7.02.2018

مناقشة معترض

 

2 ماي 2018

مناقشة معترض 

1

وصلني نقد لكتاب (ماذا قيل يومًا في أفغانستان)..
الذي صدر منذ سنة ولم أقرأ بعد جملة مفيدة في نقده، وبعضهم كان قد أعلن قديمًا أنه سينقده ولم يصدر منه شيء حتى الساعة.
المهم خرج أحدهم حديثا بتعليقات تعبر عن امتعاضه من الكتاب منها أنه يحاول هدم الرموز الإسلامية، وهذا تكفي مقدمة الكتاب في الرد عليه، ويقال من يعتبرهم هو رموزًا له لا يلزم من ذلك رمزيتهم عند غيره، ومتى طعن في دين من لم يعتبرهم رموزا له كان بطريقة الشيعة الإمامية ألحق منه بأهل السنة.
فإذا كانت إمامة علي بن أبي طالب عند أهل السنة من الفروع، ولم يضللوا كل من قاتله كأهل الجمل وصفين فكيف برموز هذا الأخ من المتأخرين؟
فكيف بناقدهم لا مقاتلهم!
ولكنه الغلو في الأشخاص؛ هو الذي يجعل مؤله المسيح يتهم من قال عنه: عبد ورسول، بأنه جحد المسيح، وهو الذي يجعل من القائل بأن الإيمان بإمامة علي من أركان الإيمان يتهم من ترضى على علي وربّع به في الخلافة بأنه ناصبي لأهل البيت.
والأطرف أنه يقول أني لم أذكر حسنات تلك الفترة، وكأنني موكل بجمع الحسنات والسيئات!
على أي حال يقال له ولم لا تذكر حسنات الكتاب؟ فما يقول من شيء إلا هو حجة عليه في اعتراضه.

2

قال هذا الرجل: إني أتكئ في كتابي على ما قاله مارك كوريتس ومن وصفهم بالمشبوهين! والمنشقين عن التيار الإسلامي مثل: سيد إمام، ومصطفى حامد.
فيقال: إن الكتاب حوى أكثر من 100 مرجع وليس أغلبها عن هؤلاء، ثم يقال أما مارك كوريتس فلم يؤخذ منه رأي بل ما ينقله عن الوثائق البريطانية وما تشهد له مصادر أخرى.
وهو ما ذكرته، مثل: متى دعمت الحكومة البريطانية؟ من زار بريطانيا؟ ماذا كان رأي تاتشر؟ وهكذا، وشيء أبجدي أن أنقل عن مصادر غربية فيما يتعلق بسلوك حكوماتهم.
أما من وصفهم بالمنشقين مثل مصطفى حامد، وسيد إمام فهؤلاء عندهم من المعلومات ما ليس عند غيرهم، وزكاهم السوري الذي نقد أبا قتادة الذي يستشهد به الكاتب، والكتاب لم يعتمد كلامهم اعتباطا بل مقارنة بغيره وما يترجح صحته.
فكيف ونحن نكتب في تاريخ؟ ففي التاريخ يعتمدون رواية سيف بن عمر التميمي مع ان حديثه لا يصح!
ولا أدري هؤلاء الذين يصفهم بالمنشقين هل يفترض أن نكذبهم تماما؟ فإذا كان في الرواية الدينية تجد في البخاري رواية عن رأس الخوارج عمران بن حطان، مادح قاتل علي، أي هو منشق عن إمام المسلمين بل عن علي وهو هو، ومع ذلك لم يقل فيه ما تقوله في هؤلاء لكنه النفس المغالي في (الرموز)!.
فكيف بأحداث تاريخية من القرن 20 لا رواية دينية، فهؤلاء قوم يتحدثون عن زملائهم، ومن عاشروهم ولو أسقطنا شهادتهم لن يبقى إلا ما يريده رموزه من دعاية لصالحهم.
وأنا لم أستثن نصوص من يعتبرهم رموزه ولا غيرهم حتى يعيب علي، بل أخذت بروايات رموزه وخصومهم وقارنت بينها لكنه يريد أن نصدق من كان يكذب وينفي وجود أي دعم خارجي، حتى فضحته ستنجر وقتها مع أنه ظل ينفي إلى سنة 87، مع أنها بدأ استعمالها في 86.
فهؤلاء يفترض أن نصدقهم، أما رواية لا تروق له من زملائهم فيفترض أن نكذبها لمجرد أنها تعكر مزاجه الوردي.

3

حاول المعترض أن يتحدث عما قاله حذيفة بأن يشكك في (داعش) بسبب وجود سيارات تويوتا معهم، فقلت له أنسيت ستنجر وغيرها فترة أفغانستان.
فبدأ يرد علي هذا المعترض في أن تلك السيارات من الجيش العراقي، لا أعرف هؤلاء القوم كيف يفكرون!
لم أنتصر لكلام حذيفة أصلا ولم أحرص على تفنيده في هذه الجزئية بل انحصرت في فترة أفغانستان، ولا ينسب إلى ساكت قول، فحذلقة المعترض لا يفترض أن تنصب علي، وكلام حذيفة كان في فصل (تاريخ بديل) أي مزيف فقارئ لا يعرف ما الذي أثبته وما الذي لا ينسب إلي أقل ما يقال فيه ليس مؤهلا لينقد الكتاب.
لكنه استسهل شيئا يعرفه فأحب نسبته إلي ليعرف كيف يرد عليه، فيقال له:
"
نسبة قول لخصمك لا يقول به ليسهل الرد عليك، ليس من فعل الأذكياء!"
قال بأني فرحت بشهادة أهل الغلو ولذا قدم لي رويتر، والطريف إنه يحتج بأن أبا قتادة رد عليه، فيقال: ومن أبو قتادة أصلًا؟ أليس صاحب فتوى قتل النسوان والذرية، الملوّح بفتوى لسبي نساء الجزائر؟ بل الطريف أن أبا قتادة في نفس الوقت ذاك الذي أصدر فيه هذه الفتاوى كان يقول بأن أبا لؤلؤة المجوسي قاتل عمر مسلم!
فهون عليك، وتقديم رويتر للكتاب له قيمته التاريخية فحسب، بقطع النظر عن آرائه الدينية، فقد كان شاهدا على المرحلة التي غطيتها من باب تعزيز الشهادات، وهي المرحلة الي لم يدركها أبو قتادة.
وقد حاول المعترض الغمز في الكاتب لأن بوابة نيوز نشرت تقريرا وصفه بأن فيه احتفاء بالكتاب.
فيقال له ما دخل الكاتب بهذا؟
ثم يقال له أنت تعتبر من كان يأخذ صواريخ من أمريكا، ومن يتفق على التعاون الاستخباراتي مع السفارة الأمريكية رموزا !!
وتأتي لتقول لكاتب احتفت بك صحيفة إلكترونية!
استمروا

4

إضاءات في العبقرية:
حاول المعترض أن يفرغ محفوظاته في مسألة الرواية عن أهل البدع، وتحديدًا عمران بن حطان رأس الخوارج، الذي كان يكفّر علي بن أبي طالب، وانشق عن جماعة المسلمين، فكيف والعلماء عندهم أصلا خلاف في حكم الخوارج، فقسم يقول بكفرهم، لا أنهم مجرد مبتدعة، فكيف هذا كله في رواية دينية، ونحن في أمر متأخر أصلًا، لا يمس الدين نفسه.
قال، بأني استندت على رواية لسيد إمام الذي وصفه بالأفاك، وأنه باع القضية، وصار يتلكم بلسان خصوم الجماعة!
أعجبني ((باع القضية)) كأن قضيته هي التي تلزم كل خلق الله، ومن تركها انتهى من الدين، ثم يعني عمران بن حطان لا بأس يكفر علي، ويمدح خصومه بل حتى قاتله، لا يضر هذا روايته، لكن سيد إمام يتكلم بلسان خصوم الجماعة!، هذا يعني روايته باطلة!
طيب، ما الرواية التي استعظمها؟ 
أن المعظم عنده قبض 100 ألف دولار من الحكومة السودانية، هل في هذا شيء غريب؟
يعني هو لا يضيره أن ينفق الكونجرس 800 مليون دولار على القتال الأفغاني، هذه عادي ما فيه إشكال الوثائق ثابتة، لكن 100 ألف من السودان، هذه كبيرة لا يستوعبها، خصوصًا أنها جاءت من خصم!
طيب اعتبرها من أمريكا، جيد كذا؟ وتصل بعد أن تلف الهرم المستفيد في بيشاور إلى 100 ألف، وقتها تصير معقولة؟
طعن في رواية عشماوي، ليه؟
قال لك عشماوي: " انقلب على وجهه، وهو من ألد خصوم قطب والاخوان، واُتهم بالخيانة، وهاجر الى أمريكا فى ظروف غامضة، وسجل فى مقدمة كتابه، افتتانه البالغ بأمريكا"
انقلب على وجهه= هذا لا يفيد أي معنى منضبط، فأنت تحكم عليه بأنه انقلب، لماذا؟ هنا السؤال، لا أن تسمعنا حكمك فيه.
من ألد خصوم قطب: وهذا لا أدري ما الذي يفترض أن يحصل، لنفرض أن سيد قطب تزوج وخاصمته زوجته هل تكفر؟
اتهم بالخيانة= بالمبني للمجهول! كذا يصير خائن.
وهاجر بظروف غامضة= أي واحد يهاجر بظروف غامضة يصير مشكوكا فيه، يفترض أن يذهب ليسجل سيرة ذاتية لرحلته.
وافتتن بامريكا = شوف الدقة الفقهية.
هذا يعني روايته باطلة عند الأخ.
الأطرف يقول:
"
لماذا لم ينقل سمرين الرواية الاخرى لعشماوى، والتى هى أبلغ فى إدانة فكر سيد فطب، والتى زعم فيها ان سيد قطب، لم يكن يصلى الجمعة، لأنه لا يعتقد بوجوب الجمعة بعد سقوط الخلافة ؟ والجواب بسيط، لأن الاستاذ سمرين، يعرف ان هذه الرواية (واسعة حبتين) ، ومفضوحة..فضرب الصفح عنها ، لكى لا تُخل بمصداقية كتابه"!
أي كلام، الآن لماذا لم تذكر عنه= ليس فقط سأراجعك فيما ذكرت بل حتى فيما لم تذكر، طيب حتى ما لم أذكر استبعاده يدل على قلة اطلاع فحسب، فهناك خلاف بين الفقهاء في اشتراط إذن السلطان لصحة صلاة الجمعة= والأحناف على أنها تشترط، فما تستبعده قريب، لكن لن ندقق كثيرًا في الفقه، الخلاصة ما يعتبره هو غريبا جدا، ليس مستغربا ومن قال باشتراط اذن الامام لما يقول لك خلت الأرض من امام سهلة يركب المسالة ذي على تلك.
وهذا نموذج فقط لبعض النقاد الذين يفترضون أن أناقش أمثال هذه الاعتراضات، من الذين يكتبون على الفيس (بظروف غامضة) ويفرح بهم بعض القراء.

5

قال بأني دافعت في كتابي عن قرار النقراشي، بحجة ذكر الظروف التي كان يتحرك في إطارها النقراشي خارج نظرية المؤامرة، حتى نختصر الوقت، حسن البنا الذي ينسب إليه المعترض ((مفاصلة النظام في 1948)) قال فيمن تعرض للنقراشي بالقتل: ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين.
فنفى إسلام من اغتالوه، ولم يكتف بنفي صفة الإخوان عنهم، ويأتي هذا ويجعل نفسه متعصبًا للبنا والإخوان، أكثر منهم أنفسهم.

6

ستطار المعترض غيظًا من أن يكون البنا قد حاول التقارب مع الديمقراطية، فقد حاول من باب التحرك السياسي، وبطبيعة الحال يتفق هذا مع الحرص على السماح بترخيص الجماعة، والسماح لها بالنشر ونحو ذلك، فوصف محاسنها، وشبه الأمر برد الناس على الإمام في الصلاة، وقال إن هذا مقتطع، ونحو ذلك، علمًا أن هذا النص منقول عنه بالحرف، وبعض الناس لم تعجبه تلك المقاربة بين الصلاة والديمقراطية، مثل القرضاوي رغم أنه يقول بجواز الديمقراطية السياسية.
كما شكك المعترض فيما ذكره فهمي هويدي بأن البنا عقد محاضرة بعنوان الديمقراطية الإسلامية في 1948، وكأن في هذا نكارة.
يعني ما موقف البنا من مسألة الديمقراطية أصلًا؟
كان البنا "يؤيد النظام الدستوري والنيابي بصراحة، ويرحّب به... ومن المعلوم أن النظام النيابي الدستوري يأخذ برأي الأغلبية"
(التربية السياسية عند الإمام حسن البنا، يوسف القرضاوي، ص81).
قال البنا عن هذا النظام أن الإخوان:
"
لا يعدلون به نظامًا آخر"
(من رسالته في المؤتمر الخامس: 1936م، بواسطة المصدرالسابق، ص81).
وقد سمح البنا باشتراك الاخوان في الانتخابات النيابية مرتين، وتكفل البنا بنفسه الرد على من خالف دخول الاخوان بالانتخابات فشكك في مشروعية الترشيح لمسائل منها القسم الدستوري، وذلك في جريدة الإخوان نصف الشهرية بعنوان: "لماذا يشترك الإخوان في انتخابات مجلس النواب؟"
وله رسالة بعنوان: (رسالة الانتخابات) نشرت في 1948 في جريدة الإخوان اليومية، يرد على من اعتبر الإخوان انحرفوا عن منهج الدعوة بمشاركتهم.
لكن المعترض يقول الكلام الفضفاض بأن البنا ((فاصل النظام)) في سنة 1948!
على أن البنا في سنة 1948 كتب:
"
القواعد الأساسية التي قام عليها الدستور المصري لا تتنافى مع قواعد الإسلام، وليست بعيدة عن النظام الإسلامي ولا غريبة عنه" من رسالته مشكلتنا في ضوء النظام الإسلامي، بواسطة المصدر السابق: ص87.
فهذا موقفه من "النظام الدستوري والنيابي، وهما من مقومات الديمقراطية" (المصدر نفسه، ص89.)
وقد حث البنا الإخوان على ضرورة تسجيل أسمائهم في الانتخابات في مصر 1948، "وأن ينظموا شؤونهم في هذه الناحية أدق تنظيم، فإنهم إن لم يكونوا مرشحين سيكونون على أي حال ناخبين" (نقلا عن جريدة الإخوان المسلمين، بواسطة: الفكر السياسي للإمام حسن البنا، إبراهيم بيومي غانم، مدارات للأبحاث والنشر، ص 365.)

7

قال: "الاستاذ :يوسف سمرين ، رفض انكار سيد قطب ، لتكفيره آحاد المسلمين فى كتابه ، وقال ان انكار سيد قطب ، نابع من خشيته من الادانة القضائية !"
لما نجد في الكتاب التالي، نقول إن القارئ لم يفهم ما قرأه على أحسن حال، وإلا فعلى أسلوبه فما كتبه مجرد كذب وتدليس، جاء في الكتاب:
"وبالعودة إلى كلام سيد قطب في التحقيقات فقد أبرز مسألة مهمة في تفكيره وهو يقول: " المسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر مما تتعلق بالحكم على الناس!" .
وهذا الذي قاله مهم جدًا لفهمه؛ إذ إنه يُبرز إلى أي درجة لم يكن يهمّه الجانب التنظيري في طرحه، بقدر مسألة العمل نفسه، والحركة نفسها، ومن المفارقات أن سيّد قطب هو صاحب عبارة (دعاة لا قضاة) وليس الهضيبي على التحقيق ، وهذا يتفق مع نصوصه في الـ (معالم) فهو يرى الاهتمام بحركية العقيدة، لا أطرها النظرية فالعقيدة عنده ليست بـ(نظرية) و(لاهوت) ولا جدل كلامي ، يقول:
"
كان القرآن يخوض بهذه العقيدة معركة حية واقعية.... مع الركام المعطل للفطرة... من ثم لم يكن شكل النظرية هو الشكل الذي يناسب هذا الواقع الخاص، إنما هو شكل المواجهة الحية، للعقابيل، والسدود، والحواجز والمعوقات النفسية والواقعية" .
لقد أكد مرارًا على أن العقيدة صورة منظمة حية ليست في صورة نظرية ، بل إنه يقول: "تبلور النظرية من خلال الحركة" .
فقد أزرى على الجانب التنظيري لحساب الجانب العملي، مما فتح مجالًا هائلًا لفراغ ينفتح على كافة الاحتمالات والارتجالية في اتخاذ المواقف مسبقًا، فعلى سبيل المثال مسألة الذبيحة، لو اعتبرهم كفارًا لصاروا مرتدين لا تؤكل ذبائحهم كما هو الموقف الفقهي من ذبيحة المرتد، أو هم مسلمون تؤكل ذبائحهم باعتبار إسلامهم دون قياس منه لهم على أهل الكتاب، أما أن يصيروا أهل كتاب تؤكل ذبائحهم، فهذا يظهر عدم عناية سيد بالأبجديات الفقهية وأنه لا يتحرك في إطارها، وإنما يعنيه الجانب العملي الذي تبرز فيه الحلول الارتجالية مع المواقف دون أهلية مسبقة للبحث فيها نظريًا باعتبار الفقه تخصصًا يحتاج مؤهّلًا للنظر في أبوابه، وإنما يعنيه التحرك، باعتبار المجتمعات جاهلية يجب العمل على تغييرها، بقطع النظر إلى أي درجة يمكن أن تصل هذه الشعارات في نتائجها الأخيرة منطقيًا من ناحية نظرية.
ومن هنا فلم يكن يعنيه دلالة إطلاق الجاهلية على المجتمعات من ناحية التنزيل الفقهي، وما يستتبع ذلك من أحكام كالتكفير العام والمعين ومباحث الردة من مغلَّظة ومجردة، والتفريق بين الأفراد والطوائف الممتنعة، وعذر الجاهل من عدمه، مما ستنشغل به جماعات بعده، إنما كان هذا ضروريًا عنده من أجل التحرك، باستلهام الظرف الأول الذي نشأ فيه المسلمون في مكة، وقد أحاطت الجاهلية بهم، ولكن هذه المرة في مجتمعات إسلامية، ومن هنا ستبرز الإشكالية النظرية بتعقيداتها الفقهية!"
(ماذا قيل يوما في افغانستان، ص112، 113).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق