9.16.2016

الفوضويون الدواعش ..هل هى ثمرة تراثية ؟

حلقة جديدة من برنامج مراجعات بعنوان:

الفوضويون الدواعش ..هل هى ثمرة تراثية ؟

ضيوف الحلقة: من القدس: استاذ يوسف سمرين، ومن السودان الأستاذ صدام الخالدى.
رابط الحلقة على مجموعة "عقلانيون" في الفيس:
.............
يوسف سمرين:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أحييك أخي عبد الدايم ، وأرحب بمحاوري الأخ صدام ، وجميع الإخوة المتابعين الكرام .
التفكير النقدي يحتم علينا تفكيك الأسئلة للخروج من ديكتاتورية المصطلحات ، فالمصطلح قد يكون كالفرد المحاط بالحاشية ، مما يزرع هيبة تتجاوز ما لو تم إزاحة الحاشية ، والحرس ، لرؤية فرد عادي ، كذلك الأمر بالنسبة للمصطلحات التي هي كلمة ، لكن قد يكون للاصطلاح والسياق لها ما يشبه الحاشية المحيطة بفرد من الأفراد .
يفترض بنا ونحن نحلل ظاهرة مثل (الدولة الإسلامية في العراق والشام) أو ما تختصر عادة في الإعلام بـ (د.ا.ع.ش) اعتباراً بالأحرف الأولى المكونة لها ، أن ننظر إليها بمستوى تحليلي ينظر ما الذي يجعلها مختلفة عن غيرها .
فداعش هي تنظيم أيدلوجي ، له رؤيته التي سعى لتمثيلها بكيان سياسي ، فنحن نتكلم عن شق (فكري/أيدلوجي) كذلك عن سياق وظرف تاريخي تنشأ فيه الحركات السياسية ، وعن جانب سياسي يتعلق بالفكر السياسي وفلسفته .
ثم لما ننظر للشق الآخر من الموضوع وهو التراث نجد أن كل موروث فهو تراث ، بهذا المعنى العام ، اللغة ، الدين ، الكتابات الأيلدوجية ، والأنظمة الخطابية المتنوعة .
فيجب أن نحدد هذه المصطلحات بدقة بحيث لا تمر دون أن تكون واضحة ، معروفة المقصد ، ونحن نحلل مثل هذه الظاهرة .
وبالتالي وبما أن السؤال يدور حول (داعش) فيفترض أن ننظر في الأدبيات التي تسوقها هي لنفسها ، ونمط التفكير الذي يتوسط بين تلك الأدبيات ، وبين تطبيقها على الواقع .
وهي ما يسمى بالمنظومة أو النظرية في التصور أو المعرفة ، فهناك كتب ، وهناك واقع يتحرك فيه المرء ، وهناك (واسطة بين المرء والواقع كذلك الكتب وهي منظومته ورؤيته )
وعلى سبيل المثال فإن النجوم كانت موجودة من قبل أي كشف وخرق علمي كبير كما هو في العصر الحالي ، والبشر كانوا موجودين ، ما الذي جد !؟ الواقع إن المنظومة التي تنظر للنجوم في السابق تختلف عن المنظومة الحالية ، طريقة تخليلها ، طريقة استنتاجها ، طريقة ، فهمها للأحداث .
فلما ترد كلمة نجوم اليوم على لسان أحد علماء الفلك ، ستختلف المعاني عن كلمة (نجوم) ذاتها على لسان أرسطو مثلاً ، أو منجم شعبي في منطقة نائية .
ومن هنا يجب تحليل ما الذي تستدل به داعش ، وكيف يتم الاستدلال ، وهذا الثاني لا يقل أهمية البتة في البحث والتفكير النقدي عن الموضوع الأول
هناك دائما من يتسرعون للوصول إلى النتائج ، دون كبير جهد ، أو بتزهيد في الخطوات الدقيقة والكثيفة التي تقلل الاعتباطية في النتائج ، والعموم الإنشائي والأدبي فيها ، فتجد اليوم من يدعو إلى الخروج من التراث ككل بكل ما حواه من خير ، أو خلافه ، وطرد هذا الكلام إلى آخر نتائجه في الواقع يجعله دعوة للانسلاخ من الدين والعربية ، بل حتى النسب ! فمن التراث معرفة المرء لنسبه !
لا أنكر أن ظاهرة داعش تستدعي النقد والتفكير البحثي دوما ، وقد سلطت الضوء على هذا في أكثر من كتيب ومقالة ، مثل مقالة (شيء من النقد) و (جذور الفوضوية السياسية ) ، لكن لا بد أن ننتبه لانتهازية تفتقد المقومات المعرفية بشكل كبير ، مثلاً رجل له انتهازية مع الإسلام ، يقفز عن كل الظروف والأسباب المتشابكة ، ليجير الأمر إلى سبب واحد ووحيد وهو أن المشكلة قائمة في نفس الإسلام !
هذا كمن يقول مشكلة كل الأفكار الشريرة في العالم ، من نتائج التفكير ، وبالتالي فالتفكير أمر مرفوض !
وهذه التبسيط المخل يدفعنا إلى السؤال ، ما هو التراث المقصود ؟
هل كل التراث شر ! وهو يشمل القران ، السنة إلخ .. الدين بالمعنى العام !
ثم ما المنهجية التي اعتمدت للوصول إلى هذا الرفض المطلق إن وجد ، أو ما هي المعيارية التي فرقت تراثاً عن تراث.
وأختم مداخلتي بهذه الإسئلة الضرورية في المبحث هذا .
هل يعتبر الأخ صدام القران نفسه ، مشكلة سياسية تفرز لنا ظواهر مثل داعش ؟
هل يعتبر أن من الضروري الانسلاخ عن كل تراثنا وديننا ، والالتحاق بالركب الغربي ، بكل ما حواه من خير وشر ؟
هل مشكلة داعش ، هي التراث ، أم منهجية التعامل مع التراث ؟ وكيف يتم معرفة كل هذا ، وما الضابط فيه .
سأستمع بحرص لأجابات محاوري الكريم ، ونتباحث سويا في إجاباته ..
أكرر شكري لكم ولمحاوري.
صدام الخالدي
مرحبا بالجميع وبالأخ يوسف وسوف أحاول الإجابات مباشرة علي الأسئلة انطلاقا من مقولة خير الكلام ماقل ودل وأيضا التعاليق الأولي بعتباره تعاليق نثرية قد لا نختلف حولها كثيرا ولكن الآن دعونا في المحور الأساسي وهو هل داعش ثمرة تراثية لنجيب ونرى.
كبداية اقول أن الفكر الداعشي هو فكر نابع من التراث السلفي الوهابي بلا شك وهذا يعني ان داعش هي ثمرة تراثية سلفية بإمتياز
ولكي نفصل هذا الادعاء لابد أن نعرف الفكر الداعشي وعلي ما يقوم هذا الفكر ومن أين جاء وماهي أهدافه وهل لهذا الفكر سند أو مرتكز فكري من التراث الإسلامي؟؟
أولا كلمة داعش هي إختصار للدولة الإسلامية فى العراق والشام اختصرت ب (داعش) معلومات جميعنا يعرفها
الدولة الإسلامية أو عودة الخلافة لها تأصيل من التراث وهو هذا الحديث .

قال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ((( خلافة ))) على منهاج النبوة،
هذا الحديث وهو حديث حسن، رواه الإمام أحمد بن حنبل وغيره، وقد صححه العراقي، وحسنه الهيثمي والألباني

لماذا أهل الشام والعراق تحديدا لماذا بدأت من هناك
لهذا الاحاديث

قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بالشام). وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل قد تكفل لي بالشام وأهله). وعنه صلى الله عليه وسلم: (ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام). وحديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((((الشام أرض المحشر والمنشر)))). ووصى النبي صلى الله عليه وسلم بسكنى الشام فقال: ((((عليك بالشام فإنها خيرة الله في أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده)))) رواه أبو داود وأحمد، بسند صحيح.

هذه الأحاديث موجودة داخل التراث إذن الإسم والدولة بل وحتي اسم البغدادي اليوم هو اسمه (( خليفة المسلميين)) قد تقول ان هذه الأحاديث لا تعني البغدادي ولا الدولة الإسلامية اليوم بل تعني شيء آخر كما ستبرر لاحقا ولكن هذا التبرير لن يعدو من كونه رأيك الشخصي وليس رأي إلزامي داعش الآن موجودة انطلاقا من هذه النصوص وانطلاقا من الفهم الجمعي الذي تكون في عقول المسلميين عن فكرة دور المخلص الذي سيملئ الأرض عدلا وهذا ما يفسر انضمام المسلمين اليوم إلى داعش الذين يفوق عدد جنودها ال50 ألف موزعين بين العراق والشام.
اما سؤالك حول هل القرآن يعتبر تراث ويجب أن نتجاوزه حتي لا نقع مرة أخري في إنتاج داعش وغيرها وإتباع الغرب بكل خطواته
سأقول
ليس شرط أن نتجاوز القرآن بالمعني العرفي ولكن علي الاقل نراعي الظروف التاريخية التي نزل فيها فالمرأ لا يمكن تجاوز تاريخه والقرآن بالنسبة لنا موروث وتاريخ أنزل في سياق تاريخي زماني ومكاني محدد في القرن السابع الميلادي علي العرب الذين يسكنون شبه الجزيرة العربية . هذه حقيقة يجب أن ندركها وبما أن هذا القرآن نزل في ذلك الزمان وذلك المكان إذن نزل وفق ثقافة هولاء الأعراب في ذلك الزمان لأنهم قطعا كانو يفهمونه لذلك يجب فهمه في ذلك السياق وذلك التاريخ

بين القرن السابع الميلادي والقرن الواحد والعشرين جرت مياه كثيرة تحت النهر تغيرت القيم والأخلاق والعادات والدول والسياقات التاريخية أصبحت مختلفه عن الماضي فالعقل التاريخي الذي كان يقبل الرق والجزية والقبلية والجواري كل هذه القيمة أصبحت الآن في نسيان الماضي ولا يمكن أن تتقبلها البشرية والانسانية اليوم وستقف ضدها هذا هو واقع اليوم يجب اداركه نحن اليوم غير منفصلين علي الواقع بل فاعين بداخله

أوروبا إتباعها ليس لأنها أوربا بل لأنها أحدثت هذه القطيعة التاريخية بين الماضي والكنيسة وتسلطها ورجال الدين والاقطاعيين عاشت صراعات وتم تجاوزها حتي الدول الأوربية التي كانت متناحره اليوم أصبحت في إتحاد واحد لا حدود بينها لانها تجاوزت التاريخ وانفتحت علي العلوم الإنسانية بكل أنواعها أما نحن فلازلنا قابعيين في في صراعات معاوية وعلي وشيعة وسنه وصحابه وفاطميين وعلويين لم نعي بالحس والبعد التاريخي بيننا وبين هولاء لذلك لابد لداعش أن تأتي وان تلقي هذا الرواج لأن أفكارنا لازالت في القرن السابع الميلادي
القضية الثانية
وهذه القضية قد يكون لاحظها الكثير من المسلمين إن لم يكونوا شاركوا فيها وتفاعلو معها وهي تمثل استبيان حقيقي واستفتاء يوضح حقيقة داعش ووجودها في عقول معظم المسلمين ومعتقداتهم وتراثهم .
القضية هي حينما تنشر داعش فيديوهات القتل وقطع الرقاب للمسيحيين والقصاص من الجناة وإقامة الحدود من قطع الأيادي ورجم الزناه وإسقاط المثليين من أسطح المباني هذه الحدود التي تفتخر داعش بتنفيذها . للأسف الشديد هذه الفيديوهات تلقي رواجا واسعا بين المسلميين ومعظم المعلقين إن لم يكن جلهم هم مؤيدين لهذه الحدود وهذه الوحشية التي تظهرها داعش ويقولون أنها تطبق الإسلام وحتي الذين يعترضون لا يعترضون علي الحدود نفسها ولا علي طريقة القتل وإنما اختلافهم الأساسي حول داعش وأنها ليست مكلفة من المسلمين ويجب أن يطبق هذه الحدود أمير المؤمنين وهكذا كما تلاحظ أن داعش هي تمثل الإسلام فى المناطق التي تستولي عليها علي الأقل فهي مكلفة من المسلمين لأن لها الغلبه بالقوة وهذا أيضا تأصيله موجود ومستمد من السنه إذن حتي هولاء يريدون تمديد داعش وليس نقدها
الخلاصة التي ساختم بها وهي
أنه مالم نفصل واقعنا اليوم وننفتح علي الإنسانية جميعها بجميع علومها ومعارفها ونخرج من التاريخ ونصل الي قطيعة تاريخية معه فسوف نظل ننتج آلاف الدواعش
علينا أن نعي هذه الآية
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ
ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
يوسف سمرين
تجاهل المحاور أي سؤال سبق في في مداخلتي ، ما التراث المقصود ، ما المنهجية المتبعة ، ليفرغ حمولته على عجل ، وكأنه في معرض خطبة ، لا تفاعل في حوار ، وبدأ بالقول (الفكر الداعشي= الذي لم يحدد لنا ما المقصود منه )
فكما نعلم بأن داعش يضعون (لا إله إلا الله ) على علمهم ، ويمكن بنفس المنطق (المتعجل= ككلمة ملطفة) أن يقال هم نابعون من الإسلام = النتيجة الإسلام هو المصدر !
لكن الأخ صدام آثر أن يقول (الفكر الداعشي هو فكر نابع من التراث السلفي الوهابي) ..
والدليل ؟ ابتدأ بحديث حذيفة الذي رواه أحمد المتوفى عام عام 241هـ .
فلماذا زج باسم الوهابي في الموضوع ، ومحمد بن عبد الوهاب توفي عام 1206هـ .
أي بعد ما يقارب 1000 سنة من أحمد ! ولكن تراث الأول ينسب إلى الثاني ، الأمر شبيه بمن يقول بأن بوذا كان يتبع غاندي !!
ومن طريف ما قاله ، بأن داعش فيها نفس الكلمات القديمة ، خليفة ، أمير المؤمنين ، الشام !
لم يبق إلا أن يقول ، ونفس العربية التي استعملها القرآن ، ونفس المصطلحات ، جهاد ، إسلام ، تمكين ، حدود إلخ !
أعتقد أن من الامور التي يفترض أن نكون قد جاوزناها بعد مرحلة البلوغ ، عدم الخلط بين الأمرين لمجرد تشابههما في الاحرف !
تعرف عادة ، وأنت صغير يمكن أن تستغرب أن يكون صديق والدك اسمه محمد وصديقك أيضا محمد ، وتقول ما علاقة الاثنين !؟ لكنك لما تكبر تقول تشابه الأسماء لا يفيد أي شيء !
داعش تشبه حروف اللغة العربية ، إذن اللغة هي المسؤولة ، وفات محاوري أن المصطلحات هذه ليست حكرا على من سماهم بالسلفية الوهابية !! فخصومهم من الشيعة يستعملون مصطلحات (كخليفة ، واستخلاف ، وامير المؤمنين ، ودولة الاسلام ، والخميني له كتاب الحكومة الاسلامية ) وهم أشد الناس عداء لأحمد بن حنبل الذي تنقل عنه وللأسماء التي تتفضل بالمقارنة معها ! .
إذن لما ترفع يدك ولا ينطفئ النور ، ثم تنزلها ولا ينطفئ = يستنتج أي عاقل بقليل من الذكاء ، أن لا علاقة بين رفعك ليدك ، ووصول الكهرباء إلى المصباح الكهربائي ! .
لما توجد هذه المشابهة مع فرق ليست من أنصار التراث الذي تصب جام مقارناتك معه ، إذن وجود هذه المشابهة من عدمها هو نفس الشيء !.
الأخ لا يختلف عن أي أيدلوجي ،يقول لك ما يحفظه من الجواب بقطع النظر عن الظاهرة ! ، هو لم ينقل عن داعش أي اقتباس ! ثم يقول النتيجة بسرعة عند أحمد والبخاري = على فكرة ، كلمة تراث واسعة جدا لم تحددها البتة ، فعلام خصصت الأمر بهؤلاء ، لذا يظهر أن كلامي في المداخلة الأولى لم يكن إنشائيا لا نختلف عليه كثيرا ، كما قال المحاور ، ليخطي على الثغرات التي سيسقط هو بها ، إن الأمر تسميع محفوظات !
بالنسبة لجوابه عن موضوع القران فيمكن أن يلاحظ القارئ ذلك الحياء والوجل في النقد ، القرآن ليس شرطا أن نتجاوزه بالمعنى الحرفي ! وله سياق وله ظروف وله وله وله !!!
لكنه لما يجيب ماذا يقول : " نزل وفق ثقافة هولاء الأعراب في ذلك الزمان لأنهم قطعا كانو يفهمونه لذلك يجب فهمه في ذلك السياق وذلك التاريخ "
القران نزل وفق ثقافة الأعراب ! الله كان يحدثنا بثقافة الأعراب ، ومع ذلك يقول إن رسوله بعث به للعالمين ! ، إذن تصور صدام عن القران انه نزل بثقافة أعرابية ، تريد أن تكون رسالة عالمية !
إذ صدام هنا يحاول أن يفهمنا ، أن القرآن الذي نزل بثقافة أعرابية هو نفسه رسالة عالمية ، بل من عند الإله الحق !
وطبعا يخبرنا أن أوروبا أحدثت قطيعة تاريخية مع الماضي إلخ .
إنه متأثر جدا بمن يضع صورته (محمد أركون) ، محمد أركون يتبع منهج ميشيل فوكو ، في اعتبار أن الأفكار نتاج المجتمع (ثقافة أعرابية مثلا) لكن هذا ينفي الكلمة التي تفضل بها علينا الاخ صدام وهي (نزل) ! فالقران اذا كان بثقافة عربية وتبعا للمجتمع الذي نشأ به ، ففرضية نزوله من عدمه هذه خارج هذا الإطار تماما !
ومن هنا كان ميشيل فوكو ملحداً ، وتقليد أركون له في موضوع القرآن والإسلام كان هزيلا بمراحل .
نأخذ مثلا قضية القطيعة التاريخية ! هذه ابتكار فوكو ، ولم تسعفه كثيرا ً الوقائع التاريخية ، أي قطيعة تاريخية تلك وأصلا أول كتاب طبع في عصر النهضة كان الكتاب المقدس.
لا يمكن اعتبار القران من ثقافة عربية ، وهو رهن الزمان والمكان في وقته ، كأي إنتاج للمجتمع وقتها ، ثم نقول = إنه نزل من عند خالق السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة !
بل سيقال هو إنتاج المجتمع الذي نشأ فيه ! بكل صراحة هذه نتائج كلماتك .
إما أن الحل هو الانفتاح على الانسانية ، هذا لم يكن موضع السؤال ، وليس موضوع الحلقة ، بل الحديث عن تشخيص لظاهرة محددة ، وهي ظاهرة داعش ، فمن الذي ينشئ هنا كلمات ليست في الموضوع أصلا .
الانفتاح على الانسانية (التي لا نعرف ما هي بالضبط ايضا ) فكوكو على سبيل المثال يرفض هذا المصطلح العائم !
وبيان ذلك إذا كانت الافكار التاريخية حبيسة المجتمع والزمان والمكان = اذن لا يوجد اي شيء مطلق على صعيد الافكار .
لما تقول الزنا حرام = يعني هذا عند فوكو استاذ محمد اركون الذي يردد كلامه الاخ صدام ، هذا نتائج المجتمع الذي قال هذه الكلمة في سياق تاريخي محدد وظرف تاريخي محدد !
إذن لا يمكن أن تعمم تحريم الزنا على كل المجتمعات البشرية في كل العصور وكل الأزمنة حاليا ! بل تقول انت مجتمعك يحرم الزنا ، اما مجتمع فرنسا مثلا الذي كان يكتب بلغته محمد أركون لا العربية (ثم ترجمت أعماله إلى العربية! ) فالزنا هناك ليس محرماً بل تابع للحرية الشخصية التي كفلتها مبادئ الثورة الفرنسية .
فوكو أفصح عن كلامه بكل صراحة قال : مهمته تحطيم العقل الكوني !
يعني اي قانون ديني = اخلاقي = فلسفي ، يزعم الصحة بقطع النظر عن تغير المجتمعات ! ومن هنا كان يلتفي فوكو مع الوضعية التي ترى الفلسفة مجرد هراء ، اللهم أن فوكو يرى أن وظيفة الفلسفة هي تحليل التاريخ وتفكيك الدعاوى الكبرى ، عبر ردها إلى المجتمعات التي نشأت فيها .
ثم أفصح محاوري في آخر مداخلة له بقوله : " كما تلاحظ أن داعش هي تمثل الإسلام فى المناطق التي تستولي عليها علي الأقل "
داعش هي تمثل الإسلام ..
أعيد العبارة : داعش هي تمثل الإسلام .
ويطلب مني ملاحظة هذا ، إذن مشكلة صدام ليست مع التراث الوهابي ، ولا السلفي ولا الشيعي ، ولا أي تراث يمكن أن يصفه خصمه بأنه دخيل على الإسلام ، بل بكل صراحة الرجل ينظر لداعش على أنها الإسلام ، وبما أن داعش مرفوضة عنده ، إذن الإسلام ؟؟
يفترض بأي محاور جاد ، أن يصرح عن مكنوناته ، وأن لا يتصيدها الطرف الآخر من فلتات لسانه بين الفترة والأخرى ، فإن كانت الاشكالية بالاسلام بدأ النقاش في موضوع الإسلام.
وأختم مداخلتي ، بأن المحاور يردنا إلى الاستبشاع ! وكأن الأذواق هي مسألة معيارية صادقة تماما لنقول هذا صحيح وهذا غلط ! ، استبشاع عقوبة معينة ، وهنا نسأل صدام هل أنت من جماعة (اللا عنف ) يعني لو احتلت أي بلد بما فيها بلدك ، واعتدي على أهلها بكافة أنواع الاعتداء هل أنت ترفض العنف مبدئيا ، كغاندي على سبيل المثال ! .
تطلعنا بعض الاخبار أن بعض البوذيين الذين يحتكمون إلى كتاب (الدامابادا) وهو كتاب بوذا المقدس ، أنهم كانوا يواجهون مشكلة في موضوع الزواج ، لان في كتابهم المقدس (لا ترق دما) فكان الزواج من عذراء مشكلة دينية ! ، ولكن ان صدقت تلك الاخبار فكانوا يشكرون من يتولى هذه المهمة عنهم !
وصف شنيع لكنه آخر نتائج اللا عنف ، فإن لم يكن يرفضه مبدئيا ، فليبصرنا ، بما هي حدوده ، ما هي ضوابطه ، ما معيارية اخلاقية العنف ذلك .. والا نعود لقصة الدامابادا السابقة ..
مودتي صديقي صدام ، واشكر المتابعين على المتابعة ، وقد أكثرت عليهم السطور ، وانا بانتظار ردك ..
صدام الخالدي
الأخ يوسف أظنه قد تناسى ما المقصود بالثقافة هل الإنسان ينفصل عن واقعه وهل يمكن له أن يفكر خارج واقعه الصحابه الإعراب الرسول الشافعي الائمه كلهم هل كانو منفصلين عن الواقع أم فاعلين فيه
السلف الموجودين الأن كل اختلافهم مع القرآنيين والتاوليين حول ماذا حول هذا الواقع ولكن بطرق وكلمات مختلفه
السلف يقولون أن الصحابه هم أكثر من يفهمون القرآن لأنه أنزل بلغتهم وبالتالي بثقافتهم وبالتالي بالواقع الذي يعشون فيه أليس كذلك أليس هذا هو الاختلاف الرسمي بينهم وبين القرآنيين الذين لا يعتمدون عن الواقع التاريخي وبالتالي هم لا يؤمنون بالسنة وآثار الصحابة
اذا كان القرآن للعالمين كما تدعي لماذا تصر علي أنه علي اذا كان كذلك فهو مربوط بثقافة الإعراب ويجب أن ينظر إليه من خلال هذه الثقافة وهذا الواقع
الجنة الزاهية والحوار العين وكل المصطلحات الموجودة في النص القرآني أتت مخاطبة للاعرابي صاحب البيئة الجافة القاحلة هذه المصطلحات لا تعني شي لساكني أوروبا اول المناطق الاستوائية لأنهم اصلا يعيشون في جنة وانهار وظلال وماشابه ذلك
إذن القرآن مرتبط بثقافة معينه وإلا لماذا مثلا أصحاب السلف الصالح وانت منهم تؤمن بفكرة النسخ لماذا إن لم يكن هنالك ثقافة معينة كانت تسود في وقت ما وانتهت في الوقت الثاني
مثلا قضية تحريم الخمر ألم يكن ثقافة فأنزل التحريم علي درجات هل الله متناقض
اما قولك أن القرآن أنزل بثقافة عربية بذلك لن يفيد العالم لأنه ثقافة عربية حديثك هذا مثل الذي يقول إن الله يؤمن به المسلميين إذن هو خاص بهم ولا حتي الملاحده ولا الوثنيين الله بعيد عنهم وانت تدعي أن له كل الكون فكيف ذلك
انت اذا اردت ان تكون لكل العالم ليس بالشعارات الواهية وإنما بوجودك في الواقع وانت الذي تدعوا علي العالم بالدمار والهلاك بلاد المسلمين اليوم تتناحر وتتقاتل فمن يجيرك غير الذين تدعو عليهم ليل نهار وتدعى انك رحمة للعالمين
الخلاصة التي أريد أن أقولها
في الحقيقة محاولات الكتابة وانت تحاصرك الأفكار وامامك الوقت يضيق هي شي قاسي والرسائل التي قالها الأخ والاتهامت التي قالها لا تكفي لها دقائق معدودة للرد عليها ولكن أحاول أن أجيب
ما أقصده من رسالة القرآن هو أن القرآن يحسنا أن نتفاعل مع الواقع لا نخرج منه كما يدعي السلفيين أن نفهمه وفق مافهمه السلف
الرسول حينما تشاور مع الصحابة في غزوة لم يخرج من واقعه لم يطلع الغيب ويعلم بالريح التي ارسلت عليهم بل تفاعل مع ذات الواقع الموجود وخطط سلمان الفارسي من الخندق والمنجنيق
القرآن حينما خاطب المسلمين خطابهم وفق ثقافتهم وفهمهم وعلمهم إذن نحن يجب أن نستلهم هذي الروح وهذا التخاطب وهذا النفاعل
وقصة الزنا وما الزنا وفرنسا و و و
للزنا ثقافة بدوية خاصه به ففي جبال النوبه في غرب السودان لديهم ثقافة بهذا الزنا
في دار المايقومه في السودان لا يوجد اطفال زنا للجنوبيين والغربة إلا المسلمين والشمالين وشكرا
يوسف سمرين
الثفافة شيء ، والدين شيء آخر ، ثقافة المجتمع الفرنسي مثلا احترام خصوصية الفرد ، هذا شيء ، وكون الدين يقول أمراً شيء ، آخر ، ومن هنا توجد ثقافات متعددة بين المسلمين باختلاف اعراقهم وعاداتهم وأدبهم وفنهم وشعرهم ونثرهم إلخ ، لكن يوجد دين واحد .
والدين هو الحكم على الثقافات ، وهو الذي يقول هذه ثقافة صحيحة وأخرى باطلة ، ثقافة العرب كانت تحوي كره البنات إلى حد وأدهن ! فهذا امر والدين أمر آخر ، والثقافة توضع تحت الأقدام متى خالفت المنصوص من الأحكام .
أما أن السلف هم أعلم بالقران منا ، هذا صحيح ، ولكن هذا فرع الاختصاص ، ليس مفهوم القطيعة التاريخية عند فوكو وأركون .
وكون فلان أعلم منك بالفيزياء لا يعني أنه يعرف بموضوع مختلف تماما عما تعرفه ، لكن فلان يعرف خطوطا عامة اخر اكثر تفصيلا وهكذا .

كون القران له ظروفه واسبابه الخ ، هذا حق ، وذلك لمنع التقول على القران بغير حق ، فلا ياتي متحذلق ليقول لم يقصد منع عبادة الاصنام بل الدعوة اليها !
نحاكمه وقتها لمنهجية فهم النص ..
هذا شيء ، وكون القران نتاج ثقافة معينة شيء اخر !، الثاني يلغي انه نزل من عند الله ، الامر الاخر ، نفس المعنى الشرعي ، مختلف عن المعلقات العشر وغيرها ، مما هي نتاج الثقافة العربية .
فيجب التفريق بين القران الذي نزل بلغة العرب والمنهجية لفهمه فهما صحيحا دون معنى باطل ، وبين ما هو تابع للثقافة في عصره مثل الاشعار والنثر والامثال فترة العرب .
أشكر محاوري الكريم ، وأشكر الاخ عبد الدايم على الادارة ، واشكر جميع المتابعين الافاضل ..
مودتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق