنتسب إلى العقل، أما الشيعة فكانت حركة شعبية بمعنى خطاباتها سهلة بمتناول العامة، وبعد ضمور مذهب المعتزلة؛ تم احتواؤه بالمذهب الشيعي، وكأنها محاولة لتعويض المعتزلة عن فقدان الجماهير، وفقدان الشيعة للمقالات العقلية المتسقة (إلى درجة ما).
بالنسبة لمبررات وجود المذهب، كان الأمر يدور على الإمامة، ثم بعد دخول المعتزلة على الخط كمقالات؛ صار المذهب الشيعي يبدأ خلافه مع باقي الفرق بالتوحيد ويقصدون به توحيد المعتزلة حذو القذة بالقذة.
ونفس ردود المعتزلة تم تكرارها مرارًا على أهل السنة في هذا الجانب. 
ومن هنا كان ينظر إليهم (كعالة) على الفرق والمتكلمين، حيث إنهم يكررون كلام غيرهم دون أن يكون خاصًا بهم، مثلًا لو أفحم جدلًا شيعي أشعريًا في التوحيد قصارى الأمر أن الأشعري سيصير معتزليًا، فليس محتما أن يصير إماميا!
وهذا يظهر إشكالية التناسق في المذهب بين ما تمَّ إدخاله أو استيراده من المعتزلة وما حوته الشيعة من تركة ميزتها عن غيرها.
لكن المعتزلة على الأقل كأفكار ستكبح جماح بعض الأفكار المتطرفة التي حوتها روايات الشيعة، فمثلا توجد روايات كثيرة في مذهب الشيعة عن تحريف القرآن، كنتيجة منطقية لفكرتهم أن علي بن أبي طالب تم النص عليه من الرسول صلى الله عليه واله وسلم، ثم تنكر بنظرهم جمهور الصحابة لهذا النص، وبالتالي فما الضامن لصحة نقل هذا الجمهور للقرآن نفسه.
ومن هنا تجد مجلدًا في بحار الأنوار للمجلسي يذكر فيه روايات التحريف مثلا يروون أن عليا كان يقرأ قوله تعالى (والعصر إن الإنسان لفي خسر) "وإنه فيه إلى آخر الدهر" ! 
ولكن المعتزلة ستخفف من غلواء هذا عند قوم عرفوا بالأصوليين (وهم متأثرون بالمعتزلة) ليقولوا إن هذه روايات آحاد لا يؤخذ بها في العقائد فالعقائد لا يؤخذ بها إلا بالمتواتر القطعي، والآحاد ظني كما هي قاعدة المعتزلة المعروفة.
لكن تبقى المشاكل هي هي. إذ يقول المجلسي في كتاب آخر (مرآة العقول) أن هذه الرويات متواترة عندهم !
قد يقال هنا: لكن لنفرض أن علي بن أبي طالب قرأ الآية كما يروون عنه أو غيرها من الآيات؛ أليس هو بشر يجوز عليه النسيان والسهو، وبالتالي يمكن أن تحمل قراءته على أنها شاذة مقارنة بالصحابة الذين يخالفون قراءته!؟
هذا سهل على مذهب أهل السنة، إذ لا يجعلون العصمة لواحد بعد الرسول صلى الله عليه واله وسلم، لكن على مذهب الشيعة هو صعب، وبيانه بالتالي: 
الشيعة لبيان مبررات النص على علي كان يجب أن يبينوا ما السبب الذي حتم أن يكون إمامًا ولو كان إمامًا ما الذي تميز به عن غيره؟! خصوصًا كما نعلم أنهم تأثروا بالمعتزلة وهم قائلون بأن العقل يحسن ويقبح..
ومن هنا كان يجب أن يقولوا بأن علي بن أبي طالب كان مختلفا عن غيره، ولذا كان النص حتميًا عليه من باب العدل والحكمة الإلهية..
وهنا يظهر تطور الأفكار الإمامية شيئا فشيئًا.
مثلا يطلعنا جعفر السبحاني (شيعي معاصر) في كتابه (كليات في علم الرجال) على قوانين تصحيح وتضعيف الرواة عبر العصور عند الشيعة الإمامية، فنجد مثلا ابن الغضائري يضعف رواة كثيرين تم تصحيح رواياتهم فيما بعد. لماذا؟
يقول لأن قدماء قم، وغيرهم من الشيعة كهذا الرجل كانوا يعتبرون أن من يقول بأن علي معصومًا عن الخطأ والسهو من أهل (الغلو) ولكن يعاجلنا السبحاني ليقول ما كان يعتبر غلوًا في مذهب الإمامية أصبح (من ضروريات المذهب)!!!
يعني كانوا يعتبرون أن عليا غير معصوم عن السهو ثم صار من الضروري في المذهب أن تعتقد بعصمته، التي يتركب عليها فيما بعد أنه الإمام الأوحد بعد الرسول صلى الله عليه واله وسلم.
فمذهب الشيعة اليوم يقع في مشكلة في هذه الناحية، إثبات العصمة عن السهو حتى! على وجود خلاف سابق هم من حكاه عن متقدميهم لهم في هذا، وروايات التحريف إذ لن يمكن حملها على السهو وقتئذ، فبقي إما أن تكون آحادا ويخرجونها على مذهب المعتزلة، أو لا يجدون مشكلة ليقولوا بالتحريف بشكل صارخ.
المذهب بقي يتطور، وكانت خلافاتهم مع أهل السنة أن أهل السنة يسلمون بعدم عصمة الإمام الذي يبايعونه، وأنه يمكن اختياره، لكن الشيعة يجب أن يكون منصوصًا عليه، ويبررون هذا بحاجة إلى من يقوم مقام النبي صلى الله عليه واله وسلم، ليجيب عن الأسئلة بطريقة لا تحتمل الخطأ بل العصمة رائدها.
وبقي الأمر يتسلسل مع زعمهم هذا حتى مات الإمام الحادي عشر حسن العسكري، والمفاجأة أن عمه ادعى أنه الإمام بعده! إذ لم يكن لحسن العسكري أي غلام! والفكرة الإمامية أن الإمام يكون من نسل من سبقه لا أن تذهب الأمر إلى العمومة وإلا فتح هذا باب (العباس) عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم !
فما العمل؟
تطلعنا الروايات التي يذكرونها أن حسن العسكري هذا كان له جارية اسمها نرجس، وأن الخليفة وقتها أمر بحبس نرجس مع نساء بيته فترة طويلة من الزمن ليتأكد أنها ليست حبلى من حسن العسكري.. وبالفعل تم احتجازها لمدة عامين وتم توزيع ميراث حسن العسكري دون اعتبار أي ذرية من الذكور له.
وهنا كان التفرق مهولا في الإمامية كما سبق أن ذكرت عن النوبختي، هنا يتم سرد حكاية يطيل فيها الصدر في كتابه (تاريخ الغيبة الصغرى) وهو مجلد ضخم قريب من 1000 صفحة، يتحدث عن ابن مفترض لحسن العسكري الإمام 11، وهو محمد حسن العسكري !
يقول الصدر (وهو والد مقتدى الصدر اليوم) بأن محمد هذا ولد وهو موجود، لكن كيف ولد وحسن العسكري وزع ميراثه على أساس عدم وجود ذكور في ذريته! يقول لأن أمه نرجس حملت فيه وولدته في ليلة واحدة !!
حسن لنفرض هذا لكن كيف لم يكشفها أحد، أو ينتبه أحد لوجود هذا الغلام!؟
قال لقد ولد في عمر يقارب 5 سنوات !!ثم تخفى، وغاب حتى لا يتم قتله من السلطة.
فتم تركيب هذه القصة لتجاوز الاعتراضات، وكلها لإنقاذ الفكرة الشيعية المثالية بأن كل إمام من ذرية من سبقه.
ولما غاب هذا الأخير كانوا سيقولون هو المهدي.
المهم يغيب هذا المهدي فترة طويلة، ولكن كيف يتم التواصل معه؟
هنا جاء عهد السفارة، وجد أشخاص زعموا أنهم سفراء هذا الإمام الغائب! وكانوا يجيبون عن أسئلة الناس ويقولون أنها مرسلة من المهدي هذا.4  سفراء على التوالي في المذهب الإمامي لهذا الغائب.
الغريب في الأمر أن هذا الغائب حصلت في عهده أحداث كبرى لكن لم يوجد في كل تراثه المنسوب إليه أي كلمة حتى في استنكارها، مثلا تم اجتياح مكة من القرامطة، وذبحوا الحجيج وأخذوا الحجر الأسود، والروايات المنسوبة إليه لم تعلق بكلمة على هذا الحدث ولو باستنكار مرة واحدة !
المهم بعد الأربعة وجد كمية هائلة من الأشخاص الذين زعموا أنهم سفراء الإمام الغائب هذا !
فما الذي سوف يفعله المذهب لوقف ادعاء السفارة؟ كان من السفراء مثلا حسين بن منصور الحلاج! ولذا وافقوا أهل السنة على قتله على أساس أنه زنديق حتى ينقذوا مذهبهم من هذا الرجل الذي زعم أنه سفير الإمام الغائب !
هنا قالوا لقد غاب الآن غيبة كبرى! سيعود آخر الزمان.. حتى يتم وقف تسلسل السفراء.
وهنا تبرز مشكلة كبرى على المذهب الشيعي الإمامي لا تزال آثارها إلى اليوم: مسألة الخمس !
يقول تعالى: (واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذوي القربى...) الآية، هذه الآية قال الشيعة أنها لقرابة الرسول يعطون الخمس، ولم يخصوا ذلك بغنيمة الحرب.
حسن، يمضي الأمر مع إمام موجود تقول هذا يستحق الخمس، لكن ماذا سوف نفعل والإمام غاب كما تقولون غيبة كبرى؟
ثم هذا الإمام الذي خالفتم من أجله فرق المسلمين، يفترض أن يبين لنا على الأقل قبل أن يغيب ماذا يجب أن يفعل الناس بالخمس! أين سيضعونه؟
يطلعنا الطوسي (وهو شيخ الطائفة)، بل الشيعة الإمامية إن قالوا (الشيخان) يقصدون بهما (الطوسي والمفيد)، هذا الرجل الطوسي له كتاب (المجرد في الفقه) يقول: لا يوجد أي رواية لحل مشكلة الخمس !
ومن هنا بدأ فقهاؤهم يجتهدون في كيفية صرف هذا لذوي القربى ويقصدون به الإمام الغائب الآن.
فاختلفوا على أقوال تجدها في كتابه المذكور:
1.   أن تدفن هذه الأموال في الأرض ولما يخرج المهدي ستخرج الأرض كنوزها له !
2.   أن يجمعها المرء في بيته، ثم يوصي بها لأبنائه، وتتسلسل الحكاية إلى أن يلحق واحد من ذريته بالمهدي هذا، لما يخرج، ثم يعطيه كل الأموال السابقة
3.   أن يودعها عند من يثق بدينه وأمانته (ومن هنا بدأ دور المرجعيات الشيعية يشكل نفوذا سياسيا واجتماعيا قويا فيهم) إلى أن يظهر الإمام يعطونها إليه.
ويظهر أن الأمر استقر بعد تسلسل على القول الثالث مع بعض التعديلات في موضوع هل يجوز استعمال هذه الأموال مثلا لنشر المذهب والإنفاق على طلابه ومصالحه وحاجاته إلخ 
وستنشأ في المذهب ثغرة فلسفية كبرى:
الإمام علي كان يمكن أن تقول منصوص عليه فهو موجود، والناس تستطيع مبايعته، فما العمل الآن !
هذه الفكرة كانت مشكلة فقهية في المذهب، فكيف يجوز الغزو والجهاد، وإقامة الحدود إلخ مع عدم وجود الإمام!
ظلت هذه المشكلة قائمة في المذهب الشيعي حتى جاء الخميني، الذي كان تأثر ببعض الأفكار الحركية المتأثرة بأفكار الثورة الاشتراكية الخ مع صيغة دينية نوعا ما للأمر، ليرى ثورة المستضعفين أمام المستكبرين، ويحل المسألة بكتابه (الحكومة الإسلامية).
فكرة الخميني بسيطة: تقول الإمام بما أنه غائب لم ينص على من سيخلفه بعد السفراء ال4، إذن نستشير من ينوب عنه فترة غيابه من الفقهاء والعلماء، فقد (صح) عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن الأنبياء لم يوثروا درهما ولا دينارًا إنما ورثوا العلم، والعلماء ورثة الأنبياء.
فمن يرث الأئمة هم العلماء، أي علماء المذهب، وبالتالي فيختارون من يتولى الأمر إلى ظهور الإمام الغائب، ومن هنا ظهر مصطلح (ولاية الفقه) فالفقيه يتولى الأمور مكان الإمام الغائب.
الثغرة الفلسفية هنا: إذن عدتم لحل أهل السنة من قبل وهو الشورى!
كنتم ترفضون الأمر بحجة أن الأمة بحاجة لإمام معصوم ويجب النص عليه، الآن الإمام هذا غاب فمن نص هو عليه بعد غيابه = لا أحد !
إذن ما العمل شورى.. هذا مستورد عن السنة في تفكيرهم في الخلافة بعد الرسول.. فلماذا كل هذه اللفة الطويلة، أن تنتظر أكثر من ألف سنة حتى تقول نعود إلى الشورى! الثورة الإيرانية استلمت الحكم عام 1979 م.
نأتي لمشكلة الروايات الحديثية عند المذهب الشيعي وهي معضلة كبرى عندهم، فيطلعنا عبد الكريم الفضلي (المدرس في الحوزة العلمية في النجف) في كتابه (علم الحديث) على أن أول كتاب لهم في علم الحديث كان في القرن العاشر هجريًا !!بلغة أخرى أول أمس !!
لماذا هذا الأمر.. يفسرون الأمر بأن أئمتهم كانوا يتسلسلون فليسوا كأهل السنة اكتمل الأمر معهم عند وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم، بل هؤلاء عندهم أئمة يحملون الدين وتأخر التصنيف بزعمهم في علومه بسبب هذه !
وهذا جواب مماحك فحسب، فكما نعلم أنهم يروون قبل التصنيف في علم الحديث الذي يمثل المنهجية في القبول والرد للأخبار، فكانوا يروون قبل أن يكتبوا أي منهجية، فالسؤال: ما المنهجية الاولى للقبول والرد؟ هذه ثغرة كبيرة في مذهبهم.
نأتي لكتاب علوم الحديث للفضلي الذي زعم أنه في علم الحديث، الكتاب ليس في علم الحديث ومذهبهم يمثل حالة من البؤس المعرفي تماما في هذا الجانب.
فيقول عبد الكريم الفضلي أن عندهم قاعدة الجبر والكسر! ما هذه القاعدة ؟
يقول إن كان الحديث ضعيفا وتقول به الإمامية فهو مجبور ويصير صحيحًا.
وإن لم تقل به فيكسر ويصير ضعيفا وان كان سنده صحيح.
هذا بالمختصر معناه (عنزة ولو طارت) أي لا يوجد قواعد موضوعية للقبول والرد عندهم !
بل كلامهم لمحض كونه كلامهم صحيح !
أما بحوث مثل التدليس والعنعنة واشتراط التحديث للمدلس، فضلا عن علل الحديث وغير ذلك من العلوم لا يوجد شيء من هذا في كتابه المذكور، وما فيه مستل بشكل عام من كتب أهل السنة !
فالشيعة عالة على غيرها من الفرق، كما أنها ارتجالية في تصميم مذهبها ولذا يحمل في باطنه كل التشظي وعدم الاتساق، وبالتالي فهو مذهب مجمع مركب من كل قطر شيء !
أما في الفقه، فكتب العاملي المسمى عندهم (بالشهيد الأول) كتابه: اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية، وذكر فيه أن الميت إن كان مؤمنا يصلى عليه 5 ركعات ويدعى له فيها، وإن كان (منافقا) فيصلى عليه 4 ركعات، ويلعن فيها !!
هذا يريك أي مذهب هذا، أن تصلي على إنسان ميت وتلعنه، من هذا المنافق؟
هو الذي ليس مؤمنا إن علمت أن أركان الإيمان عندهم تشمل الإمامة، فمن لم يؤمن بولاية علي كما يصورونها، فهو منافق يلعن في الصلاة عليه، فهم أمام الناس يصلون على الميت، ولكن في كتبهم هذه يلعنونه !
وبقيت متحرجًا أن أستنبط هذا بنفسي، فاتصلت ببعض سكان النجف ممن هم طلبة المذهب هناك، وسألتهم: كم تصلون على أهل السنة قال: 4 ركعات مثل ما هو مذهبهم، قلت وعلى ميتكم؟ قال: 5، فأظهرت له كلام العاملي هذا فارتبك جدا، وقال: لا، المنافق هو الناصبي! وليس السني، وهذا مجرد تلاعب بالعبارات وفرار من مذهبهم ليظهروه على العلن.
والكتب التي سميتها مرفوعة على الشبكة يمكن لأي إنسان أن يتحقق مما نسبته إليهم، ويقدر على تنزيلها من مواقعهم هم كمكتبة نرجس (وهذا الاسم كما سبق هو للأم المفترضة لمحمد حسن العسكري) الذي يسمونه صاحب الزمان إلخ.
ويقولون الإمام المهدي (عج) ومعناها (عجل الله فرجه الشريف) وهذا أيضا من بقايا التطور في المذهب، فالمذهب فيه روايات تقول أن من سمى الإمام فقد كفر !
ولما جاء الصدر، قال هذا فترة العباسيين إذ كانوا ضد آل البيت (بنظره)، فمن باب (الاحتياطات الأمنية لم يكونوا يسمونه) فكانوا يقولون صاحب الزمان أو الإمام أو القائم إلخ..
حسن، ذهب العباسيون، فلا يوجد تضييق كما يفترض على المهدي هذا، فأين هو، يقول الصدر: إنه يجوب الأرض، ويقد يظهر لبعض الناس (وهذه لوحدها تفتح باب السفراء المكذوبين) !!
وكتجربة يمكنك أن تضيف أي شيعي وتقول له أنا المهدي وقتها سيكفرك! إن كان متدينًا مع أنه يجوز أن يقابل المهدي أي شخص !
الصدر يقول لنا إن المهدي وإن كان دخل سردابا فقط فترة للاختباء فيه، وبعدها خرج ويجوب الأرض اليوم (كما في كتابه الضخم الغيبة الصغرى)، حسن.. لماذا لا يذهب طالبا اللجوء إلى دولة أوربية مثلا؟! طبعا هذه الأسئلة قد يعتبرها الشيعي كفرا أو استهزاءً مع أنها مجرد استفسارات حقيقية على مذهبه، وهذا أمر يفترض أن يكون واسع الصدر له..
أما عمر المهدي فهو الآن يفوق الألف سنة كما يزعمون وهو حي يجوب القفار.
وابن الصدر هذا هو مقتدى مؤسس جيش المهدي، وهو مليشيا تقدر اليوم بـ 60 ألف مقاتل، يمهدون بنظرهم لظهور المهدي !
وإذا كان المهدي خروجه من علامات الساعة فما المعنى من الطلب (عجل الله فرجه)! من يضيق عليه! ذهب العباسيون أصلًا، وها هي إيران وغيرها أضحت قوة لا يستهان بها! فالمانع له هل هو الاضطهاد أم أنه مرتبط بنهاية العالم، إن كان بنهاية العالم إذن أنت كمن يقول (عجل الله يوم القيامة)! ويكفيك تصور هذا القول فحسب !
أنهي مداخلتي بهذه، وأشكركم وأعتذر إن كنت أطلت عليكم، مودتي لكم.
سؤال:
 وردنا السؤال التالي: شكرا استاذ يوسف على ما قدمتم.. كيف ترى هذا الصراع الطائفي القائم بين السنة والشيعة وان كل فرقة تدعو لشحد السيوف لذبح الاخرة واستئصالها من الوجود وانه لا سبيل لا للمحاورة ولا المجاورة ولا التعايش...؟
اليس لنا ان نستفيد من التجربة الغربية التي استفاقت ووحدت الفرق المسيحية بعد ان دمرت الحروب الطائفية بينها العديد من المدن والقرى وقضت على مئات الالوف من سكانها ؟؟؟
يوسف سمرين:
هنا شقان: التعايش لا يعني كتم المباحثة والمناظرة، في لبنان كما علمت مثلا يمنع إن كنت سنيا أن تطرق موضوعا شيعيا في الجامعة ولو في بحث! والعكس صحيح، فهذا تعايش بائس، بل يجب أن نسمع للآخر، ونرد عليه، والصياح والعويل موقف الضعف لا أكثر.
ومناطق أهل السنة تحديدًا يجب عليها تطوير نفسها معرفيا وثقافيا بالآخر بدل الخوف والهلع، فكما نعلم ليس من وصف أهل الايمان أنهم (يحسبون كل صيحة عليهم)، والشيعة وجدوا قديما بيننا، وكان كثير من العلماء يحاورونهم كما فعل ابن تيمية في رده على الحلي، ولا يبرر الخلاف ظلم إنسان، ومن الغباء أن يغفل السامع عن المطامع الاقتصادية والسياسية التي تختفي كثيرا تحت حجج طائفية ما.. أنا معك في ضرورة تعزيز الحوار، والاستفادة من الغرب في جانب التعايش وحرية البحث العلمي ضرورية لا شك 
سؤال:
 استاذ يوسف.... اذا كانوا يرون ان الائمة معصومون....فما هو الفرق بين الامامة والنبوة عندهم؟؟
يوسف سمرين:
 كتب الحسن بن سليمان الحلي وهو من الشيعة الامامية ومن تلاميذ المجلسي كتابا بعنوان تفضيل الأئمة على الأنبياء والملائكة والكتاب طبع في طهران، وما تفضلت به أصلا مشكل جدا على أصولهم فإن كان علي أفضل من الأنبياء كما يرى الحلي هذا، أفضل من أولي العزم كإبراهيم وموسى وعيسى فما هو الفرق بين النبي والإمام وقتها !
سؤال:
 اشكر الاستاذ يوسف على هذا التتاول الجديد ومن زاوايا مختلفة عن المعهود ومن كرامات الزميل الشيعي انه لم يحضر. سؤالي عن الاثر المعاصر للإمامية سياسيا ودوره في اضعاف لحمة المسلمين هل تتحمله الامامية كاملا ام نحن السنة لنا دور؟
يوسف سمرين:
 الإمامية اليوم على الصعيد السياسية ليست مجرد مذهب كلامي وعقدي، بل أصبحت أيدلوجية قومية، تظهر هذه المسألة في كتاب كشف الأسرار للخميني، وهو يخاطب الفرس المؤمنين، ويتندر بالعرب أهل البادية الجهلة الوهابية كما يسميهم، فالأمر ليس مجرد مذهب، بل تعصب عرقي اليوم، فحتمًا بهذه الصيغ سيحصل صراع ومشاكل كبرى.
بالنسبة لأهل السنة فلا شك يتحمل كثيرون مسؤوليات فظيعة في هذا الموضوع، فمن البنا الذي لا يظهر أي أثر لإبراز الخلافات الشيعية السنية على الصعيد الثقافي الحركي، مما فتح المجال بعده لنجد من يقول لا نختلف عن الشيعة في الأصول، والسني غالبا للأسف جاهل بالمسائل هذه، النبهاني مؤسس حزب التحرير قال لا خلاف بين الشيعة والسنة في الأصول ايضا، وهذه مسألة وقع بها الكثيرون، حتى القرضاوي الذي جاهر بالخلاف العقدي معهم مؤخرا كان له كتاب (مبادئ في الحوار والتقريب)، ويقول: لا خلاف عقدي أصيل معهم! وهبة الزحيلي يقول: خلافنا معهم فقط في 17 مسالة فقهية! عبد الكريم زيدان يسميهم بالجعفرية ويخفف من الخلافات.. كل هذا أدى لمشكلة فظيعة وعدم تصور لهم، حتى لما تطالب بالحوار والتعايش يجب أن تكون عارفا بمكامن الالتقاء والخلاف.. فلا شك أننا نحتاج نظرة نقدية لكثير من الأفكار، سواء التي نفت الخلاف أو تلك التي لم تتعامل مع الأمور ببحث علمي جدي، واكتفت بالتكفير ونحو هذا. 
سؤال:
سؤالى للأستاذ: يوسف سمرين ما الفرق بين الإمامية والاسماعلية والعلويين، هل باقى الطوائف لا ترى بعقيدة الامامية؟
يوسف سمرين:
الامامية كفرقة يقول ابن تيمية رغم أنهم من أضل الفرق وأجهلها لكنهم ليسوا كالإسماعيليين. الإسماعيلية هي فرقة باطنية تؤول الاحكام الشرعية بل تصل إلى القول بان الله ينفى عنه الوجود وعدم الوجوديقولون لا موجود ولا لا موجود. ولهم دعاة كثر، ومطبوعات أيضا ،مثل علي بن الوليد له كتاب في مجلدين (دامغ الباطل)، كذلك لداع منهم اسمه ابو حنيفة -وليس الامام السني المعروف- له كتاب (اصول الفرق) قد طبع، وكذلك ابو يعقوب السجستاني له كتاب الافتخار الخ.
هؤلاء نسخة متطورة جدا من الشيعة غالت جدا، حتى إن الامامية نفسها ترفض مقالاتهم، ولذا قال فيهم ابن تيمية: "أكفر من اليهود والنصارى"، لا يجب الخلط بينهم وبين الإمامية، ولا حتى كلام ابن تيمية فيهما.
الاسماعيلية فرقة استوردت أفكارها من الأفلاطونية المحدثة، وطورت عليها، وهم كما قال الغزالي في الرد عليهم في كتابه (المستظهري): أظهروا الرفض وأبطنوا الكفر المحض. يعني أظهروا التشيع ولكنهم لا يعتنقون دينا ولا إسلاما، بل كل الآيات مجرد رموز باطنية تخفي تحتها معان تتعلق بمعتقدتهم هم، فالصلاة مثلا تعني الإمام، الحج يعني أمرا آخر غير الحج المعروف.
الامامية ليست بهذا الغلو.
بالنسبة للعلويين، فتاريخيا هذه الكلمة كانت تطلق على من هو من نسل علي بن ابي طالب، لكن اليوم تطلق على النصيرية في سوريا، وهم فرقة باطنية من الفرق التي تفرعت عن الإسماعيلية، وليس الإسماعيلية ولا النصيرية من مقالات الفرق الاسلامية على توسعها.
سؤال:
تمنيت أن لا يختم الأستاذ كلامه... سؤالي: لم يذكر الأستاذ شخصية ابن سبأ اليهودي هل هي حقيقية أم وهمية وإن كانت وهمية فكيف ظهرت هذه الفكرة وراجت بين نخب السنة؟
يوسف سمرين:
بالنسبة لشخصية ابن سبأ فهي مذكورة حتى في الكتابات الشيعية ككتاب النوبختي، وكتاب الكشي في الرجال على ما أظن، وكيفما كان؛ فوجود شخصية مثل ابن سبأ لا يجعلنا نختزل التاريخ بمؤامرة كونية سببها شخص واحد يهودي الخ، فالدراسة النقدية تحتم علينا أن نعرف قدر أثر هذه الشخصية على التشيع، فكما يطلعنا النوبختي فإن هذا الرجل هو أول من جاهر بسب أبي بكر وعمر، المذهب كان لا يصرح بهذا وكبار الشيعة القدماء لم يكونوا يذمون أبا بكر وعمر، وتطور هذا فيما بعد، هل هذا مأخوذ عن ابن سبأ ام أنه تطور لنفس الأفكار التي كانت منحرفة؟ هذا مجال آخر.
حتى بالنسبة للغلو في علي؛ فالتاريخ كان أكبر من ابن سبأ، فوجود هذه الشخصية وعدمها بنظري سيكون سواء من ناحية سير الأحداث وتطور الأفكار الشيعية.
سؤال:
السؤال الاخر يخص بالتمدد: هل صحيح ان التمدد جاءكم في فلسطين عبر حركة الجهاد الاسلامي؟
وما مدرسة هذه الحركة ام هم شبيبة سلاح فقط؟
يوسف سمرين:
مؤسس حركة الجهاد الاسلامي هو فتحي الشقاقي، وكتب كتابا وحيدا في حياته وهو (الخميني الحل الاسلامي والبديل) نقل فيه فتوى شلتوت بجواز التعبد بالمذهب الشيعي! وحبس لأجهله في مصر فترة ثم عاد إلى فلسطين وأسس الحركة، وفي مقدمة أعماله الكاملة يقول: لما حبسني الصهاينة في الزنزانة كتبت بالدم كلمة روح الله الخميني على جدار زنزانتي هذه علاقتي بالامام !فاعتقد أن دوره لم يكن مجرد شبيبة سلاح كما تتفضل.
سؤال:
تشكر اخ يوسف سمرين على توضيحاتك. الامامية الى حد ما يقومون بالإنكار كما اوردت حيث انهم يضعفون رواياتهم التي لا تفي بأغراضهم او تضعهم في موقف لا يمكن الدفاع عنه بل قد يصل الامر الى تزوير الكتب في طبعات لاحقه، ألا ترى ان التكنولوجيا الحديثة في الاتصال والتوثيق قد يكون لها أثر على اعتناق الفكر مستقبلا ؟
يوسف سمرين:
قوة انتشار المذهب اليوم مرتبطة اساسيا بالسياسة، فالناس إجمالا متذمرة من سياسات دولها، والشيعة ارتبط اسمها اليوم بالثورة ونحو هذا، حزب الله الصراع الاسرائيلي، تهديدات ايران الخ.
لكن مع الأزمة السورية بدأ الامر يختلف، دورنا اليوم هو التوعية، وعدم تكرار الجهل الفظيع القديم، وقت أن حصلت الثورة الإيرانية وصفق لها من صفق عن جهل مع أن دراسات مستشرقين كبار كجولدتسيهر عنهم كانت تقول عداؤهم للسنة اكثر من اليهود! ميشيل فوكو أيضا كتب وقتها بأن الخلافات مع السنة فوق خلافاتهم مع اوروبا.
لا يجب التعامل مع الأمر بعاطفية مجردة، بل لا بد من دراسات عنهم، وتنمية المعرفة بهم، وهذا سينعكس حتى على القدرة على التعامل معهم. في ظل التقنية العصرية لا شك قزمت حتى من فرص التدليسات وبتر الأحاديث كما هي موجودة في كتبهم، بل صار بالإمكان أن يتم كشف هذا بسهولة جدا، لكن يعتمد هذا على رفع القدرة المعرفية والثقافية عند أهل السنة بشكل عام.
أشكركم جميعا، وسعيد بالأسئلة الذكية والمهمة التي طرحتموها أيها الاخوة، وأتمنى أن يتجدد لنا لقاءات أخرى أيضا، وبهذا تنتهي سهرتي معكم اليوم.

استودعكم المولى.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق